المرصد

من عنابر السجون إلى مكتبات بلغراد.. التاريخ عندما يكتبه لوردات حروب البلقان

غالبا ما يكتب التاريخَ أهل الاختصاص، ولكن قد يكتبه أحيانا المزورون كما يحدث في منابر مركز الاحتجاز الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة. فلماذا يقومون بذلك؟

وبهذا الصدد، تابعت حلقة "المرصد" (2021/3/8) بعض الإصدارات التي يصدرها سياسيون ومحاربون، فمنذ مدة ليست بالبعيدة باتت واجهة معارض الكتب في بلغراد عاصمة صربيا تعج بمذكرات عدد من العسكريين الصرب الذين قادوا الحرب في البوسنة وكوسوفو.

ويقول النقاد إن هذه الكتب مجرد تزوير ممنهج لوقائع تلك الحروب، مؤكدين أنها تشكل تبريرا للفظاعات التي ارتكبت خلال سنوات الحرب المريرة.

وقد تم نشر 120 كتابا على شكل سير ذاتية ومذكرات حروب وشعر وروايات كتبت خلف القطبان، وكتبها 22 من المدانين بجرائم الحرب في البوسنة.

واللافت أن هذه الكتب نشرتها وزارة الدفاع الصربية، كما أنها لاقت إعجاب السياسيين والمسؤولين في الحكومة.

وفي عام 2018، كانت دار النشر التابعة لوزارة الدفاع الصربية قد شاركت في معرض الكتاب السنوي في بلغراد ترويجا لكتاب جديد بعنوان "عناق ملاك الرحمة"، وهو كتاب مذكرات حرب في جزءين ألفه الجنرال الصربي السابق نيبوتشا بافكوفيتش، الذي يقضي حاليا عقوبة سجن لمدة 22 عاما لارتكابه جرائم ضد الإنسانية.

واعتبر مراقبون أن وجود هذا الكتاب في معرض دولي بمثابة تلميع لصورة جنرال اتهم بارتكاب جرائم حرب بهدف تقديمه كبطل قومي.

وفي هذا السياق، قالت مؤسسة مركز "القانون الإنساني" ناتاشا كانديتش إن من تمت إدانتهم في محكمة لاهاي يعتبرون بمثابة أبطال في مجتمعاتهم، مشيرة إلى أن كتب بافكوفيتش ذكرت الكثير عن قصف حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) خلال الحرب في كوسوفو، ولكنها لم تشر قط إلى المجازر التي ارتكبها الصرب هناك، معتبرة أن هذه الكتب محاولة للسكوت عن جرائم الحرب.