حديث الثورة

دول الربيع العربي.. عثرات وآمال

عوامل متشابكة تعيق عملية التحول في دول الربيع العربي، من بينها مسميات مثل الدولة العميقة والثورة المضادة وقوى الشد العكسي، وقوى ما قبل الدولة.

عرف التحول الديمقراطي في دول الربيع العربي تحديات ومخاطر يراها الباحثون في التاريخ أمرا طبيعيا لدى وقوع الثورات.

ومن هذه التحديات عوامل داخلية تعيق عملية التحول تحمل مسميات عديدة مثل الدولة العميقة والثورة المضادة وقوى الشد العكسي، وقوى ما قبل الدولة. كل هذه الملفات تصدرت حلقة "حديث الثورة" مساء 14/6/2014.

أما العوامل الخارجية فلم يتجاهلها ضيوف الحلقة، ولكنهم أكدوا أن الوعي واليقظة المحلية كفيلان بتحصين بلادهم ضد أي عوامل تعصف بمنجزاتهم.

النموذج التونسي
تونس التي انطلقت منها شرارة الربيع العربي تبدو في اللحظة الراهنة الدولة الوحيدة القادرة على التعامل بمرونة مع المرحلة الانتقالية.

العناني:
الجيش في تونس احترافي ليس لديه أطماع لكن الجيش المصري لم يترك السلطة منذ العام 1952 ولديه مصالح سياسية واقتصادية

ويحيل رئيس رابطة تونس للثقافة والتعدد أحميد النيفر هذا الأمر إلى أن في بلاده نخبا سياسية ومجتمعا مدنيا متفاعلا، لافتا إلى ان "العائلات السياسية الكبيرة" خاصة الحركة الإسلامية لديها حركية داخلية، بما يعني أنها غير منغلقة كما هو الحال في دول أخرى.

وأضاف النيفر أن المؤسسة العسكرية والأمنية في تونس ما زالت تحافظ على قدر من الحياد ضمن النظام الجمهوري، مما حقق النجاح للنموذج التونسي.

مع هذا ثمة مخاطر تتهدد هذا النموذج ليس بينها الدولة العميقة بل "الإرهاب" الذي يتسلل بصورة مؤكدة إلى البلاد، في مقابل تراجع مفهوم الدولة الحديثة التي أرست في تونس نظاما وتوافقا اجتماعيا رغم ما فيها من أخطاء، حسب قوله.

أما الكاتب الصحفي المستقل كامل المرعاش فتحدث عن أسباب التعثر في ليبيا، وقال إن هناك قبيلة عميقة مقابل مصطلح الدولة العميقة، وإن بلاده عاشت بلا أحزاب طيلة 60 عاما وتحت حكم فردي 42 عاما.

وأضاف أن مفهوم المؤسسات لا يعني شيئا في ليبيا حتى مع بروز عدد كبير منها عقب الثورة، واصفا هذه المؤسسات بأنها "دكاكين" لا تؤسس ولا تؤثر في المشهد السياسي.

وبين المرعاش أن الصراع في ليبيا نشأ قبليا مسلحا ضد نظام معمر القذافي، ولكن بعد انتصار الثورة تقوقعت كل قبيلة وأصبحت تطالب بنصيبها في السلطة.

تونس ومصر
من جانبه قارن أستاذ العلوم السياسية في جامعة جونز هوبكنز خليل العناني بين الحالتين المصرية والتونسية، فقال إن مصر لم يكن فيها خطابا إسلاميا متقدما، وإن النخبة السياسية العلمانية لم تكن بالنضج الكافي بحيث لم تقبل الحوار مع القوى الإسلامية.

محمد الظاهري:
من بين مواطن ضعف الثورة اليمنية أنها نشأت في محيط إقليمي غير ثوري يخاف من التغيير، وأن المؤسسات المعارضة لم تكن ثورية بل هي في ثقافتها أقرب إلى الإصلاح السياسي

أما في تونس فرأى العناني أن الجيش احترافي ليس لديه أطماع، بينما لم يترك الجيش المصري السلطة منذ العام 1952 ولديه مصالح سياسية واقتصادية، وأضاف أن العامل الإسرائيلي يعد عنصرا مؤثرا، حيث ليس من مصلحة إسرائيل وجود ديمقراطية إلى جانب ما تقول إنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة.

وبحسب العناني فإن الذي استفاد من الثورات هم الدولة العميقة والقوى المتطرفة، أما الشباب فهم إما محبطون أو مهمشون أو في السجون، ومع هذا خلص إلى أن انتصار الثورة المضادة مؤقت وأن الرأي العام العربي بات مؤثرا.

ثورة غير مكتملة
ومن اليمن وصف أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء محمد الظاهري الثورة هناك بأنها ثورة غير مكتملة سلمية في واقع عنيف، وأنه لا يوجد جيش وطني بل مليشيات حاكمة، إذ انضم جزء من الجيش للثورة والتحق آخر بالنظام الحاكم.

وبالترافق مع هذا يرى الظاهري أن القبيلة أيضا ليست كتلة صامتة، بل كانت موزعة بين من تركت السلاح والتحقت بالثورة السلمية ومن استقطبت لصالح النظام، بين قبيلة ثارت وأخرى "خانعة".

وأكد الظاهري أن غالبية الشعب اليمني لن يقبل عودة النظام الوراثي، لكن من بين مواطن ضعف الثورة اليمنية أنها نشأت في محيط إقليمي غير ثوري يخاف من التغيير، وأن المؤسسات المعارضة لم تكن ثورية، بل هي في ثقافتها أقرب إلى الإصلاح السياسي.