قضية الساعة - القمة الإسلامية وموقفها من أزمة العراق
قضية الساعة

القمة الإسلامية وموقفها من أزمة العراق

رصد بالتحليل المستفيض عبر التقارير والضيوف والمراسلين كل ما له صلة بأزمة العراق وطبول الحرب التي تقرع باستمرار، ودور الأمم المتحدة والأطراف الدولية الفاعلة في إشعالها حقا أو دفن فتنتها.

مقدم الحلقة:

محمد كريشان

ضيوف الحلقة:

عدة شخصيات

تاريخ الحلقة:

06/03/2003

– حقيقة الاستهداف الغربي للعالم الإسلامي في ظل استهداف العراق
– جدوى القمة الإسلامية في دعم الموقف العراقي الدولي

– الخلافات العربية والإسلامية وتأثيرها على الموقف الإسلامي

– تأثير الموقف الإسلامي الرافض للحرب على القرار الأميركي


undefinedمحمد كريشان: المستهدف هو العالم العربي والإسلامي كله، والعراق ليس سوى حلقة في سلسلة أهداف بدأت في أفغانستان هذه هي إحدى الفرضيات الدارجة.

تساؤلات حول تداعيات الحالة العراقية من منظور التهديد الذي يواجه العالم العربي والإسلامي الذي خلف المعسكر الاشتراكي سابقاً عدواً منتقىً للقوة العظمى.

السلام عليكم ورحمة الله، أهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج (قضية الساعة) التي نخصصها للتهديد الذي يتعرض له العراق في سياق التهديد الذي يتعرض له العالم العربي والإسلامي، هذا العالم يراه كثيرون مُستهدفاً، إما في إطار ما وسمه (صمويل هنتنجتون) بصراع الحضارات أو تحت يافطة محاربة الإرهاب والتطرف الإسلامي ودول محور الشر حسب عبارة الرئيس الأميركي (جورج بوش) أو تحت عنوان (تفوق الحضارة الغربية) حسب تبجح رئيس الوزراء الإيطالي (بيرلوسكوني) كل ذلك هو ربما ما استدعى ضرورة تمدين العرب والمسلمين عبر نشر الديمقراطية كما جاء في مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية مثلاً التي أعلنها وزير الخارجية الأميركي (كولن باول) باعتبارها النظام الأكمل الذي يمثل في رأي المنظِّر الأميركي (فرانسيس فوكوياما) نهاية التاريخ، كل هذا يستدعي التأمل والتحليل عبر الأزمة العراقية الراهنة، بمناسبة القمة الإسلامية الأخيرة في الدوحة، لكن في البداية نتابع معاً تصريحات تجسد بعض المواقف والتوجهات المذكورة.

* "هذه الدول وحلفاؤها الإرهابيون محور شرٍ مسلح يهدد السلام العالمي، هذه الأنظمة بسعيها إلى امتلاك أسلحة التدمير الشامل تمثل خطراً كبيراً متنامياً، وبإمكانها توفير هذه الأسلحة للإرهابيين".

(جورج بوش) – الرئيس الأميركي.

* "أنا سعيد بالإعلان عن مجموعة متبكرة من البرامج لتعاون مستقبلي، ندعوه مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية، إنها جسر بين حكومة الولايات المتحدة وشعوب الشرق الأوسط، يوفر الأمل والطاقة والأفكار والمال، وهي تعميق لالتزامنا القديم بالعمل مع شعوب المنطقة وتحسين حياتهم ولمواجهة المستقبل بالأمل".

(كولن باول) – وزير الخارجية الأميركي.

* "علينا أن نكون واعين بتفوق حضارتنا، الشرق -كما قلت- سيواصل غربته [غربنته] كما فعل العالم الشيوعي، وكما فعل جزء من العالم الإسلامي".

(سلفيو بيرلوسكوني) – رئيس الوزراء الإيطالي.

* "على كل الأطراف أن تقول بوضوح إن القاتل ليس شهيداً، بل هو أو هي مجرد قاتل أو قاتلة".

(جورج بوش) – الرئيس الأميركي.

حقيقة الاستهداف الغربي للعالم الإسلامي في ظل استهداف العراق

محمد كريشان: هذه إذن بعض التصريحات التي سنحاول من خلالها وضع القضية في إطارها، قضية العراق في إطار ما يعتبره البعض ربما هجمة مُستهدفة للعالم الإسلامي.

نرحب بضيفنا هنا في الأستوديو السيد بابكر عيسى (مدير تحرير صحيفة الراية القطرية)، ومن أنقرة معنا السيد عاطف أوزبيه وهو (رئيس العلاقات الخارجية في حزب السعادة التركي).

إذن انعقد مؤتمر الدوحة والعالم الإسلامي يجتاز إحدى أخطر مراحل تاريخه الحديث، فهو وفق أغلب التقديرات السائدة مُستهدف علناً، ليس في وجوده الجيواستراتيجي والاقتصادي فحسب، بل وفي دينه وثقافته وتقاليده، العالم الإسلامي مُطالب حتى بتغيير برامجه الدراسية ومصطلحاته الشرعية، بل وأحياناً يُدعى لتجاهل بعض ما جاء في القرآن الكريم من آيات لا تجد هوى في نفوس خصومه الحضاريين، ويعتقد كثير من المحللين أن أفغانستان كانت أولى حلقات الهجوم المباشر على العالم الإسلامي، وأن الحرب المحتملة على العراق أو المرتقبة بالأحرى ربما ستكون لو تمت -لا قدر الله- الحلقة الثانية في سلسلة قد تمتد زماناً وتتسع مكاناً، لتشمل الجميع بشكل أو بآخر. فوزي بشرى يستعرض بعض جوانب الموضوع.

تقرير/فوزي بشرى: قال أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة في غمار صراعه مع ما يعتبره قوى الشر والعدوان: إن العالم قد انقسم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلى فسطاطين، فسطاط المؤمنين وفسطاط الكفار الذين يكيدون للعالم الإسلامي كل كيد.

هذا التوصيف أخذ طريقه إلى الإدارة الأميركية، فخرج الرئيس بوش يعيد إنتاج المقولة السابقة بحديثه عن انقسام العالم بين قوى الخير وقوى الشر، بين الحضارة والبربرية، بين العالم الحر وبين الأنظمة المارقة وفي سياق هذه الرؤية للعالم التي وُرِّطت فيها الإدارة الأميركية من قبل المسيحية الصهيونية والمحافظين الجدد من أمثال نائب الرئيس (ديك تشيني)، ووزير الدفاع (دونالد رامسفيلد)، ومستشارة الرئيس للأمن القومي (كونداليزا رايس) ومن ورائهم (روف) و(وولفويتس) رأى كثيرون في الحرب الأميركية على الإرهاب حرباً على العالم الإسلامي، باعتباره الأب الشرعي لما اعتبره واشنطن تصورات تصادمية للحضارة.

ورغم النفي المتلاحق من الرئيس الأميركي جورج بوش وحليفه الاستراتيجي رئيس الوزراء البريطاني (توني بلير) من أن حربهما ليست ضد الإسلام أو المسلمين، إلا أن الشواهد تتواتر أيضاً في تعضيد فرضية أمن العالم الإسلامي هو موضوع الفعل العنيف للأميركيين والبريطانيين ومن شايعهم، حتى مع قبول أن عبارة الحملة الصليبية التي وردت على لسان الرئيس الأميركي ما كانت تعني شيئاً يتجاوز معنى الحرب المجرد من أي حمولة تاريخية أو دينية.

كان القصف الأميركي لأفغانستان هو مفتتح الحرب الأميركية، الأهداف المعلنة هي القضاء على طالبان وتنظيم القاعدة، لكن الأهداف الأخرى في استراتيجية الهيمنة مما يشير إليه الدارسون لمشروع الإمبراطورية الأميركية، هي الإمساك بمفصل من مفاصل القوى، فبفضل أفغانستان استطاع الأميركيون تنسم رائحة نفط بحر قزوين، ومن أفغانستان يشرف الأميركيون على دولة إسلامية أخرى هي إيران، التي تجمع بين كونها عضواً في قائمة الإرهاب الأميركية إضافة إلى عضويتها فيما تصفه واشنطن بمحور الشر، وهي دولة لن تدعها استراتيجية التعاون الأميركي الإسرائيلي تنعم بالهدوء طويلاً، لأن مشروع نهوضها العسكري يصادم مبدأ استمرارية التفوق النوعي لإسرائيل في محيطها العربي والإسلامي.

ولا يعدم من يتشكك في الأهداف الأميركية تجاه العالم الإسلامي إشارات دالة على أن الحرب تتجاوز نزع أسلحة الدمار الشامل في العراق إلى فرض الهيمنة على المنطقة بأسرها، ويشير المتشككون إلى ترسانة إسرائيل من أسلحة الدمار الشامل بما يفوق ما لدى العراق.

مشروع الهيمنة الأميركي ليس هو غزوة حربية فحسب، لكنه مشروع يقول أصحابه: إنه ينشد عملية تغيير شاملة للمفاهيم والقيم، إنه مشروع للأمركة الذي يجد في أوروبا من يشير إلى محاذيره وينبه إلى مخاطره على السلام العالمي، فبعد حرب أفغانستان ضغطت واشنطن على باكستان لإحداث تغيير جوهري في مؤسسات التعليم الديني، وهي دعوة شاملة فزع منها أصدقاء كانوا مقربين من واشنطن كالمملكة العربية السعودية، التي صورتها بعض وسائل الإعلام الأميركي على أنها قلعة من قلاع التخلف يجب أن يتوجه إليها الإصلاح أولاً، ومضت واشنطن تضيق على العالم الإسلامي وتضطره إلى عصر ذهنه بالتفكير في إيجاد الفروق بين العمليات الإرهابية والاستشهاد، لأن واشنطن ترفض أن ترى فعل المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي إلا أنه فعل إرهابي يجب التبرؤ منه.

وعبر الحرب على الإرهاب أدارت واشنطن حرباً على مؤسسات العمل الطوعي التي اعتبرتها قنوات تُمرر عبرها الأموال إلى المجموعات الإرهابية ولم يجد العالم الإسلامي ما يدفع به في ظل حملة التخويف التي أشاعتها واشنطن في العالم عبر صيغة "من ليس معنا فهو ضدنا".

في هذا السياق ضغطت واشنطن على باكستان أن ترفع يدها عن مقاتلي كشمير إن هي أرادت لنفسها صحيفة بيضاء خالية من السلوك الإرهابي أو الإعانة عليه، بل إن باكستان اضطرت إلى تعاون أمني عسكري مع واشنطن بحيث صارت من وجهة نظر الشارع الإسلامي إحدى أدوات الحملة الأميركية، ولم يحرج واشنطن وهي تضغط أن قضية كشمير ذات السمت الإسلامي قد خصها المجتمع الدولي بقرارات تعود لنصف قرن لم تجد من أحدٍ عزماً على إنفاذها.

وفي السودان اشتدت الوطأة الأميركية على حكومة الرئيس عمر البشير فتسرب من يدها كثير مما كانت تسميه مشروعاً حضارياً إسلامياً، والمفارقة أن واشنطن -التي ناصبتها الخرطوم العداء أول أمرها- هي التي تعيد رسم علاقات القوى في السودان وفق عمليات فرز ديني وإثني، لكن واشنطن لا يروق لها أن تنظر وفق منطق الفرز هذا إلى صراع جنوبي الفلبين المسلم مع سلطة (مانيلا) ذلك إرهاب، ويغري منطق التضاد الحضاري الذي بشَّر به الأكاديمي ذائع الصيت (صمويل هنتنجتون) دعاة الحرب وتسليهم مقولات المنظر (فوكوياما) عن نهاية التاريخ لصالح الغرب، لكن المظاهرات التي شهدتها حواضر العالم المسيحي ربما أعانت على وضع القضية في إطارها الصحيح، وهو النزوع الأميركي الشره للهيمنة، والذي تعتبر السيطرة على العالم الإسلامي أحد مفاتيحه.

محمد كريشان: إذن هل العراق مُستهدف أساساً في سياق استهداف العالم العربي والإسلامي؟

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: نتوجه مباشرة إلى أنقرة وضيفنا عاطف أوزبيه. سيد أوزبيه، وزير الخارجية العراقي ناجي صبري قال: بأن الأمر يأتي بالنسبة لبلاده في سياق حملة استعمارية جديدة ضد الإسلام والمسلمين، والعراق ليس هو المقصود والمستهدف الوحيد بهذه الحملة، هل ترى الأمور من نفس الزاوية؟

عاطف أوزبيه: أولاً أقدم إليكم شكري، الحقيقة كما أخذنا منكم موجز ما هو الأهداف اللي أميركا تهدد على الأمة الإسلامية، وكما قرأتم بيان وزير الخارجية الجمهورية العراقية سعادة السيد صبري، أنا أتفق معه أن الهدف.. التهديد على العراق ليس لها أي مشروع قانوني، ليس لها أي مشروع.. والدليل ما تقوله أميركا، أميركا تقول: أن في يد الحكام وإدارة العراق الأسلحة النووية، وحتى الآن رأينا المفتشين من الأمم المتحدة فتشوا جميع الأماكن، ما كان تريد أميركا والأمم المتحدة لم يجدون شيئاً حتى الآن في العراق، وإذن ثانياً..

محمد كريشان[مقاطعاً]: ولكن.. ولكن سيد عاطف يعني هل تعتبر بأن.. ولكن هل تعتبر بأن المشكلة هي مشكلة عراقية بالتحديد أم أن العراق -مثلما يقول عديدون- ليس سوى أحد المحطات لاستهداف العالم الإسلامي ككل؟

عاطف أوزبيه: نعم، يعني الاستهداف هو الأمة الإسلامية جميعاً، ليس التهديد على العراق فقط، أولاً.. نفس الشيء حدث في أفغانستان، الآن يريدون يكون في العراق، وبعد العراق يستمر، المسؤولين في أميركا بأنفسهم هم يعلنون أن بعد العراق يكون.. يكون إيران وبعد إيران السودان وليبيا.. لبنان، وربما يكون.. تكون تركيا أيضاً، فلهذا نحن نعرف جيداً ونعلم جيداً أن الهدف ليس ما يقول.. ما تقوله أميركا، الهدف الأمة الإسلامية جميعاً.

محمد كريشان[مقاطعاً]: نعم، إذن.. إذن سيد عاطف أوزبيه..

عاطف أوزبيه: إذا بقت في العراق.

محمد كريشان: أنت لا تستبعد حتى أن تكون تركيا مستهدفة في مرحلة قادمة، شكراً جزيلاً.

[موجز الأخبار]

محمد كريشان: سيد بابكر عيسى (مدير تحرير صحيفة الراية) تابعت معنا ما قاله السيد أوزبيه من.. من أنقرة يعتبر أن الأمر حلقات، وهو لا يستبعد حتى أن تصل الأمور إلى تركيا، ولكن في المقابل أفغانستان كان استهدافها لحدث معين يتعلق بالقاعدة، العراق لحدث معين يتعلق بأسلحة الدمار الشامل وقرارات الأمم المتحدة كما يقال، إذن هل هذا التحليل يستقيم مع ذلك؟

بابكر عيسى: أعتقد إنه المسألة سيناريو أكبر من ذلك كثير وسيشمل العديد من الدول، والمسألة لم تعد سراً، وإنما أُعلنت على أعلى المستويات، وجلسة النقاش التي دارت في الكونجرس مع وزير الخارجية كولن باول كانت عناوينها واضحة، وتوضح بالضبط ماذا تريد الولايات المتحدة الأميركية من هذه المنطقة.

محمد كريشان: ولكن ألا يُخشى أن نعطي هنا بُعد حضاري ثقافي أو حتى ديني لهذا الصراع، في حين أننا نتحدث في نفس الوقت عن مصالح وعلى.. عن نفط وعن إسرائيل، ألا يمكن أن يتداخل العنصران في هذا المجال؟

بابكر عيسى: هذه هجمة صليبية، يعني ترتدي بعض المسوح لتجميل ما يحدث، المسألة واضحة إنه هناك هيمنة مطلوبة ومرغوبة على هذه المنطقة الاستراتيجية والحيوية من العالم وإنه العراق مجرد مقدمة، وإنه سيأتي الحبل على الجرار، وستمر.. ستُعاد إعادة ترتيب الخارطة السياسية في كل هذه المنطقة، وستشمل بالإضافة إلى تركيا سوريا والمملكة العربية السعودية والسودان وكافة دول هذه المنطقة ستكون عرضة لإعادة الترتيب من جديد.

محمد كريشان: وربما ما يُضفي بعض المصداقية على مثل هذا الكلام بأن ليس العرب وحدهم من يقولون هذا الكلام، هذا الكلام يُقال حتى في دوائر أميركية وفي دوائر أوروبية أيضاً.

بابكر عيسى: لم يعد هناك سراً الآن إنه كل هذه الحقائق مكشوفة ومعروفة لدى الناس، هو السؤال: إلى متى سينتظر العرب والمسلمون إلى أن يأتي.. يعني هذا الجزار القادم عبر المحيطات، ليكمل عملية الذبح على الطريقة اليمينية المسيحية الصهيونية التي تستهدف في الأساس الإسلام وتستهدف جوهر ما يدور في هذه الأمة.

محمد كريشان: ولهذا السبب سيد بابكر البعض يعتبر بأن التضامن الإسلامي ربما هو الحل الأمثل لمواجهة مثل هذه التحديات حيث أن تعاون الدول الإسلامية والتنسيق فيما بينها لمواجهة الوضع الحالي يعتبر من الضرورات الملحة لتجاوز الأزمة الراهنة والخروج منها -على الأقل- بأقل الخسائر الممكنة.

رئيس الوزراء الماليزي (محاضر محمد) تحدث للزميل خالد المحمود عن رأيه في الحرب التي تهدد واشنطن بشنها على العراق وما يجب على الدول الإسلامية القيام به لثنيها عن مثل هذا العمل.

محاضر محمد: ما يمكن أن نفعله الآن هو أن ننضم نحن في العالم الإسلامي إلى هذه الحملة العالمية المناهضة للحرب ولفكرة اللجوء للحرب كوسيلة لحل المشاكل، ويجب أن نتأكد من أن الناس مدركون وواعون بمدى التدمير الذي يمكن أن تحدثه أي حرب، وعندما تترسخ القناعة لدى الجميع في كل أنحاء العالم، ويعلمون أن الحرب ليست حلاً جيداً للمشاكل نكون وقتها قد أنجزنا بعض التقدم، نحن كلنا ضد الإرهاب، سواء كنا مسلمين أم بوذيين أو غير ذلك لأن الحرب مدمرة ولا تخلف أي نتائج إيجابية.

من ناحية أخرى في الوقت الذي نتفق فيه على محاربة الإرهاب، فإننا لا نوافق على الطريقة التي تتم بها، نعتقد أن أميركا مخطئة في طريقة المعالجة، ونرى وجوب البحث عن أسباب الإرهاب ومعالجة هذه الأسباب، وعندها سننجح.

هذه الحرب كأي حرب ستساعد على زيادة الإرهاب، وما يحدث في باقي دول العالم الآن هو نوع من الإرهاب، مثلما يحدث للشعب العراقي أو للشعب الفلسطيني، فمن يرهب من؟ إن اللجوء لقتل الناس كطريقة لحل المشاكل هو أكبر مسبب للإرهاب.

محمد كريشان: محاضر محمد (رئيس الوزراء الماليزي) متحدثاً لزميلنا خالد المحمود، سيد بابكر: محاضر محمد من.. ربما من أكثر الزعامات الإسلامية الآن صراحة وتشدداً في الحديث عن معارضته للحرب، وفي القمة الإسلامية الأخيرة في الدوحة حضر.. حضر أيضاً عبد الله واد رئيس الوزراء، الرئيس السنغالي حضر، سلطان بروناي، وحضرت شخصيات ربما لا تعتبر قريبة جداً بالموضوع العراقي، وغاب زعماء كان يفترض أن يكونوا على الأقل أكثر اهتماماً بالملف، هل البعد الإسلامي هنا يمكن أن يشفع؟ هل.. هل يمكن أن ننتظر من ماليزيا أو غيرها ما قد لا ننتظره من دولة عربية أخرى فيما يتعلق بالموضوع العراقي؟

بابكر عيسى: هذا مما يدعو للأسى إن دول مؤثرة في العالم الإسلامي ألا تكون حاضرة مثل هذا التجمع الذي يعني يبحث واحدة من أهم القضايا وفي منعطف بالغ الخطورة تجتازه الأمتين العربية والإسلامية، وأعتقد إنه هذا الغياب سيُحسب على أصحابه وموقف مهاتير [محاضر] محمد هو الموقف الأكثر جسارة في وقت لزم فيه الكثيرون الصمت، فهو يتحدث عن مخاطر هذه الحرب، يتحدث عن المفهوم المائع الذي تعتمده.. يعتمده الغرب أو تعتمده الإدارة الأميركية على وجه التحديد فيما يتعلق بالإرهاب، وإنه أن تسفك دماء الآخرين، وأن يقتلوا، وأن ينكَّل بهم، وبعد ذلك يُسمى كل ذلك حرباً على الإرهاب، وهو يتساءل سؤالاً في غاية البلاغة وفي غاية الوضوح، هو: من هو الإرهابي؟ ومن الذي يتآمر ضد من؟

أعتقد إنه الجريمة التي يعني تحيق بالأمة العربية والإسلامية قد أوضحها مهاتير [محاضر ] محمد بكل جلاء وبكل وضوح، ونأمل أن يعلو قامة وصوت بقية الزعماء الإسلاميين ليتحدثوا بمثل هذا الوضوح وبمثل هذه الجسارة حتى يكون للعالم العربي والإسلامي موقعه ومكانته وسط الشعوب.

جدوى القمة الإسلامية في دعم الموقف العراقي الدولي

محمد كريشان: نعم، على كل بالنسبة لقمة الدوحة، فقد انعقدت وسط أجواء راوحت بين تشكيك في جدواها والخوف من أن تتحول إلى ساحة أخرى لتفجير الخلافات العربية والإسلامية، وقد تنادت الدول الإسلامية لعقد هذه القمة تحت شعار إسماع العالم صوت المسلمين بشأن العراق، فهل تراه سمع؟

ياسر أبو النصر سعى للحصول على الإجابة في كواليس هذا المؤتمر.

تقرير/ياسر أبو النصر: على خطى بيان شرم الشيخ مضت القمة الإسلامية في الدوحة وفقاً لسيناريو مرسوم، وأُجهضت أجندتها التي كانت حُبلى بمفاجآت عدة من أي جديد مثير سوى ذلك التراشق الكلامي بين العراق والكويت، الذي بات بدوره من مستلزمات ثقافة المؤتمرات العربية، فلا المبادرة الإيرانية الداعية إلى انتقال سلمي للسلطة في بغداد بإشراف الأمم المتحدة وجدت من يروج لها في غياب الرئيس خاتمي ووزير خارجيته كمال خرازي، ولا المبادرة الإماراتية المثيرة للجدل وجدت لها سبيلاً إلى المناقشات الرسمية خلافاً لتوقعات باحتشاد أطراف خليجية عدة وراءها هذه المرة بعد أن مرت عليها القمة العربية مرور الكرام.

حمد بن باسم بن جبر آل ثاني (وزير الخارجية القطري): المبادرة الإماراتية يعني لم يعرضها وفد دولة الإمارات الشقيقة في القمة بشكل رسمي، ولذلك لم يبحث فيها، هي عرضت في القمة العربية، وأيضاً تم الاتفاق على التأجيل، والآن دول مجلس التعاون لها موقف موحد بأنه هذه تناقش في الإطار العربي، هذا بيان اللي تم من يومين في الدوحة.

ياسر أبو النصر: لم تكن القمة في جوهرها قاعة اجتماعات وكاميرات بقدر ما كانت قمة مشاورات ولقاءات ثنائية راحت أطرافها في الكواليس تستمزج توجهات الأطراف الأخرى حول مرحلة مقبلة تبدو مفتوحة على كل الاحتمالات.

البعض الآخر وجد في هذا التجمع فرصة مواتية لتصفية خلافات باعدت في شقتها التصريحات الإعلامية الرنانة، مثل لقاء الإماراتيين بالأمين العام لجامعة الدول العربية ولقائهم والوفد العراقي برعاية قطرية، ذلك اللقاء الذي تواترت الأنباء عن التئامه وفق قاعدة "لنتعاون فيما اتفقنا عليه، وليعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه".

توحيد المواقف بشأن العراق بدا قبل بداية المؤتمر وأثناءه فكرة خيالية، الباحث عنها كالقابض على الريح، ورغم ذلك فثمة رسالة وجهتها القمة إلى كل من بغداد وواشنطن مؤداها أن نحو 54 دولة إسلامية ينضمون إلى فرنسا وروسيا وألمانيا في رفض الحرب، السؤال: هل هذا فقط ما ينتظره المليار المسلم الذين جاءت هذه الوفود لتمثلهم؟

ناجي صبري (وزير الخارجية العراقي): ما جرى في هذه القمة هو تعبير عن الحد الأدنى مما يمكن أن تقدمه الدول الإسلامية، فالدول الإسلامية عبرت في هذا المؤتمر عن رفضها القاطع للعدوان على العراق، وتضامنها مع شعب العراق، ومطالبتها برفع الحصار عنه وباعتمادها على الحل السلمي لهذه الأزمة.

ياسر أبو النصر: في سياق تلك التوصيات سابقة التجهيز دعت القمة الإسلامية ضمن أبرز ما دعت إليه:

-كافة الدول لمساندة الجهود السلمية الهادفة لتجنب الحرب.

-الرفض القاطع لضرب العراق أو تهديد أمن وسلامة أي دولة إسلامية.

-الحفاظ على أمن ووحدة أراضي العراق ودول الجوار.

-مطالبة المجتمع الدولي بالعمل على نزع أسلحة التدمير الشامل في منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك إسرائيل.

-رفض كل محاولات تهدف إلى فرض تغييرات في المنطقة أو التدخل في شؤونها الداخلية.

هذه التوصيات وإن دخلت في صلب الخطاب الرافض للحرب إلا أنها لا ترسم معالم مبادرة إسلامية مستقلة كالتي توقعها البعض.

د. أسامة الباز (المستشار السياسي للرئيس المصري): اللي إحنا نأمله أن تكون هناك.. أن يكون هناك توجه أو رأي تلتقي عليه شعوب الأمة الإسلامية أو دول الأقطار الإسلامية، وهذا.. مثل هذا التوجه لابد أن يكون له وزنه، وإن لا يمكن إطلاقاً إهمال رأي يعبر عن مجموع أقطار يبلغ تعداد سكانها مليار نسمة، يعني خُمس سكان العالم تقريباً.

ياسر أبو النصر: بهذا المعيار قال تكتل الدول الإسلامية كلمته، فهل يستجيب منطق القوة حقاً لخُمس سكان العالم؟

محمد كريشان: معنا الآن من العراق الدكتور ظافر العاني (أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد). دكتور، الخروج بالحد الأدنى مثلما قال وزير الخارجية العراقي، هل تراه قادر على دعم موقف بغداد الدولي؟

د. ظافر العاني: إذا بالإمكان أستاذ محمد تعيد السؤال، لأنني لم أسمعه.

محمد كريشان: أعيد السؤال يا دكتور، ما خرج من القمة اعتُبر الحد الأدنى كما قال وزير الخارجية العراقي، هل يمكن لهذا الحد الأدنى أن يدعم موقف بغداد التفاوضي على الساحة الدولية؟

د. ظافر العاني: يعني ائذن لي فقط أن أجيب على محور البرنامج قبل أن أدخل في هذا السؤال أستاذ محمد، يعني المؤكد أن القضية اليوم أصبحت تتجاوز العراق بكثير، قد يكون العراق الضحية الأولى أو الضحية الثانية بعد أفغانستان، لكنه بالقطع لن يكون الأخير، المستهدف الرئيسي ربما حتى يتجاوز العالم الإسلامي بكثير، المستهدف في النهاية هو النظام الدولي برمته، وقد تكون بغداد هي الساحة التي ستحسم فيها هذه المعركة ما.. ما بين الولايات المتحدة التي تريد أن تكرس هيمنتها على العالم، وما بين القوى المعسكر السلام الذي يُسمى القوى الدولية الرافضة لهذا المنطق، ولذلك الإدارة الأميركية منذ مدة قد بشرت بأن هذا القرن ينبغي أن يكون قرناً أميركياً، كما قال العديد من مُنظريها الاستراتيجيين، ولكي تتتابع هذه الخطة الاستراتيجية فإن الإدارة الأميركية معنية بأن تبتدئ بالحلقات الأضعف، وللأسف فإن الحلقة الأضعف اليوم هو الأمة العربية والعالم الإسلامي بسبب ضعف الإرادة السياسية للقادة العرب والمسلمين أولاً، وثانياً: لأن في الأمة الإسلامية مخزون حضاري ومكون فكري يستطيع لوحده أن يكون البديل للمشروع الغربي الأميركي، وهذا ما قاله هنتنجتون في.. في.. في صدام الحضارات، ولذلك القضية..

محمد كريشان: ولكن دكتور يعني دكتور يعني إذا يعني عفواً.. عفواً إذا.. عفواً يعني إذا.. إذا وضعنا العراق في السياق الإسلامي، وأكثر من مليار مسلم قد يشعر بأنه مدعوم أكثر من مجرد السياق العربي البحت، هل يمكن أن نفهم توجه بغداد إلى نوع من الخطاب الإسلامي -قد لا يكون بالضرورة منسجماً مع التراث العلماني للبعث- نوعاً من محاولة الانصهار أكثر في هذا السياق؟

د. ظافر العاني: طبعاً يعني تعرف حضرتك أستاذ محمد نحن كمسلمين يعني عند.. عندما تصيبنا الملمات وتداهمنا الخطوب، يعني ربما الملجأ الوحيد إلينا والملاذ هو الإيمان بالله، خصوصاً وأني سأقول لك بأمانة وأن المعركة غير متكافئة ما بين العراق والإدارة الأميركية والتحالف الذي يمكن أن يصطف إلى جانبها، يعني عدا عن ذلك، فالعراقيون شعب مؤمن، والقيادة العراقية برغم مسحة العلمانية التي فيها، فهي ليست يعني كالعلمانيات الغربية، هنالك ومنذ مدة غير قصيرة تثقيف في داخل البلد حول قضية الإسلام والإيمان، وأنا لا.. لا أريد أن أعدد لك، لكن هنالك في البلد بالفعل حملة تقودها القيادة العراقية تسمى بالحملة الوطنية الإيمانية.

أستاذ محمد، أنا فقط أريد أن أقول إنه يعني أوروبا ربما قبل العالم الإسلامي والعالم العربي قد استشعرت هذا الخطر الأميركي، يعني على حتى على المصالح الأوروبية..

محمد كريشان[مقاطعاً]: يعني سيد.. سيد عاني يعني آسف يعني نرجو أن تبقى معنا فقط، سأعود إليك بعد قليل، معنا الآن من طهران الشيخ محمد شريعتي، وهو (مستشار رئيس الجمهورية الإيراني، وخبير في الشئون الدولية).

سيد شريعتي، دائماً هناك حديث بأن الدور بعد العراق قد يكون موجهاً إلى إيران، هل هذا يجعلكم في سياق يفترض أن تتعاملوا فيه مع الملف العراقي بشكل مختلف عن بقية الدول الإسلامية؟

محمد شريعتي: بسم الله الرحمن الرحيم. نحن نعتبر أن مسألة العراق والهجوم الذي الآن يواجهه مسألة مختلفة ومنفصلة عن كل المسائل، ولابد أن نعتني بها، سواء كنا في هذا المضمار الرقم الثاني أو الثالث أو الرابع، فالمسألة التي تطرح في العالم الإسلامي لابد أن نهتم بها، ولكن أيضاً لابد أن نقسم المسائل، ونأخذ المسائل في الصميم، المسألة العراقية هي مسألة معقدة، ونحن لا نريد أن نصنف الأشياء كل الأشياء أنها إما حرب كافرة، وإما إسلامية، خوض مسائل سياسية دقيقة، وأيضاً كما شاهدتم فإن العالم الإسلامي يواجه مسألة سياسية دقيقة، وراهن على بعض الأشياء، وكانت أيضاً مراهنات على مطالبات من العراق، من هذا المنطلق لابد أن نحن نقول مسألة وقوفنا أمام أحادية الجانب من جانب أميركا ليس بجديد، وقبل مسألة العراق، ولكن كنا أيضاً خالفنا العراق في أيضاً حربه ضد الكويت، وأيضاً خالفنا العراق عندما حارَبَنا، ولكن نحن نقول هذه المسألة مسألة أخرى لابد أن نعتني بها في إطار العالم الإسلامي، وأيضاً في إطار ما يمكننا أن نعمل به على.. على مقدار إمكانياتنا في هذا العالم.

محمد كريشان: ولكن سيد شريعتي عندما تتقدم مثلاً دولة الإمارات بمبادرة عرفت بمبادرة الشيخ زايد، ثم أيضاً هناك مبادرة إيرانية تحدث عنها وزير الخارجية كمال خرازي، ألا يضعف هذا نوعاً ما من تماسك الدول الإسلامية التي تريد أن تقف في وجه الداعين إلى الحرب في الإدارة الأميركية؟

محمد شريعتي: من جانبنا نحن طرحنا أفكار، والسيد خرازي طرح أفكاراً لأن تكون مخرجاً إذا أمكن لها، كما تعرفون بأن حسن نصر الله أيضاً.

محمد كريشان[مقاطعاً]: وهذا.. ما هو سيد شريعتي، هنا المشكلة، يعني الإمارات تقول أفكار، وأنتم تقولون أفكار، لكن مجرد الخوض في هذه الأفكار قد يفهم بصيغ مختلفة في واشنطن وفي لندن وغيرها من العواصم المتحمسة للضربة العسكرية؟

محمد شريعتي: نحن كما قلنا لا.. لا نصنف الأشياء، نحن ممارسات عندنا سياسية على الواقع، ومسألة الواقع نحن لا نعتبره أنه كله مخلوق من غير العالم الإسلامي، من داخل العالم الإسلامي أيضاً من ممارسات النظام العراقي، أيضاً مسألة اجتياح الكويت، مسألة الحرب العراقية، هذه واقع في المنطقة، ولكن نحن نقول على أنه لابد أن نتجاوز في هذه المرحلة، وحتى ما طرحنا مسألة رحيل صدام أو رحيل النظام، بس اشتراك المعارضة، وأيضاً تمثيلهم في المجلس النيابي تمثيل حقيقي، هذا.. هذه مسألة فكرة واقعة في هذا الظرف، أما مسألة الإمارات هم يتحملون مسؤولية هذا الطرح، وأنا أعتبر أنه ليس من موقف شيء معادي للمسلمين أو معادي للعرب طُرح هذا.. هذا الطرح، وهذه الأفكار ليست من مسألة معاداة للشعب العراقي، بل من حبهم وحرصهم على سلامته.

محمد كريشان: سيد شريعتي، إذا افترضنا بأن الدور سيأتي على إيران، كما تذهب في ذلك عديد التحليلات السياسية، ما الذي يفترض أن تقوم به إيران ودول أخرى نافذة مثل تركيا بشكل يتجاوز ربما الأدوار الأخرى التقليدية في هذه في.. في هذه الأزمة؟

محمد شريعتي: فلنكن موضوعيين، يعني بالنسبة إلى إيران أنا أستبعد أن.. أن يكون الرقم الثاني لمؤهلات داخلية وأيضاً مؤهلات عالمية ومسائل أخرى، نحن نعارض السياسة الأميركية، وعارضناها منذ ثورتنا، وبالنسبة إلى العراق كما تعرفون فإنه ارتبك [ارتكب] أخطاء كبيرة دولية، وليست لا أقولها داخلية الوضع الداخلي مرتبط بالمعارضة وآخرين، ولكن الوضع الدولي يهمنا كلنا، ومن هذا المنطلق فالممارسات على الواقع هو هذا الواقع الذي نعيشه من أحد مسائله هو الواقع الممارس من قبل النظام، ولكن نحن نقول على أنه في هذه الحالة طلبنا عقد المجتمع الإسلامي، وأيضاً نحن طرحنا أفكار حتى يمكن في هذه اللحظة بالنسبة إلى تخطي الضغوط العالمية الدولية كما تعرفون فإن حتى ألمانيا وفرنسا وآخرين لم يطرحوا الأشياء الذي نحن نريدها، هم أيضاً يطرحون أشياء، وحتى يكيلون بمكيالين، ونحن لا نقبل هذه الأشياء، ولكن الظروف العالمية تجبر حتى النظام العراقي على أعمال يمكن ألا تقوم بها في لحظات عادية.

محمد كريشان: سيد شريعتي، من.. من بين الأقوال التي قالها رئيس الوزراء الماليزي محاضر محمد بأن أي.. أي من الدول الإسلامية ليست دول.. ليست دولة عظمى، وبناء على هذه الحقيقة يتوجب علينا أن نسير قدماً مع دول مثل روسيا وفرنسا والصين التي تؤمن بالحلول السلمية وتطالب بإعطاء المفتشين وقتاً أطول، برأيك لماذا لم تتوجه دول أساسية في الساحة الإسلامية، وخاصة بعد قمة الدوحة في اتجاه تنسيق الجهود مع باريس ومع موسكو وبكين في.. في هذا الجهد لمنع الحرب؟

محمد شريعتي: كما تعرفون فإن في القمة الإسلامية كان دعماً للمبادرة العربية أيضاً في إرسال وفد من هذا الجانب للاتصال (بكوفي عنان) وآخرين، وأيضاً هذا الواقع مرير، يعني مسألة الدولة الإسلامية ومسألة من وضعنا الآن ليس اقتصادياً وعسكرياً، ومسائل أخرى ليس شيء اللي مريح هو، ولكن الاتصال بـ.. وتأمين حد أقل لمسائل في المسائل السياسية هذا شيء عملي، ويقوم.. وتقوم به الدول ذات الاتصال المباشر وغير المباشر بهذه الدول.

محمد كريشان: الشيخ محمد شريعتي (مستشار رئيس الجمهورية الإيراني و الخبير في الشؤون الدولية)، شكراً جزيلاً لك.

إذن مازلنا معكم في برنامج (قضية الساعة) حول القمة الإسلامية الأخيرة في سياق استعراض إلى أي مدى يمكن اعتبار العراق مستهدف في حد ذاته، أم في سياق أكبر وأوسع. نعود إلى بغداد مع الأستاذ دكتور ظافر العاني، دكتور، هل من تعليق على ما قاله السيد شريعتي الآن؟

د. ظافر العاني: يعني طبعاً إيران لم تقدم أفكاراً فقط، إيران اليوم عقدت مؤتمراً لما يسمى بفصائل المعارضة الشيعية، وشعار هذا المؤتمر هو دور الشيعة في.. في النظام السياسي ما بعد صدام، وفي هذا لاشك تناغم مع الإملاءات الأميركية التي تجري اليوم مثلما هي الأفكار التي طرحتها دولة.. دولة الإمارات، يعني إيران تتحدث عن ضرورة أن يكون للمعارضة دور في النظام السياسي في.. في العراق، العراق قبل مدة -كما تعرفون- قد أصدر عفواً عاماً مطلقاً عن جميع السياسيين الهاربين والفارين، لكن يعني إيران تحاول أن تفت في عضد الجسد العراقي من خلال افتعال الورقة الطائفية، وبأن يكون لها دور في.. في.. في الأحداث السياسية في العراق، وهي تريد أن تعيد أن يكون العراق ساحة للصراع الصفوي العثماني مرة ثانية، إيران.. إيران ليست بريئة في طرح مثل هذا الموضوع، إيران يعني اليوم إيران قد قدمت خدمة للعراق في أنها قد كشفت عن وجها الحقيقي إزاء.. إزاء العراق، كنا نتمنى أن تكون إيران أكثر عقلانية من ذلك، لأنها بالفعل هي المستهدفة يعني بعد العراق تماماً، أليست هي في محور الشر أيضاً؟ ولكنها تريد أن تضحي بالعراق ابتداءً لكي تبعد نفسها عن هذا المحور، يعني لذلك أنا أتمنى من الساسة الإيرانيين أن يكونوا أكثر عقلانية في تفهم الأمور، القضية بالقطع ليست قضية أسلحة دمار شامل، ومن.. من المخجل أن تختزل هذه القضية بأنها يعني تتعلق بالقيادة السياسية في العراق، الموضوع أخطر من ذلك بكثير، وأكبر من ذلك بكثير، قد يكون العراق -كما قلت- ضحيته الأولى، لكنه بالقطع يعني لن يكون الضحية الأخيرة، يعني إيران كما هي العراق.

الخلافات العربية والإسلامية وتأثيرها على الموقف الإسلامي

محمد كريشان: نعم، هو على كل ما.. ما.. ما تقوله.. ما تقوله الآن دكتور عاني، سيد بابكر عيسى ربما يذكرنا بما قاله وزير الخارجية القطري في ختام القمة، وهنا أقتبس مما قال، قال: "الدول الإسلامية تستطيع أن تساعد وتريد أن تساعد، ولكن ليس قبل أن نتخطى مشاكلنا ويكون هناك موقف موحد نحو قضايانا حتى نستطيع أن نسأل البقية عن الدعم". يعني مثل الحديث عن حزازات بين تركيا والعراق، إيران و.. و.. والعراق يضعف الموقف الإسلامي، وبالتالي يجعل منه ورقة غير قادرة على الضغط على الساحة الدولية.

بابكر عيسى: هناك حالة احتقان موجودة في العلاقات الإسلامية الإسلامية مثلما هو الحال موجودة في العلاقات العربية العربية. أعتقد إنه ضرورات المرحلة تستوجب إنه يجب تنفيث هذه الحالات من الاحتقان، وإنه يعني قراءة الواقع قراءة صحيحة، يعني مثلاً كل إنسان يبحث عن قشة لينقذ بها نفسه من الغرق، هذا.. هذا لن يقود إلى خلاص جماعي، ولن يحقق حتى الخلاص الفردي الذي يتطلع إليه الآخرون، فبالتالي لابد من وقفة متعمقة جداً، ولابد من معالجة يعني تتوفر فيها الإرادة السياسية حتى تستطيع الدول الإسلامية إنه تخاطب العالم وإنه يكون لها تأثير، وأن يكون ليها يعني الحد الأدنى من الاحترام المطلوب في.. سواءً في المحافل الدولية أو في منابر الخطاب السياسي.

محمد كريشان: ولكن حتى إذا تركنا موضوع الخلافات السياسية هناك معطى أساسي لا يمكن تجاهله، وأثاره وزير الخارجية القطري أن تكون دول المنطقة التي بها القواعد العسكرية والوجود العسكري المكثف الآن، والذي يحتمل أن منها تنطلق لضرب العراق هي دول إسلامية ودول عربية، بالتالي يجعل هذا الموقف مضروب في مصداقيته من الأساس يعني.

بابكر عيسى: هي أساساً المصداقية مشروخة، لأنه أنت لو تلاحظ إنه الخطاب السياسي الذي يتم التعامل معه يعني هذه القطعان من الشعوب لا أحد يحترمها كثيراً، يعني أنت تسمع صوت خطاب سياسي يتعاطى مع الجماهير، مع إسقاط كامل حتى لحقهم في التفكير وحقهم في.. في.. في.. في أن يتفهموا ما الذي يحدث، هناك صوت آخر يتم في عواصم القرار الدولي، وهناك العديد من الازدواجية، نحن نفتقر إلى الشفافية في التعامل مع الشعوب، نحن نفتقر إلى الرؤية، نحن نفتقر إلى الإرادة السياسية التي نستطيع من خلالها إنه يعني نعلن على الملأ، دلوقتي لم تعد هناك أسرار، وهناك العديد من الأكاذيب يتم الترويج لها يعني بشكل فاضح وبشكل سافر.

محمد كريشان: على كل هذه من بين المسائل التي أثيرت، سواءً في القمة العربية أو في القمة الإسلامية، وعموماً القمم العربية والإسلامية وغيرها المنعقدة مؤخراً وضعت قضية العراق في صدارة جدول الأعمال، لكنها غالباً ما استنسخت البيانات اللاحقة عن السابقة. جواد العمري يستعرض تراكمات القمة.

تقرير/ جواد العمري: حضور الوفد العراقي قمة الدوحة الإسلامية الطارئة يأتي في إطار مساعي الدبلوماسية العراقية الناشطة لاستقطاب مزيد من الأصوات الداعية لدفع غائلة الحرب المحتملة عن العراق، لكن العراقيين وجدوا أنفسهم في المشهد الإسلامي على جبهةٍ دفاعية للتصدي لدعواتٍ لتخلي الرئيس صدام حسين عن الحكم، مرةً بصراحة الإمارات التي دعت إلى ذلك بكل وضوح، ومرةً ضمناً على غرار الاقتراح الإيراني الذي طرحه وزير الخارجية كمال خرازي لإجراء استفتاءٍ في العراق تحت إشراف الأمم المتحدة، وإجراء مصالحةٍ بين نظام الحكم وخصومه.

وإذا كان لقمة شرم الشيخ من فضل فهو فضل السبق في أن تكون النسخة الأصل، ووفرت على القمة الإسلامية عناء صياغة البيان الختامي لتحصر الجهد في استبدال العروبة بالإسلام، ويُظهر الرصد الدقيق أمانة الناقل في نسخ القرارات وحتى الديباجة.


القمة العربية:

تدارس المؤتمر الموضوعات التالية:

التهديدات الخطيرة التي يتعرض لها العراق، وما يتهدد الدول العربية من مخاطر، واحتمال تطورات الموقف إلى مواجهةٍ عسكرية وتداعياتها الخطيرة علي المنطقة وعلى الأمن القومي العربي.


القمة الإسلامية:

تدارس المؤتمر الوضع الخطير المتعلق بتطورات المسألة العراقية واحتمالات تطورات الموقف إلى مواجهةٍ عسكرية، وتداعياتها الخطيرة على المنطقة والعالم.


القمة العربية:

قرر المؤتمر تأكيد الرفض المطلق لضرب العراق أو تهديد أمن وسلامة أي دولةٍ عربية باعتباره تهديداً للأمن القومي العربي، وضرورة حل الأزمة العراقية بالطرق السلمية في إطار الشرعية الدولية.


القمة الإسلامية:

أعرب المؤتمر عن رفضه القاطع لضرب العراق أو تهديد أمن وسلامة أي دولة إسلامية، وعلى ضرورة حل المسألة العراقية بالطرق السلمية في إطار منظمة الأمم المتحدة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.


القمة العربية:

التأكيد على امتناع دولهم عن المشاركة في أي عملٍ عسكري يستهدف أمن وسلامة ووحدة أراضي العراق وأي دولة عربية.


القمة الإسلامية:

امتناع الدول الإسلامية عن المشاركة في أي عمل عسكري يستهدف أمن وسلامة ووحدة أراضي العراق أو أي دولة إسلامية.


القمة العربية:

يستنكر القادة ما يتردد من محاولاتٍ راميةٍ إلى فرض تغييرات على المنطقة، أو التدخل في شؤونها الداخلية، وتجاهل مصالحها وقضاياها العادلة.


القمة الإسلامية:

رفض كل محاولاتٍ تهدف إلى فرض تغييرات في المنطقة أو التدخل في شؤونها الداخلية، وتجاهل مصالحها وقضاياها العادلة.

قد لا يعيب هذه القرارات استنساخها من بعضها بقدر ما يعيبها مدى الالتزام بها، فقد اعتبر العراق أن القمة الإسلامية جاءت بنتائج لا بأس بها، وراعت موقف مليار مسلم يعارضون شن الحرب، وأدت إلى تجميد المواقف المخالفة لهذا التيار، لكن مثل هذه القرارات قد لا تفلح في منع هيمنة تيار الحرب.

القمتان العربية والإسلامية تم عقدهما في نهاية ماراثون من القمم المتتابعة ذات المواقف المتقاربة، على غرار قمة دول عدم الانحياز التي عقدت في كوالالمبور بين العشرين والخامس والعشرين من الشهر الماضي، وانحازت تلك القمة في بيانها الختامي إلى معسكر السلام، وكذلك القمة الفرنسية الإفريقية التي استضافتها باريس لتحصد من خلالها مساندةً إفريقية قوية لموقفها الداعي إلى إعطاء عمليات التفتيش في العراق مزيداً من الوقت، واعتبار الحرب الملاذ الأخير.

ولعل استعانة فرنسا بحلفائها خارج الاتحاد الأوروبي مثل روسيا والدول الإفريقية يعيد المشهد إلى الانقسام الأوروبي حول العراق، فالقمة الأوروبية الأخيرة التي عقدت الشهر الماضي في بروكسل أصدرت بياناً تؤكد فيه أن مجلس الأمن هو المخول معالجة إزالة أسلحة الدمار الشامل في العراق، ويملك الاتحاد الأوروبي الهيبة والقدرة اللازمة على فرض إرادته في مجلس الأمن بصوتين دائمين، لكنه بالتأكيد لا يستطيع فرض إرادة المجلس على الولايات المتحدة التي تُعد للحرب عدتها.

محمد كريشان: ومازلنا معكم في (قضية الساعة) ومدى اعتبار استهداف العراق حلقة من استهداف العالم العربي والإسلامي ككل.

[فاصل إعلاني]

تأثير الموقف الإسلامي الرافض للحرب على القرار الأميركي

محمد كريشان: نتوجه الآن إلى واشنطن، ومعنا من هناك البروفيسور مايكل هدسن (أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون بواشنطن)، سيد هدسن، هناك رأي سائد عريض في الشارع العربي والإسلامي يعتبر بأن ما يجري الآن مع العراق هو جزء من استهداف العالم العربي والإسلامي تحديداً، كيف يُنظر إلى هذا الموضوع في واشنطن؟

مايكل هدسن: أعتقد أن إدارة بوش تبذل قصارى جهدها في محاولة إقناع العالم.. العالمين العربي والإسلامي بأن هذه ليست نية الولايات المتحدة، إلا أننا نشعر أن هنالك شك بأن الرأي العام في العالم العربي والإسلامي، وبشكلٍ عام في العالم كله هي بالتأكيد ضد الغزو الأميركي، وبالتالي فإن الإدارة الأميركية حتى الآن لم تنجح في إقناع الرأي العام في العالمين العربي والإسلامي بأن نيتها هي فقط وببساطة التخلص من النظام العراقي لصدام حسين، والتأكد من أن أسلحة الدمار الشامل قد تم التخلص منها، ودعم حرب واشنطن على الإرهاب العالمي.

محمد كريشان: هل ما يُغذي مثل هذا اهتزاز المصداقية وجود حلقة من المسيحيين المتطرفين ذوي الميولات الصهيونية في دائرة صنع القرار في الولايات المتحدة؟

مايكل هدسن: لا.. ما من شك بأن هنالك تأثير بعض الشيء من المتطرفين المسيحيين الذين لا يمثلون جميع الفئات المسيحية في الولايات المتحدة، إلا أن هؤلاء الأصوليين المسيحيين يؤثرون إلى حدٍ كبير إلى إدارة بوش، إضافة إلى المجموعة التي نسميها الصقور المحافظين الجدد، وهي مجموعة صديقة ومقربة من إسرائيل، ولديهم شعور من جانبهم بأن العالم الإسلامي بشكلٍ متأصل يكمن.. يشعر بالعداوة ضد الولايات المتحدة.

محمد كريشان: سيد هدسن، من بين الأرقام التي أوردها ذات مرة (صمويل هنتنجتون) أورد في تقرير لوزارة الدفاع الأميركية أنه بين عامي 1980 و1995 الولايات المتحدة ضربت 17 مرة في عمليات عسكرية متفرقة، كلها موجهة ضد مسلمين مباشرة، وهذا لم يحدث ضد أي مجموعة أخرى كما يقول هنتنجتون، هل أيضاً المعطيات على الأرض ترسخ هذا الانطباع السائد في الأوساط العربية والإسلامية.

مايكل هدسن: أعتقد أن هذا يبدو غريباً بالنسبة لي، لأنه بالتأكيد كانت هنالك حالات، وأفكر هنا في حالة كوسوفو والبوسنة، حيث كانت الولايات المتحدة بشكلٍ أساسي قد دعمت وساعدت المجتمعات المسلمة التي سيطرت عليها فئات غير مسلمة، وبالتالي نحن لسنا بالتأكيد، وليس بالتحديد نهاجم المسلمين، لكن هنالك تخوف وقلق من الولايات المتحدة، وخاصة من الجهات التي تفرض القانون مثل FBI بأن المتطرفين بين الفئات الإسلامية ستعمل على القيام بعمليات إرهابية داخل الولايات المتحدة وضد المؤسسات والمرافق الأميركية خارج الولايات المتحدة في العالم بأكمله، وخاصة في الشرق الأوسط عندما تبدأ الحرب على العراق.

محمد كريشان: لنرى أي.. أي تعليق للدكتور العاني في بغداد.

د. ظافر العاني: أنا فقط يعني أريد أن أعلق على ما جرى في قمة قطر وفي قمة شرم الشيخ -إذا أذنت لي أستاذ محمد كريشان- وهو في الموضوع ذاته، حقيقة هنالك يعني رأي يقول بأن مقررات القمتين لا تساوي حتى الحبر الذين.. الذي كتبت به هذه القرارات، وأنا أجد نفسي متفق تماماً مع هذا الموضوع، على الرغم من أن العراق قد أعلن بأن هذه تمثل الحدود الدنيا، قال ذلك، لكنني أنا أعتقد أن حتى هذه لا يمكن أن تمثل الحدود الدنيا بأبسط معانيها، يعني كيف يمكن لنا أن نصدق.. أن.. أن تكون هذه القرارات تُترجم إلى واقعٍ عملي في وقت.. يعني أنا أعرف أنني أتحدث يعني في (الجزيرة) وأنا أستميحكم عذراً لسعة صدركم، و.. و.. وفي قطر بالقرب من القادة الإسلاميين هنالك موجودة القواعد العسكرية، وتستقبل يعني بشكل يومي القادة العسكريون الأميركان الذين يعدون للعدوان على العراق.

محمد كريشان: يعني.. يعني سيد.. سيد عاني.. لا.. لا..

د. ظافر العاني: بل وفي قمة شرم الشيخ في.. في القاهرة في.. في مصر تمر عبر قناة السويس.

محمد كريشان: سيد عاني..

د. ظافر العاني: نعم.

محمد كريشان: سيد عاني، بدون.. بدون استسماح لا حرج في حديث هذا الموضوع، وأثرته قبل حتى أن تثيره، وبالتالي خذ راحتك مثل ما يقولوا.

د. ظافر العاني: شكراً جزيلاً.. بل وحتى بالنسبة لقمة شرم الشيخ عبر قناة السويس المؤمَّمة عام 56 تمر حاملات الطائرات والتجهيزات العسكرية، المشكلة أن.. أن العراق اليوم يُطوَّق من قبل الدول العربية ودول الجوار الإقليمي، هذه تركيا يعني لم يبق إلا أيام و.. يعني تقبض الثمن الذي تتفق عليه في العدوان على العراق، إيران تطرح اليوم ما تسميه مبادرات وتحاول أن تحتضن معارضة طائفية لتفت عضد الجسد العراقي. الكويت يعني فيها أكثر من.. من 100 ألف جندي أميركي هؤلاء لم يأتوا للنزهة، هؤلاء قادمون إلى العدوان على العراق بشكلٍ واضح، يعلنون عنه، بل أن الكويت تطوع قادتها بالقول بأنهم مستعدون لاستقبال 60 ألف.. أكثر من 60 ألف جندي أميركي بعد أن رفضهم البرلمان التركي. إذن القضية..

محمد كريشان[مقاطعاً]: ولكن لو.. لو نسأل سيد بابكر عيسى.. لو نسأل سيد بابكر عيسى على أساس أن ما خرج من القمة الإسلامية دعا إلى ضرورة عدم المشاركة، بنفس الطريقة التي خرج بها من شرم الشيخ، هل ترى مثل هذه الصيغ قادرة على حل الإشكال الذي أشار إليه السيد العاني؟

بابكر عيسى: لا أنا بأعتقد إنه سواءً قرارات قمة شرم الشيخ أو قرارات قمة الدوحة الإسلامية الطارئة هي سند لمعسكر السلام، هي رصيد، تشكل إضافة، لا أعتقد إنه على صعيد الواقع يمكن أن تبدل من حقائق الأشياء، وليس هناك ثقل لا عربي ولا إسلامي يستطيع أن يؤثر على قرار الإدارة الأميركية أو القرار الأنجلو أميركي في حالة الشروع في الحرب، لكن أعتقد إنه هذا الموقف يمثل امتناع الدول العربية والإسلامية في المشاركة في أي عدوان، سواءً كان على العراق أو على أي دولة عربية أو إسلامية، هذا موقف أولاً.

الموقف الثاني: إنه يعني لا تملك الكثير من الدول إنها تمنع.. فيه اتفاقات موقعة قبل حدوث الأزمة الحالية القائمة بين العراق وبين الولايات المتحدة الأميركية، وبعدين حتى إذا أرادت الولايات المتحدة الأميركية إنها تحرك قواعدها العسكرية الموجودة في المنطقة وأساطيلها فلا أعتقد إنها ستستأذن أحد أو تنتظر الضوء الأخضر لتفعل ما تريد، يعني هذه الولايات المتحدة شئناً أم أبينا باتت تمثل القوة العظمى المهيمنة في هذا العالم. ما لم يتحد العالم العربي والعالم الإسلامي ويشكلوا جبهة واحدة يستطيعوا أن يؤثروا في صناعة القرار الأميركي.

محمد كريشان: سيد هدسن في واشنطن، عندما تعتبر الدول الإسلامية أنها تمثل مليار من المسلمين، وبأنها تمثل ثلث المجتمع الدولي، هل يحسب لها حساب في واشنطن، خاصة إذا ما توجهت لأن تلتحم مع مواقف رافضة مثل فرنسا وروسيا وألمانيا وغيرها؟

مايكل هدسن: في الواقع أعتقد أن الإجابة القصيرة على ذلك هي كلا، فإن الإدارة في الولايات المتحدة ليس لديها أي نية أو.. أي اهتمام بالقرارات التي تخرج عن المؤتمرات الإسلامية أو العربية، فعليَّ أن أقول هنا بأن حكومات المنطقة وخاصة الحكومات العربية تنظر بشكل.. أو تبدو بشكل كبير عاجزة، ولا أعتقد أن هنالك أي أحد في الولايات المتحدة يبدي لها أي اهتمام، فبالتالي.. و.. والحقيقة فإن أي دولة في شبه الجزيرة العربية لها.. تحتضن قواعد أميركية، وهذا يبدو أنه يُصعِّب الأمر على الناس هنا أن يصدقوا بأن الحكومات العربية هي بالفعل ضد.. وعازمة.. وحازمة في موقفها ضد الحرب.

أعتقد أنه ما من شك من خلال ما فهمناه الآن أن الرأي العام في العالم الإسلامي والعربي هما كشكل كبير ضد الغزو الأميركي على العراق، وهنا نتساءل فعلاً إذا كان هنالك فعلاً حكومات ديمقراطية في العالم العربي، إذا كانت هذه الحكومات أو الدول سيسمح لها في أن يكون.. يسمح في تواجد الأميركي العسكري فيها.

محمد كريشان: سيد.. سيد هدسن، باختصار شديد، وشكراً على هذه الصراحة، متى يمكن أن يصبح لرأي الدول الإسلامية وزن؟ ما هو المعيار بالنسبة لواشنطن؟

مايكل هدسن: أعتقد في الواقع أنها مسألة ومشكلة معقدة، فالإدارة -على حسب رأيي- إدارة بوش هي بالتأكيد مقتنعة أنها تريد أن تشن حرباً لأسبابٍ عدة، بداية.. وفي نفس الوقت لا أعتقد أنهم يريدون أن يحيدوا الرأي العام في العالم الإسلامي بشكلٍ عام، لكن المشكلة في هذه.. في مفترق الطرق هذا، وبسبب القرار الأحادي الجانب والإصرار الأميركي على الحرب فإن الولايات المتحدة تبدو معزولة في الرأي العام العالمي، وليس فقط من.. بالنسبة للعالم الإسلامي والعربي، بل أيضاً الحلفاء الأوروبيين القريبين من الولايات المتحدة، وبالتالي فأعتقد أن الولايات المتحدة وإدارتها لا يريدون أن يكون هذا الوضع، بل يريدون الحصول على مزيد من الدعم والتأييد، والقدرة على إقناع الناس بأن مشكلة العراق بحاجة إلى شن حرب لنتمكن من حلها.

محمد كريشان: شكراً سيد مايكل هدسن من واشنطن. نشكر كذلك ضيفنا في بغداد سيد ظافر العاني (أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد)، نشكر أيضاً ضيفنا هنا في الأستوديو سيد بابكر عيسى (مدير تحرير صحيفة الراية القطرية)، نشكر أيضاً كل الضيوف الذين شاركوا، سواءً من أنقرة أو من طهران.

وفي نهاية هذه الحلقة نشكر أيضاً المعد مصطفى سواق، وكذلك في الإخراج فريد الجابري. لنا موعد يوم الاثنين المقبل لنواصل مرةً أخرى فتح ملف الأزمة العراقية، وسنحاول بطبيعة الحال في كل مرة أن نفتحها من زاوية معينة، سواءً ارتباطاً بالأحداث الضاغطة، أو بأفق فكري أوسع من ذلك. دمتم في رعاية الله. وإلى اللقاء.

المصدر : الجزيرة