لقاء اليوم

فرانسوا بورغا.. الحجاب في فرنسا

لماذا كل هذه الضجة حول الحجاب في فرنسا؟ وهل يتعارض الحجاب حقاً مع المبادئ العلمانية التي قامت عليها الجمهورية الفرنسية؟ وهل وصل الجدل الحاد في المجتمع الفرنسي حول الحجاب والجالية الإسلامية إلى درجة تنذر بالخطر؟

مقدم الحلقة:

عبد القادر عياض

ضيف الحلقة:

فرانسوا بورغا: باحث في الشؤون العربية والإسلامية

تاريخ الحلقة:

24/12/2003

– إشكاليات الحجاب بالنسبة للغرب
– أسباب رفض الغرب للحجاب

– مدى التفريق في المعاملة بين المسلم العربي والغربي

– مدى إمكانية تأثير المسلمين على المجتمع الغربي

– تأثير الفكر المتشدد على صورة الإسلام في الغرب


undefinedعبد القادر عيَّاض: مشاهدينا الكرام، أهلاً بكم إلى برنامج (لقاء اليوم).

البرنامج يستضيف هذا اليوم (الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والإسلام السياسي الباحث الفرنسي) فرانسوا بورغا، مرحباً بك يا سيدي.

فرانسوا بورغا: مرحباً.


إشكاليات الحجاب بالنسبة للعرب

عبد القادر عياض: لو سمحت.. اسمح لي أن أبدأ حوارنا هذا بموضوع يشغل الآن العالم الغربي بصفة عامة، وخاصة بلدكم فرنسا، وهو موضوع ارتداء الحجاب، السؤال الذي طرح نفسه الآن: هل الحجاب الآن أصبح يشكِّل مشكلة في حد ذاته لدى الإنسان الغربي بمختلف دوائره السياسية أو الشعبية أم أنه يتجاوز هذه الإشكالية البسيطة ربما إلى إشكال حضاري ربما؟

فرانسوا بورغا: شكراً على هذا السؤال المفيد، كي نشير إلى لب موضوع.. لب حساسية العلاقات بين الإسلام والغرب، مشكل الحجاب ليس مشكل أوروبي، لا يوجد مشكل مثلاً في بريطانيا، منع أو حظر شامل للفرنسيين أمام قضية الحجاب، تشير إلى خصوصية صعوبة الفرنسيين فيما يخص علاقتهم بالإسلام، إذا ننظر.. طبعاً موقفي.. ما يهمنا اليوم إذ ما يمثِّل الموقف الموجود عند الأغلبية، موقفي أنا ما عندي مانع لو تبينَّ أن ما يمنع الحجاب البنات من طلوع أو قراءة كتاب، ما يمنعها من استماع الأساتذة، ما يمنعها في التحرُّك في المدارس ما عندي مانع أمام الحجاب، لكن هذا الموقف ليس الموقف السائد، الموقف السائد تؤدي إلى منع إلى حد كبير هذا الحجاب، الحساسية حول قضية الحجاب ليس في فرنسا فقط، أنا سمعت مثلاً أن منع وزير الداخلية الكويتي ارتداء الحجاب للموظفات الكويتيات، ومنع حكام تونس مثلاً ارتداء هذا الحجاب، لكن في فرنسا أكيد أن هذا الموقف إشارة إلى حالة صعوبة العلاقات بين الجانبين، والأسباب لهذه الصعوبات أجد أنها من 3 أنواع، السبب الأول: أن سمعة الإسلام هذه الأيام عند الغربيين سمعة سيئة، سمعة الإسلام تعتمد على أحداث العنف في العالم كله من الجزائر إلى أحداث العنف في أحداث سبتمبر إلى آخره، ففيه نوع من حالة الخوف أمام.. أمام فهم خاطئ -في رأيي- لدين الآخر، فالسبب الأول إذا نمر إلى نهاية التحليل، أنا أقول أن.. نجد نوع من الرفض الغربي أمام ثقافة غير الثقافة الغربية، والتي تعود وتريد مكان جديد في عملية صنع الحداثة، وعملية المشاركة في الاتصال بالعالمية، والغرب الآن في فترة معينة من تاريخه، وهي فترة يفقد فيها هيمنته الأيديولوجي على العالم، لذا..

عبد القادر عياض [مقاطعاً]: لو سمحت لي أستاذ فرانسوا، حتى ربما نكون دقيقين في طرحنا، هو ليس كل الغرب يرفض الحجاب، هناك الكثير من الجمعيات والتنظيمات وقفت إلى جانب كثير من المسلمات المتحجِّبات في المدارس وإلى غير ذلك، وعن مسألة طرح.. طرح الحجاب، ولكن الإشكال المطروح الآن، هل هذا الرفض لمجموعة من الغربيين لمسألة الحجاب، هل هو رفض شكلي، يعني رفض لأجل الرفض فقط خوف على بعض المقومات العادية والمتناولة يومياً، أم هو مبشِّر ربما أو بذور لما اصطُّلح تسميته بصراع الحضارات، أي رفض الآخر لمجرد الرفض؟

فرانسوا بورغا: اسمح لي أن أركِّز دقيقة على الخصوصية الفرنسية، الخصوصية الفرنسية خطاب الذين يرفضون الحجاب يعتمد على حُجَّة بسيطة جداً، يقولون: تم تأسيس المدرسة في فرنسا.. المدارس الحديثة نتيجة فوز الإعلاميين [العلمانيين] على رجال الدين، فيقولون بكل بساطة تخلصنا من دين، تخلصنا من الدين المسيحي، فكيف نرحب بدين آخر؟ فهذا المستوى شبه العقلاني في خطاب الذين يرفضون رموز دين معين داخل المدارس، غير علماني..

عبد القادر عياض [مقاطعاً]: ولكن أكثر.. نعم..

فرانسوا بورغا [مستأنفاً]: أقول –عفواً- أقول أن هذه حجة، والسبب إذا نبحث في العمق نجد ما بدأت أن أشير إليه، نجد حالة من رفض الغربيين، بالوضوح أو.. أو لا بدون وضوح، رفضهم لوجود ثقافة منافسة إلى الثقافة التي كانت سائدة، فأنا أنظر إلى هذا السبب كأن.. كأنه السبب الرئيسي، وأرفض المبرر الشكلي الذي يقول نرفض الدين الإسلامي مثل ما رفضنا الدين المسيحي.

عبد القادر عياض: نعم.. نعم، طيب حتى نكون منصفين شيئاً ما، وحتى لا نلقي بكل اللوم على هؤلاء الذين يرفضون تقبُّل الحجاب بشكله العادي، ألا تعتقد بأن حتى المسلم الموجود الآن في أوروبا لم يقدِّم نفسه بشكل يجعل هذا الغربي يتقبله بالشكل اللازم، وبالتالي ينسجم بشكل أفضل داخل هذا المجتمع أم أن قيم هذا الدين الذي يحمله الشرقي -إن صح هذا التعبير- ربما لا تسمح له إلا بحدود معينة بالاندماج في مجتمعات لا يلتقي معها ربما في عنصر الدين والعادات والتقاليد؟

فرانسوا بورغا: اسمح لي أولاً أن أشير إلى تورُّط بعض الأطراف الخارجية في موقف الفرنسيين، إما.. أنا ذكرت أن الذين يمنعون الحجاب ليسوا الفرنسيون فقط، تمنع الحجاب حكام تونس مثلاً، فما كنت أريد أن أقول وأشير إلى مواقف بعض الأنظمة الحاكمة في المنطقة، أريد أن أقول أن هذه الحالة من الخوف التي نجدها من الفرنسيين ما تقاومها كل الأطراف في العالم، بعض من هذه الأطراف تستغل هذه الحالة من الخوف، وهم يشاركون في عملية تخويف الفرنسيين أو أوروبيين من الإسلام كلما يشيرون إلى معارضيهم كأنهم كلهم مجرمين.

عبد القادر عياض: ولكن.. ولكن..

فرانسوا بورغا: وهم مرتبطين بقضية الحجاب.


أسباب رفض الغرب للحجاب

عبد القادر عياض: ولكن أستاذ فرانسوا، يعني هذه الأنظمة التي ذكرتها من قبل على أساس أنها تمنع ارتداء الحجاب، هي في نظر الغرب عموماً أنظمة قمعية ربما ديكتاتورية، أو على الأقل أن هامش الديمقراطية في هذه البلدان -حتى لا نكون متشددين في آرائنا- هامش الديمقراطي ليس كالذي نجده في أوروبا، الذي يسمح ربما لليهودي بارتداء الطاقية وللمسيحي بارتداء الصليب أو غيره من الرموز الدينية، وبالتالي لماذا لا يسمح أو لا يتقبل لهذا المسلم أن يرتدي رمزه الديني وهو الحجاب؟

فرانسوا بورغا: أنا.. أنا معكم 100%، عملية تجريم الإسلام، عملية تتم نتيجة تعاون ثنائي من الجانبين في شمال البحر الأبيض المتوسط وفي جنوبه، فهذه نقطة، بعدين ما هو تصرف المسلمين الآن في فرنسا، أنا أقول لك أنا متفائل إلى حد كبير، موقف الفرنسيين الآن من الإسلاميين أو من المسلمين المتدينين يشبه إلى حد كبير موقفهم عن الاستقلاليين في الخمسينات والستينات لما بدأت الحركات الاستقلالية في الجزائر وفي تونس وحتى في مصر فيما كان يخص قناة السويس، رد فعل الرأي الغربي كان غير عقلاني قالوا أن بومدين لما قام بتأميم النفط..

عبد القادر عياض: طبعاً.. بومدين هو الرئيس الجزائري.

فرانسوا بورغا: الرئيس الجزائري في هذه الفترة، قالوا إنه يشبه (هتلر)، مثلما كان يشبه هتلر ناصر، فرد فعل كان غير عقلاني أمام العرب، رد فعل عرقي، ثم بدءوا الفرنسيون يقبلون العرب، والعرب مننا هذه الأيام، لكن بدءوا يرفضون المسلمين، رموز الدين تحتل الآن مكان رموز الانتماء العرقي في جيل الخمسينات والستينات، لكن بدأنا نستقبل المسلمين، انتقل رفضنا من المسلمين إلى الإسلاميين، نرفض.. نقبل المسلم إلى حد كبير على شرط أن ما يكون مسلم حقيقي متديِّن، المسلم المقبول في فرنسا هو الذي يشرب الخمر في وقت الصلاة، هذا المسلم نستقبله.. نقبله، ولكن بدأ عملية الاندماج المسلمين المتدينين، هذه العملية بتأخذ وقت، وتمشي عبر يعني تناقضات.. تناقضات سياسية، تناقضات فكرية، أنا ذكرت أسباب عديدة ثلاثة لرفض الغرب للمسلمين، من هذه الأسباب وجود هامش متشدِّد لا شك في ذلك، مثلما يجد في الإدارة الأميركية ناس تعاني من الانغلاق الفكري، تجد بعض المسلمين المتشددين في العالم، تجد ناس تعاني من الانغلاق الفكري، ترفض الآخر، ما تقبل فكرة وجود قاسم مشترك إنساني بين الانتماءات الدينية، وهذا مبرِّر، هذا يعني يشارك في عملية تخويف الناس العاديين في فرنسا.


مدى التفريق في المعاملة بين المسلم العربي والغربي

عبد القادر عياض: نعم، طيب نتحدث الآن عن الغرب، ولو أننا نعتذر على مسألة التعميم عندما نقول الغرب، يبدو أن الغرب لا يعامل المسلم ككل متكامل، بحيث نجد مثلاً المسلم الجزائري الموجود مثلاً في فرنسا لا يعُامل مثلاً كالمسلم التركي مثلاً الموجود في فرنسا أو.. أو في.. في ألمانيا، هل الإسلام إسلامان، مسلم عربي ومسلم يعني من غير العربي، يبدو أن هناك نوع من التفرقة، يبدو أن الصورة الكلية التي كنت قد تفضلت وتحدثت عنها عن مسألة الحركات المتشددة في العالم العربي الإسلامي، سواء الجزائر كنموذج أو مصر كنموذج، يبدو أنها ساهمت في ربما هذا التفريق بين حتى المسلم والمسلم وكيفية التعامل معه.

فرانسوا بورغا: لا شك في ذلك، العرب له علاقة خاصة مع فرنسا، وإذا صح التعبير أنا أقول إن كنا نبني كنائس في جبال الجزائر، والآن أنتم تبنى مساجد.

عبد القادر عياض: مساجد.

فرانسوا بورغا: عندنا في مدننا، وهذا سبب من الأسباب الرئيسية أن تاريخنا تاريخ الاستعمار، تاريخ الحروب الاستقلالية، ونوع من تبادل الأدوار من موقف فرنسا في الثلاثينات وكنا نسيطر على هذه المنطقة، والآن علاقة أكثر معتدلة متبادلة، وهذا يجعل يغذِّي هذه الحساسية غير العقلانية التي نجدها في هامش المجتمع، مش المجتمع كله، فيه معركة في فرنسا، فيه معركة داخل وسائل الإعلام، حتى الآن مع الأسف ميزان القوى ليس لصالح الناس المعتدلين، ليس لصالح الناس من الأقلية الذين يجيدون أو يعرفون شيء من اللغة العربية، لكن المجتمع الفرنسي منقسم في هذا الموضوع.

عبد القادر عياض: طيب.

فرانسوا بورغا: ولست متفائل.. متشائم 100%.


مدى إمكانية تأثير المسلمين على المجتمع الغربي

عبد القادر عياض: أنت.. أنت باحث مختص في.. في الإسلام السياسي وأنت أوروبي من فرنسا، والإسلام في أوروبا أو في فرنسا أقصد هو ثاني ديانة من حيث الانتشار، وهو أسرع ديانة من حيث الانتشار، هل تستشعر بأن هذا الدين لو مُكِّن له في هذا البلد أو في أوروبا بأن يشكِّل فعلاً عامل تغيير في ربما هرم هذا المجتمع الفرنسي أو ربما المجتمعات الأوروبية فعلاً كما ربما يحوِّله البعض إلى درجة من الخوف أو هالة من الرعب أنه ربما هذا الدين الوافد قد يُغيِّر كل حياتنا بشكل جذري؟

فرانسوا بورغا: إن شاء الله مثلما يقولون المسلمون، نستفيد من وجود المسلمين عندنا في فرنسا، كما يستفيدون المسلمون بوجودهم خارج دار الإسلام، لماذا؟ تعدُّد الانتماءات الدينية، تعدُّد الثقافات، أنظر إليه كأنه عامل إيجابي في التقدم، ما هو المطلوب، ما هو شرط التعايش السلمي على سطح الكرة الأرضية هذه الأيام؟ يعتمد هذا الأمل على قدرتنا لتجاوز انتماءاتنا الثقافية واللغوية والدينية، وعلى المسلم الذي يعيش في فرنسا أن يقبل فكرة أن نظام (دلائلي) الإسلامي ما يسيطر على المجتمعات وعلى الفرنسي وهو ليس مسلم أن يقبل فكرة أن النظام دلائلي، دين ثقافة وحتى اللغة تشارك في تعديل المجتمع.

عبد القادر عياض: طيب، لفظ.. لفظ إن شاء الله يدفعني لسؤال.. للسؤال التالي، أنت من خلال معرفتك بالإسلام، هل تعتقد بأن الإسلام -في جوهره- هو دين يدعو إلى العدوانية.. إلى العنف؟

فرانسوا بورغا: طبعاً بكل بساطة أقول لك أن الذي يريد أن يلجأ إلى العنف يجد المصطلحات، يجد المبررات الكافية، ويأخذها من أي عقيدة ومن أي دين، حتى العقيدة الملحدية –إذا صح التعبير- مثلما فعلوا الشيوعيون، فطبعاً لا وجود إلى هذا السؤال بالنسبة لي، حتى الإسرائيليون قاموا بـ.. فجَّروا قنبلة قتلوا 91 من.. من الجنود البريطانيين في سنة 47، وهذا كان لسبيل تحرير أرض فلسطين، فهذا النوع من العنف منتشر في كل فئات مجتمعات العالم وفي كل الأديان.


تأثير الفكر المتشدد على صورة الإسلام في الغرب

عبد القادر عياض: طيب، لو.. لو تتبعنا مسار ما يُسمى بالإسلام السياسي، أو الحركات المتشددة أو الفكر المتشدد في العالم السياسي، ابتداء من فكر أبو الأعلى المودودي في شبه القارة الهندية، مروراً بسيد قطب في مصر، وانتهاءً بالفتاوى الحالية التي ربما تبيح دم الأبرياء في إطار سياسي معين، باعتقادك هذا اللجوء إلى العنف هل هو وليد فكر ديني خاطئ، أم هو وليد حالة من الاحتقان ولَّدها القهر من طرف الأنظمة، انعدام الأمل في ظل وضع اقتصادي جداً مزري، ربما المعرفة الدينية المهلهلة لدى كثير من الشباب، هي التي أوصلت بهذا الفكر المتشدد، والذي صار ينظر له في العالم الغربي على أساس أنه دين ربما يدعو إلى العنف ويدعو إلى اللا تسامح بعكس حقيقة هذا الدين؟

فرانسوا بورغا: طبعاً حضرتك تعرف أن ما فيه إجماع عن الباحثين في هذه القضية، ما فيه إجماع عن الباحثين الغربيين، ما فيه إجماع عن المحللين العرب والمسلمين، أنا أنتمي إلى من يفتكر أن.. لو.. لو ركزنا على قضية سيد قطب اللي شوفت صورة حضرتك من سيد قطب.. سيد قطب كان (بوتيه بورجوا) مصري، زار الولايات المتحدة، كان خبير لشؤون التربية في وزارة المصري للتربية، عانى من العنصرية الأميركية، وهو كان لون وجهه أسود، بدأ يزعل شوية أن هذا التمييز العنصري، عاد إلى مصر وبدأ عملية الاعتقالات من.. على يد النظام المصري الجديد، وبدأ عملية تعذيب، وشهراً فشهراً بدأ عملية راديكالية تفكير سيد قطب، في البداية ما كان راديكالي، ما كان عنيف، فبدأ يقول: كيف يسمح حكومة هذا التعامل مع شخص مثلي؟ بعدين قال: كيف يسمح مجتمعه كله هذه الحكومة من تعامل.. هذا التعامل؟ فبدأ يعني يرفع مستوى العنف في فكر سيد قطب، فهنا بكل تلخيص أفتكر أن لا.. لا يوجد علاقة علمية بين العنف السياسي والدين الإسلامي، ولا بين العنف السياسي وما سُمي الإسلام السياسي، أنظر إلى الحركة الإسلامية كأنه جيل، جيل سياسي في هذه المنطقة من العالم، يحتل مكان القوميين العلمانيين، القوميين العرب، وتتضمن أنواع مختلفة إلى الغاية من الأساليب السياسية، من الناس المعتدلين فازوا الإسلاميين، الإسلاميون فازوا الانتخابات في تركيا، وما حدث إلى تركيا؟ ذبحوا النسوان.. النساء والأطفال؟ مُنع من.. من النساء العمل؟ سقطت الدولة لأ، هذه إسلاميين، وتجد كذلك ناس متشدِّدين في هامش المجتمع، لكن ما فيش ربط علمي بين اللجوء إلى العنف والمصطلحات الإسلامية، هذا اقتناعي..

عبد القادر عياض: طيب، هل.. هل تتفق معي بإنه جزء من تطور فكر التطرف لدى هذه الجماعات إنما بناه وغذَّاه الغرب، أقول: جزء، إذا سمينا ما حدث في أفغانستان وما تلاه بعدها إنما هو صنيعة المخابرات الأميركية، إذا ما رأينا إلى مجموع الفتاوى التي كانت تصدر من دول غربية من طرف مفتيين مسلمين متواجدين في فرنسا، أو في ألمانيا، أو في بريطانيا أو.. أو غيرها، ويتحركون بكل حرية، ويصدرون فتاواهم، ووسائل الإعلام تتلقفهم بكل صدور رحبة، هل يتحمل الغرب هذا الذي يخشى الآن شيء اسمه الإسلام يتحمل جزء من هذه المسؤولية؟ باختصار لو سمحت.

فرانسوا بورغا: جزء.. جزء فقط.

عبد القادر عياض: نعم.

فرانسوا بورغا: إذا صح الفكرة التي قدمتها وهي فكرة قيمة، كيف كان الغرب مسؤول عن صعود الإسلام السياسي وما يقدر الـ.. الـ.. إنهاء هذه الظاهرة؟ الناس.. أنا أعطيك مثال آخر: الناس يقولون المملكة السعودية مسؤولة عن الإرهابيين في العالم كله، طيب، ليش ما.. ما يقدر مراقبة الإسلاميين الذين يضربون المملكة السعودية؟ هذا.. هذا مثل، ربما لعب.. لعبت المخابرات الأميركية مع الجماعات المتشدِّدة لاستغلالهم.. لاستغلال الكفاح الإسلامي ضد الروس، لا شك في ذلك، لكن هذا عامل بسيط.. هامش في تقديري في الظاهرة الكاملة.

عبد القادر عياض: نعم، طيب ربما ألجأ في آخر حواري معك إلى ربما المحور الذي بدأنا به حديثنا وهو عن موضوع الحجاب، ينتظر خلال الأيام القليلة القادمة بأن يوقِّع الرئيس الفرنسي (جاك شيراك) على مشروع قانون يحظر بموجبه استعمال جميع الرموز الدينية، سواء كانت يهودية أو مسيحية أو إسلامية في المراكز التعليمية، هل باعتقادك هو هذا حل.. يعني حل حضاري، حل مدروس، أم أنه مجرد ربما قفزة على واقع معين، قفزة ظرفية ربما قد لا تؤدي إلى النتائج المرجوة؟

فرانسوا بورغا: أنا مع الأطروحة الثانية..

عبد القادر عياض: نعم.

فرانسوا بورغا: غير أنا –مثلما قلت- وجود كائن خارج إلى المجتمع الفرنسي، وهم المسلمين تفرض علينا إعادة التفكير في من نحن؟ ما هو مجتمع علماني؟ ما هو حدود متطلبات الانتماء الديني؟ فالجانب السلبي له جانب إيجابي، على الفرنسيين، وعلى الغربيين، وعلى المسلمين أن يتجاوزون حدود انتمائهم الدينية والفكرية، هذا الشرط الضروري لأي أمل للتعايش في كل من أوروبا أو خارج أوروبا.

عبد القادر عياض: السيد فرانسوا بورغا (الباحث في شؤون الإسلام السياسي)، شكراً جزيلاً لك.

مشاهدينا الكرام، شكراً لكم وإلى اللقاء.