من برنامج: المقابلة

المفكر الإيراني محسن كاديفار لـ "المقابلة".. 3 علماء هم آباء الإسلام السياسي وهذا هو الفرق بين فقهاء السنة والشيعة

يشرح المفكر الإيراني البروفيسور محسن كاديفار -في الجزء الثاني من حديثه لبرنامج “المقابلة”- أسباب معارضته لنظرية ولاية الفقيه، ورؤيته لتجديد المذهب الشيعي وتنقيته من الغلو و الانحرافات التي علقت به.

ويركز المفكر الإيراني المعارض على المذهب الشيعي ونظرية الفقيه والمراحل التاريخية التي مرت بها، حيث كتب كتبا تناولت هذه المسائل، أبرزها "نظريات الدولة في الفقه الشيعي" و"القراءة المنسية". ويذهب إلى أن هناك تعددية بين فقهاء الشيعة بشأن نظرية الدولة، تشمل 8 نظريات عن الدولة الإسلامية على الأقل.

وقبل الإمام آية الله الخميني، كانت هناك شبه ازدواجية بين الدولة والشريعة، وكان فقهاء السنة والشيعة يعتبرون أن الدولة شيء والشريعة شيء آخر، فالشريعة يتولاها الفقهاء، وعلى رأس الدولة يكون الملك أو السلطان الأمير، وبعد ذلك جرت مراجعات على نظرية ولاية الفقيه خاصة من طرف الخميني الذي يعتقد -بحسب كاديفار- أنه عين لولاية الفقيه بواسطة الإمام الغائب أو الرسول، لكن تلميذه حسين علي منتظري، وهو أحد قادة الثورة الإيرانية يقول بوجوب انتخابه من طرف الشعب.

والخلاف الآخر بين الخميني ومنتظري هو أن الأخير كان يطالب بتقييد ولاية الفقيه بالدستور، في حين أن الخميني لم يقبل تقييد سلطته عن طريق الدستور، والكثير من أتباعه كانوا يرونه فوق الدستور وصانع الدستور.

وينوّه كاديفار في السياق نفسه إلى أن الكثير من المرجعيات الشيعية في قم والنجف لا يؤمنون بالولاية السياسية للفقيه، وأن المرجع الديني الأعلى في العراق علي السيستاني لا يؤيدها ويعطي مساحة لرأي الشعب ولموافقة الأمة، بخلاف الإمام الخميني.

ووفق المفكر الإيراني الذي رحل عن بلاده إلى الولايات المتحدة الأميركية بسبب مواقفه المعارضة للنظام، فإن ولاية الفقيه ليست مصطلحا شيعيا، بل يوجد لدى السنة أيضا، مستندا في ذلك إلى علماء وفقهاء كتبوا عن شروط الحاكم من أبرزهم الشيخ محمد رشيد رضا، وهو تلميذ محمد عبده في مسألة أهل الحل والعقد، وأشهرهم في القرن الـ20 أبو الأعلى المودودي الذي كتب كتاب "الخلافة الكبرى"، وبحسب المودودي فإن الخلافة الكبرى هي قريبة من ولاية الفقيه.

ويذكر ضيف حلقة (2022/8/28) من برنامج " المقابلة" أن جماعة الإخوان المسلمين يؤمنون في خلفية تفكيرهم بما هو مشابه لولاية الفقيه عند الشيعة، ويقول إن سيد قطب والخميني والمودودي هم آباء الإسلام السياسي في العصر الراهن ولديهم أتباع عديدون.

ويتحدث أيضا عن وجود تقارب شديد بين الخميني وابن تيمية، صاحب كتاب "السياسة الشرعية"، الذي وصفه بالفقيه المهم جدا، فكلاهما يؤمنان بأن السياسة يجب أن تكون في إطار الشريعة الإسلامية، رغم أن ابن تيمية عاش قبل قرون من الخميني.

شيعة الخارج يستفيدون من نظام ولاية الفقيه

ويعرج المفكر والكاتب الإيراني في سياق حديثه عن الحالة السنية، ويشير إلى أن الفرق بين علماء الدين السنة ونظرائهم الشيعة يكمن في موضوع التمويل والاقتصاد، حيث أن الفقهاء السنة تأتي مرتباتهم من السلطة، ومثال على ذلك مفتي الديار في مصر يتم تعيينه من طرف الرئيس المصري ويدفع له مرتبه، في حين أن فقهاء الشيعة مستقلون عن الدولة بالخمس، مبرزا أن آية الله الخميني نجح في تأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لأنه كان مستقلا في المالية والاقتصاد عن الدولة في ذلك الوقت.

وبينما يتحدث فقهاء السنة عن الزكاة، فإن فقهاء الشيعة يتحدثون عن خمس الأرباح، أي 20% تدفع للعلماء والمراجع، ولذلك فإنهم لا يحتاجون إلى الدولة بخلاف فقهاء السنة الذين هم جزء من الدولة، بحسب كلام ضيف المقابلة الذي يؤكد أن الأمور تغيرت في إيران بعد الثورة وبات هناك نوعان من العلماء، المحافظون وهم مستقلون عن الدولة ولا يحصلون على أي أموال منها، وعلماء آخرون قريبون جدا من الدولة.

ويبرز أيضا أن السنة والشيعة يختلفون حول مفهومي الخلافة والإمامة، فبينما يرى السنة أن الخلافة هي وظيفة سياسية كخلفاء للرسول صلى الله عليه وسلم، يعتبر الشيعة أن الإمام هو أكثر من خليفة سياسي، فهو خليفة في الروحانيات وفي المعرفة الإسلامية وفي تفسير القرآن والسنة النبوية، والكثير من الشيعة يبرزون الوظيفة السياسية للإمام باعتباره الأمير والحاكم، وهو ما عارضه المفكر كاديفار في كتبه.

ومن جهة أخرى، يعتبر الكاتب الإيراني أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي نظام قوي جدا في المنطقة وربما هي الأقوى، ولها تأثير في 5 دول عربية، سوريا والعراق واليمن وفلسطين ولبنان، ولكن أغلبية الإيرانيين في الداخل لا يؤيدون هذه الجمهورية، وكذلك الشيعة خارج إيران مثل حزب الله في لبنان يستفيدون من نظام ولاية الفقيه والنموذج الإيراني أكثر من الإيرانيين الشيعة.

وتطرق في حديثه لبرنامج "المقابلة" إلى مسائل تتعلق بالفقه الشيعي منها فكرتا الغيبة والغلو، ويبرز أن ما يقوله الشيعة عن الإمام هو نفسه ما يقوله المسيحيون عن المسيح عيسى عليه السلام، مشيرا إلى أن القرآن الكريم واضح جدا عندما يقول في سورة الكهف "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي.." فإذا كان رسول الإسلام عليه أفضل الصلاة والسلام بشر فإن كل الأئمة بشر.