لقاء اليوم

هيلاري بان.. برنامج بريطاني لمساعدة العراق

هل أعاقت الحرب على الإرهاب الحرب على الفقر؟ ما أهم أهداف البرنامج الذي أطلقته بريطانيا لمساعدة العراق? ما دور بريطانيا والاتحاد الأوروبي في المشروع الأميركي المتعلق بالشرق الأوسط الكبير؟

مقدم الحلقة:

مصطفى سواق

ضيف الحلقة:

هيلاري بان: وزير التنمية الدولية البريطاني.

تاريخ الحلقة:

03/03/2004

– حاجة لبذل مزيد من الأموال
– الحرب على الإرهاب وتسييس المساعدات

– برنامج مساعدات العراق

– الموقف البريطاني من معاناة الفلسطينيين


undefinedمصطفى سواق: مشاهدينا الكرام مرحبا بكم برنامج لقاء اليوم يستضيف هذه المرة وزير التنمية الدولية البريطاني هيلاري بان.. السيد الوزير مرحبا بك أخير دعا وزير الخزانة البريطاني جوردون براون إلى تعزيز المساعدات الدولية للدول الفقيرة من خمسين مليار دولار إلى مائة مليار دولار وقبل ذلك بقليل قام وزراء أوروبيون بزيارة عدد من البلدان الغنية للبحث في قضية تغيير بعض قواعد التجارة العالمية حتى تساعد الدول الفقيرة على المنافسة، هل يمكن أن تحدثنا عن نتائج هذه المسائل؟

حاجة لبذل مزيد من الأموال

هيلاري بان: حسنا أول ما يمكنني قوله هو أن المجتمع الدولي في اجتماع مونتري لمراجعة التطور الذي نحققه عالميا في اتجاه الوصول إلى ما يسمى بأهداف الألفية للتنمية وهي الأهداف التنموية التي وضعها المجتمع الدولي نُصب أعينه لخفض نسبة الفقر المطلق بين الأفراد إلى النصف بحلول العام 2015 وزيادة نسبة التمدرس بين الأطفال وتقليص عدد الأطفال الذين يموتون بسبب أمراض نعلم أنه بإمكاننا تفاديها، في هذا الاجتماع اعترف المجتمع الدولي بأنه لم يكن يسجل تطورا في تحقيق هذه الأهداف وأن هناك حاجة إلى المزيد من الأموال لمساعدة الدول المعنية على الوصول إلى هذه الأهداف واقتراح جوردون براون للتسهيلات المالية العالمية هو طريقة لتحصيل أموال إضافية خلال العامين أو الثلاثة المقبلة لمساعدة الدول النامية على تحقيق تطور سريع أما الإحباط بشأن التجارة العالمية فقد كان واضحا في مدينة كنكون عندما فشلت المباحثات في التوصل إلى اتفاق لكن قضية فتح التجارة العالمية لجعل سبلها أكثر إنصافا هي قضية قوية والأولوية هي لإعادة المباحثات الجادة إلى مسارها.

مصطفى سواق: بريطانيا ورغم سجلها الجيد في مجال المساعدات، مساعدات الدول الفقيرة لم تنجح بعد في إنفاق 0.7% المتفق عليها من طرف الدول الغنية لمساعدة الدول الفقيرة كما أن ذلك قد يؤدي إلى عدم تحقيق الأهداف التي كنت تتحدث عنها قبل قليل ما الذي تفعله بريطانيا حاليا من أجل أن تتجاوز هذه المشاكل؟


تعمل بريطانيا على تشجيع الدول الغنية للتعاون على توفير الأموال لمساعدة الدول النامية لتحسين الأوضاع المعيشية لشعوبها وتحسين الخدمات الصحية والتعليم وتوفير الماء الصالح للشرب

هيلاري بان: أهم ما نقوم به حاليا هو زيادة ميزانية المساعدات الخارجية بشكل ملموس عندما وصلت حكومة العمال الحالية للسلطة عام 1997 كانت بريطانيا تصرف 0.26% من ثروتها الوطنية على المساعدات الخارجية وفي غضون العامين المقبلين سيصل المعدل إلى 0.4% وبذلك ستكون ميزانية المساعدات البريطانية للخارج قد تضاعفت تقريبا خلال هذه الفترة، ما نقوم بها الآن هو زيادة في الإنفاق على المساعدات الخارجية بشكل ملحوظ وسنبقى ملتزمين بأهداف الأمم المتحدة وعلى الصعيد العالمي وخلال فترة العقد ونيف الماضية انخفض حجم المساعدات التي تقدمها الدول الغنية للدول الفقيرة رغم أن ذلك بدأ يتغير خلال العامين الأخيرين نحن نقدم المثال بزيادة حجم المساعدات وتشجيع الدول الأخرى على اقتفاء أثرنا علينا جميعا أن نتعاون على توفير الأموال لمساعدة الدول النامية على تحسين الأوضاع المعيشية لشعوبها وتحسين الخدمات الصحية والتعليم وتوفير الماء الصالح للشرب لأن هناك ما يزيد على مليار شخص لا يجدون مياه الشرب كل يوم ونحن نوفر مزيدا من الأموال لتحقيق هذه الأهداف.

مصطفى سواق: طيب هذا عن المساعدات المالية المباشرة لكن هذه المساعدات وحدها لا تكفي فالكثير من الذين ينتقدون هذه المساعدات يقولون أنه من الضروري أن تَُغَيَّر قواعد التجارة العالمية حتى تتمكن الدول الفقيرة من المنافسة في المجالات الإنتاجات المحلية لها مثل مثلا السكر وغيرها، ما الذي تفعلونه حاليا من أجل تغيير هذه القواعد؟


المساعدات وحدها لا تكفي، أولاً يجب تخفيف ديون الدول الفقيرة، ثانياً تحقيق السلام في هذه الدول والتأكد من أن الحكومات تعمل بشكل فعال، وتوفير الظروف المناسبة للاستثمار

هيلاري بان: أنت محق بقولك أن المساعدات هي فقط جزء من الحل فثمة أشياء أخرى يجب حدوثها أولها تحقيق تقدم في عملية تخفيف ديون الدول الأكثر فقرا وقد حققنا الآن تطورا ملموسا في هذا المجال بفضل مبادرة الدول الفقيرة ذات الديون العالية حتى الآن تم تخفيف سبعين مليار دولار أميركي من الديون هذا يعني أن هذه الدول لن تجبر على خدمة الديون بل يمكنها استخدام الأموال في الإنفاق على تحسين الخدمات الصحية علينا جعل نظام التجارة العالمي أكثر إنصافا خاصة فيما يخص المنتجات الزراعية لأنه إذا تم الحد من السياسة الحمائيه المتبعة في الدول الغنية فإن الفوائد التي ستعم الدول الفقيرة ستبلغ ثلاثة أضعاف المساعدات المقدمة حاليا وإذا أردنا تقدير ما يمكن أن يخلق وضعا مختلفا فإن فتح التجارة العالمية أمرا ذو أهمية مطلقة الأمر الثاني الذي يتعين القيام به يتكون من شقين أولهما ضمان تحقيق السلام في هذه الدول لأنه إذا كان هناك نزاع في أي دول فإن وسائل التنمية لتحسين حياة الأفراد ستكون منعدمة، ثانيهما يتمثل في التأكد من أن الحكومات تعمل بشكل فعال وتوفر الظروف المناسبة لتمكين الأفراد من استثمار أموالهم وتوفير فرص اقتصادية لمساعدة الأفراد على تحسين مستوياتهم المعيشية.

مصطفى سواق: لكن السيد الوزير القوانين الحمائيه لا تزال موجودة في أوروبا وفي أميركا وبشكل قوى جدا، هل ترى في المستقبل القريب مثل هذه القيود وقد أُزيحت؟

هيلاري بان: من الواضح أنه يجب تغييرها وقد حدث تحرك ملموس في أوروبا فمثلا في صيف العام الماضي ناقش الوزراء اتفاقا جديدا لإصلاح السياسة الزراعية المشتركة حيث فصلوا الدعم عن الإنتاج وهو اتفاق هام في تاريخ السياسة الزراعية المشتركة، هل علينا القيام بالمزيد نعم كلنا بحاجة للمزيد من المباحثات التي نأمل أن تستأنف قريبا لأنه في النهاية لابد من التوصل إلى اتفاق تحت مظلة منظمة التجارة العالمية وعلينا إظهار النية الحسنة بمعالجة مشاكل الدعم والسياسة الحمائيه بالمقابل فإن الدول النامية ستنظر في كيفيه الاستفادة من هذه الفرص مع الاعتراف دائما بعدم قدره كل الدول على التكيف بنفس الوتيرة مع نظام تجارة أكثر انفتاحا، والمملكة المتحدة كانت دائما ومازالت تدعم ما نسميه المعاملة التفضيلية التي تسمح للدول بالتكيف على طريقتها الخاصة وتعترف بأن بعض الدول لديها احتياجاتها الخاصة وهناك خطوة أخرى نتبعها تتمثل في توفير الدعم المالي لوزارة التجارة في عدد من الدول النامية لإعادة التفكير في نتائج نظام التجارة المفتوحة وكيفية التكيف معها إضافة إلى الفوائد التي تعود على اقتصادياتها وشعوبها والأهم من ذلك هو حدوث اتفاق وهو ما يمثل أكبر الأولويات بالنسبة لما تبقى من هذا العام وللعام 2005 بشكل خاص.

مصطفى سواق: السيد الوزير هل يمكن أن توضح لنا مفهوم هذه المساعدات، هل هي هل المساعدات تعني هدية يعني أنها مساعده بدون طلب مردود أم هي قروض بفوائد ميسرة أم ماذا؟

هيلاري بان: الحصة الكبرى من ميزانية المساعدات في المملكة المتحدة تكون بشكل مِنَح حيث نعمل مباشرة مع حكومات الدول النامية الأخرى كما أننا نقدم الدعم لبعض المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي ومن خلال آليتها للإقراض توفر هذه قروضا بشروط ميسرة لكن البرامج الثنائية في المملكة المتحدة تُدار على أساس المنح إضافة إلى أننا نتعامل مع حكومات الدول النامية من خلال طرق عديد إذ يحدث أن ندعم المشاريع التنموية التي تقوم بها المنظمات غير الحكومية أو التعاون مع المانحين الآخرين لتوفير الأموال لقطاعات مثل الصحة لتحسين خدمات المستشفيات وتوفير الرعاية الصحية للأطفال كما أننا نتعامل باستمرار مع حكومات الدول النامية بمنحها الأموال لضخها مباشرة في ميزانيتها ذلك أنه إذا كانت للحكومة خطة مثلا لتوفير المدارس لكل الأطفال فإنها ستجد الأموال لإنفاقها والتحكم بهذا الإنفاق وبالتالي ستحقق هذا الهدف فإذا افتقرت دولة ما للموارد فإن الطريقة الأكثر فعالية هي أن نقول لها إليكِ دعمنا سنضخه في ميزانيتك بحيث يمكنك الإنفاق على تربية هؤلاء الأطفال الذين تحتاجين إليهم لمستقبل هذا البلد.

[فاصل إعلاني]

الحرب على الإرهاب وتسييس المساعدات

مصطفى سواق: هنالك من يرى أن الحرب على الإرهاب أدت أو أعاقت الحرب على الفقر وأنها أدت في بعض الحالات إلى تسييس المساعدات.. المساعدات المالية للدول الفقيرة وغيرها هل يعني ما هو موقف بريطانيا من هذا الموضوع؟


لا تعارض بين الحرب على الإرهاب والحرب ضد الفقر لأن بتحقيقهما يزيد من فرص تطوير الدول وتحسين حياة الأفراد

هيلاري بان: حسنا أن لا أقبل بأن هناك تعارضا بين الحرب على الإرهاب التي تحاول ضمان عيشنا في عالم آمن وسالم وبين الحرب ضد الفقر التي تعني أنه إذا لم نعترف بأن عدم تصدينا للفقر وانعدام العدالة والمساواة فهذا معناه أننا لن نحصل على عالم سالم وآمن يُمَكِّنُنا من العيش فيه بسلام، لذا يبدو لي أنه من مصلحتنا جميعا تحقيق تقدم على هاتين الجبهتين وبالتالي فإنني لا أرى تعارضا وبالفعل فالاهتمام الذي تُعيره المملكة المتحدة للتنمية المستدامة هو بمثابة مساهمة طويلة الأمد لتوفير الظروف التي تقلل من حدوث الإرهاب وتزيد من فرص تطوير الدول وتحسين حياة الأفراد بل فوق كل هذا علينا تفادي النزاعات لأننا نتعلم من كل التجارب حول العالم كما رأينا ذلك في الصحراء الأفريقية وأفغانستان والعراق إن نتائج النزاعات تدمر حياة الأشخاص العاديين.

مصطفى سواق: ماذا ترى بالنسبة لقضية تسييس هذه المساعدات كما نجد مثلا فيما يتعلق بتحويل الأموال التي كانت مخصصة لبعض البلدان إلى بلدان أخرى لأهداف ربما تكون سياسية ولو ضمنيا؟

هيلاري بان: الأمر لا يتعلق بالتسييس ولكن باعتبار الأولويات، الآن هناك أمران الجزء الأكبر من الأموال المخصصة لإعادة إعمار العراق جاء من الاحتياطات المركزية للحكومة ومن الاحتياطات التي تُخصصها وزارتي للطوارئ ولكن علينا إعادة تخصيص بعض الأموال جزء صغير منها أي من برامجنا في دول أخرى متوسطة الدخل بحيث أنها لم تتضرر مثل الدول الأكثر فقرا في العالم لهذا السبب قمنا بذلك، السبب الثاني هو أن لدينا التزاما خلال مدة عامين لتخصيص نسبة تسعين بالمائة من برامجنا الثنائية للدول الأكثر فقرا في العالم وأعتقد أن ذلك أمر صائب يجب القيام به لأن الدول الأخرى بحاجة إلى تحقيق مزيد من التقدم لأن مشاكلها أكبر، لكننا سنواصل الالتزام ببرنامج فعال في أميركا اللاتينية مثلا من خلال مساهمتها في المساعدات التنموية للاتحاد الأوروبي ونحن نساهم سنويا بمبلغ كبير من المال في هذه المساعدات وبالنسبة لحالة العراق الحالية أعتقد أنه من الصواب أن نكثف جهودنا لدعم عملية إعادة إعمار العراق.

مصطفى سواق: طيب سيدي الوزير مادمنا نتحدث عن العراق ودخلنا لموضوع العراق، هل يمكن أن تحدثنا عن أهم مرتكزات عناصر وأهداف البرنامج الذي أطلقتموه مؤخرا لمساعدة العراق للسنتين القادمتين؟

برنامج مساعدات العراق


الهدف من دعم العراق المساعدة في إعادة اعمار البلاد، ودعم المؤسسات الناشئة وتوفير الدعم التقني لإصلاح الإدارات العامة وتحسين خدمات الكهرباء والماء

هيلاري بان: الهدف من الدعم الذي نقدمه للعراق هو المساعدة في إعادة إعمار البلاد ودعم المؤسسات العراقية الناشئة حاليا وقد تم تعيين وزراء في شهر سبتمبر الماضي لبناء القدرات وتوفير الدعم التقني لإصلاح الإدارات العامة ومثلا النظام القضائي الذي عانى بشدة تحت حكم صدام حسين كما أننا نعمل بالخصوص في الجنوب العراقي على تحسين خدمات الكهرباء والمياه من خلال برنامجنا المركزي للبنى التحتية وقد بدأ البرنامج يؤتي أكله في الجنوب الذي عانى كثيرا من شُح الاستثمارات وذلك بسبب سياسة صدام المعادية لسكانه إذاً الهدف الجوهري هو توفير الدعم التقني ومواصلة عملية إعادة البناء لأنني أعتقد أن المهم هو أن يلمس العراقيون تحسنا في حياتهم، وهناك أيضا عملية سياسية واضحة تبين لهم بأن الأمر يعنيهم وتتيح لهم الفرصة لأول مرة منذ عقود لاتخاذ قرارات بشأن مستقبلهم وهو ما كانوا محرومين منه أثناء حكم صدام.

مصطفى سواق: مادمنا نتحدث عن منح العراقيين فرصة أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم أخيرا بول بريمر قال بأن الولايات المتحدة ستعارض أي دستور مؤقت لا يعني لا يتفق ومفهوم أميركا للديمقراطية من ناحية أو أن يكون هذا الدستور مصدره الأساسي في التشريع هو الإسلام هل يعني ما موقفكم من ذلك وهل تعتقدون أن هذا الموقف ديمقراطي أو يُبشر بإمكانية تفهم العراقيين ثم العالم العربي فيما بعد لمحاولة نشر الديمقراطية في هذا العالم؟

هيلاري بان: حسنا من الواضح أننا كشريك في التحالف في نقاش وحوار مستمرين مع الولايات المتحدة حول الوضع في العراق وما يحدث الآن هو عملية تحول سياسي حيث تم التوصل إلى اتفاقات حول الجدول الزمني لنقل السلطة للعراقيين في صيف هذا العام وكما تبدو الأمور حاليا الأخضر الإبراهيمي كان موجودا في العراق وتحدث مع كثيرا من العراقيين حول التطور السياسي ثم عاد ليطلع كوفي أنان ومجلس الأمن على الأسئلة المطروحة بشأن توقيت الانتخابات وهناك عملية تأخذ بالاعتبار تحويل السلطة للحكومة الانتقالية وصياغة الدستور ثم طرحه للاستفتاء الشعبي ثم في النهاية إجراء انتخابات لتعيين حكومة على أساس هذا الدستور والجواب الصريح للسؤال الذي طرحته هو أن هذه قرارات يتعين على العراقيين اتخاذها بأنفسهم من خلال هذه العملية حول مستقبل ونوع الدولة التي يرغبون فيها، حاليا هناك مباحثات حول العملية الانتقالية بين الوضع الذي نحن فيه الآن وهذا التطور السياسي لكن دعنا نؤكد على أن الأمر يتعلق بإعطاء العراقيين الحق في اتخاذ قراراتهم بأنفسهم وهذه خيارات يتعين على العراقيين اتخاذها.

مصطفى سواق: يعني إذاً أفهم أن الموقف البريطاني يقول بعدم التدخل فيما يقرره العراقيون حتى ولو اختلف ذلك مع المفهوم الأميركي أو البريطاني للديمقراطية؟

هيلاري بان: يتعين التوصل إلى اتفاق حول العملية المعينة وهذا ما يحدث حاليا وكوفي أنان اختار الأخضر الإبراهيمي للنظر في توقيت الانتخابات التي بإمكانها أن تدعم رسم الدستور الذي يبقى بدوره موضع استفتاء وأيضا أفضل الطرق لإجراء هذه الانتخابات ومتى؟ وفي كل ديمقراطية حين يتم وضع النظام فإن الأفراد هم الذين يقررون بأنفسهم من خلال ممثليهم المنتخبين وكل ما يمكنني قوله هو أن الحقوق والحرية التي نعتبرها من المسلمات في هذا البلد والتي تسمح للأشخاص بمناقشة الأمور وانتقاد الحكومات والإطاحة بالحكومات وانتخاب آخرين جدد تلك هي حريات ديمقراطية مهمة وأعتقد أن العراقيين لديهم الحق في هذه الحريات والحقوق وهذا ما ستخرج به هذه العملية وسوف تكون النتيجة معاكسة تماما للعذاب والمعاناة التي مر بها العراقيون على مدى الثلاثين عاما الماضية والتي يظهر منها الكثير كل يوم بما في ذلك المقابر الجماعية التي تم اكتشافها حتى الآن.

مصطفى سواق: بالنسبة لبريطانيا هل لا يزال موعد تسليم الحكم للعراقيين قائم كما أتفق عليه أم يمكن أن يتأخر كما يتحدث البعض؟ ثم فيما يتعلق بالانتخابات أيضا هل أنتم مع الشيعة الذين يقولون بضرورة تقديم الانتخابات أم مع السُنَّة الذين يقولون بضرورة تأخيرها تأجيلها؟

هيلاري بان: أعتقد أن الجميع اتفقوا على التوقيت الذي يعتبر جزءا من الاتفاق الذي تم التوصل إليه قبل نهاية ديسمبر وهو الموعد الذي يعمل الكل على أساسه أما الجواب على سؤالك الثاني فهو أن الأخضر الإبراهيمي طُلِبَ منه أن يضع تقديرا للانتخابات المرتقبة التي ستساعد على عملية رسم ما تبقى من الدستور وتؤدي إلى المرحلة النهائية لاختيار الحكومة، وأنا على يقين بأننا سنجد طريقا من خلال ذلك كما أنه جزء من الحوار في ظروف صعبة مثل هذه كيف يمكن وضع منظور لمستقبل ديمقراطي في العراق في ضوء ما مر به خلال الثلاثين عاما الماضية كما أنه ليس هناك شيء يمكن إزالته فجأة من الرفوف واستبداله بالقول حسنا هذه هي الديمقراطية وهي الآن تعمل، بل هناك عملية يجب تتبعها يجب بناءها يجب خلقها لابد من الحوار وتبادل الآراء المختلفة وهذا أمر صحي وصائب وفي النهاية يجب التوصل إلى اتفاق والمساهمة التي ستقوم بها الأمم المتحدة من خلال تقرير الإبراهيمي ستكون مهمة جدا وستساعد على مواصلة تحريك هذه العملية إلى الأمام ويبدو لي كما قلت سابقا أن العراقيين يجب أن يروا ظروفهم تتحسن وأن يكون واضحا أنهم سيحصلون على الفرصة لاتخاذ قراراتهم بأنفسهم فذلك أمر أساسي يجعلهم يفكرون بأن حياة أفضل هي بانتظارهم وأنا واثق تماما في أن هذا هو الحال إذا وضعت الأمور في نصابها الحقيقي.

مصطفى سواق: سيدي الوزير أخيرا طلب أسقف كيب تاون ديزمونت توتو كلا من الرئيس بوش ورئيس الوزراء بلير بالاعتذار عما أسماه الحرب غير الأخلاقية على العراق، هل ترى أيا من هذين الشخصين يعتذران عن يعني في هذا السياق؟

هيلاري بان: لا أعني أنني لا أقبل القول بأن ما قمنا به كان لا أخلاقيا في تلك الظروف آنذاك ما كان واضحا هو أن العراق كان باستمرار ولعدة أعوام يتجاهل رغبة المجتمع الدولي كما أشارت إليه عدة قرارات للأمم المتحدة وما كنا نعلمه دائما من خلال مجموعة المسح الميدانية العراقية هو أن العراق واصل تحدي المجتمع الدولي وواصل محاولة تطوير برامج وإخفائها عن مفتشي الأسلحة والأسقف توتو لديه سجل طويل بالفعل ويلقى احتراما عالميا لوقوفه ضد الظلم وإحدى نتائج التحرك الذي قمنا به في مسعى لتعزير رغبة المجتمع الدولي هو وضع حد للظلم الذي استمر ثلاثين عاما في العراق وأعتقد أن ما يجب التركيز عليه الآن بصراحة هو إذا ما كان الناس يؤيدون العملية العسكرية التي قمنا بها العام الماضي أم لا ويبدو لي أنه لابد لكل أفراد المجتمع الدولي أن يتحدوا إذ من مصلحتنا جميعا أن تنجح عملية إعادة إعمار العراق فالأمر في النهاية يتعلق بمنح الأفراد فرصة لتحسين حياتهم وما يمكنني قوله هو أنني عند زيارتي للبصرة في سبتمبر الماضي التقيت بأشخاص كانت لديهم توقعات عالية حول حجم التقدم وانتقدوا بعض الأعمال التي قمنا بها لكنهم كلهم بدون استثناء قالوا إنهم فرحون بذهاب صدام حسين وما كنا لنتحدث عن تحقيق مستقبل أفضل للعراقيين بل إننا نتحدث عن ذلك لأن صدام ليس موجودا.

مصطفى سواق: السيد الوزير يعني هل بريطانيا راضية عن الطريقة التي تمنح بها الولايات المتحدة الأميركية عقودا للاستثمار في العراق خاصة فيما يتعلق بإعادة الإعمار وأنا أتحدث هنا عن حظ الشركات البريطانية في هذه الاستثمارات؟

هيلاري بان: حسنا كل دولة تخصص أموالا لمساعدة العراق لديها الحق باتخاذ قراراتها بنفسها حول كيفية صرف هذه الأموال ولا يمكنني التحدث إلا عن الجهود البريطانية في إعادة الإعمار والأموال التي نخصصها لذلك ويتم منح العقود على أساس المنافسة كما أننا سنضخ أموالا في صندوق النقد الدولي للتمويل التابع للأمم المتحدة الذي لدية طرقه الخاصة لتقرير كيفية إنفاق هذه الأموال بمساعدة الوزارات العراقية في ظل الحكومة العراقية في محاولة لتحسين الظروف في البلاد، الشركات البريطانية فازت ببعض العقود لكن لكل دولة الحق في اتخاذ قرار حول إنفاق هذه الأموال وبالنسبة لنا في المملكة المتحدة فإننا واضحون فيما يتعلق بالعمل على أساس المفتوح.

الموقف البريطاني من معاناة الفلسطينيين

مصطفى سواق: هل يمكن أن تحدثنا السيد الوزير عما تفعله بريطانيا حاليا لتخفيف معاناة الفلسطينيين خاصة وأن كل السبل السياسية تبدو حاليا مغلقة؟

هيلاري بان: كنت في فلسطين في يوليو من العام الماضي زرت جنين ورام الله وغزة ورأيت الجدار ووضعت بنفسي الأوضاع المذرية التي يعيشها الفلسطينيون والتأثير السلبي الذي خلفته الانتفاضة على حياتهم وعلى المستوى التطبيقي فإننا نوفر الدعم من خلال برنامجنا للتنمية لكل من السلطة الفلسطينية ولأنروا التي تتحمل مسؤولية العناية باللاجئين وقد قامت بعمل مدهش خلال فترة طويلة من الزمن ولقد زدنا حجم برنامجنا لأنه من الضروري توفير الدعم للفلسطينيين لتجاوز الظروف الصعبة التي وجدوا أنفسهم فيها وفيما يتعلق بالمشكلة السياسية الواسعة فإن المجتمع الدولي يدعم عملية خارطة الطريق وهي تواجه مشاكل حاليا لكن ما يجب أن يحدث في النهاية وهو ما يعلمه ويعترف به الجميع هو أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق فيما بينهما والفرق بين العراق ولنقل في الشرق الأوسط لأنه في العراق المجتمع الدولي وضع شروطا ليلتزم بها نظام صدام حسين لكن في حالة الشرق الأوسط هناك شروط على الطرفين وعلى كلا الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني الالتزام بهذه الشروط لإيجاد طريق إلى الأمام وأنا أعتقد أن هذا هو المهم، اعترف تماما بحقيقة أن عدم حل مشكلة الشرق الأوسط هو خدش في ضمير العالم أقول لك هذا بكل صدق لكن ما على المجتمع الدولي القيام به هو دعم الطرفين دعمهما للتوصل إلى اتفاق فيما بينهما لأننا نريد رؤية دولة فلسطينية وإسرائيل ترغب في العيش بآمان ويجب تحقيق هذين الهدفين إذا أردنا حل هذا المشكل المتواصل منذ سنوات.

مصطفى سواق: السيد الوزير العرب صدموا من الموقف الأوروبي وطبعا البريطاني فيما يتعلق بعرض قضية الجدار العازل الإسرائيلي أمام محكمة لاهاي محكمة العدل الدولية يعني أنتم تطالبون الفلسطينيين بالتوقف عن العنف وعندما يريدون أن يقوموا بمبادرة أو بمعالجة موضوع ما بطريقة سياسية بطريقة قانونية تقفون ضدهم أيضا.


هيلاري بان: الجدار العازل بناؤه على أرض فلسطينية هو أمر غير صائب ولا يحل مشكلة

هيلاري بان: حسنا لقد عبرنا عن رأينا بشأن الجدار العازل بكل وضوح بأن بناؤه على أرضٍ فلسطينية هو أمر غير صائب ولا يحل المشكلة لكن الجدار هو أحد أعراض المشكلة، المشكلة بالنسبة لإسرائيل هي انعدام الأمان لأن الانتحاريين يأتون إلى إسرائيل ويقتلون الأفراد داخل إسرائيل والأفراد يتساءلون عما تفعله الحكومة لحمايتهم من هذه الهجمات، من جهة أخرى ينظر الفلسطينيون إلى الأوضاع التي يعيشونها حيث يجدون أنفسهم أمام حواجز أمنية والنزاعات التي تستمر منذ الانتفاضة وكلاهما أعراض للمشكلة السياسية وفي الأمرين أعراض للمشكلة ولابد من إيجاد حل لهذه المشكلة السياسية.

مصطفى سواق: تتحدث واشنطن عن ما تسميه مشروع الشرق الأوسط الكبير من أجل نشر الديمقراطية والحاكم الصالح إلى آخره هل استُشرتم في هذا الموضوع هذا من طرف الأميركيين وما هو دوركم ودور الاتحاد الأوروبي فيه؟

هيلاري بان: حسنا ما هي الديمقراطية؟ الديمقراطية هي مجتمع يتمكن فيه الأفراد من التعبير عن آرائهم بحرية والتمسك بآراء مختلفة ومناقشتها واتخاذ قرارات بشأن ما سيحدث لبلدهم وإيجاد حلول بطريقة سلمية وودية وأن تكون هناك عملية واضحة بحيث تمكن الأشخاص من المشاركة باتخاذ قرارات حول مستقبلهم الآن يبدو لي أن تلك متلازمات يجب توافرها في كل مجتمع ومن وجهة النظر التنموية وهي مهمتي كوزير للتنمية الدولية فإن أي مجتمع تتوفر فيه هذه الخصائص لديه فرصة أفضل للاستجابة لمتطلبات الأفراد وتحسين حياتهم وأن تضمن لهم الرعاية الصحية والتعليم وهي أمور نعتقد أنها أساسية لأماننا ولمستقبل أبناءنا هذه الخصائص التي يتميز بها المجتمع الديمقراطي ستساعد العالم على التعامل مع التحديات التي تواجهه ليس اليوم فقط ولكن في الأشهر والعوام المقبلة وأعتقد أن هذه القيم يجب علينا جميعا التمسك بها مع الإقرار بأن على كل دولة بناء مجتمعها بطريقتها الخاصة وفي النهاية دعني أُعرب لك عن استمتاعي بهذه الفرصة التي أُتيحت لي في هذا اللقاء.

مصطفى سواق: سيدي الوزير شكرا.