حديث الثورة

مصر.. بين التصعيد في سيناء وأحكام الإعدام

ناقش برنامج “حديث الثورة” مدى نجاعة الخيار الأمني في التعامل مع الوضع الراهن في مصر، وعواقب انسداد الأفق السياسي أمام ملايين الشباب.

يتساءل الكثير من المراقبين للأوضاع السياسية في مصر حول المسار السياسي للبلاد عقب التدهور الأمني الحادث في سيناء، خاصة بعد أن قصف تنظيم "ولاية سيناء" تجمعا للجيش المصري في منطقة كرم القواديس التي سبق أن قتل فيها عشرات من أفراد الجيش المصري في هجوم للتنظيم نفسه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

 

كما يطرح هؤلاء المراقبون أسئلة حول الاتجاه الذي تسير نحوه البلاد، مع صدور أحكام بالإعدام على المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع و13 آخرين من قيادات الجماعة في القضية المعروفة باسم "غرفة عمليات رابعة"، وعوقب عدد آخر بالسجن المؤبد وبينهم صحفيون وإعلاميون.

 

التفاوض
بدوره عبر الخبير الأمني محمود القطري عن أسفه لتكرار الهجمات في بعض مناطق سيناء، وأوضح أن المهاجمين يتخفون وسط السكان، وأن الجيش عاجز عن اختراق هذه الجماعات الإرهابية عبر المرشدين لأنه عاجز عن حماية هؤلاء المرشدين.

وكشف القطري عن وجود تعتيم إعلامي فيما يتعلق بأخبار سيناء، وأوضح أن السكان لا يمكن أن يتعاطفوا مع الإرهابيين لأنهم يجدون أنفسهم يعانون بين فكي الرحى، ودعا إلى عدم مقاومة "حرب العصابات" بالعنف والحل الأمني فقط، وإنما يجب أن تكون هذه الحرب مصحوبة بالتفاوض السياسي الذي يمكن أن يفضي إلى حل.

من جهته، أوضح الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية أن الأحداث في سيناء لم تكن بهذا الحجم العسكري قبل الانقلاب الذي نفذه المشير عبد الفتاح السيسي، ودعا إلى فتح الأفق السياسي الذي أكد أن الانقلاب أدى إلى انسداده.

وقال هنية إن سيطرة سلطة دكتاتورية على البلاد ساهم في غلق الأفق السياسي، الأمر الذي يمكن أن يوفر البيئة المناسبة لقيام هذه الجماعات "المتطرفة" التي تبدأ صغيرة في الأطراف وتنتقل إلى المركز مثلما حدث في العراق وسوريا واليمن، وقال إن الانقلاب يتعامل بغطرسة مع الشعب المصري.

حسن هنية:
سيطرة سلطة دكتاتورية على مصر ساهم في غلق الأفق السياسي، الأمر الذي يمكن أن يوفر البيئة المناسبة لقيام هذه الجماعات المتطرفة التي تبدأ صغيرة في الأطراف وتنتقل إلى المركز

التسوية السياسية
أما الباحث المتخصص في شؤون سيناء إسماعيل الإسكندراني فأوضح أن حيز المواجهة الجغرافي بين الجيش المصري والجماعات المسلحة نطاق ضيق، ولكن بعض هذه الجماعات جزء من كيان عالمي عابر للحدود له أنصار في دول عديدة.

وكشف الإسكندراني عن وجود ست قرى تحت السيطرة الكاملة لمجموعة بيت المقدس في سيناء، وأن الجيش لا يستطيع دخولها، وأوضح أن هذا الوضع يمكن أن يستمر على هذه الحال لفترة زمنية غير معروفة.

وأكد أن عمليات الجيش غير المسبوقة في سيناء تواجهها مقاومة نوعية تباينت تكتيكاتها بين تفجير المواقع والاختطافات والتفجيرات المتزامنة، إذ يمكن رؤية "التفوق المعنوي الكبير" لتنظيم بيت المقدس في مقابل "الخسارة النفسية" للجيش المصري.

وبحسب الإسكندراني، فإن الدولة تستطيع طرح التسوية السياسية بالتفكير في تطبيق سياسة الاستتابة لأعضاء الجماعات "الإرهابية" والتعهد بعدم رفع السلاح بدون هضم حقوقهم، وتوفير فرص العمل الكريمة لهم، وأوضح أن هذا الإجراء كفيل بتفريغ هذه الجماعات عن أعضائها، ونصح الحكومة بالنظر إلى المجتمع باعتباره حليفا لا عدوا.

فشل الحكومة
من ناحيته، أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن نبيل ميخائيل أن الحركة العسكرية في سيناء تزامنت مع سقوط الرئيس المخلوع حسني مبارك، وأكد أن هؤلاء المسلحين لا يجرؤون على إطلاق رصاصة واحدة على مشروع التوسعة الذي يجري الآن في سيناء لأنهم يفتقرون إلى القوات الجوية والبحرية.

واختلف ميخائيل مع الإسكندراني في رأيه حول ارتفاع الروح المعنوية لتنظيم بين المقدس أو غيره، وأكد أن هذا التنظيم مصنف على أنه "متطرف"، وأشار إلى أن 99% من سكان مصر المسيحيين والمسلمين يخافون من هذه التنظيمات ويسعون للتخلص منها.

أما القيادي في حزب الحرية والعدالة حمزة زوبع فأشار إلى تصريح السيسي في سبتمبر/أيلول 2012 حينما قال إن مصر ستعلن قريبا بلدا خالية من "الإرهاب"، وقال زوبع "إننا الآن على بعد أكثر من عامين من هذا التصريح، ولم تنجح الحكومة الانقلابية في تحقيق شيء رغم استخدامها العديد من السياسات والقيادات"، وأكد أن السلطة ظالمة ويُستبعد أن تتوقع تعاطفا، وتساءل عن عدد المسؤولين الذين تمت محاسبتهم على التقصير حتى الآن.

حمزة زوبع:
توقيت الأحكام يكشف أن النظام الانقلابي يسعى وراء شو إعلامي في كل مرة يشعر فيها بالزنقة

أحكام الإعدام
وفي الجزء الثاني ناقشت الحلقة أحكام الإعدام الصادرة بحق قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وكيف يمكن أن يؤثر تنفيذها على الوضع السياسي والأمني في البلاد.

وقد شمل هذا الحكم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع و13 من قيادات الجماعة، وذلك بعد موافقة مفتي مصر على إعدامهم.

كما صدرت أحكام بالسجن المؤبد على باقي المتهمين وعددهم 37 في القضية المعروفة إعلاميا باسم "غرفة عمليات رابعة". ومن المحكوم عليهم بالإعدام والمؤبد في القضية نحو 15 صحفيا وإعلاميا.

القيادي بحزب الحرية والعدالة رأى أن توقيت الأحكام يكشف أن النظام الانقلابي يسعى لعمل "شو إعلامي" في كل مرة يشعر فيها "بالزنقة"، وأنه يريد أن يكون لديه ورقة ضغط في يده بعد عامين من الانقلاب.

عداوة محكمة
ومن الناحية القانونية قال المتحدث باسم هيئة الدفاع في قضايا جماعة الإخوان المسلمين محمد الدماطي إن الحكم لا يعتد به، وقال إن المتهمين أمامهم مشوار طويل قبل القرار الأخير بتنفيذ أحكام الإعدام، وإن المحاكمة يمكن أن تعاد.

كما استبعد الأستاذ الجامعي ميخائيل أن يتم تنفيذ الحكم بالإعدام، وأشار إلى أن سياسة تخفيف الأحكام على المعارضين متبعة في مصر منذ عهد الملكية.

أما حسن هنية فرأى أن النظام العسكري ارتكز على إعادة بناء حاجز الخوف وبعث الدولة الأمنية والبوليسية، وأرجع لجوء الناس إلى "التطرف" والعنف إلى انسداد الأفق السياسي، ونصح النظام المصري باتباع سياسة "الإدماج السياسي" وإلا "فإنه سيواجه موجة من العنف غير مسبوقة".