برقيات التجسس تكشف قلقا من غلو التجسس بجنوب أفريقيا
ويل جوردان
تكشف وثائق سربت لقسم الصحافة الاستقصائية في الجزيرة عن وجود ثغرات تنظيمية تستغلها الأجهزة الاستخباراتية والأمنية في جنوب أفريقيا لتتمكن من القيام بالرقابة المحلية.
وتبين الأوراق التجسسية السرية سياسة وإجراءات الرقابة بالإضافة إلى نسخ من طلبات تستخدم من قبل العاملين في المخابرات والأمن للحصول على إذن بمراقبة الأشخاص و نشاطاتهم على الانترنت.
وتشتمل الوثائق أيضاً على مسودات قواعد تنظيمية حول العلاقات مع أجهزة المخابرات الأجنبية. وتنص وثيقة السياسة المتبعة في الرقابة، والتي تعود لعام ٢٠٠٦، على أن الهدف منها هو "تنظيم تنفيذ عملية الرقابة" من قبل مخابرات جنوب أفريقيا، إلا أنها تتضمن بنداً يعطي الانطباع بأن الالتزام بهذه القواعد التنظيمية أمر اختياري طبقاً لما يراه المدير العام.
وتنص تحديداً على أنه "يمكن للمدير العام أن يقر أي استثناء للقواعد المرعية والمنصوص عليها في هذه السياسة، حيث له أن يقدر إذا كان ذلك في صالح الجهاز.
كما تتضمن برقيات التجسس طلباً يفترض أن يملأه العميل للحصول على إذن بوضع شخص ما تحت المراقبة، والطلب بحاجة إلى توقيع المدير العام ونائب المدير العام.
قواعد منظمة
وطبقاً لما قاله رؤساء سابقون لأجهزة المخابرات في تصريحات للجزيرة فإن القواعد المنظمة لعلمهم قوية وفاعلة. ويرى باري غيلدر، المنسق السابق لجهاز المخابرات في جنوب أفريقيا، أنها "من أفضل آليات الرقابة في العالم وحتى أفضل مما هو متوفر في بعض الديمقراطيات الكبرى".
إلا أن غيره لا يشاطره هذا، فوزير الاستخبارات السابق روني كاسريلس يقول: لا أعتقد أن الإجراءات الرقابية الضرورية متوفرة فيما يتعلق بعمل أجهزة المخابرات.
وقال كاسريلس في مقابلة مع الجزيرة "آخر قانون كنت مسؤولاً عنه قبل استقالتي في عام ٢٠٠٨ كان يتعلق بتأسيس هيئة تناط بها مهمة النظر في الأجهزة التي كانت تحت إدارتي لأنه كانت هناك مخالفات وإساءات كثيرة من قبل بعض ضباط المخابرات". ويتحسر كاسريلس على القانون الذي لم ير النور وظل على الرف يغطيه الغبار.
وبعد خروجه من الحكومة، يطالب كاسريلس الآن بالإصلاح وبالرقابة الحكومية على الأجهزة الاستخباراتية التي يقول عنها أنها أصبحت تتمتع بـ "قانون خاص بها".
تقول جين دانكين مؤلفة كتاب "بروز السيكيوروكراتس" إن جنوب أفريقيا شهدت تآكل المحاسبة وهذا أمر مقلق جداً، وتضع اللوم في ذلك على القرارات الخاطئة التي اتخذت في بداية التحول الديمقراطي في البلاد.
وطبقا لدانكين "لقد أدت هذه القرارات إلى المبالغة في صلاحيات جهاز أمن الدولة فبدأ يغطي نفسه بما يشبه الدرع وأصبح فعلياً جهاز رقابة للدولة على المجتمع المدني".
وزير الظل
أما وزير الدفاع في حكومة الظل دافيد ماينير فيرى أن المشاكل بدأت تبرز في وقت متأخر. ويعتقد بأن اللجنة المشتركة للمخابرات التي تناط بها مسؤولية الرقابة على جواسيس جنوب أفريقيا أصبحت عاجزة عن أداء مهمتها، وقال إنها على مدى السنوات الخمس أو العشر الماضية لم تكن تقوم بأي رقابة فعالة على أجهزة المخابرات في جنوب أفريقيا.
ويقول في هذا الصدد "إن ما يزعجني بشكل متزايد هو أن اللجنة، التي من المفروض أن تكون مسؤولة أمام البرلمان ككل من خلال تقديم تقرير سنوي، عادة لا تقدم هذه التقارير السنوية إلى البرلمان، وما يعنيه ذلك هو أن أجهزة أمن الدولة مسؤولة أمام لجنة برلمانية وليس أمام البرلمان ككل".
لقد سبق أن بيّنت تسريبات إدوارد سنودون للرأي العام العالمي إلى أي مدى يمكن لأجهزة التجسس أن تذهب لرصد المواطنين عبر أجهزة هواتفهم الذكية وأجهزة الحاسوب.
في جنوب أفريقيا، تقول جين دانكين "لا نعلم يقيناً ما الذي يفعلونه بالقدرات الهائلة للدولة على رقابة المواطنين، ولكن هناك أشياء معينة نعلمها. نحن نعلم أن جنوب أفريقيا لديها قدرات هائلة على المراقبة، ونعلم أن وزارة التجارة والصناعة قدمت تمويلاً على الأقل لشركة واحدة في البلاد لكي تصنع هذه القدرات الكبيرة على الرقابة، ونعلم أنه يجري تصديرها".
وتضيف إننا لو أخذنا بعين الاعتبار هذه القدرة "فإن العقل يحتار فيما يحدث فعلياً داخل جهاز أمن الدولة".