
هل اقتربت مصر من التدخل العسكري المباشر في ليبيا؟
في وقت تشهد فيه ليبيا حالة انقسام سياسي وميداني حاد نجم عنه وجود حكومتين ومؤسستين تشريعيتين ورئاستين لأركان الجيش يطعن كل منها في شرعية الآخر، تتزايد الدعوات الإقليمية والدولية لضرورة إيجاد حل سياسي توافقي للأزمة الليبية بعيدا عن التدخلات الخارجية وقوة السلاح.
غير أن وثيقة مسربة كشفت تحرير اتفاقية تعاون عسكري وإستراتيجي بين الحكومة المصرية ووزارة الدفاع في الحكومة الليبية الانتقالية برئاسة عبد الله الثني، وهو الموضوع الذي ناقشه برنامج "حديث الثورة" يوم 13 سبتمبر/أيلول 2014.
صلاح القادري: |
وتنص بنود الاتفاقية على التزام الطرفين بالدفاع العسكري المشترك عن بعضهما بعضا ضد أي تهديد أو اعتداء يتعرض له أي منهما. وهو الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات حول شرعية الاتفاقية ومضمونها وتوقيتها.
حكومة شرعية
وحول أهلية هذه الحكومة وحقها في إبرام اتفاقيات دولية، قال رئيس حزب القمة عبد الله ناكر إن الحكومة شرعية اختارها برلمان منتخب، أما حول الاتفاقية هذه بعينها فإنها حتى اللحظة تسريبات لم يؤكدها أي من الطرفين الليبي والمصري.
وعما يقال عن أن توقيع الاتفاقية يعني استقواء بالخارج، قال ناكر إن هذا بسبب احتلال ليبيا من قبل "إرهابيين" و"مليشيات لا تريد بناء دولة".
أما عضو مجلس النواب الليبي عن بنغازي علي أبو زعكوك فوصف هذه الاتفاقية بأنها مدخل لاستعمار مصري مقنّع للشرق الليبي.
وأضاف أن هذه ليست سابقة في استدعاء التدخل الخارجي، متهما "برلمان طبرق" بتغطية غارات مصرية وإماراتية على طرابلس وقتل أكثر من ثلاثين ليبيا وجرح العشرات، مشيرا إلى أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر أكد هذا الغطاء في تصريح له بأن الطرف الذي طلب تنفيذ الغارات طبق ما أراده البرلمان حرفيا.
توقيت الاتفاقية
وحول توقيع الاتفاقية في وقت يتنادى فيه الجميع للبحث عن مخرج سلمي للأزمة في ليبيا، قال الباحث السياسي في قضايا العالم العربي والإسلامي صلاح القادري إنها اتفاقية سياسية قبل أن تكون عسكرية، معتبرا أن المسرب للاتفاقية هو الطرف المصري بغية تحضير الرأي العام المحلي للتدخل العسكري في ليبيا، لكن هذا سلاح ذو حدين فهو في المقابل سيستثير حساسية المواطن الليبي من التدخل الخارجي، على حد قوله.
ورأى أن ما سماه "نظام السيسي الانقلابي" في مصر هو جزء من المشكلة ويميل إلى الحسم العسكري الذي يعكس طبيعته كنظام جاء إلى المشهد السياسي عن طريق الخيار الأمني.
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة إنه لا مصلحة لمصر في تسريب هذه الاتفاقية، وإنه حتى لو ثبتت صحتها فإن جميع البنود الواردة فيها لا تخرج عما هو متعارف عليه في اتفاقيات التعاون العسكري التقليدية بين الدول، مشددا على أن الاتفاقية لا تتيح التدخل إلا بطلب من الحكومة الليبية.
وهذه الحكومة -في رأي نافعة- هي شرعية "أو على الأقل أكثر شرعية من الحكومة الأخرى"، حتى لو قالت إنها تسيطر على غالبية مساحة البلاد.
ورفض القادري ما جاء على لسان نافعة، وردّ بأن النظام المصري له مصلحة في إبرام وتسريب الاتفاقية لأنه يرفض وجود بلد مجاور تحكمه ثورة بينما مصر محكومة الآن بثورة مضادة، بحسب قوله.
بدوره قال الناشط السياسي بشير السويحلي إن الدول المغاربية والسودان لديها مواقف إيجابية من الحوار الليبي الليبي وتدعمه، بينما "النظام المصري اجتاز كل الخطوط الحمر" وأصبح نصب عينيه التدخل العسكري المباشر، متمنيا ألا يحدث ذلك لأن خسارته ستكون كبيرة في المشهد الليبي، بحسب قوله.