صورة عامة - الملف - مستقبل السودان - 24/12/2010
الملف

صفحات العام المقبل قبيل حلوله

تستضيف الحلقة عميد معهد باريس للشؤون الإدارية غسان سلامة ليتحدث عن صفحات العام المقبل قبيل حلوله. هل العام المقبل سيكون أقل خطرا وتوترات على العالم العربي مما كان عليه العام المنصرم؟

– بؤر التشنج في المنطقة العربية، النفط والماء
– مستقبل مسارات التفاوض العربي الإسرائيلي
– احتمالات عمل عسكري إسرائيلي وملف إيران النووي
– الملفات الإشكالية في السودان والمخاطر التي تتهدده
– مشاكل اليمن، قضية الصحراء وإشكاليات السعودية ومصر

سامي كليب
سامي كليب
غسان سلامة
غسان سلامة

سامي كليب: السلام عليكم. هل العام المقبل سيكون أقل خطرا وتوترات على العالم العربي مما كان عليه العام المنصرم؟ ماذا ينتظر العراق والسودان واليمن وفلسطين والملف الإيراني؟ هل نحن أمام انفجارات للقنابل الموقوتة الكثيرة أم أننا على مشارف تسويات كبيرة؟ هل سيكون العام المقبل مشابها للعام المنصرم أي مجرد مرحلة إدارة أزمات؟ ثم ماذا عن أميركا بعد انكشاف جزء من سرها عبر وثائق ويكيليكس، أي دور ستلعبه؟ ماذا عن إسرائيل هل تغطي على مشاكلها الداخلية وصورتها العالمية المهتزة باستعادة مفهوم القوة لتحقق انتصارا عز في لبنان وغزة أم تقبل على مضض بمنطق التسويات فنشهد انفراجا على المسار الفلسطيني ومفاجأة ربما على المسار السوري؟ هذا سنناقشه في ملف الليلة حيث نشارف على توديع عام لنستقبل آخر، ضيفي في هذه الحلقة عميد معهد باريس للشؤون الإدارية مستشار دولي سابق، وزير سابق، وأستاذ جامعي هنا في فرنسا الدكتور غسان سلامة أهلا ومرحبا بك.

بؤر التشنج في المنطقة العربية، النفط والماء

سامي كليب: أين تتوقع انفجارا عربيا في العام المقبل؟

غسان سلامة: الموضوع هو عودة للأساسيات والأساسيات فيها قدر كبير من التشنج، الأساسيات هي النفط من جهة والماء من جهة أخرى ويقيني أن سنة 2011 ستشهد الكثير من المشاكل المتعلقة بهذين الأمرين. أولا النفط، هناك عدد من المواقع النفطية والغازية المهمة في المنطقة الموجودة على حدود متنازع عليها.

سامي كليب: مثلا؟

غسان سلامة: هناك 25 بئرا عراقيا مهما يعني على حدود غير واضحة مع جيران العراق، هناك طبعا المشكلة الكبرى التي هي في السودان حيث جل الإنتاج النفطي السودان سيعود إلى الجنوب ولكن الأنبوب الذي يحمل هذا النفط يمر في الشمال وهناك أيضا وهذا مهم للغاية الاكتشافات الغازية في البحر المتوسط حيث هناك نشاط إسرائيلي محموم ليس فقط لاستعمال بئر مريبه الذي بدأ الإنتاج فيه سنة 2004 وإنما البدء بالإنتاج في حقل تمار المتنازع عليه مع لبنان، وأيضا ربما اكتشاف كبير جدا في منتصف الطريق بين لبنان وإسرائيل من جهة وقبرص من جهة أخرى، ونرى نشاطا دبلوماسيا وتكنولوجيا محموما إسرائيليا مع قبرص لاقتسام حقل الفيتان في حال صحت التوقعات المتوقعة به ومع  اليونان لتصدير هذا الغاز إلى أوروبا عبر اليونان..

سامي كليب (مقاطعا): بالمقابل لا نرى حركة دبلوماسية عربية.

غسان سلامة: لا، لا، هناك استباق إسرائيلي فظيع وعندما ستكتشفه الأطراف العربية وبالذات لبنان سيكون قد فات الأوان. إذاً في السودان في البحر المتوسط على الحدود العراقية أنا أرى أن المرحلة المقبلة ستشهد الكثير من التشنج حول هذا الموضوع وسنبدأ بالسودان بالحقيقة حيث هناك استفتاء إن حصل سيؤدي إلى نتائج..

سامي كليب: إلى الانفصال.

غسان سلامة: إلى الانفصال، وفي حال عدم حصوله فأنا أتوقع عنفا شديدا لا سيما بسبب النفط الموجود في منطقة أبييه على الحدود الفاصلة بين الشمال والجنوب، بالمقابل أعتقد أن بعض المشاكل الحدودية المتعلقة بالنفط في أماكن أخرى لا سيما بين السعودية والإمارات وغيرها هي في طريق الحل. موضوع المياه وهو الموضوع الأساسي أيضا، يعني نحن مررنا بست سنوات من الجفاف ضربت الاقتصاد والحياة السكانية بأسرها في كل من سوريا والعراق بالذات وفي مناطق أخرى من المنطقة ونحن على باب مشكلتين كبيرتين، أولا مع صديقتنا تركيا التي يعني قامت بإقامة السدود الكبيرة جدا في شرق تركيا ولكن على حساب منسوب المياه المنطلق إلى كل من سوريا والعراق..

سامي كليب (مقاطعا): لكن العلاقة جيدة العربية التركية الآن.

غسان سلامة: لكن المشكلة المائية حيوية أيضا وأنا أعتقد أنها قد تعكر من صفو العلاقات السياسية، وهناك أيضا مشكلة مائية كبرى بين العراق وإيران بسبب تجفيف عدد من الروافد الآتية من إيران نحو العراق، ناهيك طبعا عن قيام بعض الدول الإفريقية بإقامة اتفاق جديد حول اقتسام مياه النيل رفضته مصر ورفضه السودان.

سامي كليب: بمعزل عن السودان ومصر.

غسان سلامة: إذاً أنا أعتقد أن سنة 2011 بسبب من جهة الاكتشافات النفطية والغازية الجديدة ومن جهة أخرى بسبب سنوات كثيرة من الجفاف ستؤدي إلى تشنج حقيقي في المناطق التي هناك فيها نفط أو ليس فيها مياه.

سامي كليب: طيب دعنا نتحدث عن المسألة النفطية الحدودية العراقية التي ذكرت ربما تكون الأكثر إلحاحا في المرحلة المقبلة، ما الذي قد يجري يعني؟

غسان سلامة: يعني نحن أمام مشكلة مثلا منذ أشهر دخلت قوة إيرانية وجلست على بئر نفطية عراقية ثم انسحبت تحت ضغط دولي، هناك أيضا الحدود غير المفهومة تماما مع عدد من المناطق الأخرى ناهيك عن أن مشروع قانون النفط في العراق الذي وضع أمام البرلمان سنة 2007 لم يصوت عليه بعد ناهيك عن غموض الدستور العراقي حول صلاحيات المحافظات وصلاحيات الدولة المركزية فيما يخص النفط، لقد قام العراق بتوقيع نحو عشرة اتفاقات كبيرة في جملة واحدة ومصيرها الآن معلق وهناك طبعا لا سيما بعد دعوة مسعود البرزاني إلى حق تقرير المصير مشكلة فيما يخص العطاءات التي أعطيت في شمال العراق لا سيما المنطقة الكردية كل هذه القضايا جوهرها مسألة كركوك حيث هناك مخزون من النفط كبير للغاية، وكما تعلم كركوك إلى حد ما على حدود داخلية عراقية وهي قابلة للتفجير في أي لحظة وهي قد تفجر التفاهم العربي الكردي الحديث وقد تفجر أيضا إمكانيات الحكومة، المالكي الذي عاد لرئاسة الحكومة في العراق عاد هذه المرة مختلفا إلى حد كبير عن المالكي الذي جاء في المرة الأولى.

سامي كليب:ما الذي اختلف بشكل أساسي؟

غسان سلامة: الذي اختلف أنه وصل أو عاد إلى رئاسة الحكومة بعد أن أعطى عددا كبيرا من الضمانات لعدد كبير من الأطراف عندي شكوك بإمكانه على تنفيذها، لقد أعطى ضمانات للمنطقة الكردية ولكن هذه الضمانات قد لا تقبلها الأكثرية العربية في العراق، لقد أعطى ضمانات للمناطق الغربية من العراق لا سيما لمحافظة الأنبار التي تحتوي قدرا هائلا من الغاز متوقف حاليا البحث في أمره وأعطى أيضا ضمانات لإيران في الوقت الذي هناك بعض المشاكل الحدودية المائية والنفطية مع إيران، أنا أرى أن التحديات أمام المالكي لتنفيذ ما وعد به ناهيك عن وعود ربما كان أو ضمانات قد تقدم بها لعدد من الأطراف بعدم تنفيذ..

سامي كليب: بعدد من الدول الإقليمية أيضا.

غسان سلامة: بعدم تجديد الاتفاق مع الأميركان في الوقت الذي يتحدث البعض عن بقاء عشرين ألف جندي أميركي في آخر السنة المقبلة بينما من المفروض أن تسحب جميع يعني يسحب الخمسين ألف عسكري أميركي الموجودين حتى الساعة في العراق في آخر سنة 2011، هناك من ناحية توقع وضغوطات من بعض الأطراف العراقية كي يبقى جزء من هذا الجيش الأميركي ربما عشرين ثلاثين ألف في العراق.

سامي كليب: إذاً تجديد الاتفاقية.

غسان سلامة: بدون تجديد الاتفاقية، باتفاقية محددة وهناك على ما يبدو ضمانات من المالكي ربما للطرف الإيراني ولبعض الأطراف الداخلية بما فيها مقتدى الصدر على سحب هذه القوات، إذاً أنت لديك رئيس حكومة جديد في العراق مكبل بالوعود التي أعطاها والتي قد تكون متناقضة فيما بينها وقد يكون المالكي نفسه عاجزا عن المواءمة بينها أو عن تنفيذها.

مستقبل مسارات التفاوض العربي الإسرائيلي

سامي كليب: يعني مجموعة من القنابل الموقوتة إذا صح التعبير. على كل حال دعنا نتوقف عند كل قضية من هذه القضايا التي ذكرت وغيرها خصوصا أنه في العديد من الدول العربية في الواقع هناك أزمات على ما يبدو البعض منها يدار حاليا والبعض الآخر قابل للتفجير أو دول قابلة للتفكك. أقترح فقط دكتور غسان أن نتوقف قليلا مع صورة سريعة يسردها لنا عمرو حمزاوي مدير الأبحاث والباحث الأول في مركز كارنيغي للشرق الأوسط حول المتوقع بالنسبة للمسارات التفاوضية العربية الإسرائيلية.

[شريط مسجل]

عمرو حمزاوي/ مدير الأبحاث والباحث الأول في مركز كارنيغي للشرق الأوسط: فيما خص العام القادم، فيما خص العام الجديد أنا لا أعتقد أننا سنشهد لا تسويات ولا انفجارات، نحن أمام استمرار لوضعية ما يسمى الأزمة الممتدة أو كما يقال هذه الأزمة الممتدة هي سيدة الموقف فيما خص المسار الفلسطيني الإسرائيلي، هناك ضمانات مختلفة إن أميركية أو إقليمية لعدم تحول الجمود في المسار التفاوضي إلى انفجار على الأرض، على الأقل هناك إرادة واضحة للأطراف الرئيسية الطرف الإسرائيلي السلطة الفلسطينية للإدارة الأميركية والأطراف العربية القريبة من المسار التفاوضي بألا تذهب الأمور بهذا الاتجاه، مع اختفاء فاعلية الطرف الأميركي في الضغط على الحكومة الإسرائيلية للحد من تعنتها والسماح من ثم بمسار تفاوضي ناجح فهنا محلك سير، المسارات الأخرى المرتبطة بالصراع العربي الإسرائيلي لا تقدم يذكر عليها ولا أتوقع أي تقدم حقيقي في العام القادم خاصة ونحن نقترب من الانتخابات الرئاسية الأميركية والإدارة الأميركية والرئيس سينشغل بالحملة الجديدة لانتخابات الرئاسة القادمة خاصة بعد هزيمة الحزب الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس والضغوط الداخلية على الرئيس، فيما خص بقية الصراعات الإقليمية أو أحزمة التوتر الإقليمي الحاضرة معنا في العالم العربي أنا أعتقد سيبقى التوتر سيد الموقف في العراق، انفلات الأوضاع الأمنية وهو مستمر، في اليمن الصراع والتوتر المرتبط بالعلاقة بين الحكومة اليمنية غير المستقرة بين الحكومة اليمنية وبين ما يسمى الحراك الجنوبي وطبعا الصراع الجاري على الأرض بين الحكومة اليمنية وبين عناصر تنظيم القاعدة هذا سيستمر، يعني كل ما شاهدنا في 2009 فيما خص الصراعات الإقليمية سيستمر كما هو دون تقدم باتجاه تسويات ودون انفجارات أكثر أو أعمق من الانفجارات التي عهدناها.

[نهاية الشريط المسجل]

سامي كليب: إذاً لا تغيير كبير على مستوى المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ولا المفاوضات العربية الإسرائيلية إذا صح التعبير.

غسان سلامة: لا، لا، سيحصل تغيير كبير، أنا أعتقد أنه من محاسن أوباما الكثيرة هو أنه أسقط نهائيا فكرة أن هناك 99% من الأوراق بيد أميركا، لقد قال لنا خلال السنتين القادمتين لمن لا يريد أن يفهم أفهمنا أنه ليس هناك إلا ورقة واحدة هي ورقة التين في يد الأميركان فيما يخص النزاع العربي الإسرائيلي.

سامي كليب: إلى هذه الدرجة؟

غسان سلامة: نعم، عندما نرى أين بدأ وأين انتهى النصف الأول من ولايته نرى أننا عدنا إلى نقطة الصفر أو حتى ما قبل الصفر وبالتالي نحن فيما يخص التفاوض على موضوع الأساس الذي هو الموضوع الفلسطيني نحن أمام انكسار كبير للإدارة الأميركية في المنطقة.

سامي كليب: وانكسار عربي كمان، يعني حين نصل إلى مرحلة أنه فقط أوقفوا الاستيطان سنفاوض ثم إسرائيل تواصل الاستيطان يعني أين الموقف العربي؟ بعد في موقف عربي؟

غسان سلامة: الموقف العربي أنا لست مغرما به ولكن لا يجب أن تحمله أكثر مما يحتمل، الموقف العربي والفلسطيني قائم على فكرة أنه لا يجب أن تعادي أميركا فوق معاداتك لإسرائيل لأنك لا تتحمل ذلك، ولكن هذا لا يعني أن العديدين من الذين انخرطوا خلال السنتين الماضيتين في الدعوات إلى مفاوضات مباشرة وغير مباشرة ومتوازية وسرية وعلنية وكل أنواع المفاوضات وكأن المسألة مسألة تكتيك وليست مسألة جوهر، هؤلاء بقدر معرفتي لم يكن لديهم أوهام حول مدى النجاح.

سامي كليب: بما في ذلك الرئيس محمود عباس.

غسان سلامة: أعتقد ذلك. ولكن أعتقد أنه كانت لديهم نوع من القناعة يمكن أن تناقش هؤلاء بأنه لا يجب استعداء الأميركان الذين يحاولون إنما بصورة موضوعية نحن أمام يعني كشف العجز الأميركي عند رئيس حاول فعلا أن يتقدم في مجال حل هذا الصراع وللمرة الأولى دعمه الجيش الأميركي علنا بقول باتريوس مرارا وتكرارا أن العمليات التي يقوم بها الجيش الأميركي في مختلف أنحاء المنطقة ستكون أفضل لو أنه حل هذا النزاع، وعلى الرغم من ذلك نحن وصلنا  إلى عقبة كأداء مع حكومة نتنياهو.

سامي كليب: ما هو المتوقع؟

غسان سلامة: أنا أعتقد أن هناك نوعا من استقالة أميركية قد نراها من الانخراط المباشر في نزاع لم تتمكن الإدارة فيه من التقدم وبالتالي هناك عودة للأساسيات بمعنى إلى نوع من التشنج الإسرائيلي ونوع من القنوط الفلسطيني والعربي من إمكانية التوصل إلى..

سامي كليب (مقاطعا): احتمال التفجير على الأرض قائم أو سنكون أمام إدارة أزمة؟

غسان سلامة: احتمال قائم ولكن ليس من مصلحة لا أميركا ولا إسرائيل أن يتم ذلك وبالتالي كنا قد وعدنا في مطلع أيلول الماضي بأن هناك دولة فلسطينية سترى النور خلال سنة 2011 وسلام فياض أيضا قال إنه في شهر آب 2011 ستعلن الدولة الفلسطينية، أعتقد أن هناك دينامية موازية ستخفف إلى حد ما من حجم وهول الإعلان عن العجز الأميركي وهو هذا الاعتراف الذي بدأ من أميركا اللاتينية والذي برأيي سينتشر في مختلف أنحاء العالم، لا أعتقد أن السلطة الفلسطينية ستحمل قضيتها لا إلى مجلس الأمن ولا إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة..

سامي كليب (مقاطعا): رغم أنه حصل تهديد.

غسان سلامة: لا أعتقد أن هذا الذي سيحصل، الذي سيحصل هو نوع من تراكم كمي لعدد هائل من الاعترافات يؤمل أن يؤدي إلى ذلك إلى حشر الدبلوماسية الأميركية في موضع العودة إلى لعب دور والعودة أو التفكير جديا بإمكانيات الاعتراف بتلك الدولة.

سامي كليب: حتى لو أن أميركا حذرت أنها في حال طرح الموضوع طبعا ستستخدم حق الفيتو بالنسبة للدولة التي قامت من طرف واحد. على المسار السوري الإسرائيلي، الرئيس الأسد قبل أيام نعى هذا المسار وقال إن إسرائيل لا تريد السلام.

غسان سلامة: أنا أعتقد أن الرئيس السوري يعتبر أن الكرة في الملعب الأميركي، لقد جاءه عدد من المبعوثين الأميركان خلال السنة المنصرمة وعلى رأسهم السيناتور كيري، وبلغ الرئيس السوري السيناتور كيري مضمون الموقف السوري وهو مضمون بنفس الوقت جازم على الأساسيات ولكنه flexible..

سامي كليب: مرن قليلا.

غسان سلامة: مرن.

سامي كليب: مرن بأي ناحية؟

غسان سلامة: مرن بموضوع إمكانية قيام مفاوضات مباشرة ومرن بقدر من التفهم لإمكانية مفاوضات مباشرة أيضا بين الفلسطينيين وإسرائيل.

سامي كليب: انطلاقا من الوديعة الشهيرة وديعة رابين أو بدون شروط؟

غسان سلامة: طبعا الوديعة موجودة ولكن انطلاقا أيضا مما حصل إلى حد ما، لم يحصل الشيء الهائل ولكن إلى حد ما في المفاوضات غير المباشرة السورية الإسرائيلية في تركيا منذ سنتين.

سامي كليب: طيب ما هو المتوقع على هذا المسار في العام المقبل؟

غسان سلامة: أنا لا أتوقع الكثير، في الواقع لا أتوقع أولا أن يتغير الموقف السوري من الأساسيات.

سامي كليب: بس إعادة تحريك للدور التركي مثلا.

غسان سلامة: لا أعتقد ذلك، أنا أعتقد أن السنة المقبلة سنة 2011 سترى نوعا من انكفاء سياسي تركي واسع نحو الداخل، هي سنة مهمة جدا في تركيا لأنها سنة تعديل الدستور في تركيا سنة انتخابات نيابية جديدة في تركيا وسنة ربما التحضير لانتخاب أردوغان رئيسا في دستور جديد يكون رئاسيا وليس نيابيا وإحلال شخص آخر مكانه في قيادة الحزب، نحن أمام سنة مليئة بالأحداث الداخلية في تركيا ناهيك طبعا عما حصل بين تركيا وإسرائيل بعد قافلة غزة والتي قد يشهد العام المقبل نوعا من تخفيف الحدة بينهما، هناك اطفائيون أتراك ساهموا في إطفاء حرائق الكرمل وهناك عمل أميركي شديد دؤوب على محاولة ترطيب العلاقات بين تركيا وإسرائيل ولكن هذا لن..

سامي كليب (مقاطعا): بس بدأ يعني قليلا يعني بدأت لقاءات..

غسان سلامة: بدأ بدأ لكن هناك حتى عمل أميركي على استخراج اعتذار من إسرائيل لتركيا ولكن هذا لن يكفي لعودة الدور التركي على هذا الملف برأيي لأن الأساسيات.. لأن ما حصل في تركيا من مفاوضات غير مباشرة أدى إلى توضيح بعض النقاط ليس أكثر من ذلك وثانيا لأن الموقف السوري لن يتغير من الأساسيات وهذه النغمة التي تقول كلما وصل التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي إلى مأزق هناك من يقول..

سامي كليب: تفتح المجال سوريا.

غسان سلامة: افتحوا مجال سوريا يعني لقد رأيناها مرارا وتكرارا.

سامي كليب: طيب ولكن الرئيس الأسد جاء إلى هنا إلى باريس والتقى بالموفد الخاص الفرنسي كوسران وأحيى بعض الأمل -إذا صح التعبير- أنه قد تلعب فرنسا ربما مع تركيا في مرحلة قريبة إعادة وصل ما انقطع حتى ولو أن الرئيس الأسد قال إنه يعني نفى الأمر نهائيا أنه لا سلام مع إسرائيل.

غسان سلامة: لا هو لا يقول لا سلام مع إسرائيل، يقول إنه ليس هناك من طرف حاليا في إسرائيل يريد السلام.

سامي كليب: لا، بل قال لا نية للسلام عند الإسرائيليين يعني.

غسان سلامة: هذا أمر صحيح، الحكومة الإسرائيلية في إسرائيل لا تقوم فقط على مجموعة ليبرمان..

سامي كليب (مقاطعا): طيب ولكن لقاء..

غسان سلامة (متابعا): تقوم أيضا على أكثرية نتنياهو الذاتية التي نصف أعضائها في الكنيست الإسرائيلي هم من المستوطنين وبالتالي أنت أمام رئيس حكومة في إسرائيل قوي داخليا أولا لأن لديه أكثرية قوية يعني تتجاوز 70، 72 نائبا وهو أمر غير عادي في البلدان حيث الانتخابات هي انتخابات على أساس النسبية وثانيا لديه بديل في حال تخاصم مع ليبرمان أو شاس لديه البديل التقارب مع كاديما وتسيبي ليفني بالتالي هو رئيس حكومة قوي، ونحن عندما نرى رؤساء حكومة أقوياء في إسرائيل وقاعدتهم في نصفها هي من المستوطنين كيف يمكن لك أن تتصور أن تحصل ثغرة في الجدار السوري أو في الجدار الفلسطيني؟

سامي كليب: طيب اللقاء مع كوسران كان للمجاملة؟

غسان سلامة: أنا لا أعرف ولكن أعتقد أن هناك فعلا مبعوث فرنسي لهذا الملف ومن الطبيعي لقد استقبله الرئيس السوري أكثر من مرة في دمشق ولماذا لا يستقبله أو لا يلتقيه في باريس؟

سامي كليب: حرص على لقائه هنا ولذلك يعني صدر بعض الكلام أنه قد يكون هناك شيء ما يعد مجددا.

غسان سلامة: يعني عندما نقول ليس هناك 99%.. فنظرية 99% من الأوراق في يد أميركا قد سقطت نهائيا إلا لمن لا يريد أن يرى أنها سقطت فما بالك فرنسا أو تركيا يعني!

احتمالات عمل عسكري إسرائيلي وملف إيران النووي

سامي كليب: صحيح. بشار الأسد استعاد الكثير من زمام المبادرة، أخرج بلاده من العزلة حصل على اعتراف من سعد الحريري ببراءة سوريا من عملية اغتيال رفيق الحريري عاد العالم يزوره يفتح الأبواب له العلاقات مع السعودية جيدة، مع مصر لا تزال فاترة وربما شبه مقطوعة، طيب كل ذلك يؤدي بإسرائيل إلى القلق من الدور السوري المتعاظم، هل نخشى مواجهة معينة خصوصا في حال غامرت إسرائيل بعمل عسكري ضد حزب الله أو توترت الأوضاع، هل سوريا هذه المرة ستكون داخل العمل العسكري؟

غسان سلامة: أنا لا أتوقع عملية عسكرية إسرائيلية إلا في حال ظروف جديدة غير الظروف التي نراها اليوم، لا أعتقد أن إسرائيل تحضر لهذا الأمر.

سامي كليب: هي تحضر دائما.

غسان سلامة: يعني تحضر حاليا، ليس هناك استعدادات، هناك مناورات جرت خلال السنة المنصرمة كثيرة لمواجهة هكذا احتمال ولكن إذا عدت للمنطق أين هي المصلحة الإسرائيلية في إثارة حرب في المنطقة حاليا؟ يعني الحدود في جنوب لبنان منذ صدور القرار 1701 لم تعد على نفس المستوى من التوتر قبل حرب 2006 والحدود مع الجولان ليست متوترة يوميا وبالتالي لا أرى مصلحة حقيقية لإسرائيل بالقيام بمؤامرة عسكرية لا يعرف أحد نتائجها، خصوصا أنه في الحروب غير المتكافئة كما حرب إسرائيل مع حماس في غزة أو حرب إسرائيل مع حزب الله في لبنان لا يكفي أن تنتصر بالنقاط لكي تعد نفسك منتصرا عليك أن تعدم الطرف الآخر أن تقمعه أن تدوسه أن تنهيه بالطبع هذا في الحروب غير المتكافئة، في الحروب المتكافئة يكفي أن تنتصر بالنقاط كما في الانتخابات الفرق بين الانتخابات والاستفتاء، بالانتخابات خمسين زائد واحد تنجح في الاستفتاء إذا ما جبت 55 أو 60% فتعتبر نفسك فاشلا، هذا الأمر أيضا في الحروب غير المتكافئة، في الحروب غير المتكافئة القوي يجب أن يدمر الأقل قوة وإسرائيل عاجزة عن ذلك وبالتالي أنا لا أعتقد أن لها مصلحة بالمبادرة إلى هكذا حرب.

سامي كليب: بالنسبة للملف النووي الإيراني هل يمكن أن نتوقع أن تقوم إسرائيل بما لم تقم به حتى الآن، مغامرة إسرائيلية ضد إيران؟

غسان سلامة: هناك قدر من الاسترخاء الغربي في الملف الإيراني، لسنوات طويلة كان الملف الإيراني هو الملف الشاغل لكل الناس لكن في الفترة الأخيرة أنت ترى نوعا من الاسترخاء، هذا الاسترخاء له عدة أسباب أولا ربما لأن هناك مشاكل داخلية في عملية البرنامج النووي الإيراني، ثانيا لأن هناك عمليات تقام، هناك حرب دائرة حاليا هي الحرب الإلكترونية الدائرة والتي عطلت أكثر من ثلاثين ألف حاسوب إيراني لا سيما في مواقع الإنتاج العسكري خلال الأشهر الماضية مما جعل أحد المراقبين يسميها بهيروشيما إلكترونية قد حصلت، أعلن ذلك وزير النقل في إيران أن هناك ثلاثين ألف حاسوب قد تعطل بسبب الفيروس الذي أرسل إلى هذه الحواسيب، لقد أعلنت إيران رسميا هذا الأمر، وهناك أيضا عمليات خاصة عمليات استخباراتية خطيرة تحصل من اغتيال علماء من تهجم على منشآت إلى آخره، إذاً هذا من جهة ومن جهة أخرى هناك العقوبات والعقوبات لها تأثير على الاقتصاد الإيراني، الاقتصاد الإيراني ليس في حالة معافاة حاليا، الإنتاج النفطي الإيراني نقص بنسبة مليون برميل باليوم خلال العشر سنوات الماضية وهو سيتناقص هذه السنة أيضا، ومن ناحية أخرى المعاملات المالية مع الخارج أصبحت في غاية الصعوبة، بالتالي العقوبات ثقيلة الوطأة على إيران من جهة وهناك يبدو نشاط غربي محموم لكل هذه الأسباب وهناك أيضا كما رأينا في اجتماع جنيف الأخير وقد نرى مجددا في اجتماع اسطنبول بين إيران والأطراف..

سامي كليب: عودة إلى الحوار.

غسان سلامة: عودة إلى الحوار ونوع من تغير بطيء في اللهجة الإيرانية مع مفاجأة الكثيرين بموقف روسي حازم جدا من البرنامج النووي الإيراني بقدر ما هو حازم الموقف الغربي، كل هذه الأسباب أنا أعتقد أن إسرائيل التي أشك أساسا بأن لديها القدرة على القيام بعمليات حقيقية ضد إيران جوية أو ما شابه أو صاروخية وما شابه بمفردها، وإسرائيل التي لا يمكن إلا أن تأخذ بعين الاعتبار إمكانية الرد الإيراني على يعني عدوان إسرائيل على إيران وإسرائيل التي يعني ترى أن ما تقوم به الدول الغربية بالاتفاق مع روسيا وبنوع من الرضوخ الصيني أيضا..

سامي كليب: أخذ يعطي الثمار.

غسان سلامة: بدأت تفقد المبررات التي وضعتها في كل الساحة العالمية في ضجيج غير مسبوق ضد إيران، لذلك ما تراه في الملف الإيراني في الأسابيع الماضية هو نوع من الارتخاء.

سامي كليب: هل قرأت إقالة وزير الخارجية بمنحى إيجابي يعني باتجاه المفاوضات أم شأن داخلي محض؟

غسان سلامة: أنا أعتقد أنه إلى حد كبير شأن داخلي أعتقد أن الهجوم الكبير الذي شهدناه في الانتخابات الرئاسية الإيرانية من على يسار أحمدي نجاد أو من المعارضة التي يعني قادها موسوي وغيره من جهة قد صحبتها بالفترة الأخيرة سنة 2010 هجوم على الرئيس أحمدي نجاد من على يمينه ولا سيما من عدد من الأئمة الكبار في قم الذين كانوا يدعمونه وأيضا من داخل الأكثرية النيابية التي يترأسها السيد علي لاريجاني ومن بعض الأطراف الأخرى أيضا القريبة من المرشد وبالتالي أنا أعتقد أن أحمدي نجاد الذي كان مستقويا إلى حد كبير بالقاعدة المحافظة داخل النظام يجد نفسه حاليا في وضع صعب من على اليسار ومن على اليمين وأعتقد أن إقالة متقي تدخل في هذا السياق.

سامي كليب: هل وصلت إيران إلى مشارف القنبلة النووية؟ شو المعلومات؟

غسان سلامة: يعني ليس لدي معلومات إلا المنشور منها وأعتقد أنها لم تصل، المسألة ليس إذا وصلت أم لا، المسألة هي هل في لحظة من اللحظات يأسا من إمكانية التعاون مع المجتمع أو ما يسمى المجتمع الدولي وهو ليس المجتمع الدولي حقيقة، عمليا الغرب يعني، إذا يئست إيران من ذلك هل ستقدم إيران على العملين الخطيرين اللذين أقدمت عليهما كوريا التي هي بالمناسبة أكثر تقدما بكثير من إيران في المجال النووي؟ كوريا الشمالية، كوريا خرجت لفترة من الاتفاق عدم انتشار الأسلحة النووية وطردت المراقبين من المرفق الأساسي لديها، هل ستقدم إيران في يوم من الأيام يأسا على الخروج من الاتفاق وهي لم توقع البروتوكول الملحق به وطرد المراقبين من ناتانز ومن أصفهان وغيرها؟ في الواقع..

سامي كليب (مقاطعا): لو فعلت؟

غسان سلامة: هذا يكون نوعا من إعلان حرب وأنا أعتقد أن في القيادة الإيرانية القدر الكافي من التعقل لعدم الإقدام على هذا الأمر لأنه ما سمح به لكوريا.. نعم نعم ما يسمى المجتمع الدولي جزافا يقيس بمكيالين، بينما سمح لكوريا الشمالية لا سيما بسبب دعم الصين ولا سيما بسبب الوضع الحساس في شرق آسيا لن يسمح به بالضرورة إلى إيران، لذلك هل ستقدم إيران على هذه المغامرة؟ أنا لا أعتقد ذلك وإن لم تقدم على هذه المغامرة لا أرى مبررا على الإطلاق لحرب غربية عليها ولا أرى قدرة إسرائيلية على القيام بذلك إلا بتكلفة هائلة لا أعتقد أن إسرائيل مستعدة لتقديمها.

سامي كليب: بعد الفاصل سنتحدث عن السودان ربما سنمر أيضا على اليمن ونعود قليلا إلى العراق، مشاهدينا الأعزاء برنامج الملف يتواصل معكم بعد لحظات عبر قناة الجزيرة ابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

الملفات الإشكالية في السودان والمخاطر التي تتهدده

سامي كليب: مرحبا بكم مجددا أعزائي المشاهدين لمواصلة برنامج الملف عبر قناة الجزيرة. هل سيكون السودان أمام مخاطر كبيرة في المرحلة المقبلة في العام المقبل؟ هل سيكون حاله أسوأ مما كان عليه في العام الماضي؟ نستمع فقط إلى عمرو حمزاوي ثم نكمل الحديث مع الدكتور غسان سلامة.

[شريط مسجل]

عمرو حمزاوي: هناك مخاطر كبيرة تتعلق بأن الانفصال المتوقع للجنوب عن الشمال قد يدفع إلى المزيد من الصراعات ومن النزاعات ومن التفتت داخل ما تبقى من السودان أو ما يشار إليه عالميا وعلينا ألا نشير إليه عربيا على أنه شمال السودان، نحن علينا أن نستمر بالإشارة إلى السودان بعد انفصال الجنوب باعتباره دولة السودان الموحدة وما حدث أو ما هو متوقع حدوثه هو مسألة مؤسفة، نحن أمام حالة تسليم بالأمر الواقع الجنوب سينفصل ومخاطر شديدة تتعرض، مستقبل الدولة السودانية أو ما سيتبقى منها إلى مخاطر كبيرة للتفكك ولانهيار قدرة الدولة على إدارة الإقليم التابع لها.

[نهاية الشريط المسجل]

سامي كليب: دكتور غسان ما هو مستقبل السودان؟

غسان سلامة: هي نقطة التفجر الأقرب زمنيا لنا، الاتجاه الانفصالي في الجنوب أصبح واضحا، واضح لدرجة أنني رفضت أن أذهب لمراقبة الانتخابات رغم دعوة الأمم المتحدة لي للقيام بهذا الأمر لأني أعتقد أن الاستفتاء لن يكون بطريقة سليمة وقد لا يحصل ولديك عدد هائل من المشاكل لكي تعطيه شرعية ما لا سيما وجود ثلاثة ملايين جنوبي في الشمال وأنت لا تعرف مصيرهم ولا سيما أيضا..

سامي كليب (مقاطعا): مليونان على ما يبدو.

غسان سلامة: ومواضيع القيد ومواضيع الحدود بين الشمال والجنوب كل هذه القضايا. الجنوب ليس يعني الدولة الـ 193 الهادئة في الأسرة الدولية، سيكون رقمها 193 في الأمم المتحدة وعلمه معروف وعاصمته معروفة ولكن هذا بلد من نحو تسعة أو عشرة ملايين بشري مستوى الأمية فيه بين البالغين تتجاوز 90%، الانقسام العرقي هائل، الرئيس سيلفاكير من الدنكا ونائبه يعني قائد حرب سابق..

سامي كليب: يعني عندك الدنكا والشولوك والنوير يعني قبائل ربما تتنازع كما يقال.

غسان سلامة: ولقد وصل إليه بسبب تقاسم عائدات النفط في السنوات الأخيرة نحو سبعة مليارات دولار لا يدري أي إنسان أين ذهبت، على كل حال لم تذهب للمدارس والمستشفيات والطرق، وهناك مزيد من العائدات النفطية سيأتي لأن جل الآبار السودانية هي إلى الجنوب..

سامي كليب: 80% من النفط السوداني على ما يبدو في الجنوب.

غسان سلامة: أنا أرى مشاكل داخلية كبيرة أرى دولة فاشلة قبل أن تلد أرى تدخلا هائلا في شؤونها الداخلية من جيرانها لا سيما أوغندا وإريتريا وغيرها..

سامي كليب: وصولا إلى إسرائيل على ما يبدو يعني من يذهب، أنا كنت في جوبا..

غسان سلامة: مش وصولا إلى إسرائيل، بدءا بإسرائيل، الإسرائيليون موجودون في جنوب السودان منذ زمن طويل. إلى آخره، مما يعني ماذا؟ مما يعني أن الطريقة الوحيدة لإعادة تكتل الجنوبيين فيما بينهم هو استعداء الشمال لأن هي النقطة الوحيدة التي كانوا يتفقون عليها..

سامي كليب (مقاطعا): هل عدوى الانفصال ربما تنتقل إلى مناطق أخرى خصوصا أن أبييه قد تطرح مشكلة تحديدا بين قبائل المسيرية وقبائل الدنكا، ربما دارفور أيضا لم يستقر الوضع تماما حتى لو أنه في ضغط قطري بالدرجة الأولى وربما عربي آخر من أجل تثبيت هذه المنطقة؟

غسان سلامة: منطقة أبييه منطقة متفجرة يعني هي كركوك السودان وخصوصا أن كما في كركوك هناك انتقال سكاني يعني المزارعون المحليون كانوا من الدنكا المسيرية بدؤوا بالحلول في هذه الأماكن، كانوا رحلا وبدؤوا الحلول والاستقرار مما يؤدي إلى نوع من المنطقة الرمادية في وضعهم..

سامي كليب: الوضع قابل للتفجر.

غسان سلامة: وضع قابل للتفجر وهي نقطة غير.. يعني سيأتي الاستفتاء أو لا يأتي وقضية أبييه ما زالت معلقة رغم جهود هائلة من قبل الأميركان والإثيوبيين وكذا..

سامي كليب (مقاطعا): دارفور؟

غسان سلامة: دارفور مسألة أخرى، أنت تعلم أن دارفور هي بالحقيقة مسألة في جوهرها بيئية بمعنى أن لديك يعني مجتمعا من حوالي سبعة أو ثمانية ملايين بشريا نصفه من المزارعين ونصفه الآخر من الرحل وهناك أيضا جفاف هائل وتكاثر سكاني هائل أدى إلى تفجر ما نراه على عموم الشريط الصحراوي جنوب الصحراء من شرق إفريقيا حتى موريتانيا بين الرحل والمقيمين، ثم ليس هناك في دارفور مشكلة دينية كل السكان هم من المسلمين بينما في جنوب السودان هناك مشكلة دينية وهناك نشاط محموم..

سامي كليب: تعاون كبير صحيح..

غسان سلامة: لليمين المسيحي المتطرف في أميركا إلى جانب الجنوبيين.

سامي كليب: تظاهرات تبشيرية يعني كانت في جوبا حين زرتها قبل فترة تظاهرات.

غسان سلامة: لذلك هذا ليس موجودا في دارفور، الجوهر أو المفتاح في دارفور مختلف..

سامي كليب (مقاطعا): قابل للحل؟

غسان سلامة: قابل للحل موضوع دارفور..

سامي كليب (مقاطعا): طيب لن نتوقف طويلا لأنه سننتقل إلى اليمن وهي قضية مهمة..

غسان سلامة (مقاطعا): قابل للحل إذا تم التوصل إلى نوع من تفاهم حقيقي مع تشاد لأن مشكلة دارفور هي مشكلة أيضا بين السودان وتشاد وبين الأصول المتداخلة للرئيس التشادي مع قبائل موجودة في دارفور، في حال تم التوصل إلى ذلك أعتقد أن موضوع دارفور قابل للاحتواء خصوصا أن الجنوبيين لن يكونوا بعد اليوم كما كانوا حتى الساعة يستعملون قضية دارفور لمزيد من الضغط على الشمال.

مشاكل اليمن، قضية الصحراء وإشكاليات السعودية ومصر

سامي كليب: طيب اليمن وضع صعب جدا يعني بعد مسألة الحوثيين في صعدة الحراك الجنوبي بدأ يهدد صنعاء.

غسان سلامة: صحيح، صحيح، أنت لديك مجموعة من المشاكل في اليمن لديك معارضة مغيبة عن السلطة وعن المشاركة السياسية معارضة معترف بها، لديك ثانيا التمرد الحوثي الذي تجاوز في لحظات الحدود يعني..

سامي كليب: داخل الأراضي السعودية.

غسان سلامة: داخل الأراضي السعودية، وهناك أيضا لديك الحراك الجنوبي وهو نتاج لتوحد لم يتم في أفضل الظروف بين الشمال والجنوب، ولديك أيضا مسألة الخلافة وهذا أمر يقض مضجع معظم الدول العربية حاليا حيث قد تكون..

سامي كليب (مقاطعا): يعني نفكر بمصر كما نفكر باليمن في هذا المعنى.

غسان سلامة: يعني عليك أن تفكر بمصر واليمن وغيرها كثير من الدول..

سامي كليب: السعودية كمان.

غسان سلامة: بكثير من الدول وبالجزائر وبـ.. وبـ.. أنت لديك مشكلة الخلافة أيضا ومشكلة من هو الطرف أو الشخص الذي يمكن له أن يأتي بعد الرئيس الحالي، كل هذه المشاكل..

سامي كليب: مشكلة القاعدة أيضا.

غسان سلامة: وهذه القضية هي المفكر بها باستمرار وغير المباح بها أبدا.

سامي كليب: أي قضية؟

غسان سلامة: قضية الخلافة يعني هذا مفتاح تراه في عدد من الأماكن، التوريث في على الأقل ثماني دول عربية حاليا وهو مفتاح أساسي يستهلك قدرا هائلا من وقت ومن اهتمام القادة ولا يباح به مع أنه هو جوهر التحرك.

سامي كليب: طيب المتوقع لليمن في العام المقبل؟

غسان سلامة: وهذا ما أعلمتنا به أيضا ويكيليكس بالمناسبة على عدد من هذه الجمهوريات..

سامي كليب: حتى الآن، ربما في أسرار كثير بعدها رح تطلع.

غسان سلامة: أعتقد أن وضع اليمن في آخر سنة 2010 أفضل مما كان في مطلع سنة 2010 ويجب الاعتراف بذلك إن من ناحية بسبب نوع من تطويق للتحدي الحوثي ومن ناحية أخرى بسبب التمكن من إنجاز دورة الألعاب في عدن الذي يشير إلى قدرا من الهدوء قد عاد إلى تلك المدينة..

سامي كليب (مقاطعا): ورعاية كبيرة أميركية لليمن يعني يجب ألا نغفل ذلك.

غسان سلامة: رعاية كبيرة لأن هناك تخوفا..

سامي كليب: من القاعدة.

غسان سلامة: هناك الحقيقة انتقال واسع للتخوف من منطقة أفغانستان وباكستان إلى منطقة اليمن والصومال والقرن الإفريقي ويعني آمل ألا تشهد سنة 2011 تدخلا أميركيا وربما أيضا أوروبيا في دول الساحل الإفريقية وفي منطقة القرن الإفريقي إما تحت ستار محاربة القرصنة والاختطاف في الصحارى أو تحت شعار محاربة القاعدة، هناك إمكانية حقيقية لعمليات عسكرية غربية كبيرة في هذه المناطق..

سامي كليب (مقاطعا): طيب هدوء في اليمن في العام المقبل أو تصعيد للحراك الجنوبي؟

غسان سلامة: استمرار للحراك الجنوبي..

سامي كليب: دون أن يصل إلى مرحلة حاسمة؟

غسان سلامة: لا أعتقد أن هذه المرحلة سنصل إليها قبل حل مشكلة السلطة في صنعاء نفسها.

سامي كليب: طيب، الجزائر والمغرب قضية الصحراء عادت نوعا ما إلى الاتهامات المتبادلة تصاعدت ثم كلام عن حوار بعد ذلك، هل سيستمر الوضع هل سندير الأزمة عاما مقبلة بين الجزائر والمغرب تبقى الأمور على حالها؟

غسان سلامة: هناك فشل للدبلوماسية في الحقيقة هناك كان أمل كبير سنة 2009، أقل سنة 2010 وأعتقد سنة 2011 سيقل أيضا. الواقع أنني لا أجد مصلحة كبيرة لا لدى الجزائر ولا لدى المغرب بحل نزاعهما، هناك يعني نوع من الاستغلال السياسي الداخلي في كلا البلدين لهذه المشكلة بهدف إبقاء نوع من السلطة قائمة ومشاريع تسلح وتحالفات خارجية قائمة ستكون أقل تبريرا في حال حلت هذه المشكلة..

سامي كليب (مقاطعا): على كل حال التسلح بلغ أرقاما عالية في السنوات الماضية.

غسان سلامة: لذلك أنا أعتقد يعني أنا لا أتوقع أن يتم التوصل سنة 2011 إلى حل لمشكلة.. لأني لا أرى إرادة كافية لا في الجزائر ولا في الرباط للتقدم باتجاه حل ومن ناحية أخرى أنا متخوف لأن هذين البلدين قاما كما ذكرت أستاذ سامي بقدر هائل من التسلح في الفترة الأخيرة هما في الواقع ليسا في حاجة ماسة إليها وقد تشكل نوعا من زيادة في التوتر في حدود مقفلة بدون أي مبرر مما يسيء كثيرا إلى سكان هذين البلدين يعني حدود إقفال الحدود أمر يعني لا مبرر له ويجب على الأقل الانتهاء منه في أسرع وقت، هناك نوع من تكاسل عربي تجاه هذه القضية وهناك أيضا رفض مغاربي للتدخل العربي في هذه القضية وأنا أعتقد أن هذا أمر سيئ.

سامي كليب: أصعب سؤال هو السؤال الأخير لأنه دائما نقول للضيف يجب أن نختصر، في الواقع مصر والسعودية -بشكل سريع- ما المتوقع بالنسبة لهما في العام المقبل؟

غسان سلامة: موضوع الخلافة هو الموضوع الأساسي في كلا البلدين موضوع الخلافة هو الموضوع الأساسي.

سامي كليب: ممكن أن يؤدي إلى قلاقل داخلية إلى مشاكل مثلا؟

غسان سلامة: أنا لا أتوقع ذلك، أعتقد أن الأمور في السعودية تجري في اتجاه تسوية وربح للوقت خلال على الأقل فترة سنوات على الرغم من أن المرشحين للعرش كلهم في سن متقدمة ولكن أعتقد أن نوعا من التفاهم قد حصل خلال الأسابيع الماضية لإدارة مرحلة السنوات المقبلة. في مصر الموضوع مفتوح، هناك طبعا مشروع توريث وهناك طبعا..

سامي كليب (مقاطعا): مفتوح على كل الاحتمالات يعني مفتوح بما في ذلك وضع داخلي صعب قلاقل معينة وضع أمني قد يتوتر مثلا؟

غسان سلامة: لا أعتقد ذلك، أعتقد أن هناك ضمانة دائمة في مصر هي الجيش ولقد شاهدنا في حالتين كان الرئيس فيهما في حالة صعبة من الناحية الصحية رأينا أن الجيش تمكن بسرعة من استلام زمام الأمور، هذا أمر جيد وسيئ في نفس الوقت هو أمر جيد بمعنى أن هناك ضمانة للاستقرار قائمة وهذا أمر سيئ بمعنى أن الذين كانوا يحلمون بمسلك مصري على الطريقة التركية أي انتقال تدريجي إلى سلطة مدنية بالفعل ليس على الأبواب في مصر برأيي.

سامي كليب: قبل أن أشكرك دكتور غسان سلامة فقط اسمح لي في ختام هذا البرنامج أن أقرأ جزءا -لأن الرسالة طويلة- من رسالة بعثها لي وزير خارجية العراق السابق وزير الخارجية قبل الاحتلال الدكتور ناجي صبري، في الواقع تعليقا على برنامج لنا سابق في 26/11 استضفنا فيه الكاتب الفرنسي فانسان لوزي وقال إن الوزير قدم معلومات للمخابرات الفرنسية آنذاك، يقول "زعم الكاتب الفرنسي نوزي أنني زودت الفرنسيين بمعلومات عن أسلحة الدمار الشامل المزعومة وكأنه بذلك يريد إعادة الحياة للأكاذيب التي صنعتها إدارة بوش لتبرير غزوها غير الشرعي للعراق والتي اعترفت واشنطن نفسها فيما بعد بزيفها علما أن فرنسا ودولا غربية أخرى كانت متيقنة منذ البداية من عدم وجود هذه الأسلحة في العراق، إن كل ما ورد عني في كتاب نوزي محض افتراء وهراء وتكرار لكذبة روجتها إدارة بوش عام 2006 في إطار حملتها لتبرير غزوها الفاشي الاستعماري وما جره على العراق من دمار ودماء وويلات وكوارث من خلال تشويه الحكم الوطني في العراق والسجل الوطني النظيف لقادته الذين دافعوا عن وطنهم بشجاعة، إن محور ادعاءات الكتاب وقبلها المزاعم الأميركية هو لقائي لبضع دقائق في أيلول/ سبتمبر عام 2002 مع عربي مقيم في فرنسا كان صحفيا صديقا للعراق ومتصلا بمخابراته سابقا وقد التقاني في بيت السفير العراقي حيث أقيم في زياراتي لنيويورك وسألني عن عملي وعن علاقتي مع الرئيس الشهيد صدام حسين فأبلغته سعادتي بعملي واعتزازي بقيادتي الوطنية ثم قال إنه يحمل رسالة من الرئيس شيراك كلفته ابنته تسليمها لمسؤول عراقي لإيصالها للرئيس صدام تتعلق بإرسال مبعوث فرنسي سرا إلى بغداد، عدت إلى بغداد وأوصلت الرسالة وحصلت الموافقة وقام مكتبي بإبلاغها لهذا الشخص، بعد الاحتلال بشهر تقريبا اتصل بي هذا الشخص خارج العراق وأبلغني أنه عندما زارني في نيويورك كان في الحقيقة مكلفا من الفرنسيين والأميركيين بمفاتحتي للانشقاق على الحكم الوطني مقابل مائة مليون دولار وإنهم وعدوه بعشرة ملايين دولار لكنه لم يجرؤ على ذلك بعد أن لمس ارتياحي في عملي وسعادتي بالعمل مع الرئيس صدام حسين. قد تكون الجهات الأميركية لفقت القصة للغرض أعلاه وللانتقام مني بعد أن وفقني الله في إحباط حملتها السياسية والدبلوماسية وضغوطها لإضفاء الشرعية الدولية على غزوها للعراق. وختاما.." -في الواقع لا أستطيع أن أقرأ كل الرسالة لأنها طويلة، يقول وزير الخارجية العراقي السابق "وختاما أؤكد احتفاظي بحقي في اتخاذ الإجراءات القانونية بحق دار النشر والكتاب"، هذه رسالة وزير خارجية العراق قبل الاحتلال الدكتور ناجي صبري. شكرا لك غسان سلامة، شكرا لكل من تابع هذه الحلقة من الملف، لمن يود الكتابة إلينا عنواننا الإلكتروني almelaf@aljazeera.net

وإلى اللقاء بإذن الله في الأسبوع المقبل وكل عام وأنتم بألف خير.