موازين

الصراع على جسد المرأة بين اتجاهين.. داعية إسلامي يردّ بالأدلة على حجج أستاذة تونسية تنكر فرضية الحجاب

دافع الداعية الإسلامي الدكتور صهيب محمود السقار بالأدلة والبراهين الشرعية عن فرضية الحجاب، وفنّد حجج أستاذة جامعية تونسية استندت إلى آية في سورة النور لتبرير موقفها الرافض لفرضية الحجاب.

وشدد الدكتور السقار على أن اللباس هو نوع من أنواع التكريم الإنساني، مستندا في ذلك إلى قول الله جل جلاله في حق أبينا آدم " فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا"، وقوله تعالى بعد النزول " يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا".

ويوضح الداعية الإسلامي في تصريحاته لحلقة موازين بتاريخ (2022/10/19) أن "ثبوت فرض الحجاب معلوم من الدين بالضرورة"، وهو ما أورده في كتابه "جدلية الحجاب"، وأوضح أن الأولين والآخرين نظروا في أدلة الحجاب فوجدوها ظاهرة واضحة قاطعة الدلالة على فرضه، وعليه استمر المسلمون طوال قرون من الزمان في التمسك بمسألة فرضية الحجاب، وأجمعت المذاهب الفقهية والفكرية على هذا الأمر، ولم ينقل في كتب الإسلام طوال القرون السابقة شبهة واحدة تعترض على أدلة الحجاب.

موضحا أن أول من أحدث الخلاف هم الحداثيون المعاصرون.

الخمار والزينة الظاهرة

وفي مداخلتها ضمن الحلقة ذاتها من "موازين"، لم تخفِ أستاذة اللغة العربية وآدابها في الجامعة التونسية ألفة يوسف معارضتها لمسألة فرضية الحجاب، مستندة إلى آية سورة النور التي يقول فيها المولى عز وجل: "وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ".

إعلان

وتُرجع الأستاذة التونسية أسباب معارضتها لفرضية الحجاب لكون تلك الآية ليست قطعية الدلالة على المسألة، فكتب المفسرين -بحسبها- تشير إلى أن النساء في الجاهلية كن يخرجن وصدورهن عارية، والأمر في قوله تعالى "وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ" يتعلق بتغطية جيوبهن، والخمار في اللغة هو التغطية وليس دالا على غطاء الرأس إلا في مراحل متأخرة.

وبالنسبة لقوله تعالى "وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا.."، تقول إن جل الفقهاء أجمعوا اعلى أن الزينة الظاهرة هي الوجه والكفان، وبعضهم يقول إن الوجه يجب أن يغطى، وتتساءل: لماذا لم يحدد الله تعالى ما الزينة الظاهرة؟ لتجيب أن اللباس أمر سياقي يتحول بتبدل الأزمان وتطورها، لتتوصل وفق منطقها إلى أن "القرآن لم يكن قطعيا في مسألة الحجاب".

غير أن الدكتور السقار لم يستسغ حجج الأستاذة التونسية، ورد عليها بالأدلة والحجج، قائلا إن الخمار في أصل دلالته يعني التغطية، لكنه لم يستعمل في عصر التنزيل في غطاء غير غطاء الرأس، بالإضافة إلى أن الخمار هو عبارة عن قطعة من قماش، وكانت ثياب العرب غير مفصلة، إذا وضعت على الرأس فهي خمار وإذا وضعت على الصدر فهي رداء وهكذا.. والله سبحانه وتعالى لم يقل "وليغطين" بل قال "وَلْيَضْرِبْنَ"، والضرب هو إيقاع شيء على شيء بشدة وغالبا ما يحصل باليد، والخمار الذي يوضع على الرأس يشبه ما يعرف في الخليج بالشماغ، وأيضا يشبه لباس دول المغرب العربي، وهو عبارة عن  قطعة قماش ترتديها المرأة فتغطي به رأسها، ثم ينسدل هذا الخمار على صدرها، فالمطلوب أن تضرب الخمار الذي يغطي رأسها على جيبها، والجيب هو فتحة العنق.

كما يستغرب الداعية الإسلامي من كون النساء كن يخرجن عاريات الصدور، مبرزا أنه يستحيل أن تجد في كتب التفسير والتاريخ ما يثبت ما ذكرته الأستاذة التونسية.

إعلان

وبشأن الآية الكريمة التي جاءت في سورة الأحزاب "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أدنى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا"، تستند الأستاذة ألفة إلى تفاسير الطبري الزمخشري والرازي، وتقول إنها كلها تتفق على أن الآية نزلت لتأمر الحرائر بارتداء ما يميزهن عن الإماء اللواتي كان من المسموح التحرش بهن.

غير أن الدكتور السقار يرد عليها بالقول إن هذا الكلام لا أساس له، لا متنا ولا سندا، "وهل يتخيل أن ينزّل الله تعالى قرآنا ليميز النساء الإماء ويسمح بالتحرش بهن؟".

وبشأن الإجماع على فرضية الحجاب، ترى الأستاذة التونسية أن مسالة الإجماع مسألة بشرية، وهي قابلة للنقاش، لكن الدكتور السقار يعتبر تصورها بعيدا عن أبجديات أصول الفقه، من حيث إن الإجماع يستند إلى نص من كلام الله تعالى أو كلام النبي صلى الله عليه وسلم، فهناك الكتاب والسنة والقياس ثم يأتي الإجماع الذي هو عمل بشري يستند إلى أدلة سابقة.

ظاهرة خلع الحجاب وفشل الإسلام السياسي

وعن المعركة حول جسد المرأة بعد الربيع العربي، تشير الباحثة في السياسة والعلاقات الدولية أماني سنوار إلى أن مسألة الحجاب تحولت من كونها مسألة دينية وتعكس علاقة المرأة مع الله تعالى إلى ما يشبه القضية السياسية والاجتماعية، رابطة ذلك بعوامل منها الاستبداد وعدم نضوج التجربة السياسية لدى جميع الأطراف.

وعن أسباب الهجوم على الحجاب في بعض الدول الأوروبية وأميركا والهند، تقول إن تلك الدول تعاني من الإسلاموفوبيا وكراهية المسلمين لأسباب خاصة بها.

كما ترجع سنوار ظاهرة خلع الحجاب في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة إلى سببين اثنين: أولهما التيارات الإسلامية التي حوّلت الحجاب إلى توظيف سياسي، حيث تسبب فشل الإسلام السياسي مع الثورات المضادة في حالة إحباط لدى بعض الشباب، فكان التخلي عن كثير من المعتقدات والمظاهر الدينية. والأمر الثاني يتعلق بما اعتبرته الهزة القوية وتجربة التهجير القاسية التي أفقدت الشباب الحواضن الآمنة التي نشؤوا فيها، معتبرة أن ردة الفعل كانت لدى الشابات والشبان، لكن الفتيات يكن دائما تحت المجهر.

إعلان