جان لوي.. قضية الرهائن الفرنسيين السابقين في لبنان
مقدم الحلقة: | ميشال الكيك |
ضيف الحلقة: | جان لوي نورماندين/ صحفي فرنسي |
تاريخ الحلقة: | 27/08/2004 |
– عودة ملف قضية المحتجزين
– ماركياني ولعبة السياسة
– الموقف الفرنسي من العراق
ميشيل الكيك: أهلا بكم إلى هذه الحلقة الجديدة من برنامج لقاء اليوم التي نستضيف فيها الصحفي الفرنسي جان لوي نورماندين والرهينة السابق في لبنان في العامين 1986 و1987 قضية الرهائن الفرنسيين السابقين في لبنان تعود إلى واجهة الأحداث في فرنسا بعد سبعة عشر عاما بعد ما كشفت أجهزة الاستخبارات الفرنسية أن جزءا كبيرا من الفدية التي خصَّصتها الحكومة الفرنسية للخاطفين أختلس من قبل كبار الوسطاء المقربين آنذاك من رئيس الحكومة الفرنسية شيراك ومن وزير داخليته باسكوا، يبدو أن أحد هؤلاء المقربين جان شارل ماركياني أُوقف مؤخرا وأودع السجن في فرنسا فضلا عن كل المساومات السياسية التي جرت على حساب هؤلاء الرهائن، جان لوي نورماندين السؤال الأول لماذا تعود هذه القضية إلى المسرح السياسي والقضائي في فرنسا بعد كل هذه السنوات الطويلة؟
عودة ملف قضية المحتجزين
جان لوي نورماندين – صحفي ورهينة فرنسي سابق في لبنان: صحيح يبدو أن هناك تراكما للملفات التي تدين المحافظ جان شارل ماركياني ومن أهمها ملف المفاوضات المتعلقة برهائن لبنان الذين لسوء الحظ ولحسنه أتشرف بالانتماء إليهم، ليست لدي دراية بآليات السياسة ولا بطريقة عملها حتى أفسر لماذا تعود هذه القضية إلى الواجهة فجأة اليوم وبعد سبعة عشر عاما ولماذا يقبع جان شارل ماركياني حاليا في الإيقاف التحفظي، بكل بساطة كل ما يمكنني قوله هو أن القاضي خوا قام بعمل تطلب منه وقتا طويلا حتى يجمع ملفات كانت كفيلة بتقديم جان شارل ماركياني للمساءلة القانونية ووضعه رهن الإيقاف التحفظي.
ميشيل الكيك: الحكومة الفرنسية نفت باستمرار أنها دفعت فدية لإطلاق سراح الرهائن في لبنان وفجأة يتم الكشف عن وجود هكذا نوع من الفدية وأوقف الوسيط ماركياني بتهمة اختلاس المبالغ ما رأيكم بذلك؟
جان لوي نورماندين: أنتم من يستعمل كلمة فدية، الحديث متعلق بمبلغ مالي ما أودع يمنة ويسرة خاصة بسويسرا لدي رأي في هذا الموضوع فبدرجة أولى هذا الموضوع يهمني باعتباري مواطنا فرنسيا أمضى اثني عشرة شهرا سجينا ومقيدا في قبو في لبنان حقيقة لست أدري، لست أدري ما إذا كان إطلاق سراحي قد تم بمقابل مادي لست أدري أيضا كم أساوي وحتى ولو فرغنا أن فدية ما قد دُفعت فهذا الموضوع قلما يعنيني، ما يعنيني حقيقة وما يعني عائلتي وما يعني نظرة جملة الفرنسيين لقضية كهذه هي نتيجة المفاوضات ما حدث مطمئن أعني بذلك أن الفرنسيين كانوا أول من خرج من سجون لبنان فالقضية التي تهمنا من الواجب أن نعلم أنه تم إعدام السوفييت في وقت مضى بين عامي 1986 و1987 الأميركيون بقوا محتجزين في لبنان سبع سنوات.
ميشيل الكيك: حتى أن البريطانيين فشلوا في مفاوضاتهم والمبعوث البريطاني تري وايت الذي أرسل للتفاوض خطف وقتل هو أيضا، لماذا أثر الخاطفون الفرنسيين وحبذوهم على الآخرين وأنا لم أستعمل كلمة فدية فالاستخبارات الفرنسية هي نفسها أقرت بوجود فدية دفعت للخاطفين.
” من الطبيعي والبديهي أن يكون المال حاضرا في أي عملية تفاوضية تهدف إلى تحرير الرهائن فالعالم الذي نعيش فيه يقوم بالأساس على المادة ” |
جان لوي نورماندين: بالتأكيد، الفدية أمر جائز بصراحة تامة ومن وجهة نظري وانطلاقا من وضعي كضحية هذا الوضع الذي لا أرغب في الإطناب في الحديث عنه، ليست لدي أية دراية بهذا الموضوع لأنني لم أكن بتاتا على علم بكل ما يجري في كواليس الحياة السياسية آنذاك، هل تعلمون أنني في فترة خروجي من بيروت لم أكن على علم بحادثة تشرنوبيل وأيضا لم أكن على علم بوفاة الفكاهي الفرنسي الشهير جدا آنذاك الملقب بكوليش، خلال مكوثي سجينا عشت في عتمة إعلامية عشت فيما يشبه الحفرة السوداء فكيف لي أن أعلم حتى وإن كان الموضوع يهمني بدرجة أولى ما إذا كانت فدية ما قد دفعت لتخليص الرهائن، لست أعطي عن نفسي صورة سليم النية ولكن يبدو لي طبيعيا وبديهيا في أية عملية تفاوض أن تكون مسألة المال حاضرة نحن نعيش في عالم مادي بالأساس أستغرب للذين يذهب في اعتقادهم أن كل شيء يتم من دون مال حتى وإن شدَّد الموقف الرسمي على إنكار وجود فدية في أية مفاوضات بهدف إطلاق سراح الرهائن، للدولة أسبابها وأنا لدي القدرة على فهم أي تكتم تنتهجه الدول في ظروف مماثلة من الممكن أن أذهب بعيدا جدا بحثا عن الحقيقة وأن أصورها ولكن لدي القدرة أيضا على تفهم أنه قد يتعذر أحيانا قول هذه الحقيقة.
ميشيل الكيك: مَن كان وراء عملية الخطف؟ البعض تحدث آنذاك عن مسؤولية منظمات عدة على غرار منظمة العدالة الثورية وحزب الله فهل لديكم فكرة واضحة عن هوية الخاطفين؟
جان لوي نورماندين: رسميا الخاطفون ينتمون إلى منظمة العدالة الثورية هذه العبارة لا تعني شيئا بالنسبة لي.
ميشيل الكيك: وهناك مَن تحدث عن منظمة الجهاد الإسلامي.
جان لوي نورماندين: ربما قد يكون الجهاد الإسلامي وراء ذلك أو قد تعود مسؤولية ما حدث إلى فوج عسكري ما، لم أعلم بالانتماءات المحتملة للخاطفين إلا عند خروجي من السجن ولكن قبل ذلك لم تكن لدي أية دراية بذلك الخاطفون كانوا ملثمين ولم تكن لدي أية اتصالات معهم لقد حاولت التقرب منهم والتحدث إليهم بهدف التحصَّل على بعض المعلومات لم يكن لدي خيار آخر فمحاولتي للتواصل معهم كانت الخيط الرفيع الذي جعلني أتشبث بالحياة لكني لم أفلح في ذلك لم أرى أي وجه من وجوه الخاطفين ومحادثاتي معهم كانت قصيرة جدا.
ميشيل الكيك: حقيقة ما أريد أن أعرفه هو هل أثارت هذه المساومة السياسية التي جرت لإطلاق سراحكم صدمة لديكم؟
جان لوي نورماندين: بالطبع بالتأكيد.
ميشيل الكيك: خصوصا وأن هذه القضية كانت محل تنافس بين الكتلة اليمينية الممثلة آنذاك برئيس الحكومة شيراك من جهة والكتلة اليسارية الممثلة برئيس الجمهورية ميتران من جهة أخرى، فللطرفين كان هناك مبعوثون خاصون للتفاوض وجرى الحديث يومها عن ضرورة تأخير إطلاق سراح الرهائن بدعوة أن شيراك الذي سيعتلي كرسي الحكم قد يدفع فدية أكبر أو يقدم تنازلات أكبر فلقد كنتم كرهائن آنذاك أشبه بمزاد علني، من منطلق إنساني هل تسير هذه المساومة الصدمة لديكم؟
جان لوي نورماندين: ما يصدمني هو خطف الناس ووضعهم كرهائن هذا هو..
ميشيل الكيك: هذا أمر لا شك فيه.
جان لوي نورماندين: تتحدثون عن المستوى الإنساني..
ميشيل الكيك: نعم لكنني أعني استغلال المحنة الإنسانية لمصلحة سياسية.
جان لوي نورماندين: سؤالك جيد جدا وعلى صلة وثيقة بالموضوع توجد حقيقة مفارقة في هذه القضية..
ميشيل الكيك: بداية إنني آسف لتذكيركم بالماضي الأليم وأشكركم على شهادتكم لأن زملاءكم الرهائن السابقين أثروا الصمت وعدم الحديث عن هذه المرحلة، شكرا على شهادتكم لهذه الأيام القاسية التي عشتموها.
جان لوي نورماندين: لا شكر على واجب هذا أمر طبيعي أقوم به من أجل التاريخ وغاية أخرى كثيرة، حتى أعود إلى سؤالك لدي وجهة نظر مغايرة بخصوص المساومة التي حدثت وجهة النظر هذه تعود إلى كوني واقعيا بتعبير أفصح إذا كانت المساومة والتنافس بين الكتلتين اليمينية من جهة والتي يمثلها شيراك آنذاك والكتلة اليسارية من جهة أخرى بقيادة ميتران يخدمان صالح الرهائن كما هو الحال في هذه القضية ويدفعان إلى إطلاق سراح الرهائن فأنا أبارك، ذلك قبولي بذلك لا يعني البتة أنني أرى فيه مسلكا جميلا فليس جميلا أن تستغل المحنة الإنسانية في خدمة أغراض سياسية ولكن على حد علمي فإن الرهائن الفرنسيين هم أول من تم إطلاق سراحهم لقد بقينا أقل وقتا بكثير من الآخرين رهائن في لبنان هل أن ما حدث هو نتيجة لهذا السباق السياسي اليميني واليساري أو نتيجة لألاعيب سياسية شاذة لكسب الرهان حقيقة لست أدري مَن يمكنه تأكيد ذلك أو نفيه أترك الأمر للتاريخ فربما قد يقدم إجابات شافية عن كل هذه التساؤلات كل ما يهمني اليوم هي النتيجة النهائية لما حدث لقد نجونا جميعنا وكنا أول من يخرج من هناك أحياء يرزقون، لنفرض الآن أن مهمة المفاوضات كانت قد أوكلت لكتلة سياسية واحدة يمينية كانت أو يسارية هل كانت لتحقق نجاحا مماثل؟ا حقيقة لست أدري من هنا تأتي المفارقة الإنسانية السياسية إذا أمكن للإنسان عن طريق ألاعيب سياسية يحق للجميع أن يدينها أن ينقذ حياة آخرين كتب لنا أن نخرج أحياء وفي صحة جيدة من سجننا، النتيجة تتوافق تماما مع ما أنتظره أحبذ ما حدث بالطريقة التي حدث بها على النسيان أو الموت كل الافتراضات المتعلقة بمصيرنا كانت حاضرة في أذهان الجميع وخاصة في أذهاننا نحن الرهائن.
ميشيل الكيك: أعود إلى السؤال الرئيسي لماذا في هذا الوقت الحالي بالذات تعود هذه القضية بالذات إلى واجهة الأحداث ومَن هو المستهدف حاليا في فرنسا هل هو اليمين الممثل في شخص شيراك أم هو مَن؟
جان لوي نورماندين: من المؤكد حسب تصوري أن الهدف من ذلك هو الإطاحة برأس ماركياني وأصدقائه الذين مولوه لست خبيرا في السياسة ونظرتي للأمور شخصية أنتم تدعونني لقراءة الأحداث لا من وجهة نظر الصحف بل من وجهة نظر المواطن، من وجهة نظر الصحفي لن أطَّرد في الحديث فليست لدي معلومات عينية شافية تمكنني من التعبير عن موقفي إذاً لماذا يريد البعض الإطاحة بماركياني ولما تعود هذه القضية فجأة بقوة اليوم أجيب على هذا السؤال بقولي إنها لعبة الديمقراطية لا غير.
[فاصل إعلاني]
ماركياني ولعبة السياسة
ميشيل الكيك: ما يحدث الآن هو بسبب سقوط الحصانة الدبلوماسية عن ماركياني عقب هزيمته في الانتخابات الأوروبية الأخيرة وهناك رؤوس كبيرة في الحزب اليميني الفرنسي مستهدفه ذلك أن كل الأوساط السياسية آنذاك أنكرت وجود فدية ما، هل الحديث عن مبلغ مالي هو أمر يمكن إثباته اليوم؟
جان لوي نورماندين: لمدة سنوات طويلة لم تكن الأحزاب السياسية في فرنسا تحتكم على تمويل علني ومن الطبيعي أن تضمن هذه الأحزاب بقائها على الساحة السياسية، إنها الديمقراطية هذه الأحزاب كانت تعيش على تمويلات خفية أدانها البعض الرئيس السابق للحزب الاشتراكي إيمانويلي تمت تبرئة ساحته مؤخرا في قضية متعلقة بتمويل غير شرعي محتمل لحزبه أنا أجهل تصرفات ماركياني في مجالات أخرى لكن الطريقة التي عالج بها أحداث لبنان تبدو لي جيدة جدا حتى وإن افترضنا أن مسألة الفدية أمر جائز، أنا أعرف ماركياني شخصيا طريقة مستوى عيش الإنسان يعكسان أشياء كثيرة من خلال ذلك أريد القول أن ماركياني لا يمتلك يختا بطول ثلاثين مترا في موناكوا مثلا فهو يعيش برجوازية متواضعة في الحي الباريسي السابع لا أدعي أنه فقير ولكن لا يمكن اعتباره ثريا..
ميشيل الكيك: انطلاقا من وضعكم كرهينة سابق هل تعتقدون أن هناك تلاعب سياسيا واستهدافا مقصودا لليمين الفرنسي؟
” فرنسا من خلال إرادة وتصميم شخصياتها السياسية وحسن تصرفها تكللت جهودها في المفاوضات بالنجاح وتم الإفراج عن الرهائن الفرنسيين في لبنان ” |
جان لوي نورماندين: نعم نحن الآن أمام تصفية حسابات بالتأكيد هذا الموضوع يثير جم غضبي ففي فرنسا توجد قضايا عدة لا أحد يتولاها أو يرغب بتحمل مسؤوليتها، حتى أعود إلى الشخص الذي بشأنه نجتمع اليوم لقد سمعت أشياء كثيرة عن ماركياني لقد سمعت أقاويل معناها أن الجمهورية ليست في حاجة إلى شخص مثل ماركياني لقد سمعت هذا الأشخاص الذين قالوا ذلك يعيشون في درجة غير عادية من السذاجة والبراءة ما الذي تعنيه هذه الأقاويل هل تعني مثلا أن على الجمهورية أن تدافع عن كيانها بقفزات بيضاء لا يشوبها شيء، من الخطير جدا أن يتبنى هؤلاء طريقة التفكير هذه وأن يرددوا هذه الأقاويل نحن بحاجة أيضا إلى أشخاص يعملون في الخفاء نحن بحاجة ماسة إلى أشخاص على غرار ماركياني أشخاص يعملون حتى وإن كان دورهم شاقا وجاحدا كل الدلائل تشير إلى ذلك ماركياني جُرد من شرف نجاح مسعاه لو كان ماركياني أميركيا لتمت توسيمته ومكافئته بمبلغ ما من المال لو كان بريطانيا لوسمته الملكة للأسف ماركياني فرنسي ومكانه هو السجن أتحدث بصفتي رهينة أطلق سراحها.
ميشيل الكيك: هل تعتقدون أنه كان وسيطا ناجحا في المفاوضات أم أن التطورات الحالية قد تلقي بعض الضوء عن مسلك غير مشرف كان قد انتهكه هذا الوسيط بهدف تحقيق أرباح شخصية بالإضافة إلى الحديث عن وجود رجل أعمال لبناني قام بتوزيع مغلفات مبالغ نقدية كبيرة على مقربين من مسؤولين كبار في اليمين الفرنسي؟
جان لوي نورماندين: أنا واقعي جدا ما أراه هو أن جان شارل ماركياني أطلق سراحنا..
ميشيل الكيك: هل لديكم معلومات بأنه استفاد شخصيا على حسابكم؟
جان لوي نورماندين: لدي نفس المعلومات التي لديكم أطلق سراح الرهائن المحتجزين في لبنان بفضل ماركياني إطلاق سراح الطيارين الفرنسيين في البوسنة تم أيضا بفضل ماركياني كل مهماته كللت بالنجاح لا يمكنني أن أصدر أحكاما بخصوص سيرة ماركياني وسلوكه أو حتى بخصوص سيرة أصدقائه وسلوكهم لا يمكنني ذلك كل ما أعرفه وشاهدته صرحت به بمعنى أن ماركياني لا يعيش كملياردير هو فقط شخص كُللت مساعيه في المفاوضات بالنجاح، هل هو مفاوض جيد الجواب نعم هل احتفظ بجزء من المال المخصص للفدية الجواب لست أدري.
ميشيل الكيك: العدالة الفرنسية هي التي إذن ستحسم هل لديكم ثقة في هذه العدالة؟
جان لوي نورماندين: بالتأكيد بدون شك.
ميشيل الكيك: لدي سؤال أخر وأرجو إجابتي عليه انطلاقا من كونكم صحفيا وليس كرهينة سابقة بما أن هذه الزوبعة السياسية تستهدف جليا اليوم الكتلة اليمينية بصفة عامة، هل تعتقدون أنه سيأتي اليومي وتماما على غرار ما حدث لماركياني سيأتي اليوم الذي ستطال فيه هذه الزوبعة الرئيس شيراك هو الأخر حين يفقد حصانته ويترك كرسي الرئاسة؟
جان لوي نورماندين: هذه الزوبعة ستطال رؤوسا أخرى كثيرة قبل شيراك شارل باسكوا مثلا وبعدها يأتي دور أعضاء من الحكومة السابقة ومن بينهم شيراك حتما، بهذا الصدد نحن أمام ظرف سياسي يميني ويساري دقيق مرتبط بآجال انتخابية محددة برأيي أن هناك ملفات عديدة ومتنوعة ستثقل كاهل جاك شيراك آجلا مثله مثل شخصيات سياسية أخرى تنتمي للكتلة اليمينية المصير هو نفسه أيضا بالنسبة لأشخاص ينتمون إلى الكتلة اليسارية فهذه هي لعبة السياسة وهذه هي لعبة الديمقراطية.
ميشيل الكيك: نعود إلى موضوع المفاوضات ما هو السبب الذي جعل الفرنسيين ينجحون حيث فشل الآخرون من أمثال المفاوض البريطاني تري وايت مثلا الذي خُطف وقتل لماذا لم ينجح الإنجليز حيث نجح الفرنسيون برأيكم؟
جان لوي نورماندين: بكل صراحة الجواب الذي يأتي إلى ذهني بدرجة أولى هو أن المفوض الإنجليزي وايت فشل في مسعاه وقد يعود نجاح ماركياني على عكسه إلى حنكة ما وحسن تصرف بكل بساطة هذا ما يُطلق عليه حُسن التصرف..
ميشيل الكيك: حُسن تصرف فرنسي أو تنازلات فرنسية قدمت لصالح إيران؟
جان لوي نورماندين: نعم أنا أفهم ذلك أفهم ما تقصدونه هذا أمر جائز.
ميشيل الكيك: نعم حسنا.
جان لوي نورماندين: هذا أمر محتمل فالمسائل المتنازعة بشأنها كثيرة.
ميشيل الكيك: أتحدث عن تنازلات فرنسية لإطلاق مؤيدين لإيران في فرنسا؟
جان لوي نورماندين: أنا على علم بحكاية أنيس نقاش فهناك عوامل كثيرة في الميزان.
ميشيل الكيك: وكانت هناك اعتداءات في المترو في فرنسا أرغمت الفرنسيين ربما على التنازل؟
جان لوي نورماندين: في الوقت الذي حدثت فيه هذه الاعتداءات كنت أنا في لبنان وتزامن إطلاق سراحي وعودتي إلى باريس مع إطلاق سراح أنيس نقاش الذي عاد آنذاك إلى إيران، هل ما حدث هو محض صدفة هل في ذلك تطابق زمني عفوي؟ لست أدري أنا مثلك تماما لدي الرغبة في معرفة ما حدث وكيف حدث مشكلتي أنني لا أملك البعد الصحفي اللازم حتى أبدي رأيي فيما رافق تلك الفترة من أحداث.
ميشيل الكيك: هل يريحكم أن فرنسا اهتمت حتى عن طريق تقديم التنازلات بمصير رعاياها ولم تضحي بهم؟
جان لوي نورماندين: سؤال جيد ويثلج صدري فعلا فرنسا من خلال إرادة وتصميم شخصيات سياسية عدة وحسن تصرف ماركياني فرجت كربة المحتجزين، هذا تصرف يذكر فيشكر أما بخصوص التنازلات فأنا أرى أنه لابد من التفاوض مع الناس والتحدث إليهم التحدث إليهم يعني أنك تأخذهم بعين الاعتبار مأخذ جد وتحاول فهمهم والتواصل معهم هذا أمر هام عنف الإسلاميين يقيم الدليل على وجود خلل ما هذا العنف هو أشبه أيضا بصرخة استغاثة وقد يعبر عن ألم ما أو عن حالة حرب نحن في حرب فعلا والحرب لا تمنع أن يتحدث العدو لعدوه وأن يحترم الطرفان المتنازعان بعضهم البعض ويحاولا التعايش سوية، أظن أن عدم تجاهل فرنسا لخصومها هو أمر مُشرف جدا وفيه حتما عزتها وفخارها.
الموقف الفرنسي من العراق
ميشيل الكيك: ولهذا السبب تعتقدون أن فرنسا تبتعد اليوم عن كل ما يحدث حاليا في العراق أو على الساحة الدولية أيضا وهل هذا هو خيارها السياسي أم أنها تُقصي نفسها عن كل هذه المشكلات وهل يصح القول بأن فرنسا لا تريد أن تعيش ثانية تجربة أليمة على غرار تلك التي عاشتها في خضم احتجاز رعاياها في لبنان؟
” دور فرنسا على الساحة الدولية في تراجع لأنها رفضت أن تشترك في الحرب ضد العراق ” |
جان لوي نورماندين: لست أنتمي إلى كتلة شيراك ولكن أقر بأن فرنسا قدمت جُملة من التنازلات وفي ذلك شجاعة كبرى منها إذ أنها بجرأة تنحت عن الخط الذي تنتهجه الولايات المتحدة وسلكت طريقا مغايرا، بإمكان فرنسا أن تتفاوض بهدف إطلاق سراح رعاياها في لبنان وبإمكانها أيضا من جهة أخرى أن تعبر عن سُخطها إزاء بعض تصرفات لبنانية تعود لتلك الفترة فرنسا قد لا تتفق مع هذه التصرفات ولكن ذلك لا يمنعها من أن تضطلع بدور متزن وعادل أمام المنهج السياسي الذي تسلكه الولايات المتحدة الأميركية، هذا لا يمنع ذاك وطنيتي عقلانية ومتزنة فأنا فطن وحذر مثل كل الفرنسيين أمام جملة المساعي الفرنسية وأمام وجهات نظر الرئيس الفرنسي موقف فرنسا إزاء ما يحدث في العراق متوافق مع نظرتي أبارك الجرأة والكرامة اللتين تعاملنا بهما مع الأميركيين وحلفائهم بخصوص ما حدث ويحدث الآن في العراق.
ميشيل الكيك: سؤالي الأخير متداول حاليا لدى الكثيرين في فرنسا وخارجها ويتعلق بدور فرنسا على الساحة الدولية نتيجة كل ما جرى ويجري سواء في العراق أو على الساحة الإقليمية، هل ما تزال فرنسا موجودة بقوة على مسرح الأحداث أم أننا نشهد حاليا تراجعا للدور الفرنسي على الساحة العالمية؟
جان لوي نورماندين: إذا كان البقاء خارج النظام البريطاني الأميركي فيما يخص مسألة العراق يعتبر نوعا من التراجع فأنا موافق وأبارك ذلك فرنسا في تراجع لأنها رفضت أن تشترك في الحرب ضد العراق أمران لا ثالث لهما إما أن نختار العيش سوية ونتعاون ونتفاوض أو يُعلن بعضنا على بعض الحرب وفي ذلك مهزلة كبرى.
ميشيل الكك: شكرا كثيرا لك سيد جان لوي نورماندين ولا يسعنا في ختام هذه الحلقة إلا أن نشكر مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة وإلى اللقاء.