سيناريوهات

بدعم أميركي.. ما السر وراء دعوات تغيير مجلس الأمن؟ وهل توزع مفاتيح القوة بين دول العالم من جديد؟

بعد 77 سنة على تأسيس الأمم المتحدة، تغيرت أمور كثيرة على الساحة الدولية، مما دعا كثير من الدول إلى المطالبة بإعادة هيكلة المنظمة الأممية للتكيف مع الحقائق الجديدة وتحقيق المساواة بين الدول الأعضاء.

وتابع برنامج "سيناريوهات" (2022/9/29) تجدد المطالب بإعادة تشكيل المجلس وتغيير تركيبته الحالية، إذ أشار أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر حسن البرراي إلى أن الحرب على أوكرانيا دفعت الإدارة الأميركية إلى المطالبة بإجراء تغيير في تركيبة مجلس الأمن؛ لأنه لم يعد قادرا على أداء المهمة المنوطة به المتمثلة في حفظ السلام والأمن الدوليين.

وذلك في سياق طرح فكرة توسيع عضوية مجلس الأمن الدولي للنقاش على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ أعربت كل من فرنسا والولايات المتحدة -وهما عضوان دائمان بالمجلس- عن دعمهما مطالب دول أفريقية وآسيوية وأميركية جنوبية دعت أكثر من مرة إلى إدخال إصلاحات جوهرية على الأمم المتحدة والهياكل التابعة لها، خاصة جهازها التنفيذي؛ مجلس الأمن الدولي، الذي تقع على عاتقه المسؤولية الرئيسية عن صون السلم والأمن الدوليين.

وفي هذا الصدد، أشار البراري إلى وجود تنافس جيوستراتيجي بين الدول دائمة العضوية التي تمتلك حق الفيتو القادر على تعطيل أي قرار حتى لو اجتمع عليه العالم بأسره، وهذا التنافس هو ما يجعل اتخاذ القرار بين تلك الدول صعب المنال، خاصة عندما تقوم إحداها بخرق ميثاق الأمم المتحدة لشن الحرب ضد دولة أخرى.

كما توقع أن تكون هناك إصلاحات شكلية لا تمس جوهر ميزات الدول دائمة العضوية، مبينا أنه يمكن أن يتم رفع عدد الدول الدائمة في مجلس الأمن وكذلك إقرار مبدأ "الدبل فيتو"، ليكون بذلك فيتو واحد غير كاف لضرب أي مشروع.

من جهته، رأى الخبير في شؤون الأمم المتحدة عبد الحميد صيام أن عملية إصلاح مجلس الأمن ليست جديدة، بل كانت هناك محاولات سابقة لتحويل الأمم المتحدة من عملها كشرطي يقدم تقاريره الخاصة بعد انتهاء الجريمة إلى إطفائي قادر على إخماد النار.

وأوضح أن هناك زخما حقيقيا للتغيير في الفترة الحالية لأن هناك قناعة عالمية بأن الأحادية في المنظومة الدولية وتفرد دولة بالقرارات الدولية أمر غير مقبول، ورأى أن الوضع الحالي سلّط الأضواء على وضع المنظمة الدولية التي يجب أن تنتقل من معادلة الأحادية إلى التعددية.

ورأى أن عمود الأمم المتحدة لا يقتصر على السلم والأمن الدوليين، بل أيضا المطالبة بضمان حقوق الإنسان والتنمية، مرجحا أن تكون هناك حوارات طويلة بشأن الإصلاح، وربما قد يتم التوصل إلى اتفاق إعطاء المقاعد الدائمة ليس لدول بعينها بل للمجموعات الإقليمية.

من دعا للتغيير؟

وكان من بين الدول المطالبة بالتغيير تركيا التي دعا رئيسها رجب طيب أردوغان في أكثر من مناسبة لإصلاح الأمم المتحدة وإعادة هيكلة مجلس الأمن، مكررا عبارته "العالم أكبر من خمسة"، في إشارة إلى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن.

لكن هذه الدعوات المتكررة وجدت هذه المرة دعما صريحا على لسان الرئيس الأميركي جو بايدن الذي قال إن الوقت حان لكي تصبح الهيئة الأممية أكثر شمولا حتى تتمكن من الاستجابة بشكل أفضل لاحتياجات عالم اليوم.

وترى الهند أيضا أن الهيكلية الحالية للمجلس عفا عليها الزمن، وقال وزير خارجيتها إن إصلاح المجلس بات يحظى بدعم كبير بين أعضاء الأمم المتحدة.

أما رئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا قال إن الوقت قد حان للعودة إلى مبادئ وأفكار ميثاق الأمم المتحدة من أجل إقامة نظام دولي قائم على القانون.

من ناحيته، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن تجديد المجلس من شأنه أن يكون أكثر عدالة في تمثيل واقعنا اليوم، وأكثر فاعلية في مواكبة تحولات وتطورات المجتمع الدولي، وأكثر كفاءة في معالجة تحدياته المشتركة.

وقال رئيس السنغال والاتحاد الأفريقي ماكي سال لقد حان الوقت لدعم المطالبة الأفريقية العادلة والمشروعة بشأن إصلاح مجلس الأمن.

أما وزير الخارجية الروسي فقال إن بلاده تعمل لخلق نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، وإن الهند والبرازيل مرشحان جديران بأن يكونا عضوين دائمين في مجلس الأمن.