
كيف كشفت سورة محمد خبايا المنافقين؟ وما مفهوم الجهاد في الإسلام؟
جاء ذلك خلال حديثه في الحلقة الثامنة من برنامج "الشريعة والحياة في رمضان"، حيث أوضح أن هذه السورة المدنية جاءت بعد سلسلة من السور المكية، وكان نزولها بعد سورة الحديد، وهذا يعكس تغير السياق القرآني نحو مرحلة جديدة من التشريع المتعلق بالجهاد والقتال.
وأكد الشيخ مكي، وهو نائب رئيس مجلس الإفتاء السوري، أن تسمية السورة بـ"سورة محمد" تعود إلى ذكر اسم النبي صلى الله عليه وسلم فيها، مشيرا إلى أن ورود اسمه مرتبط بسياقات تتعلق بالجهاد في مواضع أخرى من القرآن الكريم، كما في سورتي آل عمران والأحزاب.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsبين المآذن والمحاريب.. هكذا تصنع المقاومة فرسانها في غزة
أبو زيد المقرئ الإدريسي: هذه صفات المنافقين وأسباب تقدم الأمة رغم كيدهم
ظاهرة "غرور التدين".. قراءة في الأسباب والذرائع والتجليات
ولفت إلى أن السورة تُعرف أيضا بسورة القتال وسورة الذين كفروا، نظرا لبنيتها التي تقوم على المقارنة بين صفات المؤمنين والكافرين، حيث تكرر فيها ذكر "الذين كفروا" 7 مرات، مقابل 7 مرات لـ"الذين آمنوا".
وفي تحليله لمضمون السورة، بيّن الشيخ أن القتال الذي تتحدث عنه ليس قائما على مجرد الاختلاف العقدي، بل هو نتيجة مباشرة لصد الكافرين عن سبيل الله ومحاربتهم لدينه، وهو ما يفسر تكرار الإشارة إلى "الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله" في أكثر من موضع.
وأشار إلى أن السورة كشفت بوضوح عن طبيعة النفاق والمنافقين الذين كانوا يشكلون جبهة داخلية معادية للمؤمنين، لافتا إلى أن القرآن الكريم استخدم تعبير "الذين في قلوبهم مرض" للإشارة إلى هؤلاء، وخاصة من كان منهم مرتبطا باليهود الذين رعوا النفاق وساهموا في التحريض ضد المسلمين.
الفرق بين القتال والجهاد
وأوضح الشيخ مكي أن الفرق بين القتال والجهاد يكمن في أن الجهاد مفهوم أوسع يشمل كل أشكال بذل الجهد في سبيل الله، بينما القتال هو أحد أوجه الجهاد ويتعلق بالمواجهة المسلحة مع الأعداء.
وذكر أن الله شرع القتال لضبط موازين القوى وحماية الدين من الاعتداءات، وليس كهدف في ذاته، مستشهدا بقوله تعالى: "كتب عليكم القتال وهو كره لكم".
كما تطرق إلى التصوير القرآني للحرب في قوله تعالى: "حتى تضع الحرب أوزارها"، مبينا أن الحرب في جوهرها ثقيلة الوطأة، وتستلزم تضحيات كبرى، لكنها تظل وسيلة لتحقيق مقاصد العدل ومنع الطغيان.
وفي سياق متصل، أشار الشيخ مكي إلى أن ختام السورة جاء مركزا على قضية الإنفاق في سبيل الله، موضحا أن ذلك يرتبط ارتباطا وثيقا بالجهاد، إذ لا يمكن تحقيق النصر من دون توفر الموارد اللازمة لدعم المجاهدين.
وحذّر من خطورة البخل والتخاذل، مستدلا بالآية: "ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه"، كما حذر من التولي عن نصرة الدين، مؤكدا أن الله وضع قانون الاستبدال لمن يتخاذل عن أداء دوره في نصرة الحق، كما جاء في قوله تعالى: "وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم".
وشدد الشيخ مجد مكي على أن النصر الحقيقي ليس مجرد انتصار عسكري، بل هو تحقيق الغاية الكبرى بإعلاء كلمة الله وتمكين دينه في الأرض.