سيناريوهات

هل سيقوم الجيشان السوداني والجزائري بنقل السلطة إلى المدنيين؟

ناقشت الحلقة التساؤلات المطروحة بشأن المنحى الذي ستأخذه العلاقة بين الحراك الشعبي بالسودان والجزائر والمؤسسة العسكرية، وهل ستنجح مؤسسة الجيش بالبلدين في تحقيق عبور آمن للمرحلة الانتقالية ونقل السلطة للمدنيين؟

قال أستاذ النزاعات الدولية إبراهيم فريحات إن الجيشين الجزائري والسوداني لن يقوما بتأمين مرحلة انتقالية ناجحة تحقق مطالب الثوار في الوقت الحالي، لأن المؤسسة العسكرية في البلدين غير جاهزة للتنازل عما تعتبره "دورها التاريخي" في الدفاع عن أوطانها أمام الاحتلال الأجنبي، مضيفا أنها تستمد قوتها من ذلك التاريخ بوصفها "تملك أحقية تنصيب الرؤساء وعزلهم".

وأضاف فريحات -في حلقة (2019/4/25) من برنامج "سيناريوهات"- أن عمق المؤسسة العسكرية يكمن في بناء وهيكلية الدولة سواء في السودان أو الجزائر، فهي تمسك بجميع مفاصل الدولة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو غيرها، مشيرا إلى صعوبة تغيير مثل تلك الهيكلية لأنه يستغرق أعواما كثيرة. كما يصعب على أصحاب المناصب العسكرية التنازل عن امتيازاتهم الخاصة من تلك المناصب.

ولفت فريحات إلى خطورة التدخل الخارجي على مرحلة التحول التي تشهدها كلتا الدولتين وخاصة السودان، حيث اعتبر أن هناك "نواة لتشكل ثورة مضادة" من دول خارجية تسعى لحسم نقطة التحول لصالحها.

وأكد أن سيناريو إحداث انتقال تشاركي يضم قوى الثورة المدنية هو السيناريو الأقرب للتنفيذ في كلتا الدولتين، مشددا على أهمية دور الشباب في إخضاع المؤسسة العسكرية للتنازل عن منصبها بالضغط الشعبي الذي يمارسونه باستمرار الاعتصامات، مضيفا أن تنازل الجيش عن منصبه -إن حدث- سيكون "تدريجيا".

تنازلات ظاهرية
ولم يستبعد فريحات أن تمتد مرحلة الجمود أو المماطلة في حسم قرار الانتقال لحكم مدني لتصل إلى عام أو أكثر، إلا أنه رأى أن التجربة المصرية -التي شهدت انقلابا عسكريا مستمرا إلى الآن- لن تتكرر في كلا البلدين.

أما الباحثة في مركز كارنيغي للشرق الأوسط داليا غانم فعبرت عن قلقها بشأن مصير الحراك الشعبي في الجزائر والسودان، موضحة أن تدخل المؤسسة العسكرية في المشهد السياسي لكلتا الدولتين لن يكون لصالح انتقال حقيقي للسلطة المدنية.

واعتبرت أن المؤسسة العسكرية في الجزائر لن تنحاز بالمطلق للشعب الجزائري أو لتحقيق مطالبه، إلا أنها ستقدم بعض التنازلات الظاهرية ثم ستتوقف عن فعل ذلك في مرحلة محددة.

وأكدت غانم أن مطالب الشارع الجزائري تزيد كل أسبوع منذ بداية المظاهرات وحتى الوقت الحالي، وذلك كرد فعل على تجاهل وإهانة النظام الجزائري لهم ولمطالبهم، معتقدة أن الطريق الوحيد لوقف تصاعد الحراك يتمثل في تخلي بقية رموز نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن مناصبهم.

انتقال ناجح
ومن جهته؛ أبدى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم محمد محجوب هارون تفاؤله بالمشهد السياسي بالسودان، حيث اعتبر أن المجلس العسكري سيقود بنجاح المرحلة الانتقالية إلى حكم مدني حقيقي، حيث إنها تستعد لإحداث توافق مع المجتمع المدني للوصول إلى عملية انتقال سلسة.

ورأى هارون أن المجلس العسكري لا ينفرد بصنع القرار في الخرطوم، معتقدا أن منظومة أمنية كاملة -تتكون من قوات الدعم السريع وجهاز الأمن وجهاز الشرطة الوطني بالإضافة إلى الجيش- هي التي قامت بعزل الرئيس السوداني عمر البشير، وليس الجيش فحسب.

وأضاف أن ذلك يرجع لوجود حالة تجاوب بين هياكل المنظومة الأمنية والثوار أدى لما نتجت عنه الثورة حتى الوقت الراهن، موضحا أن الإدارة السودانية لا تشجع على أن تتمسك المؤسسة الأمنية بالحكم لما ستواجهه من تحديات إقليمية ودولية.

وقلل هارون من قدرة القوى المدنية بالسودان على إدارة المرحلة الانتقالية بمفردها، وقال إنها تحتاج للمؤسسة العسكرية أو المنظومة الأمنية كفاعل يعمل على توفير قاعدة أمن أساسية، الأمر الذي يساعد على مضي إجراءات الانتقال قدما إلى الأمام.