حرب الصورة.. هكذا تتعمد إسرائيل ترهيب المدنيين في لبنان
ووفقا لبرنامج "المرصد"، فإن الرسائل النصية التي تصل إلى هواتف اللبنانيين والفيديوهات والخرائط التفاعلية المصممة بشكل احترافي والغارات الليلية العنيفة التي تجعل الحرائق أكثر وضوحا والانفجارات أشد صوتا كلها أمور تغذي حالة الرعب لدى المدنيين.
فمنذ اللحظة الأولى لتوغلها البري قبل شهر حاولت إسرائيل ترسيخ شعور بأنها سيطرت على جنوب لبنان، إذ عمدت إلى نشر صور تظهر جنودا يرفعون علم إسرائيل في قرية مارون الراس الحدودية، وأخرى تظهر جرافة تحطم تمثالا للقائد السابق لفيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني.
لكن حزب الله رد على هذه الصور بالقول إن هؤلاء الجنود ما لبثوا أن انسحبوا من المكان بعد التقاط هذه الصور، مؤكدا أن جيش الاحتلال يحاول التسلل إلى القرى الحدودية، وأنه يدفع أثمانا باهظة على الأرض.
الحرب بالصورة
وتمثل هذه الصور التي تروج لها إسرائيل جزءا من الحرب النفسية التي هي جزء أصيل من العدوان العسكري على لبنان وقطاع غزة كما يقول عميد المعهد العالي للدكتواره في الآداب والعلوم الإنسانية بالجامعة اللبنانية الدكتور محمد حسن.
وقال حسن إن جيش الاحتلال بث العديد من الأخبار والصور المزيفة أو غير الواقعية خلال هذه الحرب لإيهام الطرف الآخر بأنه حقق انتصارات، مضيفا "هذا أمر فعلته الولايات المتحدة عندما دخلت العاصمة العراقية بغداد عام 2003".
ووفقا لتقرير أعده المرصد"، فإن أسلوب الحرب بالصورة ليس أمرا جديدا، فقد استخدمته الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية عندما التقط المصور جو رزوانسال صورة لجنود أميركيين يرفعون علم الولايات المتحدة في جزيرة آيو جيما اليابانية.
وقد حصلت هذه الصورة على جائزة بوليتزر العالمية، وأكد صاحبها أنها لعبت دورا كبيرا في عقلية الناس آنذاك، وهو ما سبق لإسرائيل أن فعلته في مدينة بنت جبيل اللبنانية عام 2003 كما يقول حسن.
لذلك، فقد تحولت الصورة إلى جزء من المعارك، لأن جيش الاحتلال عندما يقوم بنشر خرائط لأماكن سيتم استهدافها ويضع علامات حمراء على بيوت بعينها فإن هذا لا يعني دقة في المعلومات بقدر ما هي طريقة لهزيمة المدنيين نفسيا، برأي حسن الذي أكد أن الاحتلال يقوم بقصف شيء في الواقع ولا يلتزم بأي خرائط.
والرأي نفسه يؤكده الأستاذ في كلية الإعلام بالجامعة اللبنانية راغب جابر بقوله إن البيانات التي ينشرها جيش الاحتلال عن مواقع تمركز قوات المقاومة أو الأماكن التي يزعم أنها مخازن أسلحة "ليست إلا حربا نفسية على المدنيين الذين أصبحوا ينتظرون هذه البيانات لإخلاء مواقعهم لأنهم يعرفون أن القصف سيقع".
وحتى الغارات التي يتم شنها على ضاحية بيروت الجنوبية في ساعات الليل فإنها أيضا ليست عبثا، وإنما هي لعب بالصورة التي تجعل وقع الانفجار صوتا وصورة أكبر في النفوس مما لو وقعت في ساعات النهار، كما يقول جابر.
وقبل أيام، نظم جيش الاحتلال جولة لمجموعة من وسائل الإعلام العالمية في أراض لبنانية يقول إنها باتت تحت سيطرته، وهو أمر يقول حسن إنه يشبه رفع العلم في مكان ما رغم أن الصحفيين مهما كانت مهنيتهم أو المؤسسات التي يعملون فيها يخضعون لما يريده الجيش من تضخيم الصورة التي قد تلتقط داخل بيتين أو 3 وفي مكان لا يتجاوز بضعة أمتار.
ومن بين القنوات التي شاركت في جولة جيش الاحتلال كان مكتب قناة "بي بي سي" البريطانية في بيروت، والتي انحازت إلى الصورة الإسرائيلية وتجاوزت مشاعر اللبنانيين ودخلت إلى مناطق دون تصريح من الدولة، مما يجعلها عرضة للمساءلة القانونية برأي حسن.