المخرجة نبيهة لطفي
العدسة العربية

نبيهة لطفي.. رحلة مع السينما التسجيلية

تستضيف الحلقة المخرجة المصرية نبيهة لطفي التي تعد من أوائل المخرجات التسجيليات في العالم العربي وأول امرأة تخرجت في معهد السينما قسم الإخراج في مصر.

– معايشة السينما الروائية واختيار السينما التسجيلية
– معالجة القضايا العربية والمصرية

مشاركة أولى: كل سنة وأنتِ طيبة يا ماما.

نبيهة لطفي: وأنتِ طيبة.

مشاركة أولى: كم سنة بقى تميتِ كم سنة.

نبيهة لطفي: ما قلنا 69.

معايشة السينما الروائية واختيار السينما التسجيلية

[تعليق صوتي]

نبيهة لطفي من أوائل المخرجات التسجيليات في العالم العربي وأول امرأة تخرجت من معهد السينما قسم الإخراج في مصر، شاهدة على عصر هام من تاريخ الأمة وتاريخ مثقفيها اليساريين، عايشت كبار صانعي السينما الروائية المصرية وتأثرت بهم لكنها اختارت أن تنتمي إلى السينما التسجيلية إذ رأت فيها منبرا حرا لإثارة الوعي بالقضايا التي شغلت بالها، لقاؤنا السينمائي مع نبيهة لطفي تم في القاهرة حيث تقيم منذ خمسين سنة لكنها أمضت معظم طفولتها في جنوب لبنان في مدينة صيدا حيث ولدت.

نبيهة لطفي – مخرجة: إحنا قضينا طفولة سعيدة جدا بصيدا.. يعني أول شيء بأتذكره البحر، بالشتاء دائما نحس الصوت نحس رائحة البحر لأنه كان بيتنا على البحر على طول، بيتنا كان بيت فعلا ديمقراطي، أنا أبي كان رجل متحرر جدا وعقليته واسعة، كان محامي وأمي كانت ست متفهمة يعني ومحبة لأولادها بشكل فظيع، إحنا ثلاث بنات وولدين تربينا بأنه إحنا نعبر عن رأينا إن إحنا نقول اللي إحنا عايزينه كمان ما كانش عندنا بالبيت في تعصب ديني.

[تعليق صوتي]

هنا في صيدا وسط جو مفعم بالتيارات الوطنية والعروبية تفتح وعيها السياسي.

نبيهة لطفي: بالبيت حتى إحنا أبي كان بحزب النداء القومي.. هو حزب عروبي هو راجل كان عنده اتجاه عربي فدائما يجيئوا ناس لعندنا ومناقشات وكلام وكذا فأنتِ بتسمعي بعدين إحنا كنا بمدرسة اللي هي المدرسة الإنجيلية كان في اتجاه المسيطر هو اتجاه القوميين السوريين وكنا متحمسين إحنا للعروبة وإحنا عرب وإحنا طبعا عرب بالآخر.

[تعليق صوتي]

سنة 1952 التحقت نبيهة لطفي بالجامعة الأميركية في بيروت لتدرس العلوم السياسية، كان لبنان يعيش توترا سياسيا كبيرا غداة حلف بغداد.

نبيهة لطفي: لما صارت المظاهرات تبع الجامعة الأميركية ضد حلف بغداد.. هي المظاهرة تقريبا ضد الأميركان فالمهم فصلونا كلنا.. مش كلنا يعني فصلوا مجموعة لا بأس بها وبعدين الحكومة المصرية بعثت عبد الناصر إنه اللي فصلوا بالجامعة الأميركية يجيئوا على مصر.

[تعليق صوتي]

هكذا وجدت ابنة الثامنة عشرة نفسها تغادر لبنان وتتجه إلى مصر عبد الناصر.

نبيهة لطفي: أنا جئت مصر 1955 بفبراير، كان في مجموعة شباب وكان في بالنسبة للبنات سائدة الحسيني، سميرة أبو غزالة وقعدنا بالقاهرة وتخرجنا هنا، أهلا وسهلا.

سميرة أبو غزالة – صديقة: أهلين.

نبيهة لطفي: كيفك؟

سميرة أبو غزالة: والله اشتقت لك.

نبيهة لطفي: وإحنا كمان.

سميرة أبو غزالة- صديقة: أنا من جبال القدس من نابلس روح ثائرة، أنا من جنين من الخليل ومن حماة الناصرة.

نبيهة لطفي: دائما اللي بيسألوني كيف طردونا من الجامعة وكيف جاء عبد الناصر أخذنا، طب ليه؟ ما هو من أساس المسألة كان فيه موقف ضد حلف بغداد وطبعا ما كانش ده مناسب للأميركان لأن إحنا لو ما جاءت النجدة من مصر من عبد الناصر..

سميرة أبو غزالة: آه ضعنا كنا.

نبيهة لطفي: كنا ضعنا ولو على الأقل من سنتين ثلاثة لنلاقي جامعة تقبلنا، إحنا تقبلونا حكومة وشعبا في كثير رحبوا فينا، يعني أنا لما دخلت بالجامعة ناس كثير تعرفت عليهم يعني ناس كلها مفكرين، يعني أنا فعلا إحساسي بمصر يعني الناس اللي فيها بتحضنك..

سميرة أبو غزالة: وتزوجتِ من مصري؟

نبيهة لطفي: وتزوجت من مصري وفيها أيوة..

سميرة أبو غزالة: وأنا تزوجت من مصري.

نبيهة لطفي: وأنتِ تزوجتِ من مصر فعلا أنا بأعتقد إنه دي غيرت حياتنا كل المجاميع مصر.

[تعليق صوتي]

أحبت قاهرة الخمسينيات بشدة واعتبرتها أجمل المدن وأكثرها تنوعا.

نبيهة لطفي: القاهرة كانت هذا الوقت تعج بالناس وبالاتجاهات إشي قوميين وإشي شيوعيين واشتراكيين.

[تعليق صوتي]

في ذلك الجو الثقافي قررت الالتحاق بقسم الأدب العربي في جامعة القاهرة.

"
تخرجت في جامعة القاهرة قسم اللغة العربية سنة 1957 وعملت الماجستير، ودخلت معهد السينما عن طريق الأدب بسبب التجانس بين الاثنين فالسينما أسلوب للإبداع مثل القلم والأدب
"

نبيهة لطفي: تخرجت في جامعة القاهرة قسم اللغة العربية سنة 1957 وبعد سنتين أنا كنت بأعمل ماجستير فتزوجت من دكتور مصري علي مختار ودخلت معهد السينما في نفس الشهور اللي تزوجت فيها، أنا دخلت السينما عن طريق الأدب للتجانس اللي حشيته بين الاثنين السينما ده أسلوب للإبداع زي القلم وزي الأدب، هو الحقيقة في ذلك الوقت غاية 1957 موضوع المهتم بالسينما وكده ما كانش بالضخامة زي دلوقتي، يعني موضوع السينما كاحتراف لأنه الأصل كلنا بنحب السينما من وإحنا صغيرين.

[تعليق صوتي]

في معهد السينما كانت تنتظرها مفاجأتان الأولى أنها كانت المرأة الوحيدة التي تدخل قسم الإخراج والثانية أن عميد المعهد كان محمد كريم.

نبيهة لطفي: طبعاً أنا كنت كثير منبهرة لأنه هذا أول مخرج في مصر وهذا اللي عمل أفلام عبد الوهاب.

[تعليق صوتي]

ولمحمد كريم أثر على طفولتها فهو مخرج أول فيلم شاهدته في حياتها الوردة البيضاء، حضرته في سينما أمبير في صيدا.

نبيهة لطفي: الفيلم ده دائماً بذاكرتي حتى بالأغاني بتاعته بالتدريس اللي أثر فيا أنا يوسف شاهين وحلمي حليم، يوسف شاهين أثر فينا كلنا ربنا يدي له الصحة ويطول بعمره حقيقي، درسنا السينما حقيقة على يديه، حلمي حليم كان بيدرس لنا سيناريو في الله يرحمه صلاح أبو سيف الله يرحمه أحمد بدرخان يعني دول ناس أنا بأعتقد لن يتكرروا بها الإخلاص اللي عندهم بها المحبة.

[تعليق صوتي]

عام 1964 تخرجت نبيهة لطفي من معهد السينما وخطت أولى خطواتها في الحياة المهنية فعملت في الأفلام الروائية.

نبيهة لطفي: اشتغلت مع سعد عرفة مع ممدوح شكري واشتغلت بعد كده مع خليل شوقي واشتغلت أظن حاجة مع فطين عبد الوهاب.. يعني اللي هي شغل المساعد بس أنا في حاجة كانت بالجو بتاع السينما الروائية أنا مش مرتاحة لها، هل أنا مش مرتاحة لها نتيجة أنا متربية إزاي أنا جاية منين أنا بأعمل إيه؟ ما أعرفش بس أحس دائماً إني غريبة وأنا بالبلاتوه في طريقة مش مريحاني، الجو كله نفاق وكذب وده يجامل ده وده يتكلم حاجات مش فهماها أنا، أنا باللحظة دي قررت بنفس اللحظة إن أنا مش عايزة أستغل بالسينما التجارية عشان ما أسماهاش الروائية فقط .

[تعليق صوتي]

لم تكن نبيهة لطفي الوحيدة التي لم تجد نفسها في السينما الروائية السائدة آنذاك فقد بدأ بعض الشباب بطرح سينما أخرى جديدة شكلاً ومضموناً، فهزيمة الـ 1967 وما تلاها من احباطات دفعتهم إلى التفكير بسينما ملتصقة بالقضايا السياسية بأسلوب جديد فنشأت سنة 1968 جماعة السينما الجديدة.

مشارك أول: يعني مجموعة من الشباب خمسين واحد مثلاً مختلفين جداً بس بقوا أصحاب وجمعهم جمع سياسي أساساً وهو أدبي وفكري وكذا وانعكس على السينما ومن هنا ولدت جماعة السينما الجديدة ومن هنا تعرفنا على بعض كلنا.

[تعليق صوتي]

شاركت نبيهة لطفي في تأسيس الجماعة التي نجحت أن تنتج فلمين أغنية على الممر وظلال على الجانب الآخر تناولا موضوع حرب 1967 وخلقا طرحاً حقيقياً للكفاح، من جهة أخرى التف بعض السينمائيين حول شادي عبد السلام مخرج فيلم المومياء الذي طرح سينما المؤلف.

صلاح مرعي – مهندس ديكور فيلم المومياء: كان شادي زي ما عمل المومياء هو عمله كمؤلف سينما المؤلف يعني هو اللي كاتب هو اللي أخرج هو صاحب الفيلم وده كان التيار ده في الوقت ده يعتبر جديد على مصر.

[تعليق صوتي]

أعجبت نبيهة لطفي بنهج شادي عبد السلام فارتادت المركز التجريبي الذي أسسه.

نبيهة لطفي: طبعاً شادي عبد السلام مخرج وفنان مصري فنان تشكيلي وبنفس الوقت كان يعني مثقف عالي وكان مهتم بتاريخ مصر مهتم بمصر، المكتب ده مكتب شادي عبد السلام يعني لما كان شادي هنا كان ده المكتب بتاعه، ده المكان اللي أنا بدأت فيه أشتغل أو دخلت عليه برغبة إن أنا هأعمل شغل في السينما التسجيلية، كان جو يعني حميم وكلنا كنا أصدقاء وكان في علاقة بني آدم.. علاقة إنسانية علاقة فنية، أنتي تقولي آراء تحبي تعملي أفكار جديدة ما فيش مانع، كانت المناقشة مفتوحة وقد بدأت إن أنا أشتغل معهم وعملت عقد معهم عشان أعمل احتفاليات القاهرة وبعد كده فضلت علاقتي بشادي دائمة يعني لغاية ما توفى.. مات سنة 1986.

[تعليق صوتي]

تحت إدارة شادي عبد السلام قامت نبيهة لطفي سنة 1969 بتجربتها الإخراجية الأولى ضمن مشروع ألفية القاهرة فجالت تصور النشاطات الثقافية والأماكن الأثرية.

نبيهة لطفي: من ضمن المناطق اللي جئنا فيها كانت منطقة ماري جرجس، أنا بصيت لقيت مجموعة الكنائس دي الأثرية وكان بيستهويني جو الكان المقدس، فحسيت إني أقدر أعمل حاجة من خلالها اسمها ترنيمة.. صلاة، أنا بالنسبة لي بتعمل لي إشباع عاطفي وإشباع داخلي.

[مشهد من فيلم صلاة من وحي مصر العتيقة -1971]

[تعليق صوتي]

بأسلوب شاعري قريب من الأدب مرتكزة على نصوص من الكتاب المقدس صورت نبيهة لطفي فيلمها الأول عن كنائس ماري جرحس العتيقة فأتي صلاة مصرية من وحي لبنان.

نبيهة لطفي: من طفولتي كان فيها كثير حاجات اللي توصلني للجو ده، عمتي كانت ساكنة في بيت في صيدا القديمة كانت غرفة الجلوس يعني تطل على صحن جامع ونقعد أوقات ونسمع نتفرج.. أحب أسمع قراءة القرآن والأذان، دي كلها أصوات موسيقية كانت تدخل داخلي لأنه هي في جزء منها إحساس، بالنسبة للكنائس صيدا بلد مختلطة فأدخل على الكنيسة انبسطت جدا أني أنا بأسمع ترانيم، بتصير الإحساس بيدفعني إن فوت إن أضوي شمعة.

[تعليق صوتي]

على أنغام التراتيل الدينية وبين الأيقونات القديمة تجول عدسة المخرجة بصمت وخشوع بعيد عن التعليق والشرح السائدين في الفيلم التسجيلي آنذاك.

نبيهة لطفي: الهدف الأساسي عندي ارتباط ما بين الحاجة الروحانية والفن بينسجم ده مع أنا عيني عماله تتمتع برؤية جمال.. إحساس بالجمال من خلال الدين، مع إن هو فيلم قصير 10 دقائق لكن بالنسبة لي أنا الفيلم ده فيلم يعني بحبه جدا.

[فاصل إعلاني]

معالجة القضايا العربية والمصرية

[تعليق صوتي]

بعد الرحلة في عالم الروح التي أقامتها في فيلمها صلاة عادت نبيهة لطفي إلى الواقع السياسي فقررت أن يتناول فيلمها الجديد واقع المرأة الفلسطينية المكافحة فاتجهت أنظارها نحو لبنان.

نبيهة لطفي: صيف 1975 كان في نيتي إن أعمل فيلم عن المرأة العاملة الفلسطينية فطلع إن فعلا أكتر مخيم مركزي في لبنان وهو تل الزعتر وبدأنا أول حاجة إن إحنا نصور المخيم.

[ٍتعليق صوتي]

غير أن الأمور لم تجر كما تمنت المخرجة فاندلاع الحرب في لبنان أجبرها عن التوقف عن التصوير.

نبيهة لطفي: بدأ الضرب وكانت بدأت الدنيا تقلب بلبنان وأنا سافرت على القاهرة وبقيت هذه المادة.

[تعليق صوتي]

في القاهرة ظلت تتقرب أحداث لبنان وتتمنى توقف القتال والعودة إلى التصوير إلا أن الأمور كانت تزداد سوء.

نبيهة لطفي: اللي حملوا على أكتافهم أوزار هذه الحرب هم الناس البسطاء.

[تعليق صوتي]

وما زاد آلمها أن وحشية الحرب الأهلية أزالت مخيم تل الزعتر الفلسطيني ومحته عن الخارطة.

نبيهة لطفي: لما صارت أحداث تل الزعتر لاقينا إن الموضوع يتطلب إن ينحكي عن ما حدث بتل الزعتر، رحت وصورت بالدمور وأخذت شهادات من الناس اللي بقوا أحياء في تل الزعتر من النساء والأطفال.

[مشهد من فيلم تل الزعتر .. لأن الجذور لا تموت-1977]

[تعليق صوتي]

استنادا إلى قصص حية التقطتها من الفلسطينيين الناجين من تل الزعتر واللاجئين إلى الدمور وإلى المادة التي صورتها قبل حصار المخيم أعادت نبيهة لطفي صياغة قصة تل الزعتر بجزئيين الأول قبل المجزرة ينبض بالحياة والثاني بعدها يخيم عليه الموت فأتي فيلهما شهادة نادرة تؤرخ لفترة من الحرب اللبنانية بطريقتها الخاصة.

نبيهه لطفي: الفيلم ده فعلا كان حديث عن نحن صراعتنا مع بعضنا ونحن كلنا عم نقول العدو الإسرائيلي ونحن الصراعات بيننا.

[مشهد من فيلم تل الزعتر .. لأن الجذور لا تموت-1977]

نبيهة لطفي: مرحلة فعلا كانت قاسية علينا جميعا، نحن نتمنى ننساها ولكن مش مفروض ننساها عشان لا تتكرر.

[تعليق صوتي]

كان تل الزعتر الفيلم الوحيد الذي صورته نبيهة لطفي في لبنان، ابتداء من العام 1978 وبعد مرور أكثر من 20 سنة على وجودها في القاهرة توجهت بأفلامها الوثائقية إلى المجتمع المصري.

نبيهة لطفي: : دخلت في الحياة في مصر وبدأت أعايش مشاكل ثانية هنا بالاتجاه الاجتماعي اللي هو التنمية الاجتماعية، بداية أول فيلم كنا بنعمله كان خاص بموضوع التسرب من التعليم وأنا بالأول ما كنتش متخيلة حجم المشكلة الموجودة في مصر.

[مشهد من فيلم إلى أين- 1991]

مشاركة أولى: أنا سبت المدرسة سني 9 سنين تجوزت سني 11 سنة، عيشت معه عشر سنين وطلقت ومعي بنت وحامل عشان مش قادر يعيشني، بيلعب قمار وبعدين بيشتمني ومش قادر يعيش بيت.

نبيهة لطفي: فأنا بعد الفيلم ده أحسست إن في مشاكل ثانية أنا بأحب أعرفها، في موضوع هزني هزة جامدة إن في مناطق لا يعرفوا مياه الشرب، لما واحد يقول لي بفيلم من الأفلام إنه ياه أجمل حاجة في الدنيا لما واحد يجئ له كوب ماء يشربها، فبدأت أبقى عايزة أكتر أعرف عايزة أكتر أشوف وبالتالي أعبر.

[تعليق صوتي]

جالت في صعيد مصر وأريافها وأخرجت أكثر من عشرين فيلما تهتم بالإنسان المصري وحقوقه المنتهكة.

"
مؤمنة بالمساواة بين البشر ولا أستطيع أن أتقبل عملية التفرقة بين الناس وبين الطبقات، لذلك ركزت اهتمامي بالسينما التسجيلية التي تضيف أشياء جديدة كلها من الواقع الحقيقي
"

نبيهة لطفي: أنا ما زالت إلى الآن مؤمنة بالمساواة بين البشر ولا أستطيع أن أتقبل عملية التفرقة بين الناس وبين الطبقات، كنت كثير كثير منغمسة بالحكاية دي، طوال الوقت عم أفكر إزاي أقدر أصورها، يعني السينما التسجيلية بدأت أحس فيها إن دائما بتضيف لي أشياء جديدة كله من الواقع حقيقي.

[تعليق صوتي]

الفيلم التسجيلي رحلة لنبيهة لطفي مغامرة داخل الواقع مع محاولة التقاطه عبر العدسة وغالبا ما تلعب مصادفات الحياة وتغييراتها دورا في رسم الشكل السينمائي لتلك المغامرة آخرها الفيلم الذي أرادته عن شارع محمد علي في القاهرة.

نبيهة لطفي: محمد علي من الأماكن الشعبية اللي بمصر كثير حلوة وعاشوا فيه مجموعة من المغنين اللي هم معروفين، فرقة أم كلثوم بيتمرنوا وبيجئ يقعدوا هناك، عبد المطلب كان بيروح هناك يعني وفرقة محمد فوزي كان هناك التسجيلات بتاعته، في كان جو.

[مشهد من فيلم " شارع علي" بقايا زمن-2003]

مشارك أول: كانت نعيمة عاكف كانت ساكنة عندنا هنا في الحارة، ثريا حلمي كانت ساكنة أمامنا هنا.

[تعليق صوتي]

كان في نية المخرجة التقاط نبض الشارع الفني وإلقاء الضوء على بعض الفنانين الذي يجتمعون هناك.

نبيهة لطفي: أنا بقي لي 15 سنة عايزة أعمل فيلم شارع محمد علي وتحصل ظروف كل مرة يتعثر إنتاجه بحيث المكان بالفكرة اللي كانت فيه من 15 سنة بدأت تتقلب لأنه المحل عم يتغير.

[تعليق صوتي]

فقد تغيرت معالم الشارع وتحول من الفن إلى صناعة الموبيليا.

نبيهة لطفي: يعني نحن حسينا بخيبة الأمل لأنه لما رجعت أعاين بعد كده لما عشان أصور الفيلم آخر مرة المكان مش لاقيته هو مش موجود.

[تعليق صوتي]

هذه قهوة التجارة التي كانت ملتقى أشهر العازفين المصريين.

نبيهة لطفي: بتذكر أشياء كثيرة تغيرت نفس الناس تغيرت حتى الراقصات أو العوالم في منهم رفضوا يكلمونا لأنهم خلاص منهم حجوا وقالوا إن إحنا خلاص ومش عايزين نشتغل، الفيلم صار له شكل ثاني، صار على المكان اللي كان كده دلوقتي أصبح إيه وعمل فيه نوع من.. عشان كده الفيلم سمناه بقايا زمن.

[تعليق صوتي]

تختم نبيهة لطفي فيلمها محمد علي بقايا زمن كما تبدأه بصورة شيخ يرمز إلى جيلها يعيش في بقايا ذاكرة ويشهد صامتا على تغيرات عصرا لا يجد نفسه فيه.

نبيهة لطفي: والشوارع تغيرت وطبعا تغيرت المباني وتغيرت أشياء كثيرة، في بس كارثة كبيرة أنا حاستها بالمجتمع هي فقدان الهوية وسرعة التقليد بتخلي الناس مش هي.

[تعليق صوتي]

في مقهى فينكس شارع عماد الدين وسط البلد مقابل سينما كريم ومنذ 40 عاما نشأت السينما الجديدة وأحلام جيل بتغيير العالم غير أن التغيير آتى حاملا معه خيبات الأمل وسينما لا تشبه شيئا، يبقى الحب تبقى الصداقة وتجربة سيدة عايشت عصرا وأرخت بأفلامها لواقع عربي لمست فيها مواضيع حياتية متنوعة تجمعها شخصيتها الصريحة الجريئة والقريبة من الناس.

مشارك ثان: معرفتي بنبيهة أهم حاجة الآكل، يعني أعتقد هذا الديكور يعني مناسب جدا لتحية نبيهة لأنها كانت بتعرف تلم الناس تلم الناس بدفء.