حديث الثورة

لماذا تعثرت الحملة العسكرية بمحافظتي الأنبار وصلاح الدين؟

بحثت حلقة برنامج “حديث الثورة” أسباب تعثر العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة في محافظتي صلاح الدين والأنبار وتداعيات ذلك على الوضع في العراق.

لم يعد تنظيم الدولة الإسلامية يتقدم كما كان الأمر منذ شهور مضت، هذا ما صرح به مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية جون برينان، لكن قراءة مفردات الواقع على أرض العراق تحديدا تطرح تساؤلا عما إذا كان عدم التقدم يعني التراجع.

فالحملة العسكرية التي تشنها القوات الحكومية العراقية ضد تنظيم الدولة تتعثر في محافظتي صلاح الدين والأنبار، وتوقفت محاولة اقتحام مدينة تكريت منذ أيام واكتفت القوات العراقية بفرض حصار عليها، ولم يتوقف مسلحو تنظيم الدولة عن شن هجمات ضد المقار الأمنية العراقية، ومنها هجوم على مديرية مكافحة "الإرهاب" في الرمادي.

انتصارات تعبوية
ولتفسير الجمود الذي يراه البعض مؤشرا لفشل العملية قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي موفق الربيعي إن القوات الأمنية العراقية والحشد الشعبي قامت باحتواء هجوم تنظيم الدولة الإسلامية والانقلاب عليه، وإن الانتصارات التي حققتها القوات الأمنية تعد انتصارات ذات طبيعة تعبوية تكتيكية.

وأضاف ان استرجاع تكريت و"تطهيرها" تعد قضية إستراتيجية وتعني بدء العد التنازلي لنهاية تنظيم الدولة في العراق، ولذلك يجب الإعداد لها جيدا، مشيرا إلى أن استرداد المدينة كاملة يحتاج إلى مزيد من التحضير والتعبئة والتجهيزات وبذل الجهود.

ونفى الربيعي وجود جنود إيرانيين يقاتلون على الأراضي العراقية، ومع ذلك أيد ترحيب حكومته بالدعم الإيراني والأميركي معا، ولم ير في ذلك أي تناقض أو تضارب كما يراه البعض، ورأى أن حكومة بغداد ستستخدم دعم كل من الدولتين في الزمان والمكان الذي تحتاجه.

وأمام اسئلة مقدم الحلقة وضيوفها أقر الربيعي وجود مقاتلين إيرانيين على الأراض العراقية، وقال إنه لولا  الوجود العسكري الإيراني لأطيح بالحكومة وأصبحت حكومة منفى من خارج بغداد.

موفق الربيعي:
لولا الوجود العسكري الإيراني لأطيح بالحكومة وأصبحت حكومة منفى من خارج بغداد

إخفاق حقيقي
أما الباحث في الشؤون الإستراتيجية عبد الوهاب القصاب فقال إنه عند انطلاق حملة الحكومة العسكرية، روجت شائعات بأن استرداد تكريت لن يأخذ أكثر من يومين، وأكد أن التعويل على الاستشارات الإيرانية وقوات الحشد الشعبي لم يجد كثيرا، ووصف ذلك بالإخفاق الحقيقي الذي يجب الاعتراف به.

وأكد أن الحملة لم تحقق تقدما يذكر لأن خطوط التماس مع تنظيم الدولة ظلت كما هي، وشدد على قناعته بأن مشكلة العراق لن تحل بالحديد والنار ولكن بالوصول إلى إجماع بين مكونات الشعب.

وأشار القصاب إلى النصائح التي وجهتها أميركا إلى بغداد بعدم التعجل في تنفيذ هذه الحملات وأن تعد قواتها جيدا وأن تحاول كسب جانب الجماهير التي تقطن هذه المحافظات ويبلغ تعدادها حوالي تسعة ملايين شخص.

أزمة ثقة
ومن ناحيته اتفق مطشر السامرائي النائب من محافظة صلاح الدين مع القصاب بأن الحكومة لم تنجح بإخراج البلد من أزمته بإزالة أزمة الثقة بين الفرقاء، وأنها قامت بتسليح مكون على حساب المكونات الأخرى، ودعا السامرائي الحكومة إلى الاستعانة بسكان المناطق لأنهم أدرى بواقعها.
 
ودعا الجميع إلى البحث عن الحلول وتعزيز التجارب الناجحة، لإخراج العراق من محنته، وأكد أن المشكلة الرئيسية التي تواجه البلاد تتمثل بعدم الثقة بين مكونات الشعب.

تكريت ستسقط
من جهته، أكد المسؤول السابق في الخارجية الأميركية نبيل خوري تطابق وجهة نظره مع بعض الضيوف الذين سبقوه، وقال إن المشكلة الحقيقية التي واجهت الحملة على تكريت هي عدم وجود قيادة موحدة تقودها، علما بأن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية بقيادة أميركا بقي خارج الحملة، وأوضح أن تنظيم الدولة أبدى ضعفا ولن يستطيع التقدم أكثر وسوف يتراجع في العراق.

وقال خوري إن أميركا لا ترى بأسا في الدعم الإيراني للعراق، وترى أن كل الجهود ينبغي أن تتوحد لمقاتلة تنظيم الدولة، وأضاف أن تنسيق المواقف بين واشنطن وطهران يتم عبر وسيط عراقي.

ورغم إقراره بأن معركة تكريت تسير ببطء، أبدى قناعته بأنها ستسقط في النهاية بيد الحكومة العراقية، التي قال إنها ستواجه في مرحلة لاحقة تحديا يتمثل في كسب ولاء سكان المنطقة وضمان عدم عودة تنظيم الدولة للسيطرة على المدينة مجددا.

لقاء مكي:
أبناء المناطق لا يطالبون بحقوق استثنائية، بل هي حقوق مشروعة ومعترف بها منذ عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي

فساد وفاسدين
وعقد الباحث السياسي العراقي لقاء مكي في الجزء الثاني من الحلقة مقارنة بين دخول القوات الأميركية للمنطقة بين العامين 2006 و2007، والحملة التي تشنها القوات العراقية الآن على "المثلث السني"، وقال إن الحالتين تمثلان صراعا داخليا، منوها إلى أن دخول القوات الأميركية للمنطقة كان على خلفية تفجير المرقد في سامراء ونشوب صراع طائفي.

وأضاف أن القوات الأميركية قامت بعملية "سيئة السمعة" للتفريق بين الطائفتين، وتأجيج الحرب بينهما لمدة سنتين، ووصف سيطرة تنظيم الدولة على أجزاء مهمة من العراق بالتطور الجديد في الأحداث، كما وصف وجود القوات الإيرانية وقادة بحجم قاسم سليماني بأنه متغير أساسي وجوهري.

وأكد مكي أن أبناء المناطق لا يطالبون بحقوق استثنائية، بل هي حقوق مشروعة ومعترف بها منذ عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

وأوضح أن الخطورة التي تكرست في معركة تكريت تمثلت بأن المليشيات المشاركة -التي شكلت الركن الأساسي في القتال- تم تسليحها بصواريخ وأسلحة لا تمتلكها الدولة، مما سوف يجعلها مؤثرة في التوازنات السياسية في البلد.

وطرح مكي أسئلة حول الميزانيات الضخمة التي رصدت لتسليح وتدريب الجيش والشرطة العراقية، واتهم الحكومة الجديدة بأنها تمثل نفس الفاسدين الذين كانوا يحكمون ويديرون المعركة، وذلك في تعليق على حديث الربيعي بأن الإيرانيين هم من قاموا بحماية بغداد.