حديث الثورة

هجوم سوسة.. التداعيات المحلية والدولية

ناقش برنامج “حديث الثورة” التداعيات المحلية والدولية للهجوم على منتجع سوسة الذي يوصف بأنه القلب النابض للسياحة التونسية، وآثاره على التجربة الديمقراطية في البلاد.

لا صوت يعلو في تونس اليوم على الأصوات المؤكدة على ضرورة تكريس الوحدة الوطنية بعد مقتل وإصابة العشرات في الهجوم الذي وقع يوم الجمعة الماضي على فندق في منتجع سوسة الذي يوصف بأنه القلب النابض للسياحة التونسية.

بعد ساعات من الحادث أجرت الحكومة التونسية مشاورات مع ممثلي الأحزاب حول تداعيات الهجوم، وقررت إغلاق عشرات المساجد الخارجة عن إطار القانون -كما وصفتها- ودعا الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي إلى وضع إستراتيجية شاملة لمواجهة من دعاهم الجهاديين، وأكد زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، أن الرد الوحيد على ما وصفه بالإرهاب هو وحدة الشعب التونسي.

الإجراءات الأمنية
وردا على بعض الآراء التي وجهت اللوم للحكومة التونسية، واتهمتها بعدم استيعاب درس الهجوم الأول في متحف باردو قبل شهرين، رأى القيادي في حركة نداء تونس توفيق بوعشبة أن تونس حققت العديد من النتائج الإيجابية على الجانب الأمني بعد تفجير باردو، مشيرا لتفكيك العديد من الخلايا، وأكد أن مثل هذه الأعمال يمكن أن تحدث بشكل مباغت وفي أي دولة في العالم.

ونفى في حديثه لبرنامج "حديث الثورة" في حلقة (27/6/2015) وجود تراخ أمني في مدينة سوسة، وقال إن مثل هذا التسلل الذي يمكن أن يحدث في أي مكان في العالم، في ظل حرية الحركة في الشواطئ التونسية، وأكد أن التقارير أشارت إلى أن الوجود الأمني كان ثابتا في محيط الفندق، وحسب رأيه فإن القصد من العملية هو ضرب الاقتصاد التونسي وإفراغ الساحة السياحية من الرواد.

يشار إلى أن منفذ الهجوم (23 عاما) تمكن من التسلل إلى شاطئ المنتجع الذي تعرض للهجوم، وكان يرتدي شورتا قصيرا ويقود دراجة، وقد أخفى "الكلاشنكوف" في مظلة كان يحملها فوق دراجته.

وبرر بوعشبة إجراءت الحكومة بإغلاق عشرات المساجد، وتهديدها بحل معاهد وأحزاب سياسية، ورأى أنها إجراءات جزئية في الحرب ضد "الإرهاب" الذي يحتاج إلى إستراتيجية شاملة، بل إنه شدد على أن هذه المرحلة تحتاج إلى خطوات أكثر صرامة، وعدم الاكتفاء بالحلول الجزئية.

واستبعد أن تكون هذه الإجراءات الصارمة موجهة ضد الإسلاميين، الذين أوضح أنهم ممثلون في الحكم تقريبا من خلال حركة النهضة.

الذئب المتفرد
على صعيد آخر حذر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة السوربون محمد هنيد من قيام قوى الدولة العميقة باستغلال التطورات الأخيرة، لإقناع المواطنين بأن الدولة الاستبدادية في عهد زين العابدين بن علي كانت توفر لهم الأمن والأمان.

وفي هذا السياق أبدى هنيد استغرابه من قيام بعض الأحزاب السياسية بمحاولات تصفية الحسابات بينها، في الوقت الذي تواجه فيه الدولة التونسية تحديا كبيرا يجب مواجهته بالوحدة الوطنية وليس تبادل الاتهامات.

ولم يستبعد هنيد أن تتم عرقلة المسار السياسي عبر العمليات "الإرهابية" كما حدث في عدد من دول الربيع العربي، كما حذر من وجود مشروع دولي استعماري جديد يهدف إلى إعادة رسم المنطقة باستخدام فزاعة "الإرهاب".

ودعا إلى نسف خطاب الإرهاب والتجييش الذي يبثه الإعلام التونسي، وإلى دعم الأئمة والدعاة "الوسطيين" الذين أكد أنهم وحدهم القادرون على تغيير التوجهات الإرهابية داخل عقول الشباب.

ولمواجهة "الإرهاب" نادى بتطبيق إستراتيجية متعددة الأبعاد، تحتوي البعد الأمني والبعد الإعلامي والبعد الاجتماعي بتهدئة النفوس ومحاربة الإضرابات المتكررة، وتساءل عن سبب عدم تطبيق القانون على اللصوص، والذين أجلوا عاما دراسيا كاملا وسرقوا قوت الشعب، في إشارة حملة "وينو البترول" التي أطلقها ناشطون تونسيون على فيسبوك.

نموذج ناجح
وبشأن الدوافع التي تقف وراء استهداف تونس قال عضو مجلس شورى حركة النهضة أحمد قعلول إن تونس مستهدفة لأنها تمثل نموذجا ناجحا ضمن ثورات الربيع العربي، ولأنها نموذج ماض نحو النجاح، وتبشر بالنموذج الديمقراطي السليم.

وشدد على أهمية حفظ الحقوق والحريات حتى تتمكن تونس من مقاومة "الإرهاب" الذي اعتبره الوليد الشرعي للظلم والاستبداد.

أما أستاذ علم الاجتماع في معهد الدوحة للدراسات العليا المولدي الأحمر فقد حمل الخطاب الديني المتطرف مسؤولية التلاعب بعقول الشباب التونسي، والسيطرة عليهم ودفعهم لتطريق التطرف والإرهاب بعيدا عن الإسلام المعتدل.

يذكر أن الشاب الذي نفذ الهجوم يبلغ من العمر 23 عاما، وهو طالب جامعي في مرحلة الماحستير، ولم يكن من رواد المساجد، كما أنه لا توجد له أية أسبقيات أمنية.

وانتقد الأحمر صراحة حزب التحرير الذي أعلن منذ حصوله على الترخيص بأنه لن يتقيد بدستور البلاد، وقال إن خيوط ملف "الإرهاب" أصبحت مترابطة، ولم يعد بالإمكان إدارة الأزمة على المستوى الوطني، لأنها أصبحت أزمة دولية وإقليمية ضربت العديد من الدول وليس فقط تونس.

المصدر: الجزيرة