
مجدي أحمد علي.. سينما الواقعية
– الميلاد والنشأة والبداية الفنية
– الاتجاه للإخراج السينمائي
– الواقعية وسينما مجدي أحمد علي
[تعليق صوتي]
مخرج شغله المضمون للكم من الأفلام، أفلامه استطاعت أن تخاطب وتناقش مشاكل ثلاثة أجيال مختلفة.
[مشهد من فيلم البطل]
[تعليق صوتي]
مجدي أحمد علي ابن مدرسة سينمائية نشأت في أواخر سبعينيات القرن العشرين في مصر على أيدي جيل من المخرجين، رأى ضرورة النزول إلى أرض الواقع بعد أن شهد على انهيار الحلم العربي عام 1967، فكانت سينما الواقعية الجديدة في الثمانينيات، تأثر مجدي أحمد علي بالسينما التسجيلية التي قدمها جيل الثمانينيات في مصر.
[مشهد من فيلم أيام الإنسان السبعة]
[تعليق صوتي]
رغم تأثر مجدي أحمد علي في سينما الواقعية الجديدة إلا أنه تجاوز مخرجي الثمانينيات من حيث موقفه من الأيديولوجيا التي يراها مجدي عقبة أمام حرية التفكير في كثير من الأحيان.
مشارك أول: يعني الصياغة السينمائية عنده بتمتزج ما بين القدرة على طرح قضية وصياغتها سينمائياً بشاعرية وبنعومة تجعل المتفرج قادر على أنه يشوف شيء مركّب وفيلم مش واقف على القضية بمعناها التنويري بقدر ما هو يتلمس قدرة مجدي على الصياغة السينمائية المتميزة اللي فيها هذا القدر من الشاعرية.
الميلاد والنشأة والبداية الفنية
[تعليق صوتي]
ولد مجدي أحمد علي في واحدة من قرى محافظة الدقهلية في شمال مصر وانتقل في طفولته إلى أكثر من قرية بحكم وظيفة والده.
مجدي أحمد علي– مخرج سينمائي: ولما الوالد توفى الوالدة أخذتنا للقاهرة، فجئنا.. نزحنا للقاهرة منذ سنة 1962، كان عندي عشر سنين وبدأت الدراسة.. نقلت إلى القاهرة تماماً.. يعني وعشت في القاهرة فترة إلى الآن يعني.
[تعليق صوتي]
في حي المنيل بالقاهرة التقى مجدي رفاق عمره الذين أصبحوا جميعاً من فناني مصر وكتّابها وعرفوا بين أوساط المثقفين بشلة المنيل، كان منهم المخرج السينمائي الراحل رضوان الكاشف والفنان التشكيلي عادل السيوي والمؤلف سامي السيوي والناقد جلال الجميعي.
[مشهد من فيلم البطل]
[تعليق صوتي]
ومع هذه الشلة وبينها تربى وعي مجدي السياسي على حب التجربة الاشتراكية التي قادها جمال عبد الناصر، شارك في العمل السياسي الطلابي في الجامعة ورأس اتحاد الطلاب في جامعة القاهرة لعدة أعوام.
مجدي أحمد علي: إحساس بأنه الفن ما هواش السياسة بالضبط أعتقد هو ده اللي خلاني لما قررت أعمل يا دنيا يا غرامي وأعمل أسرار البنات كان إن الوطن ما هواش كلام في السياسة لكن إن كل كلام في قضايا المواطن المصري وخاصة الطبقة الوسطى اللي هي.. يعني موكل إليها قيادة حركة التنمية والتقدم، الكلام عن المواطن هو المهم، الكلام عن البشر هو المهم والكلام عن البشر العاديين بأخطائهم، بهمومهم، بأحلامهم، بإخفاقاتهم، بنجاحاتهم هو ده المهم.. يعني إن أنا رميت نفسي في التجربة السياسية والاجتماعية للوطن كله في السبعينات ودي كانت فترة حية وخصبة جداً خلت في الآخر الواحد يبقى عنده الروح دي.. روح عدم الربط المباشر وعدم وجود سينما مباشرة أو تعبير مباشر عن أفكار سياسية لها طبعة دوجماتيكية.. يعني في الفن.
[تعليق صوتي]
كان مجدي وأصدقاؤه من شلة المنيل يترددون على دور السينما بانتظام ومع تغير أنواع الأفلام التي كانت تعرض وتطور الأفلام من مجرد رواية ترفيهية إلى الغوص في أعماق القصص ومخاطبة ذهن المشاهد ومشاعره استطاع مجدي أن يرى أبعاد هذا الوسط وما ينتجه.
مجدي أحمد علي: بدأت أحس إنه فيه أفلام أخرى، مش الأفلام بس للمتعة.. يعني في أفلام تشغّل الدماغ وفيه أفلام فيه خناقات عليها، تصادف في الوقت ده وطبعاً الصدفة دائماً تبقى جميلة إنه كان في المدرسة بتاعتنا مدرس التاريخ بتاعنا اسمه فوزي سليمان وكان ييجي يحكي لنا التاريخ بالأفلام.. يعني كان يقول مثلاً الثورة الفرنسية اللي منكم شاف فيلم المتعة والعذاب، فكان يشوقنا جداً لفكرة الأفلام والأفلام المختلفة.
[تعليق صوتي]
وفيما كان الجميع مأخوذاً بأداء هذا النجم أو ذاك حط مجدي أنظاره على صانع الفيلم، مَن هو صاحب الرؤية الشاملة المتكاملة؟ مَن هو الذي رسم الصور لتصل إلى المشاهد على ما هي عليه؟
مجدي أحمد علي: فيلم انفجار.. يعني بأقول لك كان فيه حاجة مختلفة، لأنه أولاً فكرة إنه ما فيش رقابة، إنه الفيلم كما يصنعه مبدعه مباشرة للمتلقي دي كانت فكرة جديدة.. يعني حتى في قصور الثقافة كان.. والمراكز الثقافية كان فيه شوية إنما ده على الإطلاق كده كان جديد علينا وجديد كمان في دور العرض التجارية وكان فيه طبعاً ناس مستهوياهم جداً فكرة الإثارة، إن فيه مشهد في الفيلم مثير، إنما أنا انتبهت للفيلم والرمز اللي في الفيلم وفي نهاية لفيلم أنا فاكره الناس تتظاهر إن هي بتلعب تنس وهي ما بتلعبش.. يعني كان فيه حاجة، فالمهم وإحنا خارجين من السينما لأنه كنا خلصنا فلوسنا فخارجين لغاية حي المنيل مشي، بدأنا نتناقش في الفيلم وأنا أحسست بإطراء كبير جداً لأنه لقيت رأيي تقريباً ثاني يوم كاتبه أحد النقاد المشهورين جداً في جرنان الأهرام أظن أو المساء كان سامي السلاموني الله يرحمه، فحسيت بإطراء شديد جداً وحسيت إن العالم ده أنا قريب منه وأنا فاهمه ويمكن أكون بشكل غامض قررت أبقى مخرج سينما في اليوم ده.
[تعليق صوتي]
عمل مجدي مع محمد خان وخيري بشارة وعاطف الطيب وتعلم منهم كيف يعيد تشكيل عناصر الواقع لتخدم القصة الخيالية التي تقدمها السينما ولم يكن من السهل على مجدي أن يتخذ خطوته الأولى في عالم الإخراج السينمائي، فانتظر أربعة عشر عاماً كاملة ليحقق فيلمه الروائي الأول يا دنيا يا غرامي والذي حقق نجاحاً كبيراً داخل مصر وخارجها واعتبره البعض الأكثر حماساً لقضايا المرأة في تاريخ السينما المصرية.
" |
مجدي أحمد علي: وأنا كنت عايز أعمل فيلم جريء عن المرأة وإضافة إليها فكرة الصداقة.. يعني ده اللي أعجبني جداً في الاسكريبت إنه فيه المعنيين، الصداقة أنا بأقول لك تجربة صداقة شلة المنيل مخلياني دائماً بأحب أتكلم عن الصداقة في أفلامي وعايز أتكلم عن البنات.. عن الستات في مصر لأنه طول الوقت كنت حاسس إن ما فيش ناس كثير بتتكلم عنهم وإذا بنتكلم عنهم بنتكلم عنهم بصفتهم.. يعني عناصر مساعدة لإنجاح الفيلم إنما مش هم روح الفيلم، مش هم أساس الموضوع السينمائي.
[تعليق صوتي]
يحكي فيلم يا دنيا يا غرامي قصص ثلاث نساء أوشكن على العنوسة والضغوطات الاجتماعية التي يتعرضن لها.
[مشهد من فيلم يا دنيا يا غرامي]
مجدي أحمد علي: عايز أتكلم عن قضايا النساء في الوطن فقسّمت القضايا إلى ثلاث بنات، فأخذت ميزتين.. يعني تكلمت على قضايا متنوعة في مجتمع هو بطبعه شديد التنوع في مشاكله وتكلمت على معنى الصداقة، ده اللي أحبيته في السيناريو، ده اللي خلاني أحسست من اللحظة الأولى إن أنا في يدي حاجة مهمة.
[مشهد من فيلم يا دنيا يا غرامي]
سمير فريد – ناقد سينمائي: من منتصف الستينات لم يعد لنا علاقة بما يجرى في العالم من تطورات في عالم السينما على الصعيد الجمالي والفلسفي.. يعني فالانقطاع ده انتهى مع وجود خان وخيري وعاطف الطيب ومجموعة الواقعية الجديدة وتعلم منه مجدي.. يعني أحسن ما في هذه الحركة من أفكار للسينما، هو اهتم فعلاً بأنه يعكس الواقع اللي هو عايش فيه وبشكل مختلف عن.. مش مختلف جذرياً لكن مختلف، هو كان أكثر شجاعة في رأيي، شجاعة بمعنى الشجاعة في اقتحام محرمات.. يعني بدا جنبه.. بالمقارنة بدا إنه محمد خان وخيري بشارة وعاطف الطيب محافظين.
[مشهد من فيلم يا دنيا يا غرامي]
[فاصل إعلاني]
[تعليق صوتي]
في فيلم البطل يغوص مجدي أحمد علي في مصر سعد زغلول الخاضعة للاستعمار البريطاني، تدور أحداث الفيلم حول ملاكم مصري يتخذ من الحلبة ميداناً لتحدي المستعمر، قصة أخرى عن بطولات الشعب المصري عام 1919.
[مشهد من فيلم البطل]
مجدي أحمد علي: في البطل أقدر أقول إن دي إضافة أنا عملتها.. يعني بمعنى إنه السيناريو كان بيتكلم على البطولة كقيمة وهي قيمة في حد ذاتها تعمل فيلم فعلاً.. يعني مش ما تعملش، إنما أنا في الوقت ده استلفت نظري إنه الفيلم دة بيتعمل في أيام العشرينات.. يعني إذاً لماذا لا نربطه بثورة 1919 وشخصية سعد زغلول نفسه وإنه سعد زغلول في الوقت دة كان بيطرح فكرة إعادة القومية المصرية.. يعني قبله مصطفى كامل كان بيدافع أصلاً عن فكرة إن إحنا مصريين.. يعني كان فيه ناس الإنجليز كانوا بيقولوا لهم أدبيات في الوقت ده.. في التاريخ ده بتقول ليس هناك شيء اسمه الشعب المصري دول مزيج من الأتراك والهجرات العربية والهجرات الأجنبية وبتاع، مين هو الشعب المصري؟ في الوقت ده إحنا كنا طبعاً عددنا في حدود ثمانية مليون أو أقل، منهم كثير أجانب ومنهم كثير متمصرين، فكان فيه كلام عن الهوية نفسها، هوية المصري نفسه، فلما.. اللي كان بيتكلم على ده مصطفى كامل، لما جاء سعد زغلول وطلعت ثورة الشعب كلها توحدت حول شخص سعد زغلول كان ده مهم جداً، أنت بتتكلم على فكرة أخرى غير فكرة البطولة، فكرة إن مصري يصبح بطل عالمي في رياضة ما، فبطل عالمي كمصري.. كهوية مصري ده كان جديد، ده اللي أنا كنت عايز أؤكده وكنت عايز البطل دة يبقى عنده الحلم بتاع سعد زغلول نفسه.
[مشهد تسجيلي موقع تصوير فيلم أسرار البنات]
[تعليق صوتي]
وإلى أعماق مشكلة الطبقة الوسطى في مصر يغوص مجدي باحثاً عن جذور الأزمة لا عن حلولها وبحساسية فائقة يعبّر عن مشاعر البنت التي تفتحت في أحضان أسرة عربية متوسطة محافظة تجسدت فيها كل مظاهر اللحظة الصعبة التي تعيشها مجتمعاتنا، يحكي فيلم أسرار البنات قصة بنت تحمل وتلد طفلاً دون علم أهلها.
مجدي أحمد علي: في جميع العروض على جميع مستويات العرب والمصريين كان فيها حالة ذهول من الصدمة.. يعني بمعنى فعلاً زي ما أنت قلت بألفاظ وفيه ناس تخبى وشها وفيه ناس تقول لا وفيه واحد يغمى عليه وحاجات كده.. يعني فعلاً درجة من الصدمة الهائلة، لأنه كان الناس مش متوقعة على الإطلاق إن هذا الموضوع يتم تداوله بهذه الجرأة وبهذه الصراحة.
[مشهد من فيلم أسرار البنات]
مجدي أحمد علي: أنا دلوقتي بقيت واصل للحالة دي إن كل الموضوعات البسيطة.. يعني مش هتعمل أي تأثير، يعني إحنا وصلنا لدرجة إن لما يبقى فيه شخص مغمى عليه فمش طبيعي إنك أنت تفوقه بأسلوب هادئ.. يعني يا إما في مرات تشممه رائحة قوية أو توصل في الآخر إنك تضربه بالألم.. يعني طبعاً أنا مش عايز أعمل كده لأن أنا في الآخر فنان ولأن بأحب الناس، لكن أنا في الواقع عايز أخليه يحس إنه داخل على الغيبوبة بشدة، عايز أفوقه من الغيبوبة.
[مشهد من فيلم أسرار البنات]
" |
سمير فريد: لكن هو لما مخرج يصنع سنة 1995 فيلم و1998 و2001 ثم يتوقف حتى 2005 فده أصلاً له دلالات إنه هو ما يقفش وراء الكاميرا علشان يعمل فيلم، بيوقف وراء الكاميرا لما يكون فيه دوافع شديدة بتدفعه لعمل الفيلم، فيه فرق بين واحد مهنته السينما وبالتالي ييجي له سيناريو ويطلع يعمله لأنه بيشتغل وفرق بين مخرجين آخرين.. نوع آخر من المخرجين هو اللي ما بيخرجش أي سيناريو ييجي له أو سيناريو يكتبه حتى هو نفسه، لا بيقف وراء الكاميرا عندما يكون فيه إلحاح فني وجمالي وسياسي، إلحاح شامل إنه ده شيء لازم يعمله.
مجدي أحمد علي: لا الناس على فكرة بيفاجؤوكي إن هم بيفهموا جداً وإن هم مختلفين عن تفكيرنا النمطي فيهم وإن الناس بتلتقط التفاصيل وإن الناس مع الوقت كمان ومع.. يعني إنه يبقى فيه نمط.. أنت بتدي لهم نمط من الأفلام الجيدة الحاجات الحقيقية بتستمر وإلا قولي لي يعني إيه شعب نصفه أمي إزاي أحسن قصيدة بيحبوها لأم كلثوم هي الأطلال وهي قصيدة مش بسيطة وحتى بيحبوا حاجات رباعيات الخيام، بيحبوا حاجات.. يعني مهمة جداً لشعراء.. يعني أقول لك على حاجة الحركات الصوفية الشعبية عندهم ابن الفارض وابن الفارض ده شاعر شديد الصعوبة، عندهم شعراء مهمين وتقال وصعبين هم دول المثل الأعلى حتى الطبقات الشعبية.. يعني الشعب ده غريب وقدرته على تذوق الفن.. أنا بأتكلم على الشعب العربي على فكرة كله.. قدرته على تذوق الفن أبعد بكثير من خيالنا وإن إحنا نتصور إن إحنا لازم نتصور نعطي له الرسالة كده في فمه جاهزة ده مش صحيح وإن اللي بيفضل دائماً هي الرسالات الغير مباشرة اللي بتخاطب وجدانه أكثر من اللي بتخاطب عقله.
[مشهد من فيلم أيام الإنسان السبعة]
[تعليق صوتي]
في رحلته السينمائية استطاع مجدي أحمد علي أن يتخطى سينما الواقعية الجديدة بثلاثة أفلام أفسحت لنفسها مكاناً في وجدان السينما العربية.