
مذبحة حلب بين المبادئ وحسابات الكبار
تلقفت روسيا اقتراح المبعوث الأممي ستفان دي ميستورا لإخراج جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) من حلب، وبدأت تبني عليه، فطلبت من مسلحي المعارضة السورية تقديم التزام كتابي حول انفصالهم عن الإرهابيين، وعرضت القبول باستمرار إدارة المعارضة لأحياء حلب الشرقية.
وكما يبدو حاولت فرض المقترح على مائدة التفاوض مع القوى الكبرى حول مشروع قرار فرنسي لهدنة في حلب، لكنها ووجهت بتلويح غربي بفرض عقوبات عليها واتهامها بارتكاب جرائم حرب في سوريا.
ومضى المراسل يقول إن روسيا إذا استخدمت الفيتو فسيكون الخامس منذ اندلاع الصراع في سوريا، ولكنه هذه المرة يصاحبه احتقان دبلوماسي مع الدول الغربية ويترافق مع اجتماع الرئيس الأميركي باراك أوباما مع مستشاريه لشؤون الأمن القومي.
أما الكاتب والمحلل السياسي الروسي ليونيد سوكيانين فقد أكد مرارا أن روسيا لا تزال تراهن على الحل السياسي، لكن "العوامل التي أفشلت الاتفاقات السابقة ما زالت موجودة".
روسيا -على لسانه- تريد تنفيذ القرارات، مبينا أن الهدنة الأخيرة جرى خرقها على يد المعارضة، إذ نجحت أميركا في الضغط على بعض الفصائل لا جميعها، متسائلا: هل هناك خيار آخر غير الحل السلمي؟
المتحدث باسم الهيئة العليا السورية للمفاوضات منذر ماخوس رد على الضيف الروسي بالقول "هل يؤدي ما تفعله روسيا إلى أي حل سياسي؟"، موضحا أن لدى موسكو هدفا واحدا هو تغيير أعمق لموازين القوى بحيث تذعن المعارضة لكل ما يريده النظام.
ورأى أن السياسة الروسية لن تترك معتدلا واحدا في المنطقة، وأن الثوار لن يقبلوا ما يعرضه الروس وسيقاومون حتى لو استمرت الحرب مئة عام.
وختم بالقول إن ميزان القوى اليوم أصلا مختل، والروس يقصفون أكبر مما جرى في الحرب العالمية الثانية، واصفا ما تتعرض له حلب بالهولوكوست، وفوق هذا "يطلبون من المعارضة أن تضعف صفها.. هذا غير معقول".
من جانبه قال أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في باريس زياد ماجد إن مقترح دي ميستورا يفيد بأن بضع مئات من المقاتلين إذا خرجوا لن تدمر حلب، وهذا "ابتزاز سياسي" وتسهيل لمهمة الروس كي يواصلوا عدوانهم.
وخلص ماجد إلى أن الهدف الروسي دائما هو كسب الوقت وقليل من التفاوض ثم قضم من الأرض، لافتا إلى أن موسكو تريد إنهاء الوضع في حلب لكي تحصر الأماكن التي توجد فيها فصائل معارضة في إدلب بما فيها فتح الشام، فيحدث أمران معا: فرض النظام واقعا، ومواصلة ضرب إدلب بحجة مكافحة الإرهاب.