سانت كلارا.. أهلا بكم في مدينة تشي غيفارا
يقع النصب على قمة مرتفعة بالمدينة وتحيط بها مجموعة من الخنادق التي حفرها الثوار للدفاع على المدينة التي تمنح الزائر جرعة من التاريخ والهواء النقي على حد سواء.
ووفقا لحلقة برنامج "المسافر" التي يمكنكم مشاهدتها على هذا الرابط، فإن المدينة تقع على ضفاف نهر صغير ويبلغ عدد سكانها 250 ألفا. وقد أُسّست سانت كلارا في القرن السابع عشر على أيدي عائلتين كبيرتين قررتا الابتعاد عن الساحل للاحتماء من هجمات القراصنة.
وما زالت هذه العائلات تعيش في سانت كلارا التي سرعان ما أنشئ فيها قاعات للمسرح والموسيقى وغرفة تجارية ومكتبة عامة تحولت إلى محطة توقف ضرورية للمسافرين بفضل موقعها في وسط البلاد.
وحتى يومنا هذا، ما زالت العربات التي تجرّها الخيول تعمل بفاعلية منذ 400 سنة دون انقطاع وتعدّ وسيلة مواصلات رخيصة وسريعة تمنح المسافرين تماسا مع هواء المدينة وشمسها وروحها.
موقع مهم في تاريخ كوبا
وتمتلك سانت كلارا موقعا يمثل أهمية كبيرة في التاريخ الكوبي، وهو المكان الذي استخدم فيه تشي غيفارا جرافة لقطع الطريق على قطار كان يقلّ جنودا حكوميين لمواجهة الثوار.
ولو زرت المدينة فسوف تجد الجرافة التي استخدمها غيفارا والقطار الذي استُهدف على نحو أدى إلى مقتل 350 جنديا ودفع القائد الدكتاتور فولغيستيو باتيستا إلى الفرار لتبدأ أولى صفحات كوبا الثورة.
لقد هاجم غيفارا القطار مع 18 من رفاقه بقنابل المولوتوف في معركة دامت ساعتين وتوّجت بانتصار ساحق للثوار. وبالقرب من الجرافة والقطار، تقف مسلة نقش عليها وصف للمعركة ونصب تذكاري من شظايا خرسانية عشوائية تخرج من الأرض تصور الانفجارات التي وقعت خلال المواجهة.
وبعد أن استولى الثوار على سانت كلارا، فرّ الدكتاتور باتيستا من كوبا على الفور، وبفراره بدأ عصر الثورة الذي سيقوده الزعيم فيدل كاسترو طوال 50 سنة مقبلة.
وتحوي عربة القطار ذات اللون الأحمر متحفا يضم الخرائط ومتعلقات الطرفين المتنازعين وصور ما بعد المعركة، ومن ذلك الأسلحة والملابس العسكرية وزجاجات المولوتوف.
متحف تشي غيفارا
وعلى بعد بضع بنايات أخرى يوجد تمثال لتشي غيفارا يحمل طفلا يرمز إلى الجيل التالي، مع العديد من النصب والجداريات الأخرى كدراجة غيفارا النارية. وتعدّ ساحة الثورة بسانت كلارا مساحة مفتوحة يطل عليها تمثال ضخم من البرونز لغيفارا يقع فوق متحفه وضريحه.
لقد أعدم تشي غيفارا على يد القوات البوليفية بإيعاز من المخابرات الأميركية (CIA) وبقي مكان دفنه سرا ولكنه اكتشف في تسعينيات القرن الماضي، وقد أمر رفيقه كاسترو باستعادة الرفات إلى سانت كلارا وهو يرقد فيها منذ ذلك الوقت.
وتعدّ سانت كلارا مزارا سياحيا يستمد قيمته من الآثار التي خلفها فيها غيفارا. وهناك تمثال ضخم وسط الساحة التي تحولت إلى أيقونة بالمدينة ومزار للثوار ومقاومي الدكتاتورية في مختلف أنحاء العالم.
وأسفل منصة التمثال يوجد ضريح مهيب يضم رفات غيفارا و16 من رفاقه الثوار الذين قتلوا في عام 1967 خلال الثورة البوليفية، وإلى جانبهم رفات رفاقهم من قادة الثورة الكوبية، ولو دخلت الضريح فسوف توجد صور هؤلاء محفورة على الجدران.
وفي متحف ملحق بالضريح، توجد صور فوتوغرافية ورسومات وكتابات وتذكارات تنقل كلها مشاهد من حياة غيفارا منذ الطفولة حتى مماته مرورا بكثير من مراحل حياته المفعمة بالثورة والدفاع عن المقهورين.
في هذا المتحف، يمكنك التنقل بين حياة ذلك الشاب ابن العائلة الثرية التي تركها وراء ظهره واختار العيش في الكهوف دفاعا عن الشعوب المظلومة في أميركا اللاتينية.
يضم المتحف بنادق وقنابل وأجهزة اتصال كان غيفارا يستخدمها في حروبه ضد الدكتاتوريات، وهو يضعك أمام صورة الإنسان، الصديق، المغامر، وبالطبع القائد الذي ما زال يمثل رمزا للثورة في مخيلة كثير من الأجيال.