لقاء خاص /توني بلير - رئيس الوزراء البريطاني
لقاء خاص

توني بلير.. العلاقة بين الغرب والإسلام

يستضيف البرنامج رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ليتحدث عن العلاقات المتوترة بين الإسلام والغرب، ولماذا يدعم الغرب الأنظمة الدكتاتورية ثم يتحدث عن السعي لنشر الديمقراطية؟

بريطانيا والغرب والحوار مع الإسلام

 

undefinedناصر البدري: مشاهدينا الكرام أهلا بكم في هذه الحلقة الجديدة من برنامج لقاء خاص ضيفنا في هذه الحلقة هو رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، سيد بلير أهلا بكم إلى قناة الجزيرة.

توني بلير- رئيس الوزراء البريطاني:(Thank you).

بريطانيا والغرب والحوار مع الإسلام

ناصر البدري: السيد رئيس الوزراء أنتم تشاركون في ندوة حول الحوار بين الأديان وأنتم بحضرة عدد من علماء المسلمين بغرض استشارتهم ماذا تريدون أن تسمعوا منهم؟

توني بلير: فيما يخص علاقة الإسلام بالعالم الخارجي هو أن الناس يستمعون الأصوات المتشددة وأردت أن أؤمّن منبرا للأصوات الحقيقية للإسلام حتى يسمعهم الناس ويتكلموا عن الإسلام الحقيقي المعتدل والعقلاني والذي لا يدعو للعنف والذي يرغب في إحلال السلام والانسجام في العالم مما بدلا مما يظهر على شاشات التلفزة الغربية من الأصوات الأكثر تشددا والتي تدعو إلى الكراهية والانقسام.

ناصر البدري: الإشكال سيد رئيس الوزراء مثلا أنه في بريطانيا الكثير من المسلمين يشعرون أن هناك هجمة شرسة تستهدف دينهم وأن ثقافتهم وأن دينهم كذلك يتعرضون للانتقاد بشكل مستمر هل تستشعرون مثل هذا الإحساس؟

توني بلير: نعم إني متعاطف في هذا السياق وأعتقد أن هذا جزء من المسألة، أعتقد أن الأمر الذي يضايق المسلمين أكثر من غيره هو عندما يظهر شخص في الأخبار يتكلم ويصرخ يتنمر ويدعو لكراهية الآخرين هذا ما يضايق الناس لذا يشعرون عندئذ أن رد فعل المجتمع برمته هو ضد الإسلام وهذا ليس بالفعل صحيحا، في الحقيقة أن معظم الناس في بلدنا متسامحون تماما والمسلمون طبعا أحرار تماما في ممارسة عبادتهم مثل ما هي الحال مع أي دين آخر في هذا البلد وفي الحقيقة لعلهم يتمتعون بحرية أكبر من بعض المناطق الأخرى في العالم حيث غالبية السكان مسلمون، لذلك أعتقد أن هذا هو السبب وراء ذلك، طبعا هناك قضايا أخرى ومسائل في السياسة الخارجية وما إلى ذلك لكن أعتقد أن هناك أمرا واحدا تقل أهميته باستمرار وهو الدرجة التي يشعر بها المسلمون بأنهم مستبعدون من خلال تصوير الإسلام طوال الوقت بهذه الطريقة السلبية.

ناصر البدري: هناك قضية أخرى يثيرها الكثير من المسلمين وحتى العديد من العلماء المسلمين هو أن هناك جهلا وعداءً ضد الإسلام حتى على مستوى المؤسسات التعليمية؟

توني بلير: نعم هذا شعور موجود سردت مرة قصة عن شاب استوقفني حينما كنت أقوم بجولة في إحدى المدارس وطرح موضوع المسلمين في سياق الحديث، سألني لم يرغب المسلمون في قتل كل المسيحيين؟ فأجبته هم لا يرغبون في ذلك، ثم قال بل هذا ما يرغبون فيه، فأجبته لا، ثم سألته هل تعلم أن المسلمين يولون كل الاحترام للمسيح على أنه نبي، كنت أدرك أنه لم يصدقني، إذاً هناك الكثير من الجهل وإحدى غايات عقد مثل هذا المؤتمر هي أن يشارك فيه علماء مسلمون حقيقيون مشهورون عالميا يقولون فيه هذا هو ديننا وليس ذاك الذي يحمل الأفكار التي يساء فهمها والتي تربط غالبا علاقة الناس بالإسلام.

ناصر البدري: المشكلة أيضا أن العديد من المسلمين يعتبرون أن الغرب عموما عندما يتحدث عن حوار الأديان هذا الحوار ينطلق بدون وجود قواسم مشتركة وأن الغرب يبدأ الحوار بلهجة متعالية؟

توني بلير: نعم لكن من الأمور المهمة جدا هي القيام بكل حرص وعناية بتحديد المظلمة التي يشعر بها الناس فيما يتعلق بقضايا معينة على اعتبار أنه معتقد ديني لكن حقيقة الأمر هي..

ناصر البدري [مقاطعاً]: لكن هكذا يرونها رغم جهودكم؟

توني بلير [متابعاً]: نعم ربما نضطر إلى دعوة الناس للنظر في الأمر بطريقة مختلفة ليست المسألة أن يوافق الجميع عليها إنما أن يفهمها الجميع، حقيقة الأمر أنه من السخافة القول أن هذا البلد معاد للمسلمين، أعتبر ذلك أمرا سخيفا لأن المسلمين منحوا حرية ممارسة عباداتهم، لدينا الآن أول أعضاء برلمان من الجالية المسلمة وأول الأعضاء أيضا من المسلمين في مجلس اللوردات، في السابق كانت هناك مدارس مسيحية أو يهودية فقط أما الآن فيمكن فتح مدارس إسلامية أيضا، هذه المظلمة إن كانت في مسائل معينة أو قضايا في السياسة الخارجية مثل قضية فلسطين يحق لهم أن يشعروا بالمظلمة تجاه غياب العدالة في العالم لكن يجب ألا ننظر إليها على أن المسألة هي صراع الغرب مع الإسلام لأنها نظرة مدمرة وغير صحيحة لكن هذا ما يسعى المتطرفون لتصويره ويجب أن نحرص على ألا نقع في فخ الموافقة معهم بهذا الشأن.

نشر الديمقراطية وأوضاع العراق وأفغانستان

ناصر البدري: في إحدى كلماتك تحدثت على أن ما يسمى الحرب على الإرهاب أنها حرب قيم وأفكار وأن أفكار الغرب مثل التسامح والديمقراطية والحرية لابد أن تنتصر ولابد أن تبدو وكأنها الأقوى بل والأفضل لكن العديد من المسلمين يعتبرون هذا الخطاب نفسه الذي اعتمدته القوى الاستعمارية في الماضي وهكذا تعرضه العديد من وسائل الإعلام في الشرق الأوسط؟

"
يجب تطبيق الديمقراطية في أي بلد ولا يهم إن كان سكانه مسلمين أو مسيحيين
"

توني بلير: لكن ألا ينبغي مواجهتها لطالما قلت أن الناس يشيرون إلى هذه على أنها قيم الغرب لكنها ليست قيمه إنما هي الروح الإنسانية، أقصد هل تفضل أن تعيش في أجواء ديمقراطية أم في أجواء غير ديمقراطية وأن تتمتع بحرية التعبير عن رأيك، إن فكرة أن المسلمين يرغبون في وجود حكومات مستبدة لما يرغب المسلمون في ذلك؟ إنهم لا يرغبون في ذلك ومن الأمور التي يجب أن نقوم بها هي أن نتحدى تلك الفكرة التي تفيد بأنه حينما أتكلم عن الديمقراطية فإني أتكلم عن الغرب أعتقد أنه يجب تطبيق الديمقراطية في أي بلد ولا يهم إن كان سكانه مسلمين أو مسيحيين.

ناصر البدري: لكن الإشكالية السيد رئيس الوزراء مرة أخرى وهذا الواقع الملموس عندما يرى الناس الأوضاع المتردية في العراق وفي أفغانستان وفى الأراضي المحتلة في فلسطين، فالكثير من المسلمين يشعرون أن الغرب يعاديهم ويحاربهم وأن الإسلام يتعرض لهجمة شرسة والأشخاص الذين يحملون هذا الخطاب يصدقون؟

توني بلير: يجب أن تتحداها لأن الحقيقة فيما يقولون ليست صحيحة لنضع فلسطين جانبا، في العراق وفي أفغانستان تخلصنا من ديكتاتورين قاما بأعمال وحشية والذين يقتلون الأبرياء هم الذين يقودون سيارات مفخخة إلى وسط بغداد لقتل المواطنين ولسنا الطرف الذي يقوم بالقتل إنما يقوم به مسلمون.

ناصر البدري: المشكلة أن من تصفونهم بالإرهابيين لم يكونوا في العراق قبل أن تدخل قواتكم؟

توني بلير: أن تقول قام صدام بأعمال وحشية وقتل مئات آلاف لكنه حافظ على النظام أقاطعك وأقول أنه لا داعي لأن تعاني الاضطهاد، يمكنك إن شئت أن تنتخب حكومتك، الفكرة التي أريد توضيحها هي بأن الناس يجاذبونك بهذه الطريقة باستمرار وتصادفك حالات سخيفة حينما يقول لي أحدهم إن التخلص من طالبان هو اضطهاد للمسلمين عندها استغرب من هذا القول لأن الناس الذين اضطهدوا المسلمين في أفغانستان ولم يسمحوا للفتيات بتلقي التعليم في المدارس هم طالبان، إذاً أوافقك الرأي أن هذه هي الأفكار التي يشير إليها الناس لكنها ليست بالضرورة صحيحة، من أسباب عقد مؤتمر كهذا هي التصدي لها إلا إنني أعتقد أن فلسطين هي قضية مختلفة.

ناصر البدري: كيف ذلك؟

توني بلير: لأنني أعتقد أن ثمة إحساس عميق فعلا بالقلق والضيق والغضب في العالم الإسلامي حيال الوضع هناك وأعتقد أن السبيل الوحيد لتخطي هذه العقبة ليس بممارسة أعمال العنف إنما من خلال إجراء مفاوضات بين إسرائيل وفلسطين للتوصل إلى تسوية وهنا أتفق مع الناس بأن هذا يشكل جزءً أساسيا لعالم أكثر عدلا وإنصافا لكني لا أصنف فلسطين في خانة أفغانستان.

ناصر البدري: لكن عندنا يشاهد الناس أكثر من ألفي قتيل في العراق خلال شهر مايو والأوضاع في أفغانستان المتفجرة؟

توني بلير: لكن من الذي يقتلهم؟

ناصر البدري: بغض النظر عن من يقتل الانطباع السائد هو أن غزوكم للعراق هو الذي أوجد المآسي الحالية والصور المفزعة التي تعرض على القنوات والتي تقنع أي شخص بأنكم المسؤولون؟

توني بلير: نعم بالتأكيد لكن من المهم أن تتصدى لهذه الحملة الدعائية وعندما تقول أنت لي الحقيقة بغض النظر عن من يُقْتَل أقصد أنه في حالات أخرى تقول بغض النظر عن من يَقْتُل بينما نحن نقول من الذي يَقْتُل ولم لا يتوقف هذا القتل، لذلك أعتقد أنه من أسباب إجراء هذا الحوار هو السماح بحوار في هذه القضايا التي تطرحها أنت الآن لأنك تطرح علي ومعك كل الحق آراء يثيرها الناس لكن يجب أحيانا أن تتصدى لآراء الناس إذا كانت غير صحيحة هو السعي لضمان أن يجتمع كل واحد منا يؤمن بعالم أكثر عدالة وإنصافا نجتمع مسلمين أو مسيحيين أو يهودا ونعمل معا على حل بعض هذه المشاكل معا.

ناصر البدري: القضية الأخرى السيد رئيس الوزراء أنتم لديكم مشكلة مصداقية كبيرة تتحدثون في خطابكم عن نشر الديمقراطية والحرية وغيرها من القيم الأخرى لكن من جهة مقابلة المواطنون في الشرق الأوسط يرونكم تصادقون وتتعاملون مع نفس الأنظمة التي تقمع حرياتهم كإسقاطكم مثلا التحقيقات في صفقة اليمامة وثنائكم على الزعيم الليبي معمر القذافي مؤخرا رغم الانتقادات التي توجهها إليه منظمات حقوق الإنسان ألا يجعلكم ذلك في موقف حرج؟

"
سبب زيارتي لليبيا هو أنها تخلت عن موقفها تجاه الأسلحة الكيماوية وباتت منفتحة وثمة تغييرات وإصلاحات جارية فيها
"

توني بلير: نعم إنها فكرة منصفة هذا صراع بين السياسة العملية والمبادئ، لكن السبب الذي دفعني لزيارة ليبيا هو أنها تخلت عن موقفها تجاه الأسلحة البيولوجية والكيماوية والنووية وباتت منفتحة وأن ثمة تغييرات وإصلاحات جارية فيها نرحب بها وهذه من القضايا التي لطالما طرحتها مع الحكومات في أرجاء الشرق الأوسط باستمرار، أفضل أن تتجه جميع الدول نحو نفس المبادئ الديمقراطية لأنني أعتقد أنها أفضل شكل من أشكال الحكم وما من دولتين ديمقراطيتين انخرطتا في حروب فيما بينهما.

ناصر البدري: القضية الأخرى والتي تحدثت عنها سابقا الشرق الأوسط تدعون إلى نشر الديمقراطية ولكن عندما ينتخب الفلسطينيون حكومة ديمقراطية في شكل حركة حماس تقاطعونها وحتى عندما قاموا بتشكيل حكومة وحدة وطنية لا زالوا يواجهون المقاطعة والمصاعب؟

توني بلير: هذا أمر صعب فعلا، نحن في بريطانيا نقدم للطرف الفلسطيني معونات إنسانية ضخمة، المشكلة لإبرام صفقة مع حماس هي أننا مستعدون تماما للتفاوض معها شريطة أن تقبل بحل بإقامة دولتين، المشكلة مع حماس بسيطة جدا هي أن الحل الوحيد هو إقامة دولتين دولة إسرائيل ودولة فلسطين قابلة للحياة، كيف نتفاوض مع حماس في حين أنها تقول ليس لإسرائيل الحق في الوجود، إذاً هذه مشكلة إذا كنا قادرين على تغيير موقفها أو كانت هناك عناصر يمكن أن تقبلها حماس بحيث تكون النتيجة منصفة لإسرائيل لكنا في وضع مختلف تماما، تلك هي المشكلة، أقر تماما بشرعية حماس بعد أن فازت في الانتخابات لكني لا أعرف مخرجا لهذه المشكلة كيف أتفاوض معها عن حل لدولتين في حين تقول حماس أنه يجب أن تكون هناك دولة واحدة فقط.

ناصر البدري: لكن هل تقرون بالمعضلة التي أمامكم عندما يراكم الناس في الشرق الأوسط تتحدثون عن الديمقراطية وفى نفس الوقت تقاطعون حكومة ديمقراطية في فلسطين لأنها لا تناسب مع أهوائكم؟

توني بلير: أقدر ذلك وهذه مشكلة حقيقية إذا لم تكن حماس مستعدة للالتزام بالوسائل السلمية وتسخر الأموال لشراء أسلحة تستخدمها ضد الإسرائيليين فمن الصعب علينا القول لنعطهم المال.

ناصر البدري: بعض الأوروبيين يتعاملون معهم كالنرويج؟

توني بلير: تفعل الحكومات الأوروبية ما نفعله نحن وهو أن نعرف كيف يصرف المال الذي نقدمه لأن هذا مهم فليس صحيحا أننا لا نتعامل مع حماس لمجرد أنها حماس إننا لا نتفاوض مع حماس إلا إذا أوجدنا طريقة للتخلص من هذه الإشكالية فكما قلت كيف تتفاوض معها لإيجاد حل.

ناصر البدري: الحكومة الحالية تضم وزراء من فتح ومن مستقلين وليس من حماس فقط؟

توني بلير: (That is fine but)..

ناصر البدري: لكنكم تقاطعونهم؟

توني بلير: لقد وجدنا طرقا لتوصيل المال إلى تلك الحكومة لكن المشكلة هي أني غير قادر على تقديمه إلا إذا عرفت كيف تستخدمه فأمامي مساءلة من قبل مواطنينا ولا علاقة لها بالاشكال المتعلق بفوز حماس في الانتخابات، لكن إذا أرادت الأموال أو مساعداتي فيجب أن أفعل ذلك معتمدا على أساس معقول.

ناصر البدري: بعض زعماء حماس أعطوا إشارات يعتبرها البعض إيجابية حول تغير في موقفهم مستقبلا؟

توني بلير: لقد تعاملت مع عملية السلام في أيرلندا الشمالية خلال العشر سنوات وتوصلنا فيها إلى نتيجة ناجحة وتعاملت مع أشخاص آنذاك كان يساندون ما يسميه نحن بالإرهاب الأيرلندي الجمهوري وما يسمونه هم بالصراع المسلح لكني تمكنت فقط من فعل ذلك حالما توصلنا إلى اتفاق بشأن المبادئ المشتركة فيما بيننا، ثمة مؤشرات مساعدة نلمسها من حماس لكننا نريد أن نعرف موقفها بالضبط.

ناصر البدري: لكن ترحبون بها؟

توني بلير: إنني أرحب بأي تغيير من شأنه أن يساعدنا في التوصل إلى حل لإقامة دولتين لكني أمعنت النظر في هذه القضية وذكرت أن لدي تجربة كبيرة في قضية أيرلندا الشمالية تبين لي أن السبيل الوحيد للتوصل إلى اتفاق في النهاية هو إذا وافق الناس على إطار عمل تكون فيه المبادئ مشتركة وعليه فإنها جيدة جدا لكنك بحاجة إلى بعض التوضيح حتى تمضى في العملية قدما.

ناصر البدري: في أحد خطابك السيد رئيس الوزراء تتحدون عن هزيمة من تسمونهم بالمتشددين ليس فقط في ساحة المعركة ولكن على مستوى الأفكار والقيم ولكن بالنظر إلى التطورات في الوضع العراقي وفى أفغانستان والآن في لبنان أفكار القاعدة يبدو أنها أصحبت أكثر انتشارا في الشرق الأوسط في شمال إفريقيا في دول الساحل الإفريقي أنتم تخسرون المعركة؟

توني بلير: لهذا يجب أن نتصدى لهم وأن نتغلب عليهم وفكرتي لشعبي وللغرب عموما هي أنك تتمكن فقط في النهاية من التغلب على ذلك ليس بمجرد الحديث عن الحرية والديمقراطية وحسب إنما بالحديث عن العدالة أيضا، لذا سأقوم بحملة في اجتماع الدول الصناعية الثماني للعمل على مكافحة الفقر في أفريقيا فكلما كان هناك ازدهار وتنمية أكثر انتشرت العدالة على نطاق أوسع وقل انتشار تلك الأفكار بين أذهان الناس ويتم عرضها أحيانا على أنها خيار بين أفراد القاعدة وأفكارهم المتشددة من جهة والناس في الغرب الذين يؤمنون بالحرية والديمقراطية وإجراء أي حوار آخر مع الآخرين أعتقد أن هناك أرض مشتركة بين معظمنا سواء كنا مسلمين أو مسيحيين أو يهودا وهي أن لدينا جدول أعمال مشتركا عن الديمقراطية والحرية والعدالة ولهذا باتت القضية الفلسطينية مهمة وكلما أمعنت النظر فيها أكثر وجدت السبيل الوحيد إليها هو فقط بمستوى الأفكار أقصد أن الأمن مهم.

ناصر البدري: لكنكم تخسرون وهذا أقررت به في أحد خطاباتك؟

"
الأمور التي أخطأنا فيها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر هي أن هناك ظاهرة جديدة برزت فجأة في العالم

"

توني بلير: إنه صراع يمتد لجيل كامل، برأيي الأمور التي أخطأنا فيها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر هي أن ظاهرة جديدة برزت فجأة في العالم، في الحقيقة لم تكن ظاهرة جديدة إنما أضحت تنمو منذ زمن بعيد، في الجزائر قضى عشرات الآلاف من الناس، أقصد أنها ليست جديدة إنها مشكلة أضحت تنمو منذ أجيال وربما نحتاج إلى جيل كامل للقضاء عليها.

ناصر البدري: إذاً أسأتم التقدير في الماضي؟

توني بلير: أعتقد أن الجميع قللوا من أهميتها وظنوها أمرا ظهر في أفغانستان دون أن يدركوا أنها كانت تنمو منذ زمن طويل في مناطق مختلفة من العالم وثمة حاجة لاستئصالها ليس فقط على أيدي الغرب إنما على أيدي تحالف معتدل بين أشخاص عقلانيين في الغرب يؤمنون بالتسامح واحترام الآخرين والعدالة من جهة وأشخاص في العالم الإسلامي يؤمنون بنفس القيم ويعتقدون أنه يجب أن تسمع أصواتهم.

ناصر البدري: أخيرا السيد رئيس الوزراء رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية السيد محمد البرادعي وصف المحافظين الجدد في الإدارة الأميركية في كلمة له مؤخرا بالمجانين الجدد وذلك بناء على رغبتهم في استخدام الحل العسكري مع إيران هل تعتقدون أن الحل العسكري ضد إيران بات أمرا وشيكا وهل ستشارك بريطانيا فيه؟

توني بلير: لا أعتقد أن أحدا يريد عملا عسكريا ضد إيران، الحوار الذي جرى مؤخرا بين إيران والولايات المتحدة مهم وهو العمل الصحيح لنرى ما ينجم عنه وطالما أوضحت أن ثمة علاقة شراكة مطروحة أمام إيران شريطة أن يكون هناك فهم واضح لأساس هذه العلاقة وهذا يعني تنفيذ إيران لالتزاماتها الدولية ومساندتها للحكومات الشرعية في مناطق مثل العراق وأفغانستان وليس العمل على إضعافها، فإيران هي حضارة قديمة وقيمة والشعب الإيراني شعب قوي وذكي والناس يرغبون في إقامة علاقة جيدة مع إيران فلا أحد يرغب في القيام بعمل عسكري ضدها لكن من المهم أن نضمن أن تحل هذه القضايا العالقة في المجتمع الدولي.

ناصر البدري: البعض يرى أنه من خلال استراتيجيتكم في العراق فقد جعلتم إيران أكبر مستفيد من الوضع في العراق وذلك من خلال الميليشيات التي تسيطر عليها ومن خلال تسيطر على العراق؟

توني بلير: لا أعتقد أن إيران ستكون المستفيد في النهاية فلا أظننا كنا سننعم بعالم أكثر أمانا ولو أن صدام وابنيه ظلوا يحكمون العراق.

المصدر: الجزيرة