
ملف تأسيس دولة إسرائيل ج5
– بين التقسيم والدولة المشتركة لليهود والفلسطينيين
– الاتحاد السوفياتي والدبلوماسية الغربية
– فرنسا وموقفها من تقسيم فلسطين
– قرار تقسيم فلسطين والحرب بين العرب واليهود
إن الانتصارات الأخيرة هي إحدى المقدمات لأهداف إسرائيل البعيدة، فاستعدوا للوصول إلى الهدف النهائي في بناء الدولة اليهودية وجلب يهود العالم جميعا.. ديفد بنغوريون.
[تعليق صوتي]
اصطدمت الأحلام العربية بالمصالح الدولية ومخاض الاستقلال بمخاض تأسيس الدولة اليهودية على أرض الميعاد المزعومة وسط بدايات تشكل الحرب البادرة التي ستسود لسنوات طويلة مقبلة لتغلف هذا الصراع الطويل حول الأرض والحقوق. بعد سنوات من التقارب بين القطب الصاعد المعتز بقوته وتفوقه الاتحاد السوفييتي والأقلية الشارية المثخنة بالجراح إثر الحرب التي سحقت العالم بين روحاها الوكالة اليهودية صارت الأطراف كلها متوافقة على الارتباط ولم يبق سوى إتمام المراسم. في تلك الزيارة للأرشيف السوفييتي حصلنا على الوثيقة التي تقدم الموقف الأقوى تجاه القضية الفلسطينية والذي صدر رسميا على لسان غوروميكو في مقر الأمم المتحدة بتاريخ السادس والعشرين من نوفمبر عام 1947 والذي قال فيه لقد أشارت الحكومة السوفييتية لدى مناقشة موضوع مستقبل فلسطين في الدورة الخاصة للجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة إلى صيغتين مقبولتين لمعالجة هذه القضية؛ الصيغة الأولى تأسيس دولة ديمقراطية موحدة عربية يهودية يتمتع فيها العرب واليهود بحقوق متكافئة، فإذا ما بدت هذه الصيغة غير مقبولة بحكم أن العرب واليهود يعلنون أنهم لا يمكن أن يعيشوا معا بسبب تدهور العلاقات بينهم فإن الحكومة السوفييتية أشارت عبر وفدها في الجمعية العامة إلى الصيغة الثانية تقسيم فلسطين إلى دولتين ديمقراطيتين منفصلتين عربية ويهودية.
بين التقسيم والدولة المشتركة لليهود والفلسطينيين
نعيم الأشهب- الحزب الشيوعي الفلسطيني: معروف إنه التقسيم كان أحد شروطه إنه يظل وحدة اقتصادية بين الدولتين والقدس دولة بالتالي كان من الممكن ما بأقولش إنه يعني بالضرورة كان من الممكن إنه تعود دولة ديمقراطية ويتحقق لكن القوى المعادية الصهيونية العالمية والإمبريالية بفصائلها المختلفة وبخاصة الأميركية بعد الحرب العالمية طبيعة الحال كانت أقوى مننا وبالتالي مع الأسف هدفنا فشل أن يتحقق لا دولة ديمقراطية ولا حتى التقسيم.
يوري أفنييري- مفكر وناشط سلام: في اللحظة الأولى التي فتح به غوروميكو فمه عارض الحزب الشيوعي كليا الدولة اليهودية، التغيير في موقف غوروميكو كان مفاجئ إلى حدٍ كبير، بحيث أن أحدا لم يتوقعه وقد جاء لأن ستالين رغب باعتبار استراتيجيا بحت إذ أن المصلحة السوفييتية هي استخدام أبناء اليهود لطرد البريطانيين من البلاد.
كريس دويل- جامعة ورويك: أنا متأكد من أن هناك محللين كثر في الاتحاد السوفييتي وأميركا وبريطانيا ربما توصلوا إلى حقيقة أن إقامة دولة واحدة أمر غير قابل للتطبيق، لا أظن أن هذا كان تفكير خيالي رائع بالنظر إلى ثورة العرب عام 1936 والاعتداءات التي قامت بها عصابات الهاجانا وشتيرن ضد الانتداب البريطاني وكان واضح أنه من الصعوبة بمكان المصالحة بين القومية اليهودية والقومية العربية الفلسطينية لذلك لا أعتقد أن التفكير السوفييتي كان مخطأ بهذا الخصوص.
[تعليق صوتي]
تشير الوثيقة التي تحمل نص كلمة غوروميكو أمام الجمعية العامة إلى ارتدائه للعباءة اليهودية في ذلك الخطاب استدرارا للتعاطف الدولي خاصة حين يقول يشير مندوب الدول العربية إلى أن تقسيم فلسطين يعد إجحافا تاريخيا لكن لا يجوز الموافقة على وجهة النظر هذه وله انطلاقا من أن الشعب اليهودي كان يرتبط بفلسطين على امتداد حقبة تاريخية طويلة على وعلى ذلك نحن لا يمكن أن نغفل وقد أشار الوفد السوفييتي إلى ذلك في الدورة الخاصة للجمعية العامة الوضع الذي أضحى فيه الشعب اليهودي نتيجة للحرب العالمية الأخيرة ولن أكرر هنا ما قاله الوفد السوفييتي بهذا الخصوص في الدورة الخاصة للجمعية العامة وليس من نافي للقول التذكير هنا مرة أخرى بأن اليهود كشعب عانوا من الحرب التي أشعلت نيرانها ألمانيا الهتلرية أكثر من أي شعب آخر وأنتم تعلمون أنه لم يكن يوجد في أوروبا الغربية أي دولة بوسعها الدفاع كما يجب عن مصالح الشعب اليهودي من تعسف وطغيان الهتلريين.
" |
أوليج فيتي- خبير سياسي ومختص في مسألة الصراع العربي اليهودي: أعتقد أن ستالين في موقفه بدعم هجرة اليهود إلى فلسطين أراد قتل أرنبين بحجر واحد، من جهة وضع قدم له في تلك المنطقة ومن الجهة الأخرى التخلص من أزمة اليهود لديه والذين شكلوا له حالة من الصداع.
نعيم الأشهب: هل يمكن في قومية في التاريخ في العلم شيء أسمه قومية بتعيش لمئات ومئات من السنين مبعزقين في أربعة أرجاء المعمورة وبيظلوا يشكلوا قومية؟ مفهوم أما إحنا لما يجيء لنا نصنف كل يهودي في البلاد العربية باعتباره هذا ليس من أهل البلد بهذه إحنا قبلنا المفهوم الصهيوني للمسألة وبهذا دفعناهم سواء بغباء زي ما قلت أو بتواطؤ إنهم يجيؤوا على إسرائيل.
[تعليق صوتي]
من الواضع أن غوروميكو كان يتقن خطاب اليهودية حتى على صعيد المهادنة من خلال رده على المحاولات اليائسة للدول العربية لإجهاض القرار قائلا لدى التطرق إلى الاقتراح بشأن تقسيم فلسطين أشار مندوب بعض البلدان إلى الاتحاد السوفييتي وحاولوا التشكيك بسياسة الحكومة السوفييتية وقد تحدث المندوب اللبناني عن ذلك مرتين ضمنا وكما أشرت فإن الاقتراح بشأن تقسيم فلسطين إلى دولتين مستقلتين وموقف الاتحاد السوفييتي من هذه القضية ليس موجهين ضد العرب وإن هذا القرار يتفق حسب قناعتنا الأكيدة مع المصالح القومية الجذرية لليهود والعرب على حد سواء لقد أبت شعوب الاتحاد السوفييتي ولا تزال التعاطف مع التطلعات القومية لشعوب المشرق العربي ويتفهم الاتحاد السوفييتي ويتعاطف مع محاولات هذه الشعوب للتحرر من آخر قيود التبعية الاستعمارية ولهذا فإننا لا نطابق التصريحات الخرقاء لبعض ممثلي الدول العربية بصدد السياسة الخارجية للاتحاد السوفييتي لدى بحث قضية مستقبل فلسطين مع المصالح القومية الحيوية للعرب ونحن نفرق بين مثل هذه التصريحات الصادرة كما يبدو تحت تأثير اللحظة الآنية والمصالح الجذرية للشعب العربي والوفد السوفييتي واثق من أن العرب والبلدان العربية سيتطلعون أكثر من مرة نحو موسكو بانتظار مساعدة الاتحاد السوفييتي في النضال من أجل مصالحهم الجذرية في محاولتهم للتخلص من بقايا التبعية الأجنبية.
ليونييد جوخوفيتسكي- كاتب ومؤرخ: كان ستالين مجرماً بطبعه وبرجماتياً بطبعته، في ذلك الوقت حين كان من مصلحته تأسيس إسرائيل في فلسطين كان بالفعل مستعداً لمساندة الصهيونية وحين لم يعد الأمر يخدم مصالحه أعلن أنها عدوة للإنسانية وهذا من طبيعته.
الاتحاد السوفياتي والدبلوماسية الغربية
[تعليق صوتي]
يستغل غورميكو ضعف الدبلوماسية العربية وقتما كانت في سبيلها لنيل الاستقلال تحارب حرباً أخرى لا تقل شراسة عن هذه ليواصل خطابه اليهودي حاملاً حملته الأخيرة على الدول العربية كاشفاً عن التوجه الحقيقي للسوفييت حيث يقول لقد حاول عدداً من الوفود وأكثرها من وفود الأقطار العربية منذ بدء مناقشة هذه القضية إقناعنا بأن هذه القضية لا تدخل في صلاحيات الأمم المتحدة علماً أنها وكما كان متوقعاً لم تستطع إيراد أي حجج مقنعة باستثناء البيانات والتصريحات العامة غير المدعمة بأي مصوغات إن من حق الجمعية العامة وكذلك هيئة الأمم المتحدة عموماً أن تبحث هذه القضية بل إنها ملزمة أيضاً باتخاذ قرار حول الوضع الناشئ في فلسطين ويعتقد الوفد السوفييتي أن خطة حل القضية الفلسطينية التي أعدتها لجنة أدموس والتي تقضي أن يتولى مجلس الأمن الدولي مهمة تنفيذ التدابير المهمة لتطبيقها تتفق تماماً مع مصالح دعم وتعزيز السلام الدولي ومصالح توطيد التعاون بين الدول ولهذا بالذات يؤيد الوفد السوفييتي التوصية بشأن تقسيم فلسطين (كلمة غير مفهومة) بعض الوفود الأخرى اتخذ الوفد السوفييتي منذ البداية خطاً دقيقاً وواضحا منذ البداية وقد اتبع الوفد هذا الخط بدأب وهو لا يعتزم القيام بمناورات والتحايل بالأصوات كما يحدث ويا للأسف في الجمعية العامة ولدى مناقشة القضية الفلسطينية.
نعيم الأشهب: حتى القيادة الفلسطينية مع الأسف هذه رفضت تقابل لجنة التحقيق وطبعاً ما عندهاش استعداد تحكي مع المندوب السوفييتي وكان غروموكو يقول يعلن بكل وضوح في الدورة اللي انعقدت في الربيع في نيسان 197 إنه ليس هناك إلا طريقي للحل إما أن يتفقوا الطرفين في دولة ديمقراطية وهذا الأفضل وإما في إن التقسيم.
[تعليق صوتي]
وسط هذه الأجواء المشحونة أعدت كل الأطراف عدتها عدا الطرف العربي الممزق، صدر القرار رقم 181 للجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 29 من نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1947.
" |
دومينيك فيدال- مؤرخ متخصص في الشؤون الإسرائيلية- باريس: الحزب الشيوعي كان الحزب الأول في فرنسا إذ كان يحقق قرابة 30% من الأصوات في فترة ما بعد الحرب والشيوعيون كانوا موالين جداً لإسرائيل بما أن موسكو كانت موالية جداً لإسرائيل على كل كان الشيوعيون الفرنسيون مخلصين للنهج السوفييتي في مجال السياسة الدولية وللتأكيد استخدموا ثقلهم في النقاشات الداخلية التي دارت لصالح التقسيم ولصالح إنشاء دولة يهودية ودولة فلسطينية في فلسطين.
[تعليق صوتي]
وإثر إعلان نتيجة التصويت قام مندوبو الدول العربية يعلنون بطلان القرار لمخالفته ميثاق الأمم المتحدة وانسحبوا من الاجتماع يعلنوا في بيان جماعي رفضهم للقرار وتنديدهم بالضغوط التي مورست في كواليس الأمم المتحدة لإخراجه.
دومينيك فيدال: الموقف الأميركي لصالح التقسيم تبلور في نهاية عام 1946 استناداً إلى مقترح من الوكالة اليهودية وهو مقترح عالمي في أغسطس عام 1946 والموقف السوفييتي لصالح التقسيم تبلور في شهر مايو عام 1947 مع خطاب أندريا غروموكو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي تطرق فيه للمرة الأولى إلى فرضية التقسيم في حين أن موسكو كانت تؤيد رسمياً حتى ذلك الوقت دولة يهودية وعربية موحدة.
[تعليق صوتي]
تحول الغضب إلى مظاهرات احتجاجية واضطرابات عمت المناطق الفلسطينية وخصصواً القدس ويافا وحيفا وتطورت المواجهات مع اليهود وسلطات الامتداد البريطاني خلال نهاية عام 1947 إلى عمليات مسلحة وحرب عام 1948 التي شاركت فيها جيوش عربية وكان يأس الجانب الفلسطيني والعربي من الأدوار التي تقوم بها الأطراف الدولية دافعا قوياً للقيام بعمل مسلح كما شهد عدد من العواصم والمدن العربية مظاهر احتجاج وغضب على قرار التقسيم وكانت شعارات الاحتجاجات غاضبة ضد الاتحاد السوفييتي وأميركا.
أوليج فيتي: يمكنني أن أتكهن بأن دعم الاتحاد السوفييتي لقيام دولة إسرائيل كان ضربة لإنجلترا كما فهمت هي على أقل لتقدير أكثر من كونه تناقضاً لمصالح الولايات المتحدة الأميركية وإن كانت الولايات المتحدة قد انتقلت ضمنياً مع الموقف السوفييتي القائل بأن الاعتراف بدولة إسرائيل سوف يقود إلى انحصار الهيمنة البريطانية هناك.
[تعليق صوتي]
في القاهرة كانت مظاهرات صاخبة تجوب الشوارع وأمام مقر الجامعة العربية وكان من أهمها مظاهرة صاخبة خرجت من جامع الأزهر وكانت ردود فعل أيضاً في الأردن والعراق ولبنان وشكلت في بغداد وبيروت والسعودية لجان للتبرعات والتطوع للمشاركة في الجهاد من أجل تحرير فلسطين وصدر بيان باسم الدول العربية يندد بقرار التقسيم ويعتبره باطلاً وتقرر خلال الاجتماع استجابة لإرادة الشعوب العربية العمل لإحباط مشروع التقسيم، كان القرار العربي يهدف لتزويد فلسطينيين بالمساعدات والسلاح وحشد المتطوعين من دول عربية لتمكين الفلسطينيين من وضع يوازي وضع اليهود الذين كانوا مسلحين ومنظمين في ذلك الحين عاد الإجماع الفلسطيني للالتفاف حول الحاج أمين الحسيني مفتي القدس والذي استقر به المقام في القاهرة بعد فشل تحالفه مع ألمانيا النازية، (كلمة غير مفهومة) الدبلوماسية الفرنسية هي القوة الدولية الوحيدة التي ظلت تحتفظ بعلاقات طيبة معهم ومن أجل استطلاع رأي القيادة الفلسطينية ومواقفها مما يحدث عالماً آنذاك كان محتماً علينا صبر أغوار الأرشيف الفرنسي الذي كشف عن العديد من الوثائق التي توضح رؤيتهم للموقف العربي والفلسطيني، ففي العاشر من أكتوبر عام 1947 بعث السيد غلبير أرفنغيس السفير الفرنسي في القاهرة إلى وزارة الخارجية في باريس بالمذكرة المعنونة نحو مفترق طرق.. دخول مفتي القدس على الساحة، حيث يذكر تضاف إلى الهموم التي تتسبب للقادة العرب بإضعاف بلادهم عسكرياً ومنافسة الدول الكبرى تلك الهموم التي يصعب الاعتراف بها والتي برعوا في إخفائها أثناء معاركهم في الاجتماعات الدولية ويخفقون في السيطرة عليها عند تواجدهم مع بعضهم البعض، ذلك أن ما من أحد يتورع عن الاستفادة من الأزمة التي سوف تبدأ حتى لو تطلب الأمر إعاقة طموحات شركائه إذ أن عبد الله عاهل مملكة شرق الأردن لا ينتظر سوى كلمة واحدة أو صمت واحد من لندن لكي يوسع مملكته الهزيلة بضم المقاطعات الفلسطينية تحقيقا لمشروع سوريا الكبرى، إلا أن المرء مدرك تماما لمعارضته مرور قوات أي دولة أخرى على أراضيه إلا أنه ينبغي الحذر من أن يقع العراق ضحية لتوسع الدولة الهاشمية في حال تمكن هذا الحاكم من القيام بتدخل عسكري مستقل ويجدر التحسب من أن تقع العراق ضحية لنمو الدولة الهاشمية إذا انتصرت مفاهيم نوري السعيد في بغداد بإنشاء وطن قومي يهودي أو حتى بتعديل الحدود وهذا أمر قد يطال جاره في الشمال بن سعود بانتزاع منطقتي العقبة ومعان منه لإعادة توازن القوى.
يوري أفنييري: دعمت إنجلترا الملك عبد الله، قام التحالف السري بين بنغوريون والملك عبد الله على أن يمنعوا بأي ثمن قيام دولة فلسطينية، كان مدعوما من قبل بريطانيا، سيطر البريطانيون على الجيش الأردني وكان في الجيش الأردني الضابط غلوب باشا هذا يعني بأن البريطانيين بعد جلائهم عن البلاد أيدوا 100% أن يسيطر الملك عبد الله على الأراضي الفلسطينية، إن هذه المؤامرة التي لا يمكن تسميتها بشيء آخر بين بنغوريون وعبد الله على مدى الحرب كانت برعاية البريطانيين.
نايجل آشتون- مؤرخ متخصص في تاريخ الشرق الأوسط: عبد الله كان واقعيا، لم يعتقد أنه من الممكن دحر الصهيونية ولذلك ظن أم أفضل ما يمكن القيام به هو محاولة إجراء مساومات للتكيف معها، بالطبع مساوماته تلك كانت مناسبة لمصالحه الخاصة لكن أعتقد أن جميع القادة العرب والدول العربية في ذلك الحين كانوا يسعون إلى تحقيق مصالحهم الخاصة ويستعملون شعار حماية الفلسطينيين كورقة توت تخفي ما كانوا يفعلونه حقيقة.
[تعليق صوتي]
في فقرة أخرى من وثيقة العاشر من أكتوبر يلخص السفير الفرنسي رؤيته للمواقف العربية قائلا، في الواقع إن دعم الدول العربية لحركة أنصار المفتي بمدها بالمتطوعين والإعانات المالية والأسلحة من دون توريط جيوشها في صراع مريب وفي إقرار عقوبات اقتصادية ضد بريطانيا العظمى والولايات المتحدة قد تعاني منها هي أولا بدا لمعظمها الوسيلة الأفضل لإنقاذ الكرامة وفي الوقت نفسه لإفشال مناورات الأشقاء الذين تثير طموحاتهم الشك والقلق.
" |
مايكل فيشباخ- مؤرخ متخصص في شؤون الشرق الأوسط: بالنسبة إلى عبد الله كان اهتمامه في فلسطين مرتبطا باهتمامه الأكبر بتوسيع سيطرته وسيطرة العائلة الهاشمية بشكل عام وقطعا سيطرته الشخصية على سوريا العظمى مما أدى إلى خلق صدامات ومشاكل مع الدول العربية الأخرى حتى في فترة ما قبل 1948 وكان الحكومة الملكية المصرية تنظر إلى عبد الله بكثير من الشك ولكن أكبر إشكال ربما كان بين حكومة الملك عبد العزيز آل سعود في السعودية والملك عبد الله والذي يعود إلى الصراع بين الهاشميين والسعوديين في منطقة الحجاز، لقد كانت هناك قبل ذلك انقسامات عديدة في العالم العربي.
[تعليق صوتي]
انتقل الحاج أمين الحسيني إلى لبنان باحثا عن مخرج لتلك الأزمة والتي على ما يبدو كانت أزمة في الثقة العربية في المقام الأول وهو ما يرصده السفير الفرنسي هناك وترجمه في برقيته المرسلة إلى الخارجية الفرنسية في نفس يوم إلقاء غوروميكو لخطاب مؤيد لقيام دولة يهودية في السادس والعشرين من نوفمبر من عام 1947 حيث يقول، زار عضو بارز في (كلام غير مفهوم) المفتي أمين الحسيني ونقل تخوفه من احتمال تقسيم فلسطين واعتبر المفتي أن الأردن المدعومة من العراق سيكون الطرف العربي الوحيد المستفيد كما أعرب عن فقدانه للثقة في الحكومة السورية وأعلن أنه يحاول منع الجيش العراقي من الانضمام من الفيلق العربي في فلسطين وتنظيم انتفاضة عربية لا ترتبط به وإنما بالمفتي نفسه فحسب.
إيفي شلايم: المفتي الحاج أمين الحسيني كان بالنسبة إليهم خائنا وعميلا للنازي الألماني في الحرب العالمية الثانية وفي العقل البريطاني كانت الدولة الفلسطينية هي دولة المفتي الذي كان عدوهم ولهذا لم يرغب البريطانيون في دولة للفلسطينيين، الكراهية والعداء تجاه المفتي والفلسطينيين كان العلامة المميزة للسياسة البريطانية في تلك الفترة.
[تعليق صوتي]
من الأرشيف الفرنسي نستخرج تلك الرسالة التي وصلت إلى باريس من بيروت وتعكس الحيل البريطانية لاستعادة النفوذ المفقود في المنطقة عبر المقترحات التي أبلغت عبر ممثل المفتي في لندن في التاسع والعشرين من نوفمبر عام 1947 نفس يوم إعلان الأمم المتحدة قبولها بقرار تقسيم فلسطين حيث تذكر، يعتقد المفتي أن بريطانيا العظمى أخذت موقفا واضحا معبرا عن رغبتها في إفشال التوسع الأميركي وفي الاستعداد لجمع شمل الشعوب العربية المتفانية في سبيل قضيتها ومن جهة أخرى لا تعارض إنجلترا عودة سماحة المفتي الرسمي إلى الساحة السياسية شرط أن يتخذ موقفا حياديا تجاهها ويقول المصدر نفسه إن إنجلترا تخطط للاستفادة من عودة سماحة المفتي إلى النشاط السياسي من أجل ضبط تصرفات الوكالة الصهيونية إلا أن المفتي ما زال مترددا فهو يخشى حدوث مناورة إنجليزية ولا ينسى أن القادة العرب أصدقاء إنجلترا هم أعداؤه.
نايغل آشتون: يجب أن يدرك المرء أن البريطانيين في هذه المرحلة كانوا يشعرون بإحباط بالغ من الدور الذي لعبته الأمم المتحدة حول فلسطين، كانت الاستراتيجية البريطانية عام 1947 هي أن ترفع قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة على افتراض أنها ستعجز عن حل المشكلة مما سيعيدها إلى بريطانيا لحلها بطريقتها الخاصة، إذاً هناك عنصر من الإحباط في النهج البريطاني مع الأمم المتحدة.
[فاصل إعلاني]
قرار تقسيم فلسطين والحرب بين العرب واليهود
[تعليق صوتي]
قادنا التساؤل حول رؤية الخارجية السوفييتية للأمور في الشرق الأوسط وتوجهاتها السياسية إزاء الأوضاع المتدهورة إلى زيارة جديدة للأرشيف السوفييتي الذي أمدنا بالتقرير المفصل الذي أعده قسم الشرق الأوسط في الخارجية السوفييتية بتاريخ الثالث عشر من أبريل/ نيسان عام 1948 حول الوضع في فلسطين خلال سنة 1948 والذي جاء فيه صادقت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة بعد دراسة للقضية الفلسطينية استغرقت أكثر من نصف عام على قرار ديمقراطي صدر بتاريخ التاسع والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1947 حول تأسيس دولتين مستقلتين في فلسطين عربية ويهودية وحظي هذا القرار الذي يعكس تطلع الشعبين اليهودي والعربي إلى بناء حياتهما في إطار دولتين قوميتين بالتقييم الإيجابي في الأوساط الديمقراطية في العالم بأثره، أثار القرار بشأن إقامة الدولة اليهودية في الثلاثين من نوفمبر ابتهاج اليهود في فلسطين كلها وشكر المتظاهرون هيئة الأمم المتحدة والاتحاد السوفييتي والبلدان الأخرى التي أيدت قرار تقسيم فلسطين وجعلت مقاومة العرب لقرار هيئة الأمم المتحدة والاشتباكات الواسعة بين العرب واليهود من الضروري أن يقوم اليهود بالاستعدادات اللازمة من أجل الدفاع عن الدولة اليهودية القادمة وأعلنت الوكالة اليهودية والمجلس الوطني اليهودي في التاسع من ديسمبر/ كانون الأول عن تعبئة أول مجموعة من المجندين في السن من السابعة عشر وحتى الخامسة والعشرين من أجل آداء الخدمة في الحراسة واستخدام المنظمة العسكرية اليهودية شبه الشرعية الهاجانا وأعلن بنغوريون رئيس الهيئة الإدارية للوكالة اليهودية في أول يناير من عام 1948 أن اليهود هبوا للدفاع ليس عن أنفسهم وليس عن قرارات هيئة الأمم المتحدة فقط بل وعن حدود الدولة اليهودية وقال من حقنا أن نطالب هيئة الأمم المتحدة بتقديم الدعم المعنوي والمادي لنا تلكم هي آلام مخاض الدولة اليهودية ونحن نتقبلها بإيمان وبإخلاص متفاني.
بول سكام- متخصص في الشؤون الإسرائيلية: أعتقد أن الوضع الإسرائيلي والبنية التحتية والمنظمة التي عملوا على بنائها كانت بالقوة الكافية لذلك أعتقد أنهم يمكنهم الفوز بدون ذلك ولكنها بالتأكيد ستساعد.
ليونييد جوخوفيتسكي: كما هو معلوم بدأت ثلاث دول عربية بشن الحرب على إسرائيل وبالمناسبة كان هدفها تدمير اليهود عن بكرة أبيهم ولهذا كانوا في الدولة المعلن عن تأسيسها مضطرين للدفاع عن أنفسهم حتى الموت.
[تعليق صوتي]
تنقل الوثيقة السوفييتية رواية الوكالة اليهودية التي أعلن عنها شيتروك رئيس القسم السياسي للوكالة في مؤتمر صحافي في نيويورك بتاريخ الثاني عشر من يناير من عام 1948 دون تعليق على مدى صحة ما ورد فيها بشأن حقيقة من بدأ بقتال الآخر، من واجب يهود فلسطين أن يشكلوا ميليشيات آلية جيدة التسليح قوامها 15 إلى عشرين ألف رجل وقد أرغمت الأحداث التي أعقبت ذلك الوكالة اليهودية على تشكيل ميليشيات قوامها ثلاثون إلى 35 ألف رجل تضم وحدات طيران أيضاً ووجب تشكيل هذه الميليشيات على قاعدة هاجانا التي تمتلك السلاح فعلاً وتلقى قسم كبير من جنودها التدريب العسكري في صفوف الجيش البريطاني في أثناء الحرب العالمية الثانية وشنت المنظمات اليهودية حملة واسعة في العالم أجمع لجمع التبرعات في العالم من أجل فلسطين ولشراء السلاح، بيد أن هذه الجهود لقيت الحظر على إخراج المواد العسكرية من الولايات المتحدة، صودرت كمية كبيرة من المتفجرات في نيويورك وفرض الأسطول البريطاني الحصار الشديد على السواحل البريطانية وقد خشي اليهود من احتمال إفشال قرار هيئة الأمم المتحدة حول فلسطين بسبب مقاومة العرب ووافقوا وطلبوا إرسال قوات دولية من اجل الإشراف على تقسيم البلاد.
نعيم الأشهب: حكومة الانتداب البريطاني الضالعة في المؤامرة أعلنت تخليها عن مسؤولياتها الأمنية في فلسطين وطلبت من الطرفين إنهم يقيموا ما هو ضروري من أجهزة الحماية أو الأمان إلى مواطنيهم يعني عملياً هي كانت بتقول خشوا في بعضكم هذا اللي كان يجري طبعاً كان في أحداث سبقتها لكن هذه سعرتها جداً لأنه بريطانيا قبل ما تخرج من فلسطين بأربعة أشهر رفعت يدها وقالت أنا لست مسؤولة عن الأمن.
[تعليق صوتي]
يقدم التقرير المعد من قبل قسم الشرق الأوسط بالخارجية السوفييتية وصفه للوضع الجيد في فلسطين ذاكراً شروع اليهود اعتبارا من يناير عام 1948 بتشكيل حكومة مؤقتة للدولة اليهودية بيد أن رفض الولايات المتحدة دعم قرار الجمعية العامة أدى إلى اتخاذ الوكالة اليهودية والمجلس الوطني لقرار صدر في اجتماع مشترك عقد في الثالث والعشرين من مارس في تل أبيب بشأن إعلان قيام الدولة اليهودية في الثالث عشر من مايو/ أيار في اليوم التالي لانتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وفي أواخر مارس تشكل في تل أبيب المجلس العسكري اليهودي الذي انضم إليه بنغوريون ومنحت غالبية المقاعد في الحكومة الجاري تشكيلها إلى حزب العمال ماباي والأحزاب البرجوازية اليمينية التي لها علاقات وثيقة بالأوساط الرجعية في الولايات المتحدة.
يوري أفنييري: لم يفهم الأميركيون شيئاً، لم يكونوا آنذاك أكثر ذكاء مما هم عليه اليوم، لديهم توجهات ساذجة وسطحية، يأخذون قضية معقدة ويقومون بتحويلها إلى جملة واحدة سطحية، نظر الأميركيون إلى دولة إسرائيل كاشتراكية ترفع الأعلام الحمراء، وجود حزب شيوعي في حكومة الأول من أيار عيد وطني (كلمة غير مفهومة) قوة مسيطرة للغاية، سوق مسير، سوق مركزي للغاية يقع تحت سيطرة الحكومة، تعاونيات زراعية، قرى شيوعية وتحول الحزب إلى ما يشبه حلقة الوصل مع الاتحاد السوفييتي، رأى الأميركيون كل ذلك ووصلوا إلى الاستنتاج البسيط، هؤلاء شيوعيون.
[تعليق صوتي]
وزير الخارجية البريطاني بيفين وصف إسرائيل في عبارة شهيرة كصين أخرى وقد ظن أنها ستصبح كذلك واعتقد أن الدعم السوفييتي لإسرائيل يبين أنهم كانوا يتوقعون أن تصبح دولة تابعة لهم في المنطقة، بالطبع عندما ننظر الآن إلى الوراء فإننا نعتبرها أفكارا سخيفة لأننا نعرف أن إسرائيل بعد فترة قصيرة انجذبت إلى الغرب ولكن تلك الأفكار كانت تعبر عن قلق حقيقي في لندن آن ذاك.
[تعليق صوتي]
في التقرير السوفييتي فقرة أخرى هامة حول الموقف داخل الأوساط اليهودية تجاه كل من البريطانيين والأميركيين، ترفض الوكالة اليهودية اقتراح الولايات المتحدة بفرض الوصاية حتى لفترة زمنية قصيرة لأن الوصاية ستقود حتما إلى حرمان اليهود من حق الاستقلال الوطني ومن شأن ذلك إعطاء السلطة في فلسطين إلى نظام عسكري أجنبي وأعلنت مائير رئيسة القسم السياسي في الوكالة اليهودية قائلة، نحن لن نوافق أبدا على أية وصاية وكذلك على أي قرار آخر باستثناء إقامة الدولة اليهودية واستنكرت المنظمات الإرهابية اليهودية بشدة خيانة الولايات المتحدة للقضية اليهودية في حالة إرسال قوات الولايات المتحدة إلى فلسطين من أجل ممارسة الوصاية فسنحاربها بعنف وسنعامل الأميركيين كما عاملنا الغزاة الإنجليز، منظمة أرغون تسفاي الرابع والعشرون من مارس لا تختلف الإمبريالية الأميركية عن البريطانية في شيء وسنواصل النضال من أجل الدولة اليهودية وضد التطورات الإمبريالية كافة حتى لو اضطررنا للنضال وحدنا، لكن لو أمعنا النظر جيدا في الوضع الراهن سنكون على ثقة من أننا لم نبق وحدنا في نضالنا، مجموعة شتيرن الثاني والعشرون من مارس.
يوري أفنييري: جرى في الأمم المتحدة نقاش ضد دولة إسرائيل بعد أن قررت الأمم المتحدة تقسيم البلاد وقيام دولة يهودية ودولة عربية، بدأت الأمم المتحدة بالندم وبدأ في الأمم المتحدة نقاش حول رفض هذا الاقتراح وتأسيس وصاية للأمم المتحدة في البلاد.
[تعليق صوتي]
استكمالا لخطة الوكالة اليهودية بحثنا عن نظرتها للأوضاع داخل فلسطين بعد صدور قرار التقسيم، تنقل الوثيقة السوفييتية وجهة نظر الوكالة بصياغاتها الحرفية، لقد عارضت قيام دولة يهودية وتقسيم فلسطين جميع المنظمات العربية الإقطاعية البرجوازية اللجنة العربية العليا والمكتب العربي بإيحاء من الإنجليز وأثارت قرارات هيئة الأمم المتحدة حول فلسطين أصداء شديدة في الأوساط العربية مما أدى إلى إضراب احتجاجي استمر ثلاثة أيام دعت إليه اللجنة العربية العليا واشتدت العمليات المسلحة ضد اليهود في ديسمبر عام 1947 ولا تزال مستمرة وبدأ الخونة ومأجورون يتدفقون على فلسطين من جميع أنحاء العالم وشاركوا في القتال إلى جانب العرب ومنهم الأوغاد في جماعة أنديرس والمسلمون في البوسنة من مخيمات اللاجئين في ألمانيا والأسرى الألمان الهاربون من المعسكرات في مصر والمتطوعون من أسبانيا الفرانكونية.
دومينيك فيديل: كثيرا ما يجري اليوم الحديث عن الإرهاب والإرهاب الفلسطيني وننسى أن نقول أنه في صفوف المنظمات الصهيونية والرسمية المنشقة حصلت أيضا أشكال إرهاب ضد المحتل البريطاني.
ليونييد جوخوفيتسكي: حين يندلع صراع ما في منطقة ما تبدأ مصالح الدول العظمى بالتصادم وتقوم كل دولة بمساعدة طرف على حساب الآخر، ليس من مصلحة الدول العظمى أن يضع طرف ما حدا نهائيا للصراع فالأمور جيدة مادامت الحرب مستمرة.
[تعليق صوتي]
مرة أخرى تتبنى الوثيقة السوفييتية وجهة النظر اليهودية حين تتحدث عن الحشد العربي في فلسطين ذاكرة ترسل بلدان الجامعة العربية تنفيذا لقرار مجلس الجامعة فصائل مسلحة من العرب إلى فلسطين وتسللت أول فصيلة من سوريا إلى فلسطين في التاسع من يناير من عام 1948 وتتألف من المتطوعين السوريين والعراقيين واللبنانيين الذين هاجموا مستوطنتين يهوديتين ثم أرغموا على التراجع إلى سوريا وتزامنت هذه العملية مع بدء أعمال اللجنة الفلسطينية التابعة لهيئة الأمم المتحدة وفي الفترة من يناير إلى مارس/ آزار عام 1948عبرت الحدود الفلسطينية فصائل كبيرة من العرب الذين كانوا يتنقلون في سيارات ومعهم السلاح من مدافع هاون وأسلحة أتوماتيكية، فمثلا عبر الحدود الفلسطينية الأردنية في الثلاثين من يناير ثمانمائة عربي مسلح بصورة جيدة في خمسين شاحنة ورابطت الفصائل العربية المسلحة أساسا فوق جبال السامرية وكان مقرها في مدينة نابلس حيث يوجد الوقت الحاضر مقر (كلمة غير مفهومة) رائد جيوش المتطوعين العربية ويقدر تعتاد القوات العربية في مطلع مارس بحوالي ستة الآلاف رجل بينما تشير المصادر العربية إلى أن عددهم يبلغ حوالي خمسة عشر ألف رجل، ملاحظة طبقا لمعطيات الوكالة اليهودية يوجد في فلسطين ألفان وخمسمائة سوري وألفان وخمسمائة عراقي وبضع مئات المصريين واللبنانيين ويغادر رجال الشرطة العرب مواقعهم بسلاحهم وينتمون إلى الفصائل العربية.
نعيم الأشهب: طبعا القوة ما كانتش متكافئة لأنه في الجانب اليهودي كان عاد الألوف من حراس المستوطنات ومن البوليس الإضافي والرسمي اللي كانوا في حكومة الانتداب كان هناك 23 ألف إنسان شاركوا في الفيلق اليهودي اللي شارك في الحرب العالمية وكلهم يتقنوا العمل العسكري على أفضل وجه في هديك الأيام.
[تعليق صوتي]
يلتقط السوفييت من الوكالة اليهودية ما يريدون سماعه استعداء ضد القوة الاستعمارية القديمة التي يودون إزاحتها من المنطقة، حيث يذكر التقرير يتلقى المسلحون العرب في الأقطار العربية السلاح الذي تحصل عليه من بريطانيا وفي مارس 1948وصلت إلى لندن بعثة من اللجنة العربية العليا في فلسطين لشراء أسلحة بمبلغ خمسمائة ألف باوند والمعتقد أنها حصلت على عشرة آلاف مدفع رشاش وغير ذلك من الأسلحة التي أرسلت إلى فلسطين عبر البلدان العربية المجاورة وفي فرنسا يجري شراء أسلحة ودبابات سيتم إيصالها إلى عرب فلسطين عبر بلدان ويشارك الفيلق العربي الأردني الذي تنفق عليه القيادة البريطانية أيضا في المعارك ضد اليهود وكان جنود الفيلق يتولون حراسة أحد الجسور عبر نهر الأردن وسمحوا إلى فصيل مؤلف من سبعمائة مقاتل عربي بالمرور إلى فلسطين بدون عقبات والفيلق العربي يعتبر تلك القوة في داخل فلسطين التي يعتزم الملك عبد الله الاستيلاء بمساعدتها على البلاد بعد إنهاء الانتداب البريطاني في الخامس عشر من مايو/ أيار.
مايكل فيشباخ: أعرف شخصا كان يعمل في السفارة الأردنية في لندن في عام 1948 وقد أخبرني بأنه لن يكون لدى هؤلاء أي ذخيرة وأنه لن يكون بإمكان القوات العربية (كلمة غير مفهومة) القتال سوى لفترة محدودة دون ذخيرة وكان الوضع مماثل للجيش العراقي في الجبهة الوسطى وللمصريين على الجبهة الجنوبية.
[تعليق صوتي]
من جديد تحمل الوثيقة السوفييتية على الموقف البريطاني في ظل تصاعد المواجهات العسكرية بين العرب واليهود، إن موقف الإنجليز المحايد في القضية الفلسطينية لا يمكن أن يخفي تطلعها إلى استثارة الحرب الأهلية بين اليهود والعرب وإفشال قرارات هيئة الأمم المتحدة حول تقسيم فلسطين والبقاء في فلسطين كقوة ثالثة وحدهم أو سوية مع الولايات المتحدة أو تسليم فلسطين إلى ملك الأردن الذي سيحافظ عليها من أجل بريطانيا ولهذا كانت الشرطة البريطانية والجيش إما تقف بلامبالاة أو تساعد العرب سرا في صراعهم مع اليهود وكتبت جريدة دافار اليهودية في يناير عام 1948 أن الإنجليز يريدون إشاعة الفوضى بشكل يجعل عصابات عربية كبيرة تحتشد في البلاد بحلول يوم الخامس عشر من مايو/ أيار بغية أن يكون كل شيء جاهز على الحدود من أجل اجتياحها بصورة سافرة ولكي يحرم الذين يدافعون عن قرارات هيئة الأمم المتحدة من السلاح وإمكانية الدفاع عن النفس وأوردت جريدة الاتحاد لسان حال رابطة التحرر الوطني حالات كان فيها الإنجليز يحاولون تقليب العرب على اليهود وقد حذرت الإدارة البريطانية نشر هذا الخبر وأغلقت الجريدة في التاسع عشر من يناير.
نعيم الأشهب: ما بدهم أي صوت اللي يكشف طبيعة المؤامرة كان واضح يعني إنه حتى في بعض الأنظمة العربية المتواطئة كانت تحضر أماكن للاجئين لذلك يعني كل واحد كان يشوف وشوية أبعد من منخاره كان يلاحظ خيوط المؤامرة.
[تعليق صوتي]
تصل الوثيقة السوفييتية إلى مداها في نقض السياسة البريطانية التي في فلسطين بحسب الرواية اليهودية حيث تذكر يبيع الجنود الإنجليز السلاح والذخيرة إلى الفصائل العربية وزادت حوادث بيع المدرعات ويجري هذا كله أمام خلفية بيانات الإدارة البريطانية المطمئنة حول السعي إلى صيانة السلام والنظام في البلاد وفي الواقع إن بريطانيا حين فتحت حدود فلسطين مع البلدان العربية المجاورة لأن حراسة عدة جسور على نهر الأردن والتي كان العرب يتنقلون عبرها في شاحنات لم تكن مهمة صعبة التنفيذ بالنسبة للجيش البريطاني البالغ تعداد أفراده مائة ألف رجل فإنها فرضت حراسة شديدة على الحدود البحرية وعرقلة بذلك وصول (كلمة غير مفهومة) إلى اليهود ولم يكن جلاء القوات البريطانية عن فلسطين قد بدأ بعد عمليا وبالرغم من مضي أربعة أشهر على صدور قرار هيئة الأمم المتحدة حول انسحاب قوات دولة الانتداب تدريجيا.
كريس دويل: كانوا يقولون لطرف سنؤسس دولة يهودية لك ولطرف آخر إن الدولة اليهودية ليست كبيرة كما يريدونها ولكم دولة فلسطين، أعرف أنها لا تتضمن كل شيء ولكنني أعتقد أن هذا ما صور انحياز بريطانيا إلى أحد الأطراف لأن كل طرف يستطيع أن يشير إلى الأفعال التي قامت بها بريطانيا لمساندة الطرف الآخر وبالنسبة إلى الظرف الحقيقي الواقع فقد شاهدنا كيف كان البريطانيون قساة مع الثورة الفلسطينية بين عامي 1936 و1939 حيث قمعوها بعنف ولكن في الناحية الأخرى فقد تعرضوا لهجمات الصهاينة ضدهم مثل تفجير فندق الملك داود وأضطروا إلى أن يكونوا قساة معهم، لهذا ثانية فإن هذا يقود الطرفان لاتهام بريطانيا بالانحياز إلى طرف أو آخر ولكن في النهاية وفي حقيقة الأمر برأيي فقد ساندت بريطانيا (كلمة غير مفهومة) الصهيونية ووعد بلفور بالانتداب وسمحت للأمم المتحدة بتحديد مستقبل فلسطين وتقسيمها.
[تعليق صوتي]
في الثاني من يناير/ كانون الثاني أعلن وزير الدولة البريطانية لشؤون المستعمرات أنه سمح للعرب واليهود باتخاذ الترتيبات لضمان أمنهم في المناطق التي يشكلون فيها الغالبية حتى يتسنى لقوى الأمن البريطانية أن تحتشد في القدس والمناطق المختلفة وفي غضون ذلك كانت الوكالة اليهودية تقوم بدور الوريث الفعلي للإدارة والقوات البريطانية وتقيم إداراتها وجبايتها وتنشر وحدات من جماعاتها المسلحة بينما كانت السلطات البريطانية تواصل قبضتها على المناطق ذات الكثافة السكانية العربية، كما حافظت السلطات البريطانية على تواجدها في القدس بهدف تمهيد الظروف لإقامة نظام تقاسم السلطات على أساس ديني على أن يكون الإِشراف العام لإدارة بريطانية، بيد أن هذه الخطة ستواجه بالرفض بسبب عدم وجود غطاء دولي لها ورفض الولايات المتحدة واتساع المواجهات المسلحة بين العرب واليهود.
ليونييد جوخوفيتسكي: إنجلترا لم تساند اليهود أو العرب في هذا الصراع بل ساندت نفسها انطلاقا من مصالحها، كان من المصلحة البريطانية استمرار الهيمنة في فلسطين ولأن تأسيس إسرائيل أضعف سيطرتها هناك قامت بدفع العرب لشن الحرب على إسرائيل.
[تعليق صوتي]
في ختام التقرير يضع محرره سميو شكين الملحق في قسم الشرق الأوسط بوزارة الخارجية ثلاثة استنتاجات تحافظ في اتجاهها على مضمون التوجهات التي وضعتها الوكالة اليهودية عن الوضع في فلسطين؛ يتدهور وضع اليهود في فلسطين في كل يوم أكثر فأكثر بسبب عدم توفر الفرصة للحصول على المساعدات والخسائر الفادحة التي لا يمكن تعويضها لقلة عدد اليهود في فلسطين، نشط العرب بسبب مساعدة الأقطار العربية وبريطانيا وتراجع الولايات المتحدة عن دعم قرار هيئة الأمم المتحدة إنهم شرعوا في هجوم مخطط على المستوطنات اليهودية ويحاولون توسيع مناطق سيطرتهم والاستيلاء على القدس، تقدم الإدارة البريطانية المساعدة إلى العرب وتعرقل قيام اليهود بتنظيم عمليات الدفاع.
ليونييد جوخوفيتسكي: للأسف في اللحظة التاريخية تلك أي وقت تأسيس إسرائيل ألقي الشعبان اليهودي والعربي الفلسطيني في آتون هذه الحرب ليس بدافع مصلحتهما فلم تكن تعني الكثير لأي أحد بل لمصلحة الدول العربية من جهة والدول العظمى من جهة أخرى.
[تعليق صوتي]
كيف كانت خلفيات هذا الاعتراف السوفييتي السريع بالدولة الإسرائيلية الناشئة؟ كيف تم الدعم السوفييتي لليهود بالسلاح ضد العرب عبر دولة اشتراكية أخرى في حرب 1948؟ كيف دارت الحرب وكيف أعلنت الدولة وسط البحيرة العربية الراكدة؟ إنها حلقة جديدة من الصراع العربي الإسرائيلي مغلفة بصراع آخر من أجل قراءة أرشيف الوثائق الذي يحوي تفاصيل تاريخية.