سيناريوهات

الانقلابات العسكرية في أفريقيا.. هل أصبحت السبيل الوحيد للتغيير؟

اتفق ضيوف حلقة برنامج “سيناريوهات” على أن عودة الانقلابات بالقارة الأفريقية مرتبطة بضعف مؤسسات الدولة وغياب التنمية وإحباط الشعوب، إضافة إلى تدخل قوى كبرى تدعم العسكر الذين يقومون بالانقلاب.

وقد عدد سولومون ديرسو، أستاذ مساعد في كلية القانون ودراسات الحوكمة بجامعة أديس أبابا، أسباب عودة الانقلابات غرب أفريقيا إلى عوامل مختلفة أبرزها: ضعف مؤسسات الدولة، تراجع الحكم الديمقراطي الرشيد، إضافة إلى مشاكل الفساد والإرهاب والجريمة المنظمة، خيبة أمل الشعوب في قادتها الذين فشلوا في مواجهة المشاكل الأمنية.

ومع تأكيده أن لكل دولة ظروفها الخاصة، قال ديرسو لحلقة (2022/2/10) من برنامج "سيناريوهات" إن الظروف السياسية مثل غياب المؤسسات -التي تحاسب الحكومة والرئيس- جعلت العسكر يقومون بالانقلابات ويتخذون الإجراءات التي تطالب بها الشعوب.

وبرأي نفس المتحدث، وهو أيضا خبير أول بمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، فإن وقف عدوى الانقلابات في أفريقيا مرهون باتخاذ إجراءات فعلية لوقف هذه الظاهرة، والبحث عن العوامل المختلفة والظروف التي تهيئ للانقلابات.

وقد شهدت منطقة غرب أفريقيا مؤخرا نجاح 3 انقلابات في مالي وغينيا وبوركينا فاسو، ومحاولتين فاشلتين في النيجر وغينيا بيساو.

وبشأن دور القوى الخارجية في تأجيج ظاهرة الانقلابات بأفريقيا، أشار ديرسو إلى أن هناك منافسة بين بعض الدول، ففي مالي وبوركينا فاسو مثلا تميل الصين وروسيا إلى تقديم الدعم لمرتكبي الانقلابات، وقد أحبطتا قرارات لمجلس الأمن الدولي بشأن الانقلابات العسكرية في القارة.  

أما المحلل المختص بالشأن الأفريقي إسماعيل ولد الشيخ سيدنا، فتحدث عن عوامل أقوى من الدولة بشأن موضوع الانقلابات العسكرية غرب أفريقيا، فمالي وبوركينا فاسو تشتركان في كونهما تواجهان ظاهرة حمل السلاح في وجه الدولة، ورغم اختلاف الدوافع فيهما، فإن القاسم المشترك بينهما أن القيادات التي قامت بالانقلابات لديها تقريبا نفس العمر، وكلهم قادة قوات خاصة أي أنهم من نخبة الجيش.

وركز ولد الشيخ سيدنا -في تطرقه لأسباب الانقلابات العسكرية في القارة- على غياب التنمية وضعف الدولة، وقال إن الحقنة الوحيدة التي تمنع الانقلابات هي حل الإشكال التنموي وإبعاد العسكر عن السياسة، وأن تقوم الدولة بمحاربة الهجرة والبطالة وتحقيق الأمن الذي هو مفتاح كل شيء.

وبينما أشار إلى وجود مشكلة في تكوين الجيوش الأفريقية وتسيير الدولة، تحدث الضيف الموريتاني عن النموذج السنغالي الذي قال إنه لم يشهد سوى محاولة انقلابية في تاريخه، وذلك بفعل عوامل عدة منها إبعاد الجيش عن السياسة ودعم فرنسا والولايات المتحدة للديمقراطية في هذا البلد، وفق رأيه.

ومن جهة أخرى، انتقد المتحدث دور المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) والاتحاد الأفريقي في إخماد ظاهرة الانقلابات في القارة.

ممرات للتدخل 

أشار الصحفي والمحلل السياسي آلن ييرو امبالو من غينيا بيساو إلى اختلاف السياقات من دولة إلى أخرى، رغم أن مالي وبوركينا فاسو تشتركان في مسألة القضية الأمنية، وأرجع عودة الانقلابات العسكرية للقارة إلى حالة الإحباط ومشاكل سوء الحوكمة وغياب العدالة وغياب المشاريع التنموية الحقيقية.

وأوضح أن غينيا بيساو وضعها يختلف عن مالي وبوركينا فاسو من حيث إن هناك مشاكل اجتماعية وأخرى إثنية تداخلت مع المشاكل السياسية، مبرزا أن الناس في هذه الدولة تصوت خلال الانتخابات للعرق وليس للبرنامج السياسي أو الرئيس الذي يمثل البلد.

وعن دور العوامل الخارجية، أبرز هذا الصحفي أن المجلس العسكري في مالي مثلا مرتبط بـ روسيا، ومعظم الضباط تدربوا في موسكو بخلاف الجيل السابق الذي تخرج من المدرسة الفرنسية، منوها إلى أن باريس لم تكن على مستوى التطلعات في مجال مكافحة الإرهاب.

وختم حديثه بأن دولا مثل فرنسا وروسيا تبحث عن ممرات للتدخل في مالي وبوركينا فاسو، وأن غينيا بيساو تتلقى الدعم من روسيا والصين والمغرب.