حديث الثورة

الخليج ومصر.. محددات التقارب والتباعد

ناقش برنامج “حديث الثورة” محددات التقارب والتباعد بين الخليج ومصر، في ضوء التأييد المصري لمشروع القرار الروسي في مجلس الأمن المتعلق بالقضية السورية، ومأساة حلب على وجه الخصوص.

في سابقة وصفت بالتاريخية، صوتت مصر في مجلس الأمن لصالح مشروعي قرارين متناقضين بشأن سوريا؛ أحدهما فرنسي إسباني لم يمرر بسبب الفيتو الروسي، أما الثاني فكان روسيًّا، ولم يحظ إلا بتأييد أربع دول، وعارضته تسع دول وامتنعت دولتان عن التصويت.

ووصف التأييد المصري للموقف الروسي بالمؤلم؛ نظرا لابتعاده عن الموقف التوافقي العربي بشأن سوريا، وطالب كتاب ومراقبون بدول الخليج العربية برد مؤلم على النظام الذي دعمته دول الخليج بعشرات المليارات من الدولارات خلال الأعوام الثلاثة الماضية.

فهل كان موقف نظام السيسي مفاجئا؟ الكاتب الصحفي وائل قنديل يقول مباشرة "أنا أندهش ممن يندهش من موقف السيسي".

المكايدة والابتزاز
وأضاف لبرنامج "حديث الثورة" في حلقة (2016/10/9) أن الثابت الوحيد لهذا النظام هو التحالف مع العدو الصهيوني، أما باقي المواقف فمتغيرة يطبعها الابتزاز الذي كان واضحا في علاقته بالخليج، محيلا إلى تسريبات "الفلوس التي كالرز".

وضرب مثلا على الابتزاز بالموقف من الانقلاب الحوثي في اليمن، ففي نفس الوقت الذي سحبت الدول العربية سفراءها من صنعاء كان السيسي يرسل سفيرا جديدا، ليضغط ويبتز، وعندما استأنفت السعودية المساعدات المالية لمصر قرر سحب السفير.

وخلص إلى أن "قاهرة حسين سالم والسيسي" التي لا تعترف بالثورة في مصر من المتوقع أن تقف ضد ثورة الشعب السوري، ولكن أن تصوت لروسيا وفرنسا في الوقت نفسه فهذا يعود إلى عقلية "الديليفري" وبيع الولاءات لكل من يلوح له بمعونات، مع بقائه بطلا قوميا في عيون إسرائيل.

ومن الرياض، وصف رئيس مركز الإعلام والدراسات العربية الروسية ماجد التركي التصويت المصري بالمخزي الذي لم يحترم الدم العربي المراق.

وحول المليارات التي قدمها الخليج، قال إنها لم تكن إلا لمصر حتى تبقى حاضنة للعالم العربي، وهي التي تضم في جنباتها جامعة الدول العربية.

غير أنه لا جديد -كما يرى- في الموقف المصري من الأزمة السورية، إذ يدعم نظام السيسي نظام بشار، وسبق أن قدم له معدات عسكرية، وفي العراق لم يخف تأييده لحكومتي نوري المالكي سابقا وحيدر العبادي حاليا، أما اليمن فكانت القاهرة تستضيف الحوثيين ومعرضا "لجرائم التحالف العربي"، بما يعدّ تناقضا مع الموقف العربي.

تفريط خليجي
بدوره، قال محمد المختار الشنقيطي أستاذ الأخلاق السياسية وتاريخ الأديان بكلية قطر للدراسات الإسلامية إن الدول العربية -وتحديدا دول الخليج- "فرّطت في مصر"، إذ لو كانت جادة في إستراتيجيتها ضد النظام الإيراني فإن الحليف الطبيعي لها هو محمد مرسي لأنه داعم للثورة السورية.

ووفقا له، فإن دول الخليج ساندت الانقلاب وهو اليوم يغدر بها وهي تواجه حصارا إيرانيا من ثلاث جهات، ولم يقدم نحوها ردا على دعمها له حتى ولو مجاملة، بل أحرجها أمام أكبر منبر دولي.

وذهب في نهاية المطاف إلى أن النظام المصري ربما شعر بأن الإمكانات المالية الخليجية لم تعد بالقدر الكافي لتقديم المنح، فأدرك أن الدعم أصبح من الماضي، وبدأ يتطلع إلى النفط الروسي والغاز الإيراني.

ليس تناقضا
ومن القاهرة، نفى الباحث السياسي والحقوقي المصري أسعد هيكل أن تكون مصر متناقضة حين صوتت لمشروعي قرارين متناقضين، بل قال إن موقف بلاده نابع من رفض تفتيت سوريا، ومساندة الدولة والجيش العربي السوري.

وحول مشروعي القرار الروسي والفرنسي-الإسباني اللذين تبادلا رفع "كارت الفيتو"، قال إنه لا تناقض بينهما؛ فكلاهما يتضمن المساعدات الإنسانية.

وإذ نفى أن تكون سوريا في ثورة منذ خمس سنوات، قال إن حلب لم يعد فيها سوى "15 ألفا"، من أصل أربعة ملايين ونصف المليون، وإن الجيش السوري مستهدف هو والجيش المصري.

أما تصويت المندوب المصري في مجلس الأمن فقال إنه لا يمثل الأنظمة بل الشعوب العربية.