لقاء اليوم

تشل ماغنابوندفيك.. الوضع في العراق وفلسطين

ما موقف الحكومة النرويجية من الوضع في العراق وفلسطين؟ هل تلعب دورا فاعلا في تقريب المواقف بين الحكومتين الفلسطينية والإسرائيلية لإخراج مفاوضات السلام من النفق؟ ما طبيعة النظام الذي تقترحه النرويج لمراقبة من تنعتها بالجماعات الإرهابية عبر العالم؟

مقدم الحلقة:

عبد الرحيم فقراء

ضيف الحلقة:

تشل ماغنا بوندفيك: رئيس وزراء النرويج

تاريخ الحلقة:

04/10/2003

– أسباب تنظيم النرويج لمؤتمر عن الإرهاب
– أسباب تفاقم ظاهرة الإرهاب

– وجهة النظر النرويجية في العنف المتبادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين


undefined

عبد الرحيم فقراء: مشاهدينا في كل مكان، أهلاً بكم إلى حلقة جديدة من برنامج (لقاء اليوم)، وفيه نستضيف تشل ماغنابوندفيك (رئيس وزراء النرويج) الذي نظمت حكومته مؤتمراً عن الإرهاب على هامش أعمال الجمعية العامة.

السيد الوزير، شكراً على هذه المقابلة مع (الجزيرة).

أسباب تنظيم النرويج لمؤتمر حول الإرهاب

أول سؤال لدي يتعلق بالأسباب وراء قيام النرويج بتنظيم هذا المؤتمر، علماً بأن الإرهاب لم يمسها كما مس دولا أخرى في العالم؟

تشل ماغنابوندفيك: النرويج تريد أن تساهم في الحرب ضد الإرهاب رغم أننا لسنا مهددين بشكل مباشر، لكننا تلقينا تهديدات في رسالة من القاعدة منذ عدة أشهر، وأنا مقتنع أنه علاوة على مجموعة من الإجراءات العملية التي يجب اتخاذها في المجالات العسكرية والسياسية والقانونية والمالية ينبغي علينا كذلك أن نحلل الأسباب الرئيسية للإرهاب من أجل جعل الحرب ضده أكثر فعالية، وهذه هي الفكرة الأساسية وراء هذا المؤتمر، ولدي انطباع أنه نجح بشكل كبير حيث حضر المناقشات ضحايا نجوا من عمليات إرهابية، وهذا ما جعل النقاش أكثر واقعية وحضر كذلك خبراء سياسيون كبار من حوالي عشرين بلداً، وأعتقد أنهم عملوا على تجديد التزامهم بمحاربة الإرهاب.

إعلان

عبد الرحيم فقراء: الحكومات لا تقدم على أمر محبة فيه، وأنت تقول إن النرويج تلقت تهديداً من القاعدة، لكن هل ذلك يكفي لشرح قيام حكومتك بتنظيم هذا المؤتمر؟

تشل ماغنابوندفيك: نعم، كانت مبادرة شخصية على الأصح. لقد شاركت في رئاسة المؤتمر مع (إيلي فيسيل) الحائز على جائزة نوبل للسلام الذي ترأس معي مؤتمراً عام 90 حينما كنت وزيراً للخارجية حول تحليل ظاهرة الكراهية، وحقق ذلك نجاحاً ونريد متابعة ذلك، النرويج شاركت كوسيط في عمليات السلام مثل نزاع الشرق الأوسط وجواتيمالا، والآن في السودان وسيريلانكا، وهذه متابعة لجهودنا للمساهمة في السلم والمصالحة حيثما دعت الحاجة إلى ذلك.

وكما تعلم فالنرويج تستضيف سنوياً مراسيم تسليم جائزة نوبل للسلام، وبنفس روح جائزة نوبل للسلام أردنا أن نقوم بهذه المبادرة.

عبد الرحيم فقراء: النرويج إذن نظمت هذا المؤتمر طمعاً في احتلال مكانة دولية مرموقة.

تشل ماغنابوندفيك: الأمر ليس كذلك، ما نأمله هو المساهمة فيما يمكن أن نسميه بالثقافة المناهضة للإرهاب وليس تحقيق اعتبار للنرويج. كلا، ليس هذا على الإطلاق.

عبد الرحيم فقراء: أود أن أطرح عليك سؤالاً أو سؤالين حول السلام في الشرق الأوسط بعد قليل، لكن أنت تقول إن الإرهاب والفقر ليسا مرتبطين، إن بعض من تسميهم بالإرهابيين ينحدرون من أسر ميسورة برغم أن العديد من الناس في العالم الثالث يقولون إن الأسرة قد تكون ميسورة، لكن البلد المعني فقير.

تشل ماغنابوندفيك: هذا صحيح إلى حدٍ ما، وأعتقد أن الإرهابيين هم في أغلب الأحيان أشخاص ميسورين يستغلون فقر الناس لتحقيق أهدافهم الخاصة، لكن انظر أين يقوم الإرهابيون بأفعالهم في المناطق التي يتكاثر فيها الإرهاب، ليست بشكل كبير في إفريقيا التي هي أفقر القارات.

من جهة ثانية بما أن الإرهابيين يستغلون الفقر، أعتقد أنه من المهم محاربته، لكن أظن أن هناك عوامل أخرى مثل المظالم السياسية، وفقدان الأمن، والشعور بالإهانة، وقمع حقوق الإنسان هي أسباب مباشرة وراء الإرهاب اليوم، كذلك يوفر الاحتلال الأجنبي أرضاً خصبة لانتشار الإرهاب على سبيل المثال.

إعلان

عبد الرحيم فقراء: أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر غيرت العالم، هل تعتقد أن تعامل الولايات المتحدة مع ملف الإرهاب منذ تلك الأحداث مناسب، وهل تعتقد أنها تواجه الإرهاب على كل الأصعدة وليس على الصعيد العسكري وحسب؟

تشل ماغنابوندفيك: أولاً: أتفهم موقف الولايات المتحدة جيداً، لأن الهجمات على نيويورك وواشنطن كانت خطيرة جداً، وأعتقد أنه من الصعب على الآخرين أن يفهموا حقاً كيف غيَّر هذا طريقة التفكير وموقف الأميركيين، لديهم شعور بأنهم في حرب، حرب على الإرهاب وعليك أن تفهم ذلك، لكن أعتقد أنه إضافة إلى الإجراءات العسكرية والقانونية والمالية التي يؤكد عليها الأميركيون يجب علينا أن نناقش أكثر البيئة والأسباب الرئيسية للإرهاب، ولذلك فبإمكاننا إحداث تغييرات في الموقف الأميركي، ولكنني لست متحمساً لمناقشة الاختلافات في مواقفنا، أنا متحمس أكثر لمناقشة كيف يمكن أن نقف مع بعضنا لأننا نواجه عدواً واحداً لكل محبي الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

عبد الرحيم فقراء: هل معنى ذلك أن الولايات المتحدة التي تخوض حرباً ضد الإرهاب لن تكتمل جهودها إلا بالتعاون مع دول كالنرويج التي تدعو إلى البحث في أسباب الإرهاب وليس في مظاهره وحسب؟ هل تقوم واشنطن بما يكفي في هذا الإطار؟

تشل ماغنابوندفيك: ليس كافياً، وليس هناك من بلد يعمل بما فيه الكفاية لمحاربة الفقر، لأن العلاقة بين الفقر والإرهاب غير واضحة إن وجدت أصلاً، لكن هناك أسباباً أخرى للإرهاب أكثر وضوحاً كما أقول هي المظالم السياسية، فقدان الأمل، قمع حقوق الإنسان والإذلال، يحصل هذا في كل مكان، وعلينا.. علينا أن نحارب هذه الأسباب حتى نتمكن فعلاً من محاربة الإرهاب نفسه وبشكلٍ فعال.

عبد الرحيم فقراء: كيف تقترح أن تتعامل دول العالم مع جذور الإرهاب وأسبابه، ماذا تقترح؟

إعلان

تشل ماغنابوندفيك: أعتقد قبل كل شيء أنه يجب علينا أن نجدد التزاماتنا وننسق جهودنا أكثر مما فعلنا، ربما علينا أن نشرع في إقامة نظام لمراقبة الإرهاب والجماعات الإرهابية والبيئات خصوصاً في المناطق التي يسهل فيها على الإرهابيين الحصول على أسلحة الدمار الشامل التي تشكل خطراً حقيقياً.

إننا نعلم أن الأمم المتحدة ستدخل الآن في مسلسلٍ للإصلاحات ليس لأن المنظمة فشلت، ذلك لأنها نجحت بأوجهٍ مختلفة، بل لأننا نواجه تحديات جديدة، نواجه بصورة خاصة تحديات تطرحها أسلحة الدمار الشامل والإرهاب، وأعتقد أنه يجب علينا أن نفكر في إعادة تنظيم وإصلاح منظمة الأمم المتحدة بسبب ذلك.

[فاصل إعلاني]

أسباب تفاقم ظاهرة الإرهاب

عبد الرحيم فقراء: تحدثت عن ما تسميه بالعلاقة بين مشاعر الإحباط والمهانة والفقر من جهة والإرهاب من جهة أخرى، ما مدى تأثير هذه العوامل على نفسية الناس في الشرق الأوسط في تقييم الحكومة النرويجية؟

تشل ماغنابوندفيك: الإحباط عميق وكبير جداً بسبب فقدان الأمل في إيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي على خلفية اتفاق أوسلو، كانت هناك فترات وقف إطلاق النار بين الجانبين، لكن الوضع الآن صعبٌ جداً وخطير، وأشعر الآن أن هناك فقداناً للثقة لدى الطرفين، وأنهما لم يطبقا مبادئ خطة الطريق كما يجب، كان لديَّ لقاءٌ برئيس الوزراء (شارون) في يوليو الماضي وألححت عليه لتنفيذ الالتزامات الإسرائيلية وفق خريطة الطريق، وفعلت الشيء نفسه مع أبو مازن عندما كان رئيساً للوزراء، للأسف اضُطر للاستقالة، وهناك أسباب كثيرة وراء هذا القرار، الهجمات الإرهابية تستمر، وأعتقد أننا الآن بحاجة إلى التزام جديد من الطرفين ومن اللجنة الرباعية لاستئناف عملية السلام، والنرويج رهن إشارتهم لتقديم أي مساهمة كما فعلنا في السابق، أعتقد أن المسؤولية الأساسية هي على كاهل اللجنة الرباعية وعلى الطرفين أيضاً، وأعرف أن اللجنة ستعقد اجتماعاً حول ذلك، وآمل في أن يتمكن الطرف الفلسطيني من تنسيق جهوده ومواقفه بشكل جيد، وعلى حد علمي كانت هناك صعوبات بين أبو مازن وياسر عرفات، وآمل أن يقوم الطرف الفلسطيني بتشكيل حكومة وفقاً لخارطة الطريق، وأن يعطي الرئيس عرفات الدعم الكامل لرئيس الوزراء الجديد في مساعيه، وبدء حوار مع رئيس الوزراء شارون لكي نرى أملاً جديداً.

إعلان

عبد الرحيم فقراء: إلى أي مدى تعتقد أن هناك علاقة مباشرة بين الإحباط والمهانة في الشرق الأوسط والتفجيرات التي يقوم بها الفلسطينيون؟

تشل ماغنابوندفيك: هناك صلات بدون شك بسبب الاحتلال والإذلال، لكن ذلك ليس تبريراً للهجمات الإرهابية، لأن الإرهاب يعني كذلك قتل الأبرياء، لذلك ليس هذا هو السبيل، فإذا استعمل الفلسطينيون العنف فإن الإسرائيليين سيردون بالمثل، ما آمله هو أن يتوقف الطرفان عن استعمال العنف ويعودان إلى طاولة المفاوضات، وإدراك أن مستقبل الشعبين ليس في استعمال العنف ضد بعضهم، وأن ذلك لن يساعد على الإطلاق في إجراء حوار وإعادة بناء الثقة مجدداً بين الطرفين والبدء في مفاوضات عملية حول القضايا التي تظل عالقة، والتي نعلم أنها كلها صعبة كالحدود، وقضية اللاجئين، والمستوطنات، وأخيراً وليس آخراً مسألة القدس والأماكن المقدسة هناك، لقد كانوا على وشك تحقيق ذلك في (كامب ديفيد) تحت رئاسة الرئيس (بيل كلينتون)، أتمنى أن يتمكن من العودة إلى ذلك المسار.

وجهة النظر النرويجية في العنف المتبادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين

عبد الرحيم فقراء: أشرت إلى ما تعتقد أنه علاقة سببية بين العمليات التي يقوم بها الفلسطينيون والرد الإسرائيلي عليها، غير أن العديد من الفلسطينيين يعتقد أن العمليات الفلسطينية رد على الاحتلال الإسرائيلي، كيف تنظر حكومتك إلى هذه القضية؟

تشل ماغنابوندفيك: أعرف ذلك، وليس هناك من تبرير للإرهاب، لكنني أفهم أن الاحتلال غير مقبول عند الفلسطينيين، ولا أظن أننا سنجد أية حلول إذا ناقشنا الأسباب الرئيسية وراء استعمال العنف، يجب على الطرفين أن يدركا أن هذه ليست هي الطريقة على الإطلاق لتحقيق السلام لشعوبنا.

ما آمله هو أن يتمكن الفلسطينيون والإسرائيليون يوماً ما -ولديَّ أصدقاء جيدين من الطرفين- أن يتمكنوا من العيش بسلام جنباً إلى جنب داخل دولتين مستقلتين وبسلام، وهذا ما يجب أن نكافح من أجله.

إعلان

عبد الرحيم فقراء: صِفْ لنا الدور الذي تقوم به النرويج في الوقت الراهن فيما يتعلق بإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟ هل هناك خطوات معينة لإقناع الجانبين برؤية موحدة لما يجب أن تكون عليه الأمور بينهما؟

تشل ماغنابوندفيك: أولاً: لدينا اتصالات جيدة مع الطرفين، ولدي انطباع أنهم يثقون بنا الفلسطينيون والإسرائيليون معاً، هذا شرط مسبق للمساهمة في العملية.

ثانياً: نرأس لجنة التنسيق الخاصة بالمناطق الفلسطينية، وهذا مهمٌ لجمع الموارد الضرورية لتحسين الأوضاع المعيشية لعموم الفلسطينيين، سوف نساهم وسنكون رهن إشارة الطرفين من خلال هذه القنوات، لكن لا يمكننا أن نفرض أي شيء على الطرفين إلا إذا طلبوا هم ذلك، وسيكون ذلك مفيداً، ولذلك أعتقد أنه في الوقت الحالي المسؤولية تقع بالإضافة إلى الطرفين على اللجنة الرباعية، وعليه أتمنى أن يعززوا تعهدهم ويجددوا التزاماتهم، خصوصاً الولايات المتحدة، فبدون تعهد كامل من الولايات المتحدة والرئيس (بوش) سيكون ذلك صعباً، لأنهم يستطيعون أكثر من أي أحد ممارسة الضغوط اللازمة على الطرفين، وكذلك على إسرائيل.

عبد الرحيم فقراء: العمليات التي تقوم بها حركات حماس والجهاد الإسلامي وكتائب الأقصى، هل تضع حكومتك تلك العمليات بنفس الكفة التي تضع فيها الهجمات على مركز التجارة العالمي قبل عامين؟

تشمل ماغنابوندفيك: نعم، مبدئياً لأن هذه أعمال إرهابية تستهدف أبرياء، لا نستطيع تبرير ذلك مهما كانت الحجج، وهناك التزام من السلطة الفلسطينية بوقف الإرهاب، وهذا كذلك وفق خريطة الطريق، لقد قبلوا ذلك مبدئياً، لذلك لا يزال من الضروري السيطرة على هذه الجماعات وتجريدها من السلاح مع بقية الإرهابيين، ومن جهة ثانية على الإسرائيليين أن يفوا بالتزاماتهم الخاصة بخريطة الطريق من خلال الانسحاب من الأراضي المحتلة وتجميد إقامة المستوطنات، يجب القيام بذلك بالتوازي، لأنهم إذا قالوا عليك أن تفعل هذا أولاً قبل أن أفعل أي شيء، لا شيء سيحصل.

إعلان

عبد الرحيم الفقراء: الرئيس الباكستاني (برفيز مشرف) قال: إن الإرهاب ليس دائماً من صنيع الجماعات المسلحة وحدها، بل إن الدول قد ترتكبه أحياناً، إلى أي مدى توافق على ذلك؟

تشل ماغنابوندفيك: أتفق مع ذلك مبدئياً ومن حيث المبدأ فالأمر متشابه إذا كان المسؤول عن الإرهاب هو فرد أو مجموعة أو منظمة أو دولة مهما يكن مرتكبه فهو مرفوض.

عبد الرحيم فقراء: الرئيس مشرف اتهم إسرائيل والهند تحديداً بالإرهاب، هل توافقه على ذلك الوصف؟

تشل ماغنابوندفيك: أقول مبدئياً أي بلد يقوم به فهو مرفوض.

عبد الرحيم فقراء:Mr. Prime minister, thank you very much

تشل ماغنابوندفيك: Thank you very much

عبد الرحيم فقراء: وبه ننهي هذه الحلقة من (لقاء اليوم)، وإلى لقاء آخر.

المصدر : الجزيرة