المسافر

إثيوبيا.. حضارات مدفونة ومدن تاريخية مهجورة

في هذه الحلقة من برنامج “المسافر” نتعرف على جوانب من تاريخ إثيوبيا وحضارتها القديمة، حيث توجد مدن تاريخية تضم مزارات سياحية تُبرز عبق ماضيها وحضارتها التي أهمل التاريخ ذكرها.

جبال تعانق السحاب وأنهار تشق السهول والهضاب.. طبيعة سخية خلابة جعلتها جنة من جنان الأرض المنسية.

حلقة (2019/1/19) من برنامج "المسافر" تتنقل بنا -في الجزء الثاني- بين مدن إثيوبيا التاريخية لنحكي قصة حضارتها القديمة التي أهملها التاريخ؛ فنطلع على مدينة غوندار التي كانت عاصمة لأباطرة وملوك إثيوبيا على مدى ثمانية قرون، فنشتم فيها رائحة القهوة والتوابل التي كانت تشكل يوما ما عصب التجارة في العالم.

عُرفت مدينة غوندار قديما بكونها عاصمة إثيوبيا منذ مطلع القرن 12 الميلادي وحتى بداية القرن العشرين، وكانت مدينة متطورة وعاصمة أرستقراطية، وقد مزجت ثقافات وطوائف مختلفة، وشكلت مركزا حضاريا وأدبيا مرموقا في قارة أفريقيا.

قلعة فسيليدس
بدأ "المسافر" رحلته الاستكشافية بالتعرف على قلعة فسيليدس المحصنة، حيث اعتلى قمة أعلى تلة في الهضبة الشمالية بإثيوبيا، ليبني فيها الإمبراطور فسيليدس مدينته الملكية التي دامت ثلاثة قرون كمركز لحكم إثيوبيا.

ويصف خلال زيارته لتلك القلعة إبداع تصميمها، وكيف اتخذ الأباطرة اللاحقون لفسليديس من تشييد قلعة محصنة لهم تقليدا عاما لهم عبر قرنين من الزمان، كما يضم مجمع القلاع القديمة عددا من الكنائس والإصطبلات والساحات التي يرجع بعضها إلى القرن السابع عشر.

جبال سيمين
وفي المحطة التالية؛ اتجه "المسافر" إلى سلسلة جبال سيمين التي تبعد 120 مترا عن مدينة غوندار، وتعد هذه الجبال الأكبر في إثيوبيا حيث يصل ارتفاعها أربعة آلاف وستمئة متر.

وفي وجودك بأعلى جبال سيمين يمكنك أن ترى أحد أجمل مشاهد العالم الطبيعية، الناتجة عن عملية التعرية التي لحقت بتلك الجبال على مدار السنين، وقد احتفظت أرض تلك الجبال بطبيعتها الخلابة وهدوئها منذ ملايين السنين.

أطلال حضارات
مدينة أكسوم هي عاصمة أقوى وأثرى حضارة في قارة أفريقيا، فقد نافست أعتى حضارتين عاصرتهما وهما الروم والفرس. وقد عرض "المسافر" أطلال تلك العاصمة التي غزت الممالك الواقعة على البحر الأحمر وعلى النيل الأزرق، وما شُيد عليها من حصون وقصور ومسلات عملاقة مصنوعة من الغرانيت الصلب.

وتساءل "المسافر" عن قدرات شعب أكسوم التي مكنته -قبل ألفي عام- من تشييد مسلات ضخمة، يبلغ ارتفاع كل واحدة منها 24 مترا وبعمق ثلاثة أمتار في باطن الأرض، ويبلغ وزن الواحدة منها 50 طنا.

وفي داخل إحدى المسلات؛ يتضح أن قمم تلك المسلات هي شواهد على قبور الملوك الواقعة في غرف صخرية ضيقة، وتشكل كل غرفة قبرا لملك من ملوك مملكة أكسوم تحوي جثمانه بالإضافة لأثمن ممتلكاته وأغراضه، ولكن بمرور الوقت سرقت تلك الأغراض الثمينة.

كما زار "المسافر" مدينة تيغراي التاريخية الواقعة شمال أديس أبابا، وهي مدينة تعود حضارتها إلى عصر ملكة سبأ وتضم جبال هرمية. وقد تسلق "المسافر" أحد تلك الجبال التي تسلقها المتعبدون في السابق ليتنعموا بلحظات روحانية، وكانوا يعتبرون أن اختبار إيمانهم يكمن في تسلق تلك الجبال حفاة وبلا حبال.

القهوة الإثيوبية والأنجيرا
القهوة الإثيوبية المميزة هي أبرز ما تشتهر به البيوت في إثيوبيا، إذ يحيطونها بطقوس خاصة يعتني بها الشعب الإثيوبي كثيرا، وتتمثل تلك الطقوس في رش المكان بالماء ونثر العشب الأخضر وإشعال البخور، معتقدين أن ذلك يجلب الفأل الحسن قبل إعداد القهوة.

يقدم لنا "المسافر" المراحل التي يمر بها إعداد القهوة الإثيوبية بدءا من التحميص المتكرر والطحن، ثم تتم إضافة الماء القليل إليها لتصبح جاهزة للشرب، ويقدم أهالي إثيوبيا بجوارها خبز الأنجيرا التقليدي وهو يعد يوميا في كل البيوت الإثيوبية ويقدم مع كل الوجبات. 

وفي ختام رحلته؛ يكشف لنا "المسافر" أن أغلب مزارات إثيوبيا السياحية تختبئ في أعالي الجبال، مما يوجب على كل مسافر إليها أن يغامر ويتعب ويتسلق قممها، إذ يعتبر ذلك أكثر ما يميزها.