سوسيلو بامبانغ.. مستقبل إندونيسيا
مقدم الحلقة: | صهيب جاسم |
ضيف الحلقة: | سوسيلو بامبانغ يوديونو: الوزير المنسق للشؤون السياسية والأمنية في إندونيسيا |
تاريخ الحلقة: | 28/01/2004 |
– علاقة إندونيسيا بإسرائيل وموقفها من القضية الفلسطينية
– تأثيرات الإرهاب على إندونيسيا وطرق مكافحته
– مستقبل إندونيسيا خلال العقد القادم
صهيب جاسم: أطيب التحيات لكم مشاهدينا الكرام في مستهل مقابلتنا هذه مع كبير وزراء الحكومة الإندونيسية الجنرال سوسيلو بامبانغ يوديونو وهو الوزير المنسق للشؤون السياسية والأمنية أيضا.
نلتقيه بعد ست سنوات على اندلاع الأزمة الأسيوية وسقوط النمر الإندونيسي في أحضان صندوق النقد الدولي وقد خرجت البلاد قبل أسابيع من برنامج قروضه وبعد سنوات أيضا من عواصف سياسية ذات آثار دينية واجتماعية نلتقيه أيضا بعد اتضاح الخريطة السياسية الجديدة مما سيشارك في الانتخابات لهذا العام والتي يبدأ موسمها الأول في أبريل ويستمر حتى سبتمبر من العام الجاري. وهو أيضا من المرشحين للرئاسة من قبل عدة أحزاب.
الجنرال سوسيلو بامبانغ يوديونو أهلا بك إلى قناة الجزيرة أسمح لي أن أطرح قضية حساسة لحد ما، علاقاتكم بإسرائيل ففي فترة حكم سوهارتو السابقة ذكرت تقارير وجود تعاون في التدريب الأمني بين أجهزة مخابرات سوهارتو وبين الموساد أو غيره في إسرائيل وهذا لم يكن مشهورا وعندما استلم عبد الرحمن وحيد الرئاسة اشتهر بعلاقته بسياسيين إسرائيليين، ما هو الموقف الآن بعد رئاسة عبد الرحمن وحيد؟
علاقة إندونيسيا بإسرائيل وموقفها من القضية الفلسطينية
سوسيلو بامبانغ يوديونو: في الحقيقة الموقف الإندونيسي لا يتغير نحن ندعم كفاح الشعب الفلسطيني وإذا كان هناك حل دولي كمبادرة من الأمم المتحدة لحل الصراع في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية حلا عادلا فنحن نؤيده وشخصيا عندما أكون في خارج البلاد في أميركا مثلا طالما أطلب من أصدقائي ونظرائي دعم قيامة دولة فلسطينية مستقلة قبل عام 2005 وهذا يدل على ثبات الموقف الإندونيسي وسياستها الخارجية تجاه الشعب الفلسطيني وأوضاع الشرق الأوسط وبصراحة فإن الحكومة الإندونيسية الحالية لا تسعى لتغيير موقفها ولذلك فحكومتنا لم تخطوا ولم تذهب إلى القيام بأي تواصل سياسي مع دولة إسرائيل فحكومتنا لا تسعى للقيام باتصال مع دولة إسرائيل بعد الذي تم سابقا ولاسيما أننا لم نغير موقفنا الحالي بشأن كفاح الشعب الفلسطيني.
صهيب جاسم: هل تريد القول بأنه ليس هناك أي علاقات تجارية أو أي شكل من قنوات الاتصال حتى لو كانت غير مباشرة بين إسرائيل وإندونيسيا؟
سوسيلو بامبانغ يوديونو: فيما يتعلق بمجالي المختص بالجوانب السياسية والأمنية وهي في غاية الحساسية فإننا لا نتطرق إلى هذا الموضوع وأنا لم أسمع عن وجود علاقة رسمية بين الحكومة الإندونيسية وإسرائيل خارج مجال عملي.
صهيب جاسم: إندونيسيا كحكومة تبدو بعيدة عن القضية الفلسطينية على الرغم من تعاطف الشعب الإندونيسي مع الفلسطينيين، هل تعتقد أن إندونيسيا كأكبر بلاد العالم الإسلامي يجب أن تلعب دورا أكبر في القضية؟
سوسيلو بامبانغ يوديونو: هذا من المفروض أن يحصل وفي الحقيقة الحكومة الإندونيسية تنشط من خلال الأمم المتحدة ومن خلال رابطة آسيان ومن خلال حركة عدم الانحياز وكذلك نعمل مع الدول الإسلامية ومنظمة المؤتمر الإسلامي بل يستلزم أن نعمل انطلاقا من منظمة المؤتمر الإسلامي لإنفاذ حل عادل ونهائي لقضية الشرق الأوسط وعلى أي حال فإن إندونيسيا ترى أن هناك علاقة بين التطرف والراديكالية في هذا العالم والذي يحصل في الشرق الأوسط وإذا استطعنا تحقيق حلول لمشاكل الشرق الأوسط وأن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه العادلة، فإنني أرى وأنا على يقين بأن هذا سيؤثر على تراجع حركة الاحتجاجات والتشدد في العالم.
صهيب جاسم: ليس هناك نص دستوري على إسلامية الحكم في إندونيسيا على الرغم من أنها أكبر دول العالم الإسلامي، فهل ترون علاقاتكم مع الدول العربية والإسلامية كأولوية أم أنها كغيرها من العلاقات مع أوروبا وآسيا؟
سوسيلو بامبانغ يوديونو: عضوية إندونيسيا في منظمة المؤتمر الإسلامي وتواصلنا وحوارنا مع الدول الإسلامية وخصوصا الموجودة في منطقة آسيان كماليزيا وبروناي دار السلام ودول الشرق الأوسط، يدل على اهتمام حكومتنا بالعلاقات بالدول الإسلامية واعتبارها من أولوياتنا ونحن نستجيب لمطالب وطموحات شعبنا والأغلبية منهم مسلمون ولذلك فاهتمامنا بهذه العلاقة والعمل المشترك ليس في الجانب السياسي فحسب ولكن في المجالات الاقتصادية والتجارية وهذا ما نقوم به من آن لآخر.
صهيب جاسم: هل قمتم من جانبكم بجهود جادة لجذب الاستثمارات العربية المباشرة لإحياء القطاعات الزراعية والصناعية وغير ذلك في بلادكم؟
سوسيلو بامبانغ يوديونو: أنا لا أرى أي إشكالية أساسية والمثال على ذلك عندما كنت وزيرا للطاقة قبل سنوات فقد لاحظت حُسن علاقتنا مع دول أوبك ومن ذلك الاستكشافات النفطية المشتركة في البحار الإندونيسية من قبل مستثمرين عرب وبعضهم من الكويت، هذا يدل على أنه ليست هناك معوقات أمام العمل المشترك بيننا وبين الدول العربية والأمر كذلك في مجال الزراعة والصيد البحري وغير ذلك لأنني أرى أن التحسن الفعلي للعلاقات بين المسلمين سيؤدي في النهاية إلى رفاهية الجميع.
صهيب جاسم: فيما يخص القضية العراقية، هل أنتم مستعدون لإرسال قوات كما قامت بذلك دول أسيوية لمساعدة الأميركان في السيطرة على الوضع الأمني؟
سوسيلو بامبانغ يوديونو: الموقف المبدئي لإندونيسيا واضح للغاية وأكرر ذلك منذ عام 2001 أو 2002 بأن قيام إندونيسيا بدور في أي جهود لحفظ السلام يجب أن يكون تحت راية الأمم المتحدة هذا أولا وثانيا يجب أن تطلب منا تلك الدولة المعنية القيام بمثل هذا الدور ولذلك فإذا طلب العراق أو شعب العراق من إندونيسيا القيام بجهود لحفظ السلام سنستجيب، لأن ذلك من أساسيات مبادئنا وثالثا ومن الطبيعي أن ندرس واقع العراق الحالي وهل يحتاج منا القيام بأي دور لحفظ السلام أو أن وضعه غير مستقر وهناك تهديد من المقاومة المسلحة يجعل من الصعب نجاح جهود قوات خارجية ولذلك نحن نرى حاليا عدم إرسال قواتنا إلى العراق لاسيما خارج إطار الأمم المتحدة ولكن ربما في وقت لاحق إذا طلب منا الشعب العراقي التوجه إلى بلاده وربما في وقت لاحق إذا أَذِنت لنا الأمم المتحدة وكنا قادرين على ذلك، فإننا إن شاء الله وبكل سرور سنقوم بذلك الدور من أجل مستقبل عراق أفضل.
صهيب جاسم: هل هذا يعني أنكم تلقيتم طلب من نظرائكم الأميركيين للقيام بدور حالي واعتذرتم مشترطين تنفيذ ذلك في حالة وجود دور أكبر للأمم المتحدة في العراق؟
سوسيلو بامبانغ يوديونو: لم يحصل أن طلب الأميركيون منا ذلك رسميا ولكنني صرحت رسميا وكما تحدثت آنفا عن موقف إندونيسيا المبدئي فإنه إذا طلبت الأمم المتحدة من إندونيسيا فإننا مستعدون لإرسال قواتنا حسب الشروط الثلاثة التي ذكرتها للقيام بدورها في العراق.
تأثيرات الإرهاب على إندونيسيا وطرق مكافحته
صهيب جاسم: قضية الإرهاب أو الحرب على الإرهاب عندما يتابع العالم أخبار إندونيسيا منذ تفجيرات بالي تعد هذه القضية الأكثر سخونة وهو ما أثر على صورة إندونيسيا لحد ما، هل تعتقد أن الحرب على الإرهاب في إندونيسيا قد أثرت على اهتمام حكومتكم بهموم المواطن اليومية كمعالجة الفقر وتطوير المشروعات؟
سوسيلو بامبانغ يوديونو: حسنا الحكومة الإندونيسية ترى أن هذه التهديدات خطيرة ليس لأنها تتسبب في الخراب في وقت ما وفي كل مكان ولكن الآثار النفسية أشد وهذا يعني أن هناك خوف شديد بين أوساط الشعب الإندونيسي من التواجد في بعض الأماكن حاليا بعد ما حصل في بالي ثم في فندق ماريوت بجاكرتا وثانيا الآثار المتعاقبة لما حصل في دنبسبار ببالي من إضرار بالاقتصاد الإندونيسي والسياحة وكذلك قطاعات التجارة والمواصلات وهو ما يضر بالأعمال التجارية للشعب ويؤثر على مصالح الشعب الإندونيسي عموما ذي الأغلبية المسلمة.
ولذلك نحن نحاول منع حدوث أعمال إرهابية والذي نقوم به هو الأسلوب العادل للغاية لأن الإرهابيين في إندونيسيا يتكونون من عدة تجمعات كما حصل في أمبون مثلا حيث تورط المسيحيون في تدبير أعمال العنف وأنا أعرف ذلك جيدا لأنني ذهبت إلى هناك عدة مرات ورأيت التفجيرات وكان بين الضحايا مسلمون ومسيحيون أيضا والذي دبرها في الواقع من المسيحيين وكما حصل بالأمس في تفجيرات بالي التي دبرها مسلمون والضحايا من أكثر من طائفة ولذلك فإن إندونيسيا ترى أنه لا علاقة بين أعمال العنف والإرهاب ولا علاقة بين الإرهاب والعقيدة الإسلامية وتعاليم الإسلام أو المسلمين فهي أعمال إجرامية يدبرها كائن من كان من معتنقي أي دين ومن أي جنس وفي أي مكان كما حصل في دول كثيرة في العالم.
صهيب جاسم: كيف يمكن لإندونيسيا أن تضمن أن لا تعكس حربها على الإرهاب مصالح دول أجنبية خصوصا أن ذلك حصل في مناطق أخرى من خلال الضغوط الاقتصادية والإعلامية والسياسية؟
سوسيلو بامبانغ يوديونو: نعم وهذا ما يجعل إندونيسيا تحرص على القيام بدورها في الحرب ضد الإرهاب ضمن القوانين الموجودة والقرارات العادلة ونريد أن يكون التعاون ضمن الإطار الثنائي والإقليمي والعالمي بمفهومِه العام وأن يكون على أرضية مشتركة وبالطبع لا نريد ألا نجيد تعامل مع دول العالم مما قد يضر بعلاقتنا التجارية والاقتصادية والسياحية مع غيرنا ولكننا نرجو في الوقت نفسه أن لا تُقدِم الدول الأخرى على عمل انفرادي عندما يقع حدث إرهابي ما في إندونيسيا مثلا حيث تباشر دول معنية بقطع علاقتها السياحية والتجارية مع إندونيسيا فهذه استجابة سلبية بالنسبة لإندونيسيا لأن الإرهاب ظاهرة منتشرة في كل مكان وما نحتاج إليه هو التواصل والتشاور والعمل المشترك وأن لا تترك الدولة التي ترى نفسها في موقف صعب دون معونة ودون عمل مشترك من قبل الدول الأخرى.
صهيب جاسم: هناك الكثير من التساؤلات حول ما يسمى بالحرب على الإرهاب في إندونيسيا كالتضارب فيما ينشر من نتائج التحقيقات والاعتقالات المستمرة للكثيرين رغم أن العقل المدبر لما يحدث لم يُقبض عليه لحد الآن وكذا غموض الروابط الدولية بالإرهاب المحلي كل هذه نقاط غامضة؟
سوسيلو بامبانغ يوديونو: نعم في الواقع موقف الحكومة واضح في الحرب ضد الإرهاب فنحن نرجع إلى القوانين ونطبق القرارات بكل شفافية وكذلك نقوم بالإجراءات القانونية المناسبة وبمنهج مسؤول ولا نُخفي شيئا من مساعي الحكومة لمكافحة الإرهاب وأنا على وعي بأن مشاكل الإرهاب تمس مصالح المجتمع الدولي وتؤثر في الواقعين السياسي والاجتماعي وغيرهما ولكن الحكومة تركز على البعد القانوني وليس على الأبعاد الدينية والاجتماعية والسياسية ولذلك فعندما نقوم بالتحقيقات كما حصل في بالي وفندق الماريوت فإننا نعمل ضمن المجال القانوني وحاولنا أن تكون تحقيقاتنا حيادية ومستقلة على أساس ما كشف لنا الشهود والأدلة والإجراء القانوني الشفاف والمسؤول وبالمقابل نحن نمنع أي جهود لتسييس هذا الملف كما حصل بشأن المزاعم حول عمليات اعتقال نشطين وطلب إسلاميين من المعاهد الإسلامية التي قيل إن الشرطة قامت بها بأسلوب غير قانوني وكذلك الشكوك حول ارتباط بعض المنتمين لعدد من هذه المعاهد بأنشطة إرهابية، فنحن نرفض هذه المزاعم ونحن نؤكد أن إجراءات الشرطة ظلت في إطار الأدلة والمعلومات المتوفرة لدينا وفي الحقيقة يمكن لأفراد المجتمع أن يحتجوا إذا اتخذت الحكومة أو إذا اتخذت الشرطة أي خطوة غير مقبولة أو زائدة ونحن نُذكِّر بأن جهودنا هي جهود في إطار القانون وعلى أي حال فنحن مسؤولون عن أمن البلاد نحن مسؤولون عن أمن البلاد بما في ذلك التحقيق في تورط أجانب في إندونيسيا كبعض الماليزيين الذين سنسعى لمحاكمتهم قضائيا، باختصار إن مكافحة الإرهاب يجب أن تتم بفرض القوانين ولكن مكافحة الإرهاب تتم بفرض القوانين ولكن لحساسية الموضوع المؤثِر على الشارع فإن علينا أن نتخذ خطوات حازمة وأن نتخذ خطوات هادفة غير متجاوزة للقانون.
صهيب جاسم: المجتمع الإندونيسي يتساءل عن تأثير الإعلام الأجنبي على قرارات الحكومة فمثلا التحقيق مع حنبلي وعمر الفاروق المعتقلان من قبل الأميركان لو حققت إندونيسيا معهما فستتضح الكثير من التساؤلات كما يقول بعض الإندونيسيين بأن الإعلام الأجنبي يتبنى أقولهما المنشورة بدون نقاش؟
سوسيلو بامبانغ يوديونو: سأتحدث عن حالتين مهمتين الحالة الأولى هي حالة عمر الفاروق والثانية حالة حمبلي، بالنسبة لعمر الفاروق كانت إندونيسيا قد استخدمت سلطتها وحقها بالتحقيق معه وابتداءً لم تكن لدينا الفرصة للقيام بهذا التحقيق ولكننا فقط تسلمنا معلومات استخباراتيه من إحدى الدول وقلنا بأن هذه المعلومات ستكون مرجعا فقط ونفضل الاعتماد على نتائج التحقيقات التي قمنا بها ولذلك قلت بأنه من اللازم أن تحقق إندونيسيا مع عمر الفاروق مباشرة وبعد تفاوض ناجح حصلنا على ذلك والحمد لله وكذلك بالنسبة لحمبلي فنحن نأمل من الإدارة الأميركية أن توفر فرصة للمحققين الإندونيسيين لمقابلة حمبلي، نحن نريد أن نقابله وجها لوجه لأن حمبلي تورط في الكثير من أعمال الإرهاب ونريد أن نعرف ما الذي قام به وما الذي كان يخطط للقيام به في المستقبل ولكن لم توفر أميركا هذه الفرصة لنا حتى الآن غير أن إندونيسيا ستستمر في المطالبة بذلك لمصلحة إندونيسيا ولمصلحة منطقة آسيان.
صهيب جاسم: من خلال تحليلاتكم ككبير للوزراء للشؤون الأمنية والسياسية هل تعتقد أن ما يسمى بالجماعة الإسلامية هي الطرف الوحيد المسؤول عن الأعمال الإرهابية أم أن هناك جهات غير ظاهرة أو أن هناك عقلا مدبرا خفيا وراء هذه الجماعة أو غيرها؟
سوسيلو بامبانغ يوديونو: على أساس نتائج التحقيقات والإجراءات القانونية أيضا حتى الآن، هناك على الأقل ثلاث مجموعات يمكن وصفها بالمنفذة لأعمال الإرهاب في إندونيسيا، الأولى هي المجموعة المرتبطة بحركة تحرير آتشيه الانفصالية التي نفذت أعمالا مختلفة في مدينتي جاكرتا وميدان وغيرهما وكان من الواضح أن المنفذين على علاقة بالمتمردين الانفصاليين وعلى الخصوص ابتداء من عام 2000 وحتى عام 2003 المنصرم والمجموعة الثانية في الحقيقة لها علاقة بخلايا الجماعة الإسلامية كما تَكَشَّف ذلك للشرطة في تحقيقاتها بتفجيري بالي والماريوت وثالثا وكما قلت آنفا فإن المتورطين بالتفجيرات في أمبون من المجتمع المسيحي المحلي تلك هي الأدلة القانونية التي نملكها عن المتورطين بالإرهاب في إندونيسيا وإذا ما كان هناك طرف رابع فإن من المنطقي أن نستمر في تحقيقاتنا الاستخباراتية المناسبة على يد الشرطة لمعرفة ذلك، فعلى الرغم من قولنا إن هناك ثلاث مجموعات فإنه من الممكن أن نجد متورطين من مجموعة أخرى أيضا لا نعرفهم.
صهيب جاسم: كيف تُقَيِّم تنسيقكم مع الدول الآسيوية أو دول آسيان خصوصا، أحيانا نرى اتفاقا بينكم وأحيانا يظهر وجود اختلاف بشأن الحرب على الإرهاب مثلا بينكم وبين سنغافورة أو بينكم وبين الفليبين؟
سوسيلو بامبانغ يوديونو: مبدئيا هناك إطار مشترك رشيد بين حكومات دول آسيان كل زعماء حكومات آسيان يرون إن علينا أن نعمل معنا بشكل جيد في حربنا على الإرهاب والمثال على ذلك العمل المشترك الذي يسير بشكل جيد بين أجهزة المخابرات والشرطة وأجهزة الهجرة في إندونيسيا وسنغافورة وبين إندونيسيا وماليزيا وبين إندونيسيا وتايلاند وبين إندونيسيا والفليبين وقد قمت بزيارات لهذه الدول بهدف التباحث والتواصل والتشاور مع نظرائي فيها وللتأكيد على توحد موقفنا بهدف إيقاف الإرهاب وإذا تكررت الأعمال الإرهابية سنلجأ للأسلوب القانوني.
صهيب جاسم: من وقت لآخر نسمع أو نشاهد في وسائل الإعلام تحذيرات من إمكانية وقوع هجمات إرهابية في إندونيسيا في وقت ما الأمر الذي يؤثر بتصوير البلد على أنه خطير، كيف تتعاملون مع هذه التحذيرات؟ ولماذا لا يتم إيصالها عبر القنوات الرسمية بدلا من إشهارها في وسائل الإعلام؟
سوسيلو بامبانغ يوديونو: طالما قلت للدول الصديقة بأن لا تتسرع في إصدار تحذيرات مضمونها أن إندونيسيا أو بالي غير آمنة وأن فترة أعياد رأس السنة أو غيرها غير آمنة مع أن الواقع أكد أن جميع المناطق ظلت آمنة في الفترة الأخيرة فيما عدها إقليم آتشيه، لأن التحذيرات الزائدة يمكن أن تؤدي إلى أثر سلبي على تعاوننا وعلى العمل الدولي المشترك لمكافحة الإرهاب وظللت أكرر مرات كثيرة أن إندونيسيا تبذل كل مساعيها ونظامنا يعمل بصورة فاعلة لمنع أي أعمال إرهابية، فإذا كان ذلك واضحا بالنسبة للدول الصديقة فليس هناك داع للتجاوز في الحكم على الوضع الأمني الإندونيسي لأننا في الواقع نعمل بجد وآمل أنه بالتفاهم والتسامح بين الدول يمكن أن يعاد تشكيل الصورة الذهنية عن إندونيسيا في الخارج.
مستقبل إندونيسيا خلال العقد القادم
صهيب جاسم: قال أكاديميان من جامعة الأندلس في مدينة بادانغ الإندونيسية أن هناك نشاطا استخباراتيا أجنبيا في إندونيسيا هل تعتقد أن هذا يؤثر على الوضع الأمني في إندونيسيا؟
سوسيلو بامبانغ يوديونو: حسنا إذا فهمنا العلاقات الخارجية لأي دولة فإن لكل حكومة مصالحها الخاصة والدول لديها ملحقيات دفاعية وسفارات ولهؤلاء على أي حال اهتمام استخباراتي بجمع أكبر قدر من المعلومات أينما كانوا وإذا نظرنا إلى البعثات الدبلوماسية الأجنبية هنا أو المحلقين الدفاعيين أو الأجانب عموما فمن الطبيعي أن بعضهم يسعى لمعرفة المزيد عن إندونيسيا، لو كان الأمر مقتصرا على ذلك فهذا طبيعي ويحصل في أي دولة ولكن لو تدخلوا بشكل كبير أو قاموا بالتحريض أو نظموا مجموعات تعمل ضد الحكومة الشرعية وقاموا بأعمال سلبية فيجب أن يتم إيقاف مثل هذه التدخلات ونظامنا القانوني سيأخذ مساره بالشكل المناسب.
صهيب جاسم: سؤالي الأخير لو نظرنا إلى مستقبل إندونيسيا بعد عشرة سنوات أو أكثر بعض المتفائلين يرون أنه سيكون لها شأن عظيم خصوصا لو قادها الزعيم المناسب خلال العقد القادم لكن آخرين يحذرون من انقسامها إلى دويلات صغيرة؟
سوسيلو بامبانغ يوديونو: لن تتفتت إندونيسيا لتتحول إلى دويلات صغيرة فذلك لن يحدث وإننا نقسم بالله سبحانه وتعالى بأننا جميعا عازمون بقوة على بذل جهودنا للحفاظ على وحدة إندونيسيا وتجاوز مشاكلها من أجل مستقبل زاهر، إنها ليست مهمة سهلة والطريق مليء بالصعاب ولكن لو وقفنا متحدين بالفعل وبالإرادة القوية والتصور الواضح والقيادة الفاعلة فإن إندونيسيا حينذاك إن شاء الله ستكون أمتن توحدا ورفاهية ولن تتفتت خلافا لقلق الكثيرين في بلادنا أو كما تتوقع ذلك أطراف أجنبية.
صهيب جاسم: مشاهدينا الكرام لم يبق إلا أن نشكركم على حسن متابعتكم وهذا صهيب جاسم يحيكم من جاكرتا واستودعكم الله.