سيناريوهات

هل ستصمد أوبك أمام التحديات أم تتفكك؟

ناقشت حلقة سيناريوهات مستقبل منظمة أوبك في ظل ما تتعرض له من ضغوطات بشأن خفض الإنتاج، وكيف سيؤثر خروج قطر من المنظمة.

ظلت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" ولفترة طويلة منذ تأسيسها، قادرة على التحكم بأسعار النفط وكميات إنتاجه وضبط معادلة العرض والطلب، غير أنها وبفعل عوامل كثيرة لم تعد صاحبة القول الفصل بأسعار النفط، وبسبب خلافات سياسية بين أعضائها باتت بحاجة للتنسيق مع دول أخرى غير أعضاء لتخفيض الإنتاج من أجل رفع الأسعار.

فهل تتجه "أوبك" لانحسار نفوذها وفقدان ثقلها في أسواق النفط العالمية بفعل دخول لاعبين آخرين وتزايد البحث عن مصادر الطاقة البديلة؟ أم نحو استعادة المبادرة وتجاوز المتغيرات الراهنة رغم الخلافات المتفاقمة داخلها؟

انحسار النفوذ
وبشان احتمالية انحسار أوبك قال الخبير في شؤون النفط والطاقة مصطفى البازركان إن هناك ما أسماه مثلثا عالميا لإنتاج النفط، يتكون من منظمة أوبك والدول المنتجة خارج أوبك والولايات المتحدة الأميركية بإنتاجها التقليدي، وتتحمل أوبك العبء الأكبر بهذا المثلث لأنها الوحيدة المطالبة بالالتزام بسياسات خفض الإنتاج، وقد تعرضت للعديد من الهزات جراء ما تعرضت له أسواق النفط من تقلبات في الأسعار.

بدوره تحدث الباحث في سياسات الطاقة رؤوف مامادوف عن وضع جديد تشكل في سوق النفط، وقد تشكل من خارج دول منظمة أوبك خصوصا بعد دخول النفط الأميركي الصخري إلى السوق، الأمر الذي أثر في الأسواق، لأن الإنتاج من خارج أوبك يفوق إنتاج المنظمة، "وهذا بالتأكيد يؤثر في الأسواق وأسعار النفط فيها".

من جانبه أشار الخبير الاقتصادي جواد العناني إلى وجود ثلاث مناطق لطلب النفط مقابل ثلاث مناطق للإنتاج، ووجود ثلاثة أسعار عالمية للنفط أيضا وهي غير مرتبطة ببعضها، "لأن كل منطقة تخضع لحجم العرض والطلب بعيدا عن المنطقة الأخرى، ومستقبلا دول أوبك ستركز على أسواق جديدة وقريبة".

استعادة المبادرة
وفيما يتعلق بسيناريو استعادة "أوبك" لقوتها، رأى البارزكان أن هذا الاحتمال قائم، ولكن يتطلب مرونة من السعودية وتحملها للمسؤولية داخل المنظمة، بالإضافة لاتفاق الدول المنتجة داخل المنظمة، مشيرا إلى أن وجود بحوث ودراسات حول مستقبل ما بعد النفط، دفع الدول المنتجة للتفكير بخياراتها الاقتصادية بالمستقبل.

لكن مامادوف نفى وجود مثل هذه البحوث، مؤكدا أن أسواق النفط حتى الآن غير مستعدة للحديث عما بعد النفط، ولم يخف قلقه على مصير "أوبك" في ظل وجود قانون "نوبك" الذي ينتظر موافقة الكونغرس، مشيرا إلى أنه في حال إقرار القانون فإنه سيعطي الرئيس الأميركي قوة ونفوذا للضغط على المنظمة.

واتفق العناني مع مامادوف بشأن مساعي أميركا للتأثير على أوبك، والتحكم بأسعار النفط، ودعا منظمة "أوبك" إلى التفكير خارج الصندوق من خلال تطوير الصناعات البتروكيميائية وتنويع اقتصاداتها إذا أرادت أن تبني لنفسها كيانا مستقلا.

حلول مقترحة
وحول السيناريوهات المقترحة قال البازركان إن الحل الذي يجب أن تفكر به أوبك هو ألا تكون تجمع دولا بل تجمع شركات تنتج النفط، وهذا سيتيح لها الدخول إلى الأسواق والتنسيق مع شركات النفط الكبرى، و"تحول المنظمة إلى الشركات سيخلصها من الضغوط الدولية".

في حين رأى مامادوف أن الحل المؤقت لأوبك هو تعديل إستراتيجيتها من أجل تغيير آلية العمل بسوق العرض والطلب، الأمر الذي سيؤدي لتغيير آليات العمل التجاري بشكل عام، منوها إلى أن التحول للصناعات البتروكيميائية سيفيد أعضاء أوبك من حيث الدخل بعيدا عن الضغوط، خاصة أن النفط يعد سلعة جغرافية سياسية، لذا يجب على دول المنظمة الخروج من ذلك.

أما العناني فرأى أن أوبك إذا أرادت أن تتقدم فعليها أن تتحول من منظمة منتجة للنفط إلى منظمة منتجة للنفط والغاز، بمعنى آخر تكون منظمة تسيطر على أهم مصدرين من مصادر الطاقة في العالم، ومنطقة أوبك لديها مخزونات هائلة من الغاز.