صورة عامة/ الملف
الملف

العلاقة بين الروائي ومجتمعه

تتناول الحلقة قصة العلاقة بين الروائي ومجتمعه، هل يحق للروائي العربي قول كل شيء؟ هل الرغبة في الشهرة تدفع الروائي العربي لجلد مجتمعه؟

– أسباب رواج الرواية أو منعها في الدول العربية
– حدود ومحرمات الكتابة وحرية الكاتب

– دور الكاتب والرواية في مقاربة القضايا والهموم العربية

– الكتابة الجديدة وعلاقة الرواية بالواقع

سامي كليب
سامي كليب
عفاف البطايني
عفاف البطايني
نبيل سليمان
نبيل سليمان
جمال الغيطاني
جمال الغيطاني
نجوى بركات
نجوى بركات

سامي كليب: السلام عليكم. تقول بعض الإحصاءات العربية إن كتب الأبراج والطبخ تبيع أكثر بعشرات المرات من أفضل رواية عربية وتفيد الإحصاءات الغربية بأن رواية كدافنشي كود باعت ما يقارب المائة مليون نسخة. أين المشكلة؟ هل تعجز الرواية العربية عن مجاراة هموم شعوبها أم أن الشعوب المهمومة بلقمة عيشها تعتبر الرواية ترفا؟ وهل بات رواج رواية يفترض أن يجلد الروائي مجتمعه ودينه وتقاليده وتراثه لكي يبيع؟ أوليست أبسط الروايات وأقربها إلى الناس أجملها؟ كان نجيب محفوظ ينزل إلى خان الخليلي يجالس الناس البسطاء ويصنع قصصهم فيبدع، فمن وضع روائيي اليوم في أبراج عاجية ينحتون من اللغة لقارئ قد لا يفقه من هذه اللغة إلا القليل؟ لمناقشة علاقة الرواية العربية بمجتمعها يسعدني أن أستضيف في هذه الحلقة هذه الليلة من الملف عددا من الروائيين والنقاد، معنا عفاف البطايني، نبيل سليمان، نجوى بركات، ومعنا عبر الأقمار الصناعية من مصر الأستاذ والأديب والروائي جمال الغيطاني، أهلا وسهلا بكم جميعا.

أسباب رواج الرواية أو منعها في الدول العربية


سامي كليب: وعندي سؤال في البداية ربما عام ولكن لكي يفهم الإنسان هل يعرف أحدكم كم نسخة تبيع أفضل رواية عربية اليوم في العالم العربي؟


عفاف البطايني: بالنسبة لمبيعات الكتب خصوصا الرواية تعتمد أولا على كاتب الرواية تعتمد أحيانا على عنوان الرواية وتعتمد على الناشر، الناشر له دور كبير في توزيع الرواية بشكل جيد، إيصالها إلى الأسواق العربية وغير العربية ونشرها في الدول العربية، بعض دور النشر تنشر ألف نسخة في الطبعة الواحدة بعضها تنشر ثلاثة آلاف نسخة في الطبعة الواحدة..


سامي كليب (مقاطعا): طيب في مجال المحسوس أكثر روايتك "خارج الجسد" وهي الرواية الأولى بين يدي الطبعة الثالثة مثلا كم باعت تقريبا كم نسخة؟ عندك فكرة؟

إعلان


عفاف البطايني: كل طبعة كانت ثلاثة آلاف نسخة.


سامي كليب: ثلاثة آلاف نسخة في أي دول؟


عفاف البطايني: طبعا دار الساقي يعني بأشكر لهم فرصة أن نذكر أنهم يجيدون فن التسويق للكتاب وتوزيع الكتاب فالكتاب وصل إلى أقصى بقاع الدنيا حسب معرفتي، لأستراليا للولايات المتحدة..


سامي كليب (مقاطعا): وصل إلى بلدك الأردن؟


عفاف البطايني: الكتاب ممنوع في بلدي الأردن وممنوع أيضا في دولة الكويت.


سامي كليب: سبب المنع؟


عفاف البطايني: طبعا لا أعرف ولكن ما سمعته من أطراف متعددة أن القضايا السياسية المطروحة في الكتاب وأيضا النقد الاجتماعي للمجتمع الأردني والعشائرية وقضايا أخرى..


سامي كليب: طيب صحيح وهذا هو النقد سنعود إليه بعد لحظات. فقط أود أن أسألك سيد جمال الغيطاني يعني حضرتك طبعا تقول السيدة عفاف أن الاسم يبيع أيضا ومعروف أنه أنت من الأسماء المعروفة جدا في العالم العربي وحتى ترجمعت رواياتك كثيرا إلى لغات أجنبية، كم باعت أكثر رواية باعت من رواياتك؟


جمال الغيطاني: أكثر رواية باعت "الزيني بركات" لما طبعت طبعة شعبية في سلسلة كتاب اليوم كانت ثلاثين ألف نسخة نفدت في شهر لكن هذا ليس مقياسا، متوسط ما يطبع من كتبي ثلاثة آلاف نسخة للطبعة الواحدة يعني بتنفد وبعدين بيعاد طبع الكتاب ممكن في ستة أشهر أو سنة. لكن الأستاذ سامي لمس نقطة مهمة جدا بتثير باضطراد في الحياة الثقافية العربية الآن وهي الأكثر مبيعا، فكرة الأكثر مبيعا، الأكثر مبيعا موجود باستمرار في الأدب العربي يعني أنا أذكر في الخمسينات في رواية باعت مائة ألف نسخة كانت لكاتب اسمه عزيز أرماني عنوانها "خذني بعاري" فالعنوان نفسه خلى الناس تشتريها إنما لم يتعامل..


سامي كليب (مقاطعا): ولكن الناس نسيت الكاتب فيما بعد.


جمال الغيطاني: أنا عايز أقول لحضرتك ما حدش تعامل معها على أنها أدب، المشكلة الآن أنك أنت تجد رواية سطحية وتافهة باعت كثيرا فيدخل الأكثر مبيعا في التقييم يعني يقال إيه مثلا إن دي رواية جيدة لأنها باعت مائة ألف وبعدين تفاجأ أن..


سامي كليب (مقاطعا): عندك فكرة عن رواية سطحية، بدون ما تكون تافهة يعني، مثلا باعت كثيرا في الوطن العربي؟


جمال الغيطاني: يعني في روايات يا أستاذ سامي بتتدخل عناصر يعني مختلفة يعني خذ مثلا الأدب السعودي، الأدب السعودي أصبح الآن مقروءا لأنه بعد 11 سبتمبر بدأت رغبة في العالم لمعرفة هذا المجتمع..


سامي كليب (مقاطعا): لا، ولكن أريد منك يعني أريد أن أورطك، اعطني اسم رواية سطحية مثلا باعت كثيرا في العالم العربي.


جمال الغيطاني: "بنات الرياض".


سامي كليب: نعم..


جمال الغيطاني: "بنات الرياض" يعني مع احترامي الكامل للكاتبة وهي إنسانة لطيفة جدا أنا التقيت بها في دبي لكن عندما قرأت الرواية وجدتها رواية سطحية جدا لكن العنوان نفسه هو يعني فكرة بنات الرياض ففي تحريض على التلصص يعني تحويل الأدب إلى نافذة للتلصص على المجتمع، الخطير في الموضوع أنك أنت تفاجأ بنقاد يعني ناقد محترم ومن أنصار الحداثة يكتب عنها سبع مقالات يعني هذا تكريس لنوع من الزيف وأصبح ظاهرة في الأدب العربي ففي خلل.

إعلان


سامي كليب: طيب، سيد..


جمال الغيطاني: يعني فكرة الروايات الأكثر مبيعا موجودة باستمرار.


سامي كليب: أستاذ جمال اسمح لي سنعود إليك. سأبدأ معك سيدة عفاف يعني في النقمة على روايتك نقمة في بعض الأوساط الأردنية إذا صح التعبير يقال إنه لأنك شوهت صورة المجتمع وصورة الأب وصورة الأخ وصورة الرجل الشرقي بشكل عام يعني الأب صورة الجائر الوحش، محروس الزوج الأول في الرواية أكثر جورا، الشيخ الذي تذهبين لعنده، تذهب بطلة الرواية لا أدري إذا كنت أنت، لكي تشفى من الجن يضربها أيضا، الأستاذ يحاول الاعتداء على الطالبة، لماذا كل هذه النقمة على الرجل بشكل عام؟


عفاف البطايني: شكرا على السؤال وهو سؤال حقيقة مرتبط إلى حد كبير بالنقد الذي وجه لـ "خارج الجسد"، أنا أولا يعني أعترف بأني ككاتبة لا يحق لي الدفاع عن روايتي ولكن بما أنك وجهت السؤال لي فاسمح لي على الأقل بأن أقدم وجهة نظري. الأدب لا يمكن أن ينسج في الهواء الأدب مرتبط بشخصيات وبواقع وبمجتمع وأناس والرواية الواحدة تختار شرائح أحيانا لتقدم رسالة ما أو قضية ما أو تطرح مسألة ما، هذه القضية تكون مرتبطة بنوعية الشخصيات التي نختارها مرتبطة بطبيعة الهموم التي يريد الكاتب أن يطرحها، عندما تختار عفاف البطايني على سبيل المثال شخصية الأب الظالم بلا حق الذي يظلم نفسه قبل أن يظلم غيره، عندما أختار أنا محروس كشخصية هذه الشخصيات موجودة في الواقع كوني سلطت الضوء عليها لا يعني بأنني أنا ناقمة على المجتمع أو أنني أحاول فضح المجتمع الأردني كما قيل من قبل بعض النقاد وبعض المعلقين، ما أفعله أنا هو تسليط الضوء على مشكلة موجودة في الواقع وليست بالضرورة جزءا من المجتمع الأردني، هي في النهاية مشكلة إنسانية يعاني منها الرجل هنا وهناك. قضية أخرى، الرواية ليس فيها نقمة على الرجل..


سامي كليب (مقاطعا): يعني ستقولين -اسمحي لي- ستقولين لي إن ما كتبته لا يرتبط بالمجتمع الأردني؟ مرتبط بشكل مباشر..


عفاف البطايني: هو مرتبط بكل المجتمعات.


سامي كليب: رجل الدين والأب والأخ والعشيرة والقبيلة ومش عارف شو، ويعني وحتى حين تذهب الطالبة لتشتكي للمدير فيقول لها يعني اصمتي أفضل لأنه ستطردين يعني، وتتحدثين عن واقع في الأردن والبعض ربط الرواية بتجربة لك شخصية مع بطلة الرواية أو هكذا حصل معك.


عفاف البطايني: الرواية ليست سيرة ذاتية، دائما مشكلة الكاتبة العربية أن أي عمل تصدره يصبح اسمه سيرة ذاتية أو يعامل على أنه سيرة ذاتية ولكن القضية التي أريد أن أعلق عليها بشكل سريع أن الفساد موجود في الأردن وفي غير الأردن ومن حق الكاتب أن يتحدث عنه، إن كانت المؤسسات غير راضية عن هذا الفساد روائيا فلترفضه في الواقع.


سامي كليب: طيب يعني غير ناقمة على الرجل؟


عفاف البطايني: أبدا، ابدا.

حدود ومحرمات الكتابة وحرية الكاتب


سامي كليب: عال. أستاذ نبيل هل يعني الاحتكام إلى الأخلاق أو مراعاة الأخلاق في مجتمع معين العادات التقاليد ضرورية للرواية يعني يمكن الحديث عن كل شيء؟


نبيل سليمان: عن كل شيء سيكون من المبالغة إن قلت لك نعم، من حيث المبدأ أنا مع أن تقول الرواية قولها في كل شيء وبلا أي قناع لكن هذا يبقى على مستوى الحلم يعني..


سامي كليب (مقاطعا): حتى ولو كان هذا الشيء متناقضا مع ما هو قائم في مجتمع معين مثلا؟


نبيل سليمان: نعم، نعم، لأن ما هو قائم يعني هلق بلا ما نكذب على أنفسنا يعني وعلى.. ما هو قائم مليء بكل ما يسيء للإنسان الفرد والجماعة، المؤسسة و.. مليء بالنفاق مليء بالزيف، قبل شوي كنتم عم تحكوا عن الفساد وإلى آخره، طيب إذا كانت الرواية ستأتي وتضع مرهما فوق كل هذه البثور فماذا استفدنا؟ لا بد لها ولكل فن من أن يحفر في صميم هذه الأدواء التي تفتك بنا.

إعلان


سامي كليب: طيب كويس ولكن السؤال هو مثلا هناك الدين بشكل عام يعني إذا تناقض ما في الرواية مع مفهوم الدين مع الشريعة إذا تناقض مثلا مع بعض التقاليد الاجتماعية مثلا الكلام بشكل منفتح أكثر..


نبيل سليمان: فليكن.


سامي كليب: عن الجنس عن الإباحية وما إلى ذلك، هل هذا ضروري نجوى بركات؟


نجوى بركات: أنا أعتقد أن الكتابة هي بالدرجة الأولى فعل حرية، إذا أنت مش كائن حر يعني بداخلك لا أعتقد أن نصك ممكن يعبر عن حقيقة ما في مجتمعك، ما بأعرف ما معنى كتابة اجتماعية يعني ولا أعتقد أن هناك كاتبا ما قادر على أن يعبر عن مشاكل مجتمعه بشكل كامل، أنا أتصور أن هذه دعوة أو الطريق التي تؤدي إلى فشل يعني محتوم.


سامي كليب: يعني مفترض به بهذا المقياس "خارج الجسد" فاشلة؟


نجوى بركات: لا، بدي أكفي..


سامي كليب: إذا كان يعني لا يستطيع الكاتب أن يعبر عن مشاكل مجتمعه، عبرت عن مشاكل مجتمعها السيدة عفاف.


نجوى بركات: لا، مش هذا اللي بدي أقوله، يعني ما أريد قوله هو التالي، لا يمكن تحميل الرواية ما يفوق طاقتها يعني لا يمكن لرواية أن تعبر عن مشاكل يعني الكاتب ليس مرشدا اجتماعيا الكاتب إنسان بالدرجة الأولى.


سامي كليب: أستاذ جمال الغيطاني سأتركك تعلق على الموضوع نفسه بعد لحظات ولكن نود أن نستمع إلى وجهة نظر تختلف مع ما قيل حتى الآن في هذا البرنامج، الشيخ يوسف البدري.

[شريط مسجل]


يوسف البدري: هذه الروايات النسوية التي تحاول أن تنال من المجتمع الذكوري وتهاجم الرجال على أنهم هم الذين يغلبون أمرهم على أمرهم وأنهم هم الذين يظلمون النساء هذا عبارة عن خيال مريض وخيال غير صحيح ولا بد أن نعلم أن المرأة امرأة وأن الرجل رجلا، وأقول لك إن الله تعالى يقول  {..وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى..}[آل عمران:36] ولا بد أن يكون هناك حدود، إن الله تعالى خلق المرأة لوظيفة والرجل لوظيفة فلا يجوز أن تتعدى المرأة وظيفتها وقد تم لعن المرأة الراجلة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بد أن يأخذ الرجل بحقه كاملا، إن المرأة التي تهاجم الرجال لا تفهم طبيعتها ولا طبيعة الحياة ولا تفهم دينها إطلاقا، أنا على استعداد أن أناقشهم وأن أناظرهم وأن أحاورهم في الفكر والأدب والفن، الإسلام لا يأبى هذا ولكنه ينظمه، ابتعد عن ذات الله ابتعد عن الجنس ابتعد عن كل معيبة ابتعد عن الأخلاقيات ابتعد عن المقدسات ثم اكتب ما شئت يكون مقبولا ونحن نعلم أن.. الشعرية تصلح ويصلح لها كل شيء في الوجود السماء والأرض والحيوان والجبال والنبات إلا أن يكون ذلك على حساب القيم الدينية والمقدسات الدينية وعلى حساب الأخلاقيات فهذا باطل باطل باطل.

[نهاية الشريط المسجل]

سامي كليب: قبل التعليق على ما ورد أود أن أعرف لمن لا يعرف الشيخ يوسف البدري أنه ربح دعاوى كثيرة ضد كتاب، ضد جابر عصفور، ضد ضيفنا جمال الغيطاني، ضد الشاعر عبد المعطي حجازي، ضد عادل حمودة وشكل ظاهرة في مصر. نبدأ بالتعليق عليه معك أستاذ جمال الغيطاني.


جمال الغيطاني: أنا لا أعلق على كلام الأستاذ يوسف البدري.


سامي كليب: لماذا؟


جمال الغيطاني: لأنه هو رجل يطارد المثقفين بالقضايا وأصبحت ظاهرة وصلت إلى حد الاحتراف..


سامي كليب: طيب القضاء يعطيه دائما الحق على ما يبدو.


جمال الغيطاني: يعني هو يرفع القضايا ومعه مجموعة كبيرة من المحامين، لا يلجأ يعني لا يجادل ولا يناقش ولكن يطارد المثقفين بالقضايا ولديه من الخبرة الكثير لأنه أنا مثلا عمري ما وقفت لم أقف أمام محكمة يعني دائما مجالي هو المناقشة وهو الكتابة..


سامي كليب (مقاطعا): طيب هو يقول -أستاذ جمال الغيطاني- هو يقول ابتعد عن الجنس ابتعد عن الدين ابتعد عن الإباحية ابتعد عن كذا ويمكنك أن تكتب ما تشاء، يعني أود أن ترد عليه بهذا المعنى تحديدا بالمضمون أيضا.


جمال الغيطاني: يعني اسمح لي، لا أحد يقترب بالمفهوم الذي يريد أن يوحي به لكن عندما يقول ابتعد عن الجنس ابتعد عن الحياة يعني باختصار هو يريد الابتعاد عن الحياة يعني إذاً ماذا يبقى للكاتب لكي يكتب؟ نعم يجب أن لا يكون هناك طعن في المقدسات أو إلى آخره، شيء لا يختلف عليه أحد..


سامي كليب (مقاطعا): ماذا بقي أن يكتب؟ يعني بالزيني بركات أستاذ جمال حضرتك ما كنت غائصا في كل هذه المواضيع بالعكس عدت إلى التراث إلى التاريخ إلى قصص المراقب الذي يراقب الناس يعني الشرطي اليوم إذا صح التعبير.

إعلان


جمال الغيطاني: يعني أستاذ سامي، أبو حيان التوحيدي في القرن الرابع الهجري والجاحظ كانا أكثر حرية أو كان لديهما مساحة أكثر في التعبير مما أتمتع به أنا والضيوف الأفاضل الذين يتحدثون في البرنامج، ولم يكن..


سامي كليب (مقاطعا): طيب اسمح لي أنتقل أستاذ جمال إلى الضيوف الأفاضل مرة ثانية، السيدة عفاف الكلام موجه لك أيضا من قبل الشيخ يعني لا تأتي ضد الرجل بشيء بالنتيجة.


عفاف البطايني: يعني أولا الخطاب اللي استعمنا إليه من الشيخ هو خطاب موجود في مجتمعاتنا وموجود عند شريحة واسعة خصوصا من غير المثقفين وهذه قضية أساسية أن نتنبه لها، هو ينظر إلى المرأة على أنها شيء أقل من الرجل أو لها دور تاريخي أو لها دور حدد لها قبل آلاف السنين، هذه ثقافة عصر غير العصر الذي نعيش فيه، أنا كامرأة أرفض تماما ما تفضل به، أحترمه ولكني لا أوافقه على شيء، المرأة قادرة على كل شيء ولها الحق في الكتابة.


سامي كليب: وصلت الرسالة. نجوى بركات؟


نجوى بركات: أنا يعني ما أود قوله لما استمعت لفضيلة الشيخ نصف الخطاب أنا موافقة معه 100%..


سامي كليب: كيف، أي نصف منه؟


نجوى بركات: النصف الأول يعني صح الأنثى ليست كالذكر، صح كل شخص عنده دور بس الخطاب الجزء الثاني هو خطاب متناقض تماما يعني هو عم يناقض نفسه، كل شخص يعني المثقف مضطلع بأشياء لازم يعني..


سامي كليب (مقاطعا): انتبهي بيربح دعاوى مباشرة.


نجوى بركات (متابعة): يدافع عنها، هو لازم يحكي بمواضيع يمكن أنا بأعطي رأيي فيها أو ما بأعطي رأيي فيها. مشكلة الخطاب حاليا الحاضر خاصة الذي يهاجم أو ثقافة أو أسلوب بالتعبير أو طرق في.. هو أنه يستند دائما إلى مسلمات لكي يذهب بها إلى يعني نتائج تنافي تماما المنطق اللي بدأ فيه..


سامي كليب: طيب اسمحي لي ست نجوى يعني هو يدافع عن وجهة نظره عن نفسه عما يؤمن به وأنت تدافعين عما تؤمنين به يعني هذه وجهة نظره..


نجوى بركات: هذا حقه طبعا..


سامي كليب: ولكن اللافت أنه يربح معظم الدعاوى ضد الكتاب ربما لسبب كما قال الأستاذ الغيطاني أن لديه خبرة صارت طويلة في مجال القضاء ولكنه ألا يخاطب أيضا -أستاذ نبيل سليمان- العقل الجماعي العقل الباطن للمجتمع العربي الإسلامي بشكل عام؟


نبيل سليمان: هو يخاطب شطرا كبيرا من هذا العقل الذي سكنته خلال القرون المتعاقبة الجهالة والخرافة وشوهت فيه مستغلة النزوع الفطري الإيماني عند الإنسان أيا يكن هذا الإنسان ولذلك يعني أكرر قول عفاف بأنها وجهة نظر نحترمها وإنما من أعطاه هذا الحق ليرفع الساطور على رقابنا؟ من؟


سامي كليب: القضاء يعطيه الحق..


نبيل سليمان: فليكن..


سامي كليب: ودينه يعطيه الحق.


نبيل سليمان: فليكن، وأنا أقول له، كما قال ابتعد عن كذا وكذا أقول له ابتعد عن الرواية مالك وللرواية؟ طيب هو قارئ سيقرأ الرواية وأنا مواطن من حقي أن أفكر أو أن أكتب فيما يتعلق بالجنس أو بالدين أو بالسياسة أو بنوازعي الإيمانية والروحانية أو.. أو..


سامي كليب: بعد لحظات سنواصل هذا الحوار عبر قناة الجزيرة ونتوقف عند ارتباط الكاتب اليوم الروائي بهموم شعبه من فلسطين إلى محاربة الفساد إلى النزوع نحو الديمقراطية والحرية. مشاهدي الأعزاء برنامج الملف سيتواصل معكم بعد لحظات، ابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

دور الكاتب والرواية في مقاربة القضايا والهموم العربية


سامي كليب: برنامج الملف متواصل معكم أعزائي المشاهدين عبر قناة الجزيرة وأحاول مع ضيوفي أن نعرف أكثر عن الرواية العربية هل تعبر فعلا عن هموم شعبها أم تقلد الغرب فتنسى شعوبها. والسؤال مجددا حول ارتباط الروائي اليوم بهموم شعبه مثلا حضرتك تحدثت عن المجتمع ربما العربي بشكل عام الشرقي وهذه الذكورية الطاغية وفق تعبيرك، نجوى بركات عدت إلى التاريخ في "لغة السر" إلى ابن عربي إلى الشيخ عبد الله العلايلي ومذكوران الاسمان يعني في الرواية بشكل مباشر ولكن اليوم المواطن العربي بشكل عام قضيته الأولى مثلا تبدأ بفلسطين تمر بالحريات تمر بالنزوع نحو الديمقراطية بنوع من المناخ الأفضل في حياته اليومية باقتصاد أفضل يعني هل يجب أن تعبر الرواية عن كل ذلك؟ أبدأ معك سيدة عفاف.


عفاف البطايني: مسكينة الرواية العربية يعني أحيانا نتوقع منها أكثر مما تحتمل، الرواية العربية بشكل عام في المشرق العربي وفي المغرب العربي عبرت عن هموم المواطن العربي من احتياجه إلى الخبز وحتى احتياجه إلى الحرية وما بينهما يعني جميع هذه الموضوعات تم طرحها من خلال الرواية العربية من قبل كتاب كثر وعلى كل المستويات، فلذلك لا نستطيع ان نقول بأن الرواية العربية منفصلة عن هموم المواطن العربي ولكن القضية أحيانا هي ما هو هم المواطن العربي؟ بعضنا لديه الهم الفلسطيني بعضنا لديه هم الديمقراطية بعضنا لديه هم الفساد أو هم الطفولة أو هم حقنا في حياة اقتصادية أو اجتماعية أفضل، همومنا متعددة والرواية تعبر عن كل هذه الهموم.


سامي كليب: كويس يعني مثلا أستاذ نبيل سليمان، يعني روائي كصنع الله إبراهيم في مصر عادة يؤرشف الصحف يعني ينطلق من أخبار يومية من حوادث يومية ولكنه يقول الكلام بشكل مباشر وقاس في بعض المرات ويقول ما يفكر به بنفس روائي أيضا، هل يجب أن يكون الروائي اليوم لكي يخاطب شعبه بهذا المنحى يكتب مثلا؟


نبيل سليمان: بالفن ما في كلمة يجب، في اقتراحات، طريقة صنع الله إبراهيم هي اقتراح، اقتراح فني وطريقة جمال الغيطاني هي اقتراح وطريقة سين وعين وصاد. أنا ألفت النظر إلى العقدين الأخيرين هالعشرين سنة التي مضت، قلب في الروايات فماذا ترى؟ هناك عدد مهم من الروايات التي اشتغلت على الدكتاتور والدكتاتورية حتى أني لأزعم بأنه بات للرواية العربية يعني مدونة عنوانها الرئيسي الدكتاتور تضاهي المدونة الأميركية اللاتينية في ذلك، هذا واحد. اثنين..


سامي كليب (مقاطعا): فقط للتدليل على الدكتاتور في بمثابة البيان الروائي لك تقول ما يلي لكي نذكر على الأقل بما تكتبون "كيف تكون الجهارة في وجه السلطان السياسي والاجتماعي والفني أيضا روائية؟ كيف يكون اختراق المحرمات روائية؟ هل تكفي الشجاعة أو الشعرية أو التمرغ باليومي والمدنس وبالمدنس والعامي؟"


نبيل سليمان: هو هذه جوهر الأسئلة بس بعد ما أتابع يعني على كلمة الدكتاتور أو عنوان الدكتاتور عنوان حقوق الإنسان، بدأت الرواية العربية تشتغل على هذه الكلمة بالمعنى الذي يعود إلى 1948 والإعلان الدولي عن حقوق الإنسان..


سامي كليب (مقاطعا): لا، ولكن مسألة السلطان مسألة السلطة ومسألة النظام لك معها علاقة خاصة أنت في سوريا..


نبيل سليمان: طبعا بالتأكيد..


سامي كليب: يعني كنت من الموقعين على بيان 99 الشهير من أجل المزيد من الديمقراطية وفي الوقت نفسه سمعت كلاما يعني جميلا جدا وفيه الكثير من الإطراء من قبل وزارة الثقافة السورية حيالك، كيف توفق بين..


نبيل سليمان: هذا أمر خارج الرواية، هذا أمر يعود إلى وضعي أنا كمواطن، ما الكاتب أو الكاتبة مواطن ومواطنة..


سامي كليب: هنا المشكلة، هل في خارج الرواية وداخل الرواية؟


نبيل سليمان: طبعا.


سامي كليب: يعني نبيل سليمان السياسي غير نبيل سليمان الروائي يعني تستطيع الفصل؟


نبيل سليمان: هو نبيل سليمان السياسي ما بأعرف وينه أنا يعني بس أنا بأعرف..


سامي كليب: كان شيوعيا.


نبيل سليمان: لا، ما كان شيوعيا، كان شيوعي الأفكار وليس شيوعي التنظيم. بس نبيل سليمان المواطن وقع على البيان مثلا على الـ 99 أو كرمته وزارة الثقافة السورية أو له موقف معين من الفساد أو له موقف معين من الاستبداد ومن قول الشيخ يوسف البدري وسواه، هذا السؤال اللي حضرتك المقطع الذي قرأته السؤال المركزي هذا كله كيف يصاغ فنيا؟ وإلا كما ذكرت الأخت نجوى..


سامي كليب (مقاطعا): لا، ولكن السؤال الأهم أيضا أستاذ نبيل سليمان وأود أن يجيبني عليه أيضا الأستاذ جمال الغيطاني يعني هل فقط الجانب الفني هو الأساس الإبداع هو الأساس أم أيضا المضمون يعني ومخاطبة الشعب؟


نبيل سليمان: اسمح لي بس أنا بكلمة، بلا الفن شو اسمها؟ ما اسمها رواية، لكن هذه الرواية بفنها عندما تحفر في هذا المحرم أو في هذا الفساد أو أو إلى آخره فهذا السؤال، وتفضل الأستاذ جمال.


سامي كليب: أليس محمود درويش الذي قال أو انتقد ما سماها بعبثية الفن المكتفي بذاته؟ أليس من.. يعني ربما لا يحب الأستاذ نبيل كلمة واجب ولكن أليس أفضل أن يخاطب الروائي اليوم شعبه بقضاياه اليومية من أجل الرواية ومن أجل الشعب أيضا ومن أجله؟


جمال الغيطاني: أولا أنا أنتمي إلى جيل لا يفصل بين الخاص والعام يعني ما يمس الوطن من قضايا أو الأمة بتعنيني بنفس القدر الذي أعاني منه إن لم يكن أكثر مشكلة شخصية، قصة حب أو معاناة شخصية إلى آخره، جميع ما كتبت يتصل بالشأن العام وأضرب مثالا بكتابي الأول "أوراق شاب عاش منذ ألف عام" الذي كان جزءا من الرد الروحي على هزيمة يونيو 67 و"الزيني بركات" أيضا..


سامي كليب: وحضرتك كنت مراسلا حربيا، يعني نذكر.


جمال الغيطاني: أنا تطوعت للعمل كمراسل حربي كجزء من محاولة استرداد توازني الروحي، هنا أشير أيضا إلى أن الأديب في العالم العربي لا ينتظر منه الكتابة فقط ولكن ينتظر منه الموقف يعني عندما يحدث حدث في المجتمع أو عندما نواجه بظاهرة فساد أو ظاهرة قمع ينظر الناس إلى الكتاب ما رأيهم ما موقفهم..


سامي كليب (مقاطعا): طيب عال كويس أستاذ جمال بما أنك قدمت لي بهذه المقدمة ورطت نفسك يعني اليوم علاء الأسواني في مقال نشرته صحيفة السفير في بيروت وأيضا صحيفة الشروق المصرية يقول يتوقع من الدكتور محمد البرادعي المرشح كما تعلم لرئاسة الجمهورية أن يكون مستعدا لصدام عنيف مع النظام الحالي وقال "لقد تجاوز البرادعي دور المصلح السياسي إلى دور القائد الوطني ومن الطبيعي أن يدافع النظام الاستبدادي عن مكاسبه بمنتهى الشراسة، لا جدوى إذاً من تفادي الصدام أو تأجيله لأنه حتمي وقد بدأ بالفعل في الأسبوع الماضي عندما تم استدعاء أحد مؤيدي البرادعي" ويختم المقال بالقول "بينما مصر كلها تنتظر عودة الدكتور البرادعي من رحلته وجدت من واجبي أن أنقل إليه ما يتردد في أذهان المصريين الذين يحبونه ويعقدون عليه الآمال الكبار والذين يثقون تماما وأنا معهم بأن محمد البرادعي لن يخذلهم أبدا، الديمقراطية هي الحل" مثلا هل تؤيد ما يقوله بشأن البرادعي؟ هل أنت مع شخص وتريد أن تجاهر بموقفك كروائي مثلا مثله؟


جمال الغيطاني: صديقي العزيز الدكتور علاء الأسواني رجل شجاع وكاتب موهوب وله تقديره الذي أحترمه، لكن فيما يتعلق بظاهرة محمد البرادعي هو يبالغ كثيرا وأعتقد..


سامي كليب: ما السبب؟


جمال الغيطاني: أنه لا البرادعي حيصطدم بالنظام ولا النظام سوف يصطدم به لأن تقديم.. يعني مش عايزين ندخل في ظاهرة محمد البرادعي الذي أحترمه كشخصية دولية ولكن أظن أنه تورط في واقع ليست لديه الخبرة الكافية به وأنا..


سامي كليب (مقاطعا): طيب حتى الآن في مصر -يعني اسمح لي نبتعد ولو للحظات عن جوهر هذا البرنامج- في مصر اليوم يعني في تيارين تيار البرادعي وتيار التوريث يعني إذا كانت ترفض الأول أنت مع الثاني؟


جمال الغيطاني: لا، يا أستاذ سامي لا تبالغ، لا يوجد تيار للبرادعي، البرادعي مجموعة من المثقفين الناس الشرفاء التواقين إلى التغيير ولكن لا توجد أحزاب حقيقية في مصر يمكن أن تشكل ضغطا يأتي بالبرادعي أو غيره، الأمر الثاني..


سامي كليب: طيب أنت مع التوريث؟


جمال الغيطاني: أنا يا سيدي لست مع التوريث على الإطلاق.


سامي كليب: طيب؟


جمال الغيطاني: ولكن أيضا لست مع القادم من الخارج..


سامي كليب: طيب أستاذ جمال يعني.. نعم تفضل، تفضل.


جمال الغيطاني: يعني خليني اسمح لي..


سامي كليب: تفضل، عفوا على مقاطعتك.


جمال الغيطاني: ليس معنى أنني ضد ظاهر البرادعي أو أحمد زويل أنه أنا مع الحكومة، أنت تعرف موقفي جيدا ولكن أنا أريد شخصا له شعبية وله قواعد جماهيرية يأتي من داخل المجتمع لكن أن أنتظر من يأتي من الخارج هذه مسألة أنا غير مقتنع بها، يعني وأرى أن فيها نوعا من المبالغة وهي بدأت المسألة أيضا تأخذ حجمها الطبيعي، هذا أريد ان أقول أحيانا عندما يقول الكاتب هذا الرأي قد يتحمل من المشقة ومن الضغوط أكثر من الموقف اللي ممكن يأخذه طرف آخر.


سامي كليب: طيب بعد لحظات أستاذ جمال والضيوف الكرام سنستمع إلى رأي آخر من القاهرة للناقد يوسف القعيد ولكن ما رأيكم لو نسأل إحدى المكتبات المصرية الشهيرة مكتبة مدبولي أي رواية تبيع ولماذا تبيع أكثر من غيرها؟

[شريط مسجل]


مشارك1: سوق الرواية هذا العام يعني في الحضيض، طبعا الوضع الاقتصادي الحالة الاقتصادية مش مساعدة الناس أن هي تشتري بمعنى أصح يعني النهارده مثلا معظم العائلات في طلبة مدارس في عندها أولاد بيأخذوا دروسا في كذا، طبعا رب البيت ده حيبص لإيه ولا لإيه؟ من هنا العملية فيها هبوط.


مشارك2: أكثر الكتب مبيعا في مصر والعالم العربي هي أكثريتها الروايات المترجمة زي باولو كويلو، زي ستيفن كوفي، زي دانيال ستيل، وأكثر الكتب مبيعا برضه من ضمن الروايات المصرية "عمارة يعقوبيان"، "شيكاغو".

[نهاية الشريط المسجل]

سامي كليب: عمارة يعقوبيان و"شيكاغو" وغيرها. نجوى بركات هل أنت مع أن يلتزم الكاتب أيضا بالحياة السياسية اليومية أن يجاهر برأيه؟ مثلا حين تشاهدين محمد الدرة يقتل في فلسطين أو غزة تحاصر تشعرين بأنك يجب أن تجاهري وتنزلي إلى الشارع مثلا كروائية؟


نجوى بركات: لا أريد أن يفهم من كلامي عكس نيتي..


سامي كليب: فهمينا صح.


نجوى بركات: يعني مش صح، أعبر عن نفسي بطريقة صحيحة لأن الوقت قصير. أنا بصراحة ردا يعني على ما قيل أنا أعتقد -هذا رأيي الشخصي- أن الأدلجة والأفكار ضد الرواية، هي إحدى مطبات الرواية، شغلة واحدة. الشيء الثاني..


سامي كليب: لماذا؟ مكسيم غوركي أدلج للاشتراكية، إحسان عبد القدوس..


نجوى بركات: لا، معلش، هيدا ما بيودي لبعيد، هذا لا.. يعني معلش خليني أقول ثلاث جمل لنفصل الأشياء بين بعضها، الرواية أو الكاتب غير مطالب.. يعني تذكر نحن مجتمعات عربية صوت الفرد فيها غائب تماما..


سامي كليب: طيب هذا جارك نبيل سليمان يؤدلج الرواية أيضا، يكتب عن قضايا قومه.


نجوى بركات: أنا ضد ومع احترامي مع رغبتي العظيمة بقراءة الجميع مع أحيانا حبي للرواية بس عم أحكي من حيث المبدأ الأدلجة تقتل الإبداع، هيدي وجهة نظري، هذا لا يعني أن الكاتب غير معني بقضايا مجتمعه، ما هو فرد من مجتمعه، بس بدي أتابع لشغلة، أضف إلى ذلك نحن كمثقفين مدعوون طبعا أن نأخذ موقفا، منأخذ موقف سياسي من جميع القضايا وحتى من القضايا التي تعتبر أحيانا قضايا..


سامي كليب (مقاطعا): يعني حضرتك تقيمين في باريس مثلا تتظاهرين من أجل العراق من أجل فلسطين كروائية؟


نجوى بركات: طبعا، طبعا..


سامي كليب: وتنزلين إلى الشارع؟


نجوى بركات: يعني هيدا مش باب فخر، أنا مجرد أنك بتكتب بالعربي مجرد أن تكتب بالعربية مجرد أنك تتابع الأمور اللي تحصل من حواليك، يعني لا يمكن للكاتب خاصة الروائي أن يكون معزولا عن واقعه لأن الرواية هي عبارة عن مجموعة من الشخصيات و.. هي أن تخلق عالما، ما فيك تخلقه من لا شيء.

الكتابة الجديدة وعلاقة الرواية بالواقع


سامي كليب: صحيح أنا استعمت إلى مقالة أهداف سويف يعني منذ أيام بعد أن حازت على جائزة محمود درويش العالمية تقول إن هي تؤكد على أولوية القيم على الكتابة وتركز على القضية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال، تقول "إن عدونا تسبب في تعطيلنا منذ عام 48 وأصبح شغلنا الشاغل، ليست هناك قضية كبيرة أو صغيرة تخصنا إلا وعلينا أن نأخذه في حسابنا ونحن نعالجها، عدة قتل منا الشباب والأطفال والشعراء والرسامين"، وهذا من القاهرة يوسف القعيد أيضا ينتقد الرواية الجديدة لأنها تبتعد قليلا عن واقع شعبها، نستمع إليه.

[شريط مسجل]


يوسف القعيد: الكتابة الأدبية الجديدة تؤمن بأن فرض عين على الروائي أن يتعرض لقضايا مجتمعه ولهموم وطنه ولمشاكله، للأسف الشديد هم يتصورون -وهم على خطأ- أن هذه سمة انطوت مع الوقت وأنه لم يعد لديهم من الاهتمام سوى كتابة الجسد كتابة الذات كتابة الهموم الفردية ويعتبرون أن فكرة الهم القومي تنطوي لزمن لم يتعد له وجود. أنا لا أحب الأحكام التعميمة لكن في المجمل من يكتبون النص الروائي الآن أو من الأجيال الطالعة أو من أصحاب الكتابة الجديدة لا يولون كثيرا لفكرة الهم العام.

[نهاية الشريط المسجل]

سامي كليب: يعني الهم العام كلام يتردد دائما عند يوسف القعيد وعند الكثير من الكتاب، مثلا في روايته "واحة الغروب" يقول بهاء طاهر الذي على ما يبدو تحسده نبيل سليمان على رقته كما تقول، يقول "اكتشفت من خلال كتابة روايتي الأخيرة أن الكثير من الأسئلة التي كانت مطروحة في القرن التاسع عشر هي أسئلتنا نفسها اليوم، الهيمنة الغربية، الموقف الطبقي إنما تغير نحو الأسوأ"، ما رأيك بهذا الكلام أستاذ جمال الغيطاني؟


جمال الغيطاني: الموقف طبعا الآن أكثر خطورة من القرن 19 لأن القضية الفلسطينية أنا أعتقد أنها يعني أصبحت في مرمى التصفية بعد الانقسام إلى حكام غزة والمنظمة في رام الله، هناك مخطط على مستوى العالم العربي للتقسيم على أساس طائفي وعرقي يتم تنفيذه بدقة وبخطورة، الخطر لا يأتي من الغرب يا سيدي، الخطر يأتي من الداخل..


سامي كليب: كيف؟


جمال الغيطاني: من التخلف من الدكتاتوريات من الفساد من عملية التشظي اللي في العالم العربي. الوضع في القرن التاسع عشر كان أفضل، كان لدينا الإمام محمد عبده، الآن لدينا الأستاذ يوسف البدري! بالمناسبة الأستاذ يوسف البدري ليس شيخا، كلمة الشيخ كلمة تطلق على خريج الأزهر ومن درسوا الدين يعني لمدة طويلة، الأستاذ يوسف البدري أصلا مدرس لغة عربية واحترف الدعوة زي الدعاة اللي إحنا بنشوفهم الآن في الفضائيات، هذا نوع من الخلط لا يجوز..


سامي كليب (مقاطعا): ولكن هو عضو المجلس الإسلامي يعني وداعية عنده صفة رسمية.


جمال الغيطاني: أنا أتكلم عن واقع أنا أقرأ من ملف لأني أعرفه جيدا، هذا أمر يعني عندما نقول الشيخ هذا لا بد أن يكون من الأزهر أو يعني له حيثية طويلة في مسألة الإفتاء والتدريس وإلى آخره، لكن الحيثية الطويلة في رفع القضايا ضد المبدعين وترويع الكتاب هذه مسألة أخرى. أريد أن أقول إن الوضع في القرن 19 كان أفضل، الآن أسوأ.


سامي كليب: أستاذ جمال يعني اسمح لي لأنه هناك رد جاهز عند عفاف البطايني بما أنها أعدت دكتوراه وناقشتها في بريطانيا وتحدثت عن الأدب الشعبي ولك وجهة نظر قرأتها في مكان ما تقولين إنه يعني يجب أن نتخلص أيضا من هذا الأدب الكلاسيكي يجب أن نجدد يجب أن نبدع بأساليب جديدة بهموم جديدة أيضا تعبر عن واقع اليوم واقع ربما الشباب أيضا الروائي الجديد.


عفاف البطايني: أنا لم أقل لنتخلص من الأدب الكلاسيكي لا في أطروحتي وحتى في أحاديثي بشكل عام. الأدب يتغير مع تغير الإنسان، الأدب الذي وجد في القرن 18 أو 17 مختلف عن أدب القرن العشرين بدايات القرن العشرين، نحن نعيش في عصر السرعة، الأدب يتغير صوت الكاتب يتغير أدواته الفنية تتغير قارئه يتغير هموم مجتمعه تتغير والأيديولوجيا التي نتحدث عنها أيضا تتغير، المشكلة هي عندما نطالب الأدب بأن يثبت على نقطة ما أو أيديولوجيا ما أو هم ما أو مشكلة ما، هذه تقتل الأدب ولا تسمح له بأن يتقدم. مشكلة أخرى أو قضية أخرى يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار هي أن التمييز بين أنواع الأدب المختلفة يعني لدينا أدب شعبي هذا له جمهوره الخاص قراؤه الخاص أدواته ولغته وهمومه، لدينا الأدب ربما التاريخي الرواية التاريخية والأدب التاريخي بشكل عام هذا له همومه المختلفة، عندما نخلط نحن في الساحة الثقافية العربية نقادا وروائيين بين كل هذه الأجناس الأدبية وتفرعاتها وأدواتها نقع في مأزق، المأزق الحقيقي هو فهم الرواية باعتبارها أدبا متجددا من الداخل وفي علاقتها مع القارئ.


سامي كليب: مع التواصل مع القديم طبعا يعني دون القطيعة المباشرة.


عفاف البطايني: إيه بالتأكيد القديم هو أدب تلك المرحلة ولا يمكن الاستغناء عنه أو نفيه ولكن علينا أن نفهمه في سياقه التاريخي.


سامي كليب: طيب اسمحي لي سيدة عفاف البطايني يعني حضرتك غير الكلام عن المجتمع الذكوري وقسوة هذا المجتمع في الشرق هل مثلا سأكرر السؤال الذي طرحته على نجوى هل تظاهرت من أجل الفلسطينيين هل تحضرك مثلا هذه الصور في خلال البحث عن موضوع للكتابة مثلا، هل متعلقة بهذه الهموم؟


عفاف البطايني: طبعا هذه القضية حقيقة لا نستطيع أن نفصلها، أحيانا نحن نضع الأديب أو الروائي في قالب ونتوقع منه أن يمثل أو أن يقدم كل ما نتوقعه منه..


سامي كليب: إيه طيب هو من النخب في شعبه.


عفاف البطايني: الروائي هو كاتب هو أيضا إنسان في المجتمع هو أم أو أب هو أستاذ جامعي أو كاتب صحفي له أدوار متعددة..


سامي كليب (مقاطعا): لا، حدثيني عنك دون العموميات.


عفاف البطايني: أنا بالنسبة لي وحتى في هذه الرواية من يقرأها جيدا يجد التفاتا لمجموعة من القضايا وليس لقضية واحدة. تظاهرات نعم في دبي في الإمارات في بريطانيا عندما تكون هناك قضايا، في التواقيع على الإنترنت إلى آخره ضد أحيانا سجن الصحفيين أو سجن بعض الكتاب أو مصادرة كتبهم أو منع الرقيب طبعا هذا جزء من دوري ولكنه ليس دوري الوحيد هناك مجموعة أدوار.


سامي كليب: أستاذ نبيل سليمان، حين يعني رأيت عنوان هذه الرواية "السجن" أنا خفت قلت يعني كيف يكتب في مجتمعنا عن السجن بطلاقة أو ما إلى ذلك يعني ألا يخشى من العقاب؟ وبالمناسبة قرأت أيضا رواية لشخص سجن بتهمة الانتماء للإخوان المسلمين وهو مسيحي كما تعلم، تقول في هذه الرواية "يا أخي العزيز يا رفيق الدرب مسدود، ليس من مخرج إلا إلى الموت وما الثمن؟ النصر؟ أين هو؟ التغيير، دلني عليه وخذ روحي، دع عنك ذلك يا وهب، أنت في زهرة شبابك الآن، انظر إلي، ومد كفه إلى ذقنه، لقد أضعت عمري وفتوتي فماذا جنيت؟" يعني أليس في خيبة أمل عند الكاتب ولا فقط نفس روائي يعني تفكر بذلك؟


نبيل سليمان: هو هذه يعني في لحظة يأس عند إحدى شخصيات الرواية، وكما تعلم لا بالسجن ولا بغيره ما في شخصيات دائما مقدودة من الصوان أو مقدودة من الصخر، الإنسان بيمر بلحظات يأس وبلحظات ضعف وفي ناس بتنتحر وناس..


سامي كليب: ولكن هو يأسك مثلا الشخصي أيضا، خيبة الأمل؟


نبيل سليمان: هذا مقابل شخصية أخرى لم.. يعني لم تعش هذه لنقل اللحظات من السلبية أو التردد بس..


سامي كليب: لأنه أيضا في "هزائم مبكرة" هناك تخبط أيضا يعني مثلا..


نبيل سليمان: رجعتني بـ "السجن" لعام 1972.


سامي كليب: طبعا وطبعت كمان مرات جديدة.


نبيل سليمان: إيه طبعا.


سامي كليب: تقول في هذه الرواية "هزائم مبكرة"، "ها أنتم مع عبد الناصر من جديد ولكن هل تضحي بالوحدة لأن الشيوعيين يريدونها هذه المرة؟ كنت أحار في حل تلك العقد، العراق يضم الكويت بالقوة، هذه وحدة أم اغتصاب؟ الشيوعيون ضد الوحدة هنا وهم معها هناك، يوسف يؤكد أنهم معها هنا وهناك وأنهم فقط ضد المباحث وضد الدكتاتورية ومنصور يقاطعه دوما.." يعني ويكمل ذلك، في تخبط وفي يأس..


نبيل سليمان: في ارتباك.


سامي كليب: في ارتباك..


نبيل سليمان: لأن هذه الرواية هذا الكلام يتعلق بحالة الوحدة السورية المصرية عام 1958 للـ 1961، وأيضا ما يخاطب من تلك التجربة يومنا هذا يعني في أربعين سنة بس أيضا شو بقي منه؟


سامي كليب: اسمحوا لي يعني فقط أنا أقاطع كثيرا لأن الوقت ضيق ونحاول أن نلم بالكثير من الأمور. سنعود أيضا ونستمع إلى يوسف القعيد رأيه لماذا مثلا نجحت رواية كرواية دافنشي كود لدان براون أو غيره، نشاهده.

[شريط مسجل]


يوسف القعيد: باولو كويلو عندما جاء إلى مصر وكانت معه قافلة من المستشارين الذين يشيرون عليه ما يكتب قلت له في ندوة عقدت في جريدة أخبار الأدب إن نجاحه نجاح نشر أكثر منه تأليف، إنه ظاهرة وأنا ذكرت عبارة قافلة باولو كويلو لأن لديه قافلة هناك من يشير عليه بالموضوعات التي يكتب فيها هناك من يعيد كتابة ما يكتبه هناك كاتب سيرته يتحرك معه هناك ملهمون له أو ملهمات، ظاهرة باولو كويلو -وأنا استظرفته على المستوى الإنساني- هي ظاهرة تنشين على موضوعات وتنشين تعبير مصري اللي هو إحكام النيشان على موضوعات لها قدر من الرواج أكثر منها أدبا. أيضا دان براون وما كتبه أعتقد أنها فورة حقيقية نحن للأسف نقلدها في الوطن العربي من خلال الروايات الأكثر مبيعا التي أسميها روايات الانتشار السريع اللي هي مقدمة لخصخصة الكتابة وتسليع الكتابة وتفريغ الكتابة من أي محتوى أدبي حقيقي يبقى على مدى الزمان. وأنا أريد أن أقول إنه في منتصف ستينيات القرن الماضي في مصر كان في مصر روائي اسمه عزيز أرماني وكانت له رواية شهيرة جدا عنوانها "خذني بعاري" وهذه الرواية في منتصف ستينيات القرن الماضي -وأنا حريص على التاريخ- وزعت أكثر من روايات نجيب محفوظ وعبد الحليم عبد الله وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس وكل من كانوا يكتبون في ذلك الوقت وحولت إلى فيلم سينمائي وطبعت منها طبعات كثيرة جدا وباعت أرقاما خيالية لكن أين هو عزيز أرماني الآن؟ أين هي "خذني بعاري" الآن؟ يعني علينا أن نفرق بين الطفرة أو النجاح العابر المؤقت وبين الكتابة الأدبية التي تترك أثرا في الواقع وتنمو مع مرور الوقت.

[نهاية الشريط المسجل]

سامي كليب: من سيكتب رواية دافنشي كود في العالم العربي؟ فقط قبل أن أعطي كلمة الختام تقريبا لك نجوى لك تحدثينا قليلا عن المحترف لتعليم طلاب جدد كيفية الكتابة الروائية الجديدة، فقط أستاذ جمال الغيطاني أود أن أشكرك جزيل الشكر على هذه المشاركة ونتمنى أن..


جمال الغيطاني (مقاطعا): أنا اسمح لي بس بجملة، أنا ضد تسليع الأدب ضد الأدب الكلينكس الذي ينتشر الآن ضد تحويل الأدب إلى قيمة تجارية ومن أخطر ما حدث في السنوات الأخيرة إدخال البيع في التقييم، هذا باختصار ما أقاوم..


سامي كليب: على كل حال ترجماتك يعني لا بأس بها بيعت كثيرا أيضا وهذا دليل على أن أيضا الأدب الأصيل يباع بشكل جيد.


جمال الغيطاني: لا، لا، أنا لا أتكلم.. أنا أتكلم عن ظاهرة أخرى أنا كتبي تبيع نعم ولكن أنا أتكلم عن إدخال البيع كوسيلة في التقييم الأدبي كأن يقال هذه الرواية أكثر رواجا فهي رواية جيدة، هذا خلط.


سامي كليب: لكي لا تتهمنا عفاف البطايني بالذكورية أيضا في اللقاء سوف أسأل نجوى بركات عن هذه المحترفات، ما هي الفكرة بالضبط؟ وسوف نشاهد بعض الصور وأنت تدربين بعض الطلاب.


نجوى بركات: الفكرة هي تماما اللي تفضل وقاله أستاذنا الكبير بأنه ما يضيعوا الكتاب الجدد الناشئين اللي عندهم رغبة بالكتابة بين ما يروج بين الرائج وبين الأدب الحقيقي، فكرة محترفات الكتابة بدأتها من حوالي أربعة أعوام هي تقليد دارج جدا في الغرب وسألت نفسي لماذا لا ينقل إلى البلدان العربية؟ ولكن مش يعني بلقاءات قصيرة لأنه بلقاءات قصيرة لا يمكن أن تنتج شيئا فعليا فكانت الفكرة أن يتم الإعلان عن شيء يشبه مسابقة يعني كتاب لسه ما نشروا عندهم فكرة رواية بذرة وأن ترسل هذه الأفكار ويتم اختيار عدد معين وأن ينضموا إلى هذه المحترفات اللي أنا بس عم أنشطها يعني ما في شخص آخر وكان عنوانها "كيف تكتب رواية".


سامي كليب: حلو، والذين تدربوا سينشرون روايات في فترة قريبة جدا. يعني اسمحوا لي فقط انتهى الوقت أذكر إذاً "خارج الجسد" لعفاف البطايني، أذكر ببعض رواياتك نجوى بركات وهي عديدة فقط عندي بعضها، آخر رواية "لغة السر" رواية جميلة جدا لمن يحب ابن عربي والعودة إلى الأصول واللغة أيضا، أيضا "حياة وآلام محمد بن ابن سيلانا"، "يا سلام" طبعا تتحدث عن الذين يعني انتهت الحرب كيف يعيشون بعد نهاية الحرب و"باص الأوادم". أستاذ نبيل سليمان يعني لا أدري من أين أعرف برواياتك وهي بالعشرات، فقط التي تحدثنا عنها "هزائم مبكرة"، "ثلج الصيف" أيضا تتحدث عن الحرب دون اللغة المباشرة عن الحرب..


نبيل سليمان: "سمر الليالي" عن السجن السياسي للبنات أيضا.


سامي كليب: السجن السياسي للبنات؟


نبيل سليمان: للبنات.


سامي كليب: أنت معه ولا ضده؟! شكرا لكم جميعا شكرا لجمال الغيطاني من مصر شكرا لضيوفي هنا، وقبل أن أشكر لكم أعزائي المشاهدين متابعتكم اسمحوا لي أن أستعير من الشاعر الكبير الراحل محمود درويش ما قاله في حديث للزميل الناقد عبده وازن عن الرواية قال "إني أحب الرواية الحكاية ذلك أن رواية اللا رواية لا أحبها كثيرا وأعتبرها ثرثرة لغوية". شكرا لمتابعتكم ولمن يود الكتابة إلى برنامج الملف عنواننا الإلكتروني هو almelaf@aljazeera.net

وإلى اللقاء بإذن الله في الأسبوع المقبل.

المصدر: الجزيرة