
ماكرون في مواجهة الإسلام.. دفاع عن الجمهورية أم مآرب انتخابية؟
وأضاف معتوق -في حديث لحلقة (2020/10/15) من برنامج "سيناريوهات"- أن ماكرون في حديثه عن الانفصال عن قيم الجمهورية، لم يذكر سوى الإسلام والمسلمين فقط، مشيرا إلى أن الكثيرين من أعضاء الحزب الذي ينتمي إليه ماكرون ونواب البرلمان رفضوا خطابه، معتبرين أنه بمثابة "تجييش وتخويف للفرنسيين من الإسلام والمسلمين".
وما زال خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخير وما تضمنه من كلام عن الإسلام ومسلمي فرنسا، يثير الكثير من الجدل داخل بلاده وخارجها.
وبرر ماكرون ما قاله بـ"الدفاع عن الجمهورية وقيمها"، ومحاربة ما أسماها "الانفصالية الإسلامية" عبر خطة من ضمنها تشديد الرقابة على المدارس والمساجد والجمعيات الإسلامية.
والخطة ذات أبعاد كثيرة، وهي عند العديد من مسلمي فرنسا، استهداف صريح وواضح لشريحة بعينها من المجتمع الفرنسي، ومحاولة للتحكم في اختياراتها وأسلوب حياتها.
في المقابل، قالت عضو البرلمان عن الحزب الحاكم "الجمهورية إلى الأمام" سيسيل رياك إن خطة محاربة "النزعات الانفصالية الإسلامية" التي أعلنها ماكرون، وستترجم إلى مشروع قانون، تستهدف جميع النزعات الانفصالية، وليس المسلمين فقط.
وأضافت رياك أن ماكرون لا يريد أن يتدخل في إدارة شؤون الديانة الإسلامية، مؤكدة أنه يسعى إلى "مواجهة كل من يُحرّف الإسلام، وكل من يعتبر أن الإسلام منفصل عن الجمهورية".
وفي حين أقرت رياك بأن ماكرون لم يذكر في خطابه إلا الإسلام الذي اعتبره "في أزمة"، إلا أنها أكدت تمسك البرلمان بمواجهة الانفصاليين عن الجمهورية أيا كان دينهم.
استهداف المسلمين
من جانبه، رأى الباحث في العلوم السياسية والاجتماعية بالمركز الوطني للبحث العلمي جوليان تالبان أن خطة ماكرون لم تتحدث إلا عن المسلمين، وقد امتلأ خطابه بالهجوم على الإسلام.
وشكك تالبان في نجاح ماكرون في تمرير مشروع القانون أمام مجلس النواب، لأنه لا يحظى بالإجماع، بل على العكس يواجه الكثير من المعارضة والانتقاد.
وأوضح تالبان أن اليسار واليمين الفرنسيين يعارضون مشروع القانون، الذي لا يحظى إلا بدعم اليمين المتطرف فقط.
يذكر أن زعيم حزب "فرنسا الأبية" اليساري جان لوك ميلانشون انتقد بشدة خطاب ماكرون، واعتبره مسرحية سياسية لا جدوى منها.
وعادت عضو البرلمان الفرنسي سيسيل رياك لتؤكد أن المشكلة تكمن في المدارس التي لا تخضع للقانون الفرنسي، بما في ذلك بعض مدارس المسلمين، وأبدت تخوفها من مثل هذه المدارس التي لا يتم السيطرة عليها أو على المناهج التي تدرسها للأطفال.
من جهته، أكد أستاذ العلاقات الدولية فرج معتوق أن هناك مشاكل جمة لدى الجالية المسلمة في فرنسا، لكنه استدرك متسائلا: من المسؤول عن ذلك؟ وهل قامت الجمهورية بكل ما يجب عليها القيام به خاصة في الضواحي؟
وأشار معتوق إلى أن أصابع الاتهام موجهة للجمهورية في تزايد حالة اليأس لدى كثير من المسلمين بسبب تخليها عن مهامها. وتساءل: لماذا تسمح الدولة لنفسها بالتدخل في الدين الإسلامي، رغم أنها "لائكية" أي تضمن حرية المعتقد ولا تتدخل في معتقدات الناس؟
واعتبر معتوق أن النخبة الفرنسية تعمل على تخويف الفرنسيين من الإسلام كلما اقترب موعد استحقاق انتخابي.
ولفت الباحث في العلوم السياسية والاجتماعية جوليان تالبان إلى أن هناك تعميما في انتقاد جميع الأئمة المسلمين، رغم أن أصحاب النزعة الراديكالية بينهم قلة.
وأضاف تالبان أنه يجب معالجة الأسباب الاجتماعية التي دفعت بالبعض إلى التطرف، سواء على مستوى التشغيل أو مواجهة التفرقة العنصرية.
يذكر أنه على مدى عقود طويلة، ظل هاجس الإسلام والمسلمين في فرنسا حاضرا في خطابات العديد من الرؤساء الفرنسيين. ورغم أن قانون 1905 ينص على التساوي بين الأديان أمام القانون، ظلت الجالية المسلمة في فرنسا دون غيرها عرضة للتدخل في شؤونها الدينية والتعليمية.