حديث الثورة

قراءة في المشهد السياسي الليبي والمصري

تسلط الحلقة الضوء على المشروع السياسي للجماعات الجهادية بليبيا والجدل الدائر حول فوضى انتشار السلاح خارج سياق الشرعية والسلطة، ومحاولة المتظاهرين إخضاعه بالقوة ووضعه تحت إمرة الجيش أو الشرطة النظاميين.
‪محمد كريشان‬ محمد كريشان
‪محمد كريشان‬ محمد كريشان
‪جمعة السايح‬ جمعة السايح
‪جمعة السايح‬ جمعة السايح
‪أحمد بوشاح‬ أحمد بوشاح
‪أحمد بوشاح‬ أحمد بوشاح
‪أم العز الفارسي‬ أم العز الفارسي
‪أم العز الفارسي‬ أم العز الفارسي
‪أحمد أبو بركة‬ أحمد أبو بركة
‪أحمد أبو بركة‬ أحمد أبو بركة
‪وحيد عبد المجيد‬ وحيد عبد المجيد
‪وحيد عبد المجيد‬ وحيد عبد المجيد

محمد كريشان: مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله أهلا بكم في حلقة جديدة من حديث الثورة، ناقوس الخطر في ليبيا من فوضى السلاح وخاصة الموجود في أيدي الجماعات الجهادية دقته بنغازي ولكن بكلفة بشرية كبيرة، فقد قتل أربعة عشر شخصا وأصيب سبعة وخمسون آخرون في يوم حاول فيه المتظاهرون اقتحام مقر كتيبة راف الله السحاتي المنضوية تحت وزارة الدفاع الليبية، المتظاهرون الذين خرجوا ضيقا كما قالوا بالمظاهر المسلحة في المدينة اقتحموا قبل ذلك ثلاثة مقار تابعة لكتيبة أنصار الشريعة التي تصنف أنها جماعة جهادية تعمل بمعزل عن التنسيق مع السلطات الحكومية. 

[تقرير مسجل] 

بيبه ولد امهادي: قتلى وجرحى وهرج ومرج وساحات معارك في كبرى مدن شرق ليبيا بنغازي، ماذا جرى؟ وكيف؟ ولماذا؟ بعض من أسئلة كثيرة يطرحها الوضع في بلد بات فيه السلاح الذي أطاح بنظام العقيد معمر القذافي يهدد بالإطاحة بالسلم الأهلي وزرع بذور صراعات مسلحة عميقة الجذور، أنصار الشريعة واحدة من الجماعات المسلحة التي يثير وجودها خارج نطاق سيطرة الحكومة حفيظة كثيرين بينهم مئات اتجهوا إلى مقر هذه الجماعة في بنغازي يريدون إخضاعه بالقوة ووضعه تحت إمرة الجيش أو الشرطة  النظاميين، امتد الهجوم إلى مقار تنظيمات تصفها الحكومة الليبية بشرعية ككتيبة راف الله ساحاتي  وشهداء بوسليم، وأبعد من ذلك يمتد الجدل إلى السؤال: لماذا بقيت بعض الجماعات أو المليشيا خارج سلطة الدولة وسيادتها كأنها دولة داخل الدولة؟ في المقابل لا يخفى أن السلطات في عهد المجلس الوطني الانتقالي وحكومتيه المؤقتتين كانت تتأرجح بين محاولة فرض سيطرتها وبين غض الطرف عن بعض الكتائب والجماعات المسلحة مخافة الوقوع في فراغ أمني قد تستغله خلايا نائمة محتملة ولاؤها للنظام السابق، كانت لحمل السلاح دواعيه وظروفه لكن انتشاره على نطاق واسع يشكل اليوم تحديا جسيما للحكومة والمجتمع الليبيين، حتى جماعة أنصار الشريعة لا ترى نفسها  غريبة في هذا المشهد ويقول أنصارها أنهم قاتلوا كغيرهم من الليبيين للتخلص من نظام العقيد القذافي إلا أن المئات ممن اقتحموا مبانيها يرون أن الشرعية الثورية شيء واستمراره حيازة سلاح يفوق تسلح قوات الجيش والشرطة أحيانا شيء آخر، قبل ساعات من ذلك مواجهات من نوع آخر عشرات الآلاف سيروا مظاهرة ضخمة فيما سموه يوم إنقاذ بنغازي تبرئوا خلالها  من العنف الذي أودى في الحادي عشر من سبتمبر الجاري بحياة السفير الأميركي كريس ستيفن وثلاثة من أعوانه، أما أنصار الشريعة فوجهوا نشاطهم للاحتجاج على الإساءة للإسلام ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، تنفي الحركة ضلوعها في مقتل السفير الأميركي لكنها أنصارا لها تساءلوا؛ هل تحرك الآخرون لإنقاذ بنغازي أم لإنقاذ أميركا؟ جدال وحروب كلامية سرعان ما تحولت إلى اقتتال عنيف كشف مدى هشاشة الوضع. 

[نهاية التقرير] 

محمد كريشان: ولمناقشة هذا الموضوع معنا من العاصمة الليبية طرابلس جمعة السايح عضو لجنة الدفاع في المؤتمر الوطني، من العاصمة الليبية أيضا أحمد بوشاح الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية في ليبيا وينضم إلينا من بنغازي أم العز الفارسي أستاذة العلوم السياسية في جماعة بنغازي، أهلا بضيوفنا الثلاثة، لو بدأنا بالسيدة أم العز الفارسي برأيك سيدتي؛ لماذا وصلت الأمور إلى هذا الحد فيما يتعلق  بمعالجة السلاح خارج سياق الشرعية والسلطة؟ 

جدل حول مصير سلاح المجموعات الجهادية الليبية 

أم العز الفارسي: طبعا من المعروف عن الليبيين أنه بداية أحداث ثورة فبراير وهناك قصدية كاملة من نظام القذافي أن يكون السلاح في متناول الجميع، كثير من الليبيين ومن الناشطين السياسيين والحقوقيين حذروا بشكل كبير من وجود هذا السلاح المنفلت، انتهت حربنا مع القذافي وبدأ السلاح يظهر في أشكال أخرى، بدأ هناك تصفيات ممنهجة، بدأ هناك عمليات ممنهجة، خاصة في مدينة بنغازي، مدينة الثورة الأولى، وبالتالي استشعر الناس الخطر ومن البداية يعني من بداية التحرير وهم ينادون بتصحيح مسار الثورة وبضرورة أن تعود الدولة إلى دولة القانون ودولة المؤسسات وسحب السلاح تحت مظلة شرعية تحت مظلة الجيش والشرطة المقننة وفقا لشروط القانون المحلي الليبي وبالتالي حماية المنافذ البرية والبحرية والجوية ومحاولة إعادة الأمن إلى المواطنين تحت مظلة جيش شرعي وشرطة شرعية هو ما ينادي به الليبيين الآن. 

محمد كريشان: في هذه الحالة سيد جمعة السايح لماذا رغم كل هذه التحذيرات المتعددة مثلما قالت السيدة أم العز الفارسي لم تتحرك السلطات لمعالجة هذا الموضوع بشكل جذري؟ 

جمعة السايح: أولا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

محمد كريشان: وعليكم السلام. 

جمعة السايح: أحيي الأخوة المشاهدين وأترحم على شهدائنا من كلا الأطراف ثم فيما يتعلق في بسؤالك أنا في اعتقادي أن هذه المسألة كان فيه خلل من البداية، عندما قام المجلس الانتقالي في بداية تكوينه في بنغازي لم ينتبه إلى الأشياء الضرورية التي تحتاج  لها الدولة، الدولة في جميع أنحاء العالم لابد من أذرع لحماية قانونها ولحماية قراراتها، هذه الأذرع تتمثل في الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية، لقد غفل المجلس الانتقالي على تكوين هذه الأذرع ومن ثم بدأت تتكون جماعات أخرى خارجة عن القانون رغم أنها ساهمت في تحرير ليبيا ولكن عندما انتهى القتال وتحررت ليبيا لم يتسنَ لهم أو لم ينتقلوا من الثورة إلى الدولة، نحن الآن علينا وعلى كل الأطراف التي ساهمت في تحرير ليبيا مشكورة أن تقتنع بأن الثورة قد انتهت، والآن علينا أن نبدأ في بناء الدولة، دولة للأسف الحكومة السابقة لم تنتبه ولم تكوّن ولم تفّعل.. 

محمد كريشان: عفوا سيد سائح لم تنتبه أو أغفلت مثلما ذكرت أو أنها لم تكن قادرة بالأحرى؟ 

جمعة السايح: في الحقيقة لم تعمل كل ما لديها من قوى سياسية، ويعني بكل الطرق أن تجتمع مع الأطراف وأن تناقشهم وأن تتبادل وجهات النظر وأن تجد طريقة مثلى للتعامل مع هذه المجاميع، وكل هذه المجاميع هي مجاميع وطنية ولكن قد يختلفوا في وجهات النظر، فواحدة من مسؤولية الحكومة كان لزاما عليها أن تتحدث معهم وأن توحد وجهة نظر واحدة لكي إما ينضموا إلى الجيش الوطني وإما أن يتركوا السلاح ويرجعوا إلى مواقعهم. 

محمد كريشان: يعني عفوا هذه المجاميع ربما أغلب المراقبين يشيرون إلى طابعها السلفي الجهادي، وهنا أسأل سيد أحمد بوشاح عما إذا كان فعلا أنه أغلب هذه المجموعات المنفلت إن صح التعبير خارج سياق الشرعية والقانون والمسلحة هي بالأساس تنظيمات سلفية جهادية؟ 

أحمد بوشاح: بسم الله الرحمن الرحيم؛ دعني بداية أترحم على كل من سقط في الأحداث المؤسفة ليلة أمس في بنغازي ونسأل الله العلي القدير أن يمُن على ليبيا بالأمن والأمان، أستاذ محمد ويعني هذه الجماعات أعتقد أننا نحن واقعون في خطر كبير ابتدءا يعني خاصة في تشخيص الحالة التي وصلتها الحالة الأمنية في ليبيا يعني هناك تشخيص خاطئ يؤدي بالتالي إلى معالجات خاطئة، ما حدث من انفلات أمني هو واقع لنعتبره مثلا هو العرض لكن العلاج ذهبنا إلى شيء آخر وحاولنا أن نعالج به هذا المرض الموجود وهو الانفلات الأمني، أنا أقول أن كل هذه الكتائب المسلحة منضوية تقريبا تحت الدولة اللهم كتيبة أنصار الشريعة وأعتقد أنه سأضرب لك مثالا بسيطا أننا  إحنا قمنا بالتشخيص الخطأ في الفترة الأخيرة، في بنغازي أصبحت هناك اغتيالات ممنهجة لمن؟ لضباط الجيش الكبار الذين ساهموا في التحرير، ساهموا في تحرير ليبيا من نظام القذافي أصبحت استهدافهم ممنهج، ليس من أنصار، هذا العمل لن يكون من أنصار الشريعة بالتأكيد، أنصار الشريعة ليس من أهدافهم من وقف معهم ضد القذافي، وبالتالي أعتقد نحن واقعون في تشخيص خاطئ أدى إلى معالجات خاطئة، واقعون في تسرع في معالجة الأمور بشكل يلام عليه بشكل كبير الحكومة السابقة والمكتب التنفيذي والمجلس الانتقالي وحكومة السيد الكيب التي جاءت بعدها لم يكن هناك حوار حقيقي، أستاذ محمد اليوم كتيبة، كتيبة بوسليم في مدينة درنا أعلنت أنها على استعداد أن تسلم كل مقارها إذن لم تقد الحكومة حقيقة حوارا طويلا وعميقا مع هذه الجماعات حتى تتفهمها.  

محمد كريشان: ولكن اسمح لي يعني سيد وشاح أين الحوار تتحدث عن تشخيص خطأ يفترض أن لا حوار، يفترض أن هناك مجموعات مسلحة ولها مقار وهذا أيضا غريب، وتقوم بتسويات سميتها، سمتها السيدة أم العز تصفيات ممنهجة وأنت سميتها اغتيالات ممنهجة في هذه الحالة، الحالة مشخصة بشكل واضح أنه هناك مجموعات مسلحة لا تقبل بالشرعية وليست مستعدة للتعاطي مع الشرعية كيف يمكن أن يقام حوار معها؟ 

أحمد بوشاح: أستاذ محمد لا يوجد أحد من هؤلاء يقول أن لا نقبل بالشرعية الذي حدث لم يحدث الحقيقة حوار جاد مع هذه الجماعات حتى يفهم باقي الليبيين؛ كيف تفكر هذه الجماعات؟ طبعا هذه الجماعات في جانب تلام، تلام أنها لم تتواصل مع الناس حتى تفهمهم ما هو مراده أنا دعني أقول لك أمر مهم أنصار الشريعة ليسوا معزولين عن المجتمع مثلا من قام بحماية مستشفى الجلاء في  بنغازي بعدما اشتكى الأطباء من عدم قدرتهم على العمل في ظل هذا الانفلات الأمني، من حماهم طيلة الفترة الماضية غير أنصار الشريعة! أعتقد أنه يغيب علينا الحوار المعمق أستاذ محمد حتى نفهم بعضنا البعض، أما مسألة تشخيص هذه الاغتيالات بأن نرميها جزافا على هذه الكتيبة أو تلك أعتقد بأننا ما زلنا نكرر نفس الخطأ، هذا انفلات أمني الكل لديه السلاح، هناك بعض الأطراف لديها مصلحة في أن يستمر هذا الانفلات وبشكل مضطرد، مثلما قتلت ليس من مصلحة أنصار الشريعة ولا من منهجهم الحقيقة استهداف قادة الجيش الشرفاء الذين شاركوا بالثورة، أنا أبعد هذه التهمة عنهم لأني أعرفهم فكريا وأعرف منطلقاتهم الفكرية، إذن من الذي اغتال؟ الذي حصل أمس يا أستاذ محمد أنه تم تحميل أنصار الشريعة كل أعمال الاغتيال وكل الشيطنة التي حصلت يريدون تحميلها لأنصار الشريعة، أنا أقول هذا فيه استعجال وفيه ظلم وفيه تحريض ممنهج قامت به بعض وسائل الإعلام، قامت به بعض الشخصيات لمدة تزيد عن عشرة أيام في داخل ليبيا وفي خارج ليبيا بعضهم يملك قنوات خارج ليبيا وبعضهم شخصيات معروفة داخل ليبيا قامت بهذا التحريض وهذا  الشحن، خرجت المظاهرة في عشية أمس، هذه المظاهرة الحقيقة مطالبها كانت مشروعة وتنم عن وعي وعن حراك معروفة في مدينة بنغازي، لكن ما حدث  بعد الساعة التاسعة في الليل هذا أمر آخر تماما يا أستاذ محمد. 

محمد كريشان: ولكن حتى خروج، حتى خروج هؤلاء وهنا أسأل السيدة أم العز الفارسي حتى خروج هؤلاء تعبير عن أن الكيل قد طفح وأن هؤلاء لم يعودوا يصدقون السلطات على أنها قادرة على معالجة هذا الانفلات الأمني، إلى أي مدى هذا في حد ذاته خروج الناس في هذه المظاهرات في حد ذاته قبل حتى أن نصل إلى ما وصلنا إليه من نتيجة مأساوية  في حد ذاته تعبير عن مأزق حقيقي؟ 

أم العز الفارسي: سيدي هناك أمران أساسيان يجب أن ننتبه إليهما جيدا في دراسة الحالة الليبية؛ المسألة الأولى أن الشارع يحتقن نتيجة ما يسمعه وما يراه من أنصار الشريعة ومن الكتائب المنتشرة في كل أنحاء مدن ليبيا، وهي كتائب تمتلك أسلحة وتمتلك معدات تفوق معدات وأسلحة القوات المسلحة الليبية العادية، وبالتالي نحن نسمع عن شعارات غريبة يعني على سبيل المثال ثمة شعار يقول بأن نحن لا نؤمن بقانون مدني أو دولة مدنية ولكننا نؤمن بدولة دينية أو بقانون الدولة الدينية، وكأن الليبيين لا دين لهم يعني الناس منزعجين كثيرا من مسألة زج الدين في كل شيء يعني وكأن الليبيين لم يكونوا مسلمين يوما، ولم يكن لهم دين يوما ولم يكونوا يستمدون من الشريعة الإسلامية كل معاملاتهم وكل إجراءاتهم وكل شؤون حياتهم  هذه المسألة الأولى، المسألة الثانية تتعلق بعدم اهتمام المؤسسات الرسمية المنتخبة ومنها المؤتمر الوطني ومنها رئيس مجلس الوزراء الجديد عدم اهتمامهم بتفعيل العمل المؤسسي بمعنى إطلاق هيئة إعداد الدستور، البدء في إقامة حوار وطني حول هذا الموضوع، تكوين الحكومة الانتقالية الثانية، إطلاق حوار وطني حول حكومة إنقاذ في حقيقة الأمر، ما نريده الآن هو حكومة وطنية توافقية تعمل ليست ببرامج برلمانية ولكن تعمل على إثارة قضايا محددة تشغل الشارع الليبي، قضية الأمن أولوية، قضية الجيش أولوية، قضية الحدود المفتوحة أولوية، قضية تهريب السلاح من وإلى ليبيا أولوية، قضية المصالحة الوطنية وانتشار تنازعات الآن وحساسيات منها ما هو قبلي ومنها ما هو مناطقي أصبح أولوية، قطع مرتبات على كثير من الفئات أصبح أولوية، هناك كثير من الاختناقات الآن لا تعمل الحكومة الجديدة عليها، إلى جانب التباطؤ صراحة يعني على سبيل المثال الآن المؤتمر الوطني  أكثر من ربع أعضاءه الآن خارج ليبيا ماشيين، اللي ماشي لاجتماعات الجمعية العامة واللي ماشي لاجتماعات برلمانية في الولايات المتحدة الأميركية وكأن ليبيا لا تعيش مأزق حقيقي، ونحن على أبواب عام دراسي جديد، ونحن على أبواب شتاء، وهناك مدن مدمرة تحتاج إلى إعادة اعمار وهناك مدارس مدمرة تحتاج إلى إعادة أعمار، هناك كثير من المشاكل التي يرى المواطن الليبي أنها لم تحل بعد، هذا إلى جانب إحساسهم بأن الأمن يكاد يكون منعدما، وهناك اختطافات كثيرة وهناك اغتيالات كثيرة وهناك تفخيخ كثير وهناك تهديد طال كل الناس يعني الناشطين السياسيين يطالهم التهديد، العسكريين يطالهم التهديد، لم نعد نعرف إلى أين نحن ماضون في حقيقة الأمر! وكأن ليبيا لا يوجد أزمة سياسية حقيقية وبعدين مسألة الحوار السيد قبل قليل يتكلم موضوع الحوار مع يعني هم خرجوا بآلياتهم وبسلاحهم يرفعون شعار أنصار الشريعة وأعلام أنصار الشريعة في وسط مدينة بنغازي لم يكن هناك إمكانية للحوار معهم كان هناك إمكانية للتدافع معهم، فحقيقة الأمر أن أنصار الشريعة بالذات لم يكونوا بمعنى لم يكون العمل العنيف موجه لليبيين من قبلهم صراحة حتى الآن، لكن أمس كتيبة السحاتي على طول ردت بالسلاح الحي يعني مسألة غريبة جدا يعني أنا كنت من منظمي تظاهرة أمس. 

المشروع السياسي للجماعات الجهادية بليبيا  

محمد كريشان: أشرت سيدة أم العز إلى نقطة مهمة جدا وهو موضوع المشروع السياسي لهذه المجموعات أنتِ قلتِ أنهم لا يؤمنون بالدولة المدنية ولديهم فهم معين للإسلام بطريقة فرض الشريعة وفق منظورهم الخاص، هنا نسأل السيد جمعة السايح هل الخوف الآن أن هذه المجموعات ليس فقط مجموعات ليست مستعدة للانضمام إلى المؤسسات الرسمية بل إنما أيضا ربما تريد أن تبقى كذلك لأن لديها تصور خاص للدولة وللحكم غير التصور الذي يسير فيه المجتمع الليبي أو المؤتمر الوطني أو المؤسسات السياسية المدنية هل هذا الخوف قائم؟ 

جمعة السايح: أولا الحقيقة الليبيين اجتمعوا جميعا بعد أن رشَحوا أو رِشحوا أو صوتوا للمؤتمر الوطني وتكون المؤتمر الوطني وأوكلوا له كيفية اختيار المجموعة أو الستين التي ستقوم بتأسيس دستور ينظم العلاقة بين الليبيين ثم إلى تسيير البلاد، في هذه الحالة لا يقبل لأي طرف من الأطراف أن يفرض، يفرض وجهة نظره أو يفرض قناعته الشخصية أو الأجندة اللي باله، الليبيين كلهم متفقين على أساس إن شاء الله في خلال هذه المدة اللي  من عشرة إلى خمس عشر شهر ستتكون فيه شكل الدولة ونظامها وإن شاء الله سيتم اختيار الدستور اللي يتفق عليه  الليبيين جميعا. 

محمد كريشان: ولكن سأنتظر قليلا حتى تضع السماعة، حتى تستمع إلى سؤالي، ولكن في هذه الحالة سيد جمعة؛ سيدة أم العز الفارسي تقول أن المؤتمر الوطني لم يقم بما يلزم لتفعيل العمل المؤسسي بمعنى أن هناك تقصير في محاولة بناء مؤسسات دولة جديدة لأنه في الحقيقة أيام معمر القذافي لم تكن هناك دولة لا بالمعنى المؤسساتي ولا بالمعنى الحديث للكلمة، الآن ما المطروح الآن على المؤتمر الوطني لمعالجة هذا الموضوع لأن إذا كانت هذه المجموعات ستبقى بسلاحها وباغتيالاتها وبمشاريعها السياسية المتطرفة كما يصفها البعض لن تقوم للدولة القائمة بالمعنى الحديث العصري؟ 

جمعة السايح: الله سبحان وتعالى خلق الكون في ستة أيام رغم أنه قادر على أن يقول للشيء كن فيكون، فنحن لينا شهر واحد كمؤتمر وطني ونحن الآن نسعى بكل جهدنا على أساس أن نبدأ في تكوين مؤسسات الدولة والحمد الله وصلنا لاختيار رئيس الوزراء وبعد إن شاء الله أسبوع ستتشكل حكومة وسنبدأ تدريجيا في تنظيم البلاد، وأما فيما يتعلق في المجاميع هذه المارقة في اعتقادنا مثلا الذين قرروا نبش القبور وأولئك الذين يتحصنون في بعض الأماكن للقيام بالسجن خارج القانون والتعذيب خارج القانون والقتل خارج القانون فإحنا اتفقنا إن شاء الله جميعا على أن نضع حد لهؤلاء المارقين، إما أن يأتوا إلى القانون ونتفق معهم جميعا على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته إذا كانوا هم براء من هذه الأعمال فيكونوا معنا وإن كانوا مخالفين فعلينا أن نقدمهم إلى العدالة. 

محمد كريشان: نعم سيد أحمد بوشاح، اسمح لي فقط سيد أحمد بوشاح من الطرف الذي يمكن أن يقنع هؤلاء بأن فوضى السلاح يجب أن تنتهي وانه حتى لو كان لديهم تصورات لدولة معينة بمفهوم معين للشريعة فليقوموا بذلك من باب طرح الأفكار في المجتمع وليس من باب محاولة فرض ذلك بقوة السلاح، من هذا الطرف؟ 

أحمد بوشاح: أنا أقول أستاذ محمد أولا دعني أعلق على الأخت الدكتورة الفارسي من بنغازي إنها إلى هذه اللحظة تبني في أحكامها على سماع هي قالت سمعت أنهم يريدون القيام بدولة دينية خرجوا بالسلاح من يستطيع أن يتحاور معهم، أنا أعتقد أننا في حاجة الحقيقة إلى أن نلتفت إلى بعضنا البعض وأن نقترب من بعضنا  البعض ولا يكون مصادرنا قيل وقال لأن النتيجة كما رأيناها كانت مأساوية ليلة البارحة، أنا أقول.. 

محمد كريشان: ولكن سيد بوشاح اسمح لي سيد بوشاح، قد تصبح مأساوية أكثر إذا وقع غض النظر عن نشاط هؤلاء ووقع التسامح معهم أكثر من اللازم في حين أن في أي دولة تحترم نفسها لا يمكن أن يكون هناك سلاح خارج الإطار الرسمي ولا يمكن أن يفرض أيًّ كان أرائه في المجتمع في القوة وبالسلاح. 

أحمد بوشاح: أستاذ محمد أنا مع قيام الدولة المدنية وأنا أحيي الحراك الذي حدث أمس حتى أنزع الفتيل يعني أنا دعني أقولك شيء البون ليس شاسعا بين ما تطلبه هذه الجماعات وبين المجتمع الليبي الدكتورة الفارسي من بنغازي قالت كلنا مسلمين، وهذا كلام صحيح هؤلاء الشباب لا يعالجون مجتمعا خارجا عن الإسلام هم قريبون جدا من هذا المجتمع بأفكارهم وقريبون جدا بأطروحاتهم فقط أنا أعتقد ولا زلت أكرر لم يستمع إليهم مسؤول حدثت معهم بعض اللقاءات من بعض الشخصيات حدثت معهم بعض اللقاءات من بعض المؤسسات، لكن لم تنزل إليهم الحكومة من عليائها ولا المجلس الوطني ولا حكومة السيد الكيب ولا المؤتمر الوطني حتى يستمع إليهم بهدوء ماذا يريد هؤلاء الشباب؟ هؤلاء الشباب وحسب معرفتي فيهم يريدون تحكيم الشريعة، هذا الأمر أعتقد أنه محسوم في ليبيا لا أحد يستطيع أن يقول لا نريد تحكيم الشريعة، تحكيم الشريعة لا يعني الدولة الدينية تحكيم الشريعة هو مرجعية، دولة مدنية بمرجعية إسلامية وهي تحكيم الشريعة، والشريعة كما نعرف هي رحمة كلها وهي عدل كلها، أنا أقول أننا نريد أن نستمع إلى هؤلاء الشباب، هؤلاء الشباب يجب أن لا ننظر إلى هؤلاء الشباب بأنهم جسم غريب عن المجتمع وخطير عن المجتمع، المتتبع لتاريخ هؤلاء الشباب المطالبين بالشريعة أيام إبان نظام القذافي، يقول التاريخ بكل بساطة عن هؤلاء الشباب عندهم استعداد كبير للتضحية، عندهم شجاعة منقطعة النظير، هؤلاء الشباب لم يكونوا محتاجين لهذا المقر لو أردوا أن يقوموا بأي أعمال يرادوا أن يقوموا بها، وأتمنى منهم أن يعلنوا عن برنامجهم السياسي، أن يعلنوا عن تصورهم للدولة، كيف تكون؟ وكيف تكون مشاركتهم فيها؟ هؤلاء الشباب بقوا 16 عاما في جبال ووديان، الجبل الأخضر، أيام الطاغية القذافي وهم يكافحونه وهم خارجين عليه، هؤلاء الشباب يجب احتواءهم نحن نريد أن نتعايش معا كليبيين في إطار الدولة المدنية التي هي مرجعيتها إسلامية، هؤلاء الشباب ليسوا غرباء عن المجتمع وينبغي التحاور معهم وبسرعة، من يقود هذا الحوار الآن لا مجال إلا أن تقوده الحكومة بكل تفاصيلها التشريعية والتنفيذية وبكل أريحية وأرجوكم دعونا من الأحكام المسبقة، دعونا من أحكام أن هؤلاء الشباب لا يريدون يعطلون قيام الدولة، هؤلاء الشباب يعرقلون الدولة المدنية، هذه كلها في وجهة نظري أحكام مسبقة، إذا قال هؤلاء الشباب على رؤوس الأشهاد، هناك لكل حادث حديث.. 

محمد كريشان: شكرا لك. 

أحمد بوشاح: يعني لعند يوم أمس أستاذ محمد، لعند يوم أمس خرجوا هؤلاء الشباب يقولون نحن مع بناء الدولة، لماذا لا نصدقهم! لماذا نبحث عن البواطن! الانفلات الأمني يا أستاذ محمد ليسوا مسؤولين عنه هؤلاء الشباب أنا أقول لك هؤلاء الشباب يريدون من يستمع إليهم، هؤلاء هم من أمن بنغازي يوم الانتخابات، هؤلاء الشباب من هم موجودين الآن في الكفرة ويؤمنون الكفرة ومنهم أرتال ذهبت أمس إلى مدينة سبها لمعالجة مشاكل الجنوب.. 

محمد كريشان: على كل يعني رغم أهمية ما قد يقومون به إلا أنه في النهاية لا بد من أن تكون هناك مرجعية واحدة وسلاح واحد في أي دولة عصرية تريد أن تكون جديرة بهذا الاسم، شكرا جزيلا لك السيد أحمد بوشاح الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية في ليبيا، شكرا أيضا لضيفتنا الدكتورة أم العز الفارسي أستاذة العلوم السياسية في جامعة بنغازي، وشكرا أيضا لضيفنا من العاصمة الليبية طرابلس جمعة السايح عضو لجنة الدفاع في المؤتمر الوطني، فاصل قصير ثم نتنقل إلى مصر وهناك إشكالات أخرى تتعلق بالمشهد السياسي الجديد كيف يتشكل ضمن تكتلات وتجمعات سياسية جديدة خاصة في ضوء قرار المحكمة الإدارية العليا الخاص بموضوع حل مجلس الشعب، لنا عودة بعد هذا الفاصل. 

[فاصل إعلاني] 

محمد كريشان: أهلا بكم من جديد في حديث الثورة، الآن ننتقل إلى جارة ليبيا الشرقية إلى مصر، فهناك موجة من التحالفات انتظمت في الساحة السياسية المصرية في الأيام الماضية في سياق إعادة ترتيب تباينت دوافعها حسب القوى المنخرطة في تشكيل تلك التحالفات، لكن الحقيقة التي لا يمكن إغفالها في هذا الشأن هي استشراف قيام انتخابات مجلس الشعب التي ينتظر حسم مصيره في المحكمة الإدارية العليا منتصف الشهر المقبل، رغم صدور حكم بشأنه من ذات المحكمة ولكن في سياق قضية أخرى غير تلك التي أحالتها إليها المحكمة الدستورية. 

[تقرير مسجل] 

أمير صديق: في انتظار الخامس عشر من أكتوبر المقبل الموعد الذي حددته المحكمة الإدارية العليا في مصر للبت في القضية التي أحالتها إليها المحكمة الدستورية والخاصة بحل مجلس الشعب، قضت المحكمة الإدارية بتأييد حل المجلس ولكن في سياق بتها في قضية رفعتها محامية طالبت بتأييد حكم الدستورية القاضي بحل مجلس الشعب، ليس من الواضح حتى الآن القيمة القانونية لحكم الإدارية الأخير ولكن في انتظار حسم الجدل القانوني حول هذا الملف ينفتح موسم عمل طويل للقوى الطامحة في خوض السباق إلى مقاعد  البرلمان، سباق تشكلت بين يديه عدة تحالفات في مقابل التيار الإسلامي الممثل في أحزاب الحرية والعدالة والوسط والنور السلفي، التيار الشعبي هو آخر تلك التحالفات وقد دشنه من أمام قصر عابدين المرشح السابق للرئاسة حمدين صباحي، إلى جانب حزب الكرامة ضم التيار الشعبي مجموعة من شباب الثورة والسياسيين والشخصيات العامة، التيار الذي يقول مؤسسوه أنه لم يقم على أيديولوجية وإنما على مشروع للوطن الكامل حدد لنفسه أهدافا من بينها الضغط من أجل وضع دستور مدني ديمقراطي والمنافسة على الأغلبية في البرلمان القادم. الوفد الليبرالي استبق التيار الشعبي وشكل تحالف الأمة المصرية الذي يضم إلى جانبه عشرين حزبا جمعها كما تقول هم توحيد جهود القوى الوطنية في مصر، بيد أن تحالف الأمة المصرية لم يكن الأول في مواجهة التحالفات الأخيرة وإنما سبقه حزب المؤتمر المكون من أحزاب ليبرالية أخرى بزعامة المرشح الرئاسي السابق عمرو موسى الذي أكد أن الغاية من التحالف هي الالتزام بالديمقراطية القائمة على عدم التمييز بين كافة المواطنين، نجحت القوى المندرجة في هذه التحالفات إذن في التوافق على حدود دنيا للتلاقي في هذه المرحلة لكن التساؤل يظل قائما حول ما إذا كان هذا التوافق سيصمد حتى قيام الانتخابات المقبلة من ناحية وحول إذا ما كانت ستستطيع الوقوف أمام التيار الإسلامي الذي تفوق حتى الآن في كل الانتخابات التي أجريت بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير.  

[نهاية التقرير] 

القيمة القانونية لقرار المحكمة الإدارية العليا في مصر 

محمد كريشان: معنا في هذه الحلقة أحمد أبو بركة المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة، ومعنا أيضا من العاصمة المصرية الدكتور وحيد عبد المجيد الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أهلا بضيفينا سيد أبو بركة لو بدأنا بفهم القيمة القانونية لقرار المحكمة الإدارية العليا هل يعتبر بات في هذا الشأن؟ 

أحمد أبو بركة: دعني أشكرك على هذه الاستضافة وأحيي مشاهديك الكرام، سؤال وجيه خاصة وأن الدعوة الأساسية المحالة من المحكمة الدستورية العليا أجلت للخامس عشر من أكتوبر القادم، مبنى الدفاع في هذه الدعوى أن القضاء الدستوري لا سلطة فوق السلطات، كما ليس جهة طعن على قضاء المحاكم الإدارية أو العادية، احترام مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ حرية الأحكام القضائية يقتضي رغم صدور الحكم الدستورية اختصاص سلطة مستقلة بإجراء الحل، البطلان في القانون المصري له نظرية، هذه النظرية خلاصتها أن العمل حتى وإن كان  وفق قواعد القانون باطلا يبقى منتج للآثار القانونية حتى تزيله السلطة المختصة به سواء فسخ العقود، القرارات الإدارية، السلطات ذاتها كسلطة تشريع، ولذلك عقد الدستور المصري قبل إلغائه قبل تعطيله هذا الأمر بيد رئيس الجمهورية، الإرادة الشعبية في استفتاء على تعديلات 19 مارس سلبت السلطة التنفيذية، سلبت رئيس الدولة، سلبت المجلس العسكري، سلطة حل البرلمان وبالتالي لا توجد سلطة تملك حل البرلمان بإرادة الشعب ذاته وبالتالي الأمر منتظر في القرار القادم في 15/ أكتوبر قد تنتهي إلى رأي مخالف صدر من إحدى دوائرها اليوم وبالتالي يذهب الأمر كله لدائرة توحيد المبادئ ترسي مبدأ أساسيا يرسم الحدود بين الاختصاص في المحكمة الدستورية العليا وبين اختصاص قاضي الموضوع، احترام مبدأ الفصل بين السلطات، احترام حجية الأحكام القضائية. 

محمد كريشان: ولكن مع ذلك دكتور وحيد عبد المجيد، أليس من الصعب جدا على المحكمة الإدارية العليا أن تأتي في الخامس عشر من الشهر المقبل وتأتي بحكم غير الذي أصدرته اليوم يصبح تناقض مفضوح في العملية القضائية والأحكام؟ 

وحيد عبد المجيد: يعني الاحتمال الأرجح أنه الحكم الذي سيصدر يوم الخامس عشر من الشهر القادم إذا صدر بهذا الموعد سيكون في الاتجاه نفسه الذي صدر فيه الحكم اليوم، لكن هناك احتمال قليل أن يصدر حكم مختلف وهذه ليست المرة الأولى التي تصدر فيها أحكام مختلفة من محكمة القضاء الإداري أو من المحكمة الإدارية العليا، لكن حدث هذا على فترات متباعدة وليس خلال فترة قصيرة للغاية وبشأن القضية نفسها لكن في الأرجح أن الحكم سيأتي في الاتجاه نفسه الذي قضت به الدائرة التي نظرت قضية أخرى في ذات الموضوع اليوم وبالتالي سيكون ضروريا إجراء انتخابات برلمانية بعد وضع الدستور الجديد والاستفتاء عليه. 

حمى الاصطفاف الحزبي في مصر 

محمد كريشان: نعم، إذن نحن على الأرجح ذاهبون إلى انتخابات برلمانية جديدة، الآن السلطات التشريعية هي بيد الرئيس محمد مرسي ولكن قال بأنه لا يمارسها احتراما للسلطات حتى تتضح الصورة، إذا كنا ذاهبين إلى انتخابات برلمانية سيد أحمد أبو بركة، هذه التنظيمات والتحالفات التي برزت في الفترة الأخيرة كيف ينظر إليها من حزب الحرية والعدالة؟ 

أحمد أبو بركة: حزب الحرية والعدالة ينظر إلى هذه التحالفات نظرة إيجابية نحن نسعى إلى بناء نظام سياسي قوي إلى دولة قوية ولن يكون ذلك إلا بتكوينات حزبية قوية، الساحة السياسية المصرية شهدت عقب الثورة سيل في ميلاد الأحزاب الصغيرة وهي أحزاب كثيرة، وهذه ظاهرة طبيعية في كل الديمقراطيات بعد الثورات الكبيرة، بعض الوقت يتم التمايز بين التيارات المختلفة ويتم الائتلاف ويتم التوحد بين الكتل التي بينها انسجاما فكريا ومرجعية فكرية واحدة، وتبدأ تظهر على الساحة تجمعات فكرية حزبية كبيرة لكن شريطة أن تسير ضمن قواعد منهجية، برنامج سياسي واضح، أسس محددة للتحالفات، حوار ولا يتم القفز للأمام تحت مطرقة أو تحت ضغط الأماني الكبيرة والأحلام العريضة، بل لا بد أن يتم التوافق بنقاط محددة في عناصر البرنامج المطروح للتحالف حوله، ثم بعد ذلك إبداء برنامج سياسي أو برنامج انتخابي أو ما شابه يتم الالتقاء عليه ثم بعد ذلك التخطيط في كيفية بناء هرمي تنظيمي للكتل الداخلة داخل هذا التحالف تستطيع أن تدير هذا التحالف وفق القواعد اللي تم إقرارها من المؤسسة التي تنشأ كمؤسسة تشريعية داخل هذا التحالف، لو تم السير بهذه التحالفات وفق هذه الإجراءات وهذه القواعد الثابتة المستقرة في بنية النظم السياسية الناضجة سنرى في الحياة المصرية تكوينات حزبية كبيرة وقوية وسنرى نظاما سياسيا قويا وسنرى منافسة حزبية قوية، أما إذا قاد الأمر مجرد الأماني والطموحات ومجرد التكتل من أجل النيل من تيار سياسي يقولون أنه كبير وأنه قوي وأنه متجذر وأنه حصل على أغلبية ويسعى إلى ذلك، لو كان هذا هو الهدف فقط أعتقد أننا أمامنا فترة زمنية طويلة حتى نرى تكوينات حزبية قوية في مصر. 

محمد كريشان: هذه النقطة التي تشير إليها سيد أبو بركة أشار له الصحفي الكاتب وائل قنديل وهنا أسأل الدكتور وحيد عبد المجيد، وائل قنديل أشار إلى نقطة مهمة جدا، قال إذا كانت هذه التحالفات ليس لها من هدف سوى مناوئة ومكايدة الإخوان فإن هذا سيصب في مصلحة الإخوان المسلمين، هل تعتقد بأن الأمر ربما سيكون بهذا الشكل؟ 

وحيد عبد المجيد: يعني إلى حد كبير، يعني ثبت هذه إحدى النتائج التي يمكن استخلاصها من مسار التجارب الديمقراطية المعاصرة وهي أنه ما نطلق عليه الحملات السياسية والانتخابية السلبية تؤدي عادة أو في معظم الأحيان إلى عكس النتائج المستهدفة منها بمعنى أنه لو إنني أنظم حملة سياسية في صورة من خلال حزب أو من خلال تحالف أو ائتلاف أو أي شكل من أشكال العمل السياسي، وأركز عملي على مواجهة طرف آخر واستهدافه، في هذه الحالة أنا أقويه أكثر مما أضعفه لأنني أبدد وقتي وجهدي في الحديث عنه بدلا من أن أتحدث عما يمكن أن أقدمه للرأي للجمهور وللمواطنين وللناخبين في الانتخابات لأن طاقة الإنسان محدودة بطبيعتها فإما أن توجه باتجاه إيجابي أو توجه في اتجاه سلبي، إذا وجهت في اتجاه سلبي عادة تؤدي إلى عكس المستهدف من هذه الحملات ولذلك يعني من المهم جدا أن يكون هذا واضحا لدى من يطمحون إلى بناء تحالفات وائتلافات جديدة والساحة السياسية في حاجة شديدة إلى هذه التحالفات وإلى هذه الكيانات الجديدة لتحقيق التوازن السياسي الضروري للتطور الديمقراطي وليس فقط للوصول إلى نتائج مختلفة في الانتخابات القادمة مقارنة بالانتخابات السابقة، ولذلك أنا أعتقد أنه لو انشغلت هذه التحالفات بموضوع الانتخابات في المقام الأول وقبل إرساء أساس البناء السياسي الجديد الذي تسعى إلى بنائه سيكون الأمر صعبا عليها ونحن الآن يعني لا زالت هذه التحالفات في حالة سيولة بمعنى أنه هناك بعض الأحزاب التي تحضر في هذا التحالف وتحضر في هذا التيار وتستطلع الأمر في تحالف آخر يمكن القول أن لدينا ثلاثة اتجاهات أساسية في التحالفات الآن لكي نوضح الخريطة بشكل سريع، في الاتجاه الأول الذي يعتبر التيار الشعبي الذي عقد مؤتمره التأسيسي في الأمس جزءا أساسيا منه يضم مجموعة من الأحزاب الليبرالية واليسارية والقومية هي ليست في التيار الشعبي كتنظيمات باستثناء التنظيمات الناصرية، هناك أربعة تنظيمات ناصرية تتجه لاندماج معا الآن وتصبح جزءا من التيار الشعبي لكن هناك أحزاب ليبرالية ويسارية أهمها على الإطلاق حزب الدستور الناشئ حديثا والذي ارتبطت نشأته بزخم سياسي يضعه في اختبار كبير، هناك العلاقة بين التيار الشعبي وهذه الأحزاب مسألة لم تتضح أسبابا بعد، وهذه الأحزاب كانت أطلقت على نفسها من قبل التيار الثالث في محاولة لبناء ائتلاف تحت هذا الاسم، هناك أيضا مجموعة من الأحزاب التي تسعى إلى تأسيس تحالف الأمة المصرية، وتحالف الأمة المصرية مرتبط أو قائم في أحد أهم جوانبه على محاولة الاندماج بين مجموعة من الأحزاب في إطار ما يسمى بحزب المؤتمر أو ائتلاف حزب المؤتمر وكانت هناك خطوة في هذا الاتجاه.. 

محمد كريشان: وهؤلاء بالطبع يطمحون إلى تحقيق التوازن في الساحة السياسية مثلما أشرت، فقط للتوضيح قبل أن أسأل أحمد أبو بركة في نهاية هذه الحلقة، كان من المفترض أن يكون معنا السيد يحيى أحمد من التيار الشعبي حتى يتحدث عن هذا التيار بزعامة حمدين صباحي وحتى نفهم هذا التشكل الجديد، لكن للأسف تعذر الاتصال به، كان يفترض أن يكون معنا إن شاء الله أن يكون المانع خيرا، سيد أبو بركة ربما تحقيق التوازن في الساحة السياسية المصرية بالأساس سيكون مقابل حركة حزب الحرية والعدالة والإخوان المسلمين، هل تعتقد بأن ربما هذه الحركة الآن في تراجع لأن البعض يشير إلى أن ما حصلت عليه الحركة في الانتخابات النيابية الأولى تراجع تقريبا ستة ملايين صوت عندما جاءت الانتخابات الرئاسية والآن ربما ممارسة السلطة وغضب البعض منها ربما سيؤدي إلى تآكل في هذه الشعبية؟ 

أحمد أبو بركة: مع كامل تقديرنا لهذه المقولات إلا أنك تعلم جيدا أن هناك فارقا جذريا بين الانتخابات البرلمانية العامة وبين الانتخابات الرئاسية كل هذه الانتخابات من هذه الانتخابات لها ظروفها نحن في مصر ليس لدينا أجهزة قياس رأي عام ذات اعتبار أو نستطيع أن نحترم نتائجها، أو تقوم على أسس منهجية علمية، كل استطلاعات الرأي للانتخابات الرئاسية لم تكن تأتي لمحمد مرسي بذكر، فإذا به يصعد فوق الجميع ويتصدر المشهد ثم يكون هو الرئيس، كذلك استطلاعات الرأي بصدد الانتخابات البرلمانية الفائتة كل استطلاعات الرأي كانت تقول أن الإخوان لم يحصلوا على شيء ولم يحصلوا حتى على مجرد الثمانية أو ثمانية مقعد التي حصلوا عليها في الماضي، فبالتالي في الجملة دعنا ندع القول في هذا إلى الشعب، الشعب حتى يكون عندنا مؤسسات ذات اعتبار ذات أساس علمي ذات أساس منهجي تحدث قياسات في الرأي العام نطمئن إليها، قبل أن يحدث هذا لا يمكن بحال من الأحوال لقائل من داع أن شعبية قد زادت أو شعبية قد تآكلت، القول في النهاية للصندوق وللشعب المصري. 

محمد كريشان: لكن في انتظار الانتخابات هل هناك إمكانية حوار بين حزب الحرية والعدالة وهذه التشكيلات الجديدة؟ 

أحمد أبو بركة: حزب الحرية والعدالة دائما يدعو إلى الحوار يدعو إلى التواصل دائما كان يسعى للتوافق الوطني العام، منذ بواكير الثورة المصرية وحزب الحرية والعدالة والأستاذ الدكتور وحيد عبد المجيد ضيفك في هذه الحلقة شاهد على كل ما أقول به سعى بجدية ودأب وبذلت جهودا كبيرا في تحالف جامع يضم كل القوى وكل التيارات الفكرية المصرية القومي واليساري والإسلامي والليبرالي وحتى نمضي في كل كتابة الدستور وحتى نمضي في صناعة البرلمان وحتى نمضي في بناء الحكومة كذلك وحتى ننجر في مرحلة الانتقال وهذه خبرة تاريخية في كل التجارب في الدول التي قامت بها ثورات ونجحت أن تبني نظاما ديمقراطيا ناجحا هذا لم تتمكن إلا بهذا الإجماع الوطني، هذا إيمان راسخ لدى الحرية والعدالة وترجمة سلوك واقعي عملي على الأرض بدأت لكي ينشأ هذا التحالف، لكن أنت تعلم أن ستين سنة استبداد تحدث حالة من الضعف الشديد في المشهد السياسي كله وفي التكوينات والمفردات وبالتالي هذا ألقى بظلاله على هذه الجهود وجعلها لم تحقق كامل نتائجها وإن حققت بعض هذه النتائج. 

محمد كريشان: شكرا جزيلا لك السيد أحمد أبو بركة المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة، شكرا أيضا لضيفنا الدكتور وحيد عبد المجيد الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، بهذا نصل إلى نهاية هذه الحلقة وقد قسمناها إلى قسمين جزء ليبي وجزء مصري دمتم في رعاية الله وإلى اللقاء.