
معركة حلب وإدارة المرحلة الانتقالية
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
الحبيب الغريبي: أهلاً بكم مشاهدينا الكرام في حديث الثورة. تستعد القوات النظامية السورية لشن هجوم شامل على الأحياء التي يسيطر عليها الثوار السوريون في حلب، والمدينة هي العاصمة الاقتصادية للبلاد إذا يشتغل فيها نصف العمالة الصناعية ومنها تخرج نصف الصادرات السورية وقد كانت حلب منذ البداية أحد رهانات الثورة لدى أطراف الأزمة السورية، بالتزامن مع هذه التطورات الميدانية تتعدد اجتماعات المعارضة السياسية بحثاً عن خطة مثالية للمرحلة الحالية وللمرحلة الانتقالية في حال سقوط بشار الأسد.
[تقرير مسجل]
طارق تملالي: في البداية قيل أن درعا مهد الثورة وحمص حاضنتها أما حلب فتحسمها.
[شريط مسجل]
مواطن سوري: مدينة حلب بالأيام الأخيرة الحمد لله رب العالمين يعني وصلنا لمرحلة صار الجيش الحر يمشي تقريباً بالمائة 50% من مدينة حلب، مناطق محددة ما رح حدد لك من شان سرية العمل فيها.
طارق تملالي: لا خلاف بين أطراف الأزمة السورية على الأهمية الإستراتيجية لحلب اقتصادياً ومالياً، فيها طبقة متوسطة قوية ومنطقة صناعية مساحتها 4000 هكتار، وبلغت الاستثمارات فيها ملياري دولار حتى عام 2010. فيها نصف العمالة العمالة الصناعية السورية ومنها تنطلق 50 بالمئة من صادرات سوريا، وتمثل 75% من الناتج الصناعي لسوريا إضافة إلى السياحة والاستثمارات التركية وغيرها، وستين بالمائة من ناتج الأدوية السورية. الخلاصة: حلب هي سلة العملات الأجنبية الأساسية لسوريا والسلطات فيها، لكن المطار مغلق الآن والطرقات المؤدية إلى الحدود الشمالية ليست كلها تحت سيطرة الجيش النظامي، وغادرت مئات الشركات الأجنبية حلب. في الحقيقة تعيش مدينة حلب أجواء اقتصادية متجهمة منذ شهور، وقد وصل الموقف الآن إلى مرحلة نقل المعركة إليها وهي فاتحة تطورات خطيرة أخرى. لكن لا مكسب عسكري من دون استثمار سياسي، محادثات الدوحة من المحطات التي توصف بأنها الأكثر شمولاً لجمع أطياف المعارضة السورية وسط تصورات مختلفة عن صيغة البديل المحتمل خلال المرحلة الانتقالية. العميد المنشق مناف طلاس مثلاً يقول إنه يريد إشراك من لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين رسم خارطة طريق لمرحلة انتقالية، ويدعو مناف بحرارة إلى ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة. وفي الداخل السوري أحزاب صغيرة وشخصيات معارضة لا تزال تؤمن بإمكانية الخروج بحل في إطار النظام الحالي. أما تنسيقيات الثورة فلا يتوقع منها قبول إشراك النظام بأي صيغة كانت، وكذلك هو موقف الجيش السوري الحر الذي لا يرضى بأقل من إسقاط النظام ورموزه والتخلص من بقاياه، متحدث من موقف قوة باعتباره نقل المواجهة مع النظام إلى العاصمة السياسية دمشق والعاصمة الاقتصادية حلب.
[نهاية التقرير]
الحبيب الغريبي: ولمناقشة هذه القضية معنا في الأستوديو عبيدة النحاس عضو المجلس الوطني السوري، واللواء الدكتور فايز الدويري الخبير العسكري والإستراتيجي، ومن لندن ينضم إلينا الكاتب الصحفي عبد الوهاب بدرخان، وعبر سكايب من الحدود السورية التركية العميد مصطفى الشيخ رئيس المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر، أرحب بكم جميعاً. المعطى الطاغي هذه الأيام وبامتياز هو المعطى العسكري الذي غطى نسبياً على العامل السياسي، هذا بدا واضحاً منذ العملية المدوية التي هزت مبنى الأمن القومي السوري الأسبوع الماضي وأطاحت بنصف القيادات الأمنية تقريباً، كيف أمكن حصول هذه الاختراقات النوعية الكبرى؟ هل من الواقعية اعتبارها مؤشرات حقيقية على منعرج حاسم في هذه المواجهة المسلحة؟ كيف يمكن للمعارضة المسلحة أن تبني على هذه المكاسب بين ظفريين؟ أتحدث هنا بمقاربة عامة عما يجري في مختلف المناطق السورية، ولكن أحدد وأركز على محورية المعركة في مدينة حلب، أبدأ معك دكتور فايز؟
فايز الدويري: في الواقع منذ ما يزيد على عام تكون ما أطلق عليه لاحقا اسم الجيش الحر، وهذا الجيش الحر بدأ بتنفيذ عمليات مجزأة واعتمد في البداية على مقاربة الدفاع عن المظاهرات السلمية، مع زيادة اعتماد الجيش النظامي على الحل العسكري واعتماد المقاربة العسكرية المفتوحة والمكشوفة بدلاً من المقاربة الأمنية تزايدت الانشقاقات، ومن ثم بدأ تشكيل ما عرف بكتائب وألوية وإن تكن هذه الكتائب والألوية لا تخضع للمعايير العالمية في التنظيم العسكري، إنما هي مجازا يطلق عليها كتائب وألوية بدأت تحقق إنجازات تعبوية على أرض الميدان، سواء في ريف درعا ثم انتقلت إلى ريف حماة إلى ريف حمص ومن ثم إلى داخل مدينة حمص، وبدأت العمليات العسكرية بالتصاعد. في الفترة الأخيرة ومع العملية النوعية بمهاجمة المقر الأمني تزامنت مع انتشار أعداد كبيرة من مقاتلي الجيش الحر في العديد من أحياء دمشق والأحياء الجنوبية بدءاً من الحجر الأسود ومروراً بمخيم اليرموك ومخيم فلسطين وحي القابون وحي الميادين ومن ثم وصلت إلى برزة والمزة وركن الدين إلى غير ذلك، هذه العمليات في العاصمة دمشق كانت لها دلالتها الرمزية خاصة أنها تزامنت مع القضاء على ما يزيد على نصف خلية الأزمة وهي الخلية التي تولت إدارة العمليات العسكرية، وتولت عمليات البطش وعمليات التخطيط لما يسمى بالمجازر المروعة التي حدثت، هذه العملية كان التفاؤل محيطا بها بصورة كبيرة جداً وسميت يعني بأسماء كثيرة وبأنها ستضع النهاية القريبة للنظام، لكن المراقب والمحلل إذا دقق فيها يجد أنه كان هناك إفراط في التفاؤل لماذا؟ لأنها ظهرت على السطح بسرعة دون إعداد حقيقي على أرض الواقع، يمكنها من الاحتفاظ بالمكتسبات والبناء عليها. انتقلت العمليات من العاصمة السياسية إلى العاصمة الاقتصادية. العاصمة الاقتصادية تقريباً الوضع العسكري فيها مختلف هي بعيدة ما يزيد على 320 كم عن العاصمة السياسية، القوات المستخدمة من قبل الجيش السوري هي قوات محددة وهي القوات التي تتمتع بالموثوقية والولاء: الفرقة الرابعة اللي بيقودها فعلياً ماهر الأسد، فرقتان قوات خاصة، بعض الأولوية المستقلة بالإضافة إلى ما يقارب مائة ألف من الشبيحة اللي بيساعدوا هذه القوات، هذه القوات أرهقت جسمياً أرهقت نفسياً أرهقت أخلاقياً، مهمة أي جيش عندما يؤسس هو للدفاع عن الوطن فعندما يتحول الجيش من الدفاع عن الوطن وأهم مكونات الوطن وهو الشعب يبدأ بقتل الشعب لا بد أن يعاني نفسياً ولا بد أن يعيش أزمة أخلاقية..
الحبيب الغريبي: دعني أنتقل هنا حتى ننوع الحوار إلى العميد مصطفى الشيخ رئيس المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر لأسألك عميد إن كانت فعلاً حلب هي الخاصرة الأضعف إن صح التعبير في رؤيتكم في حساباتكم، وهل هناك حسابات إستراتيجية قائمة على معادلات جغرافية داخل سوريا؟
مصطفى الشيخ: نعم، سيدي الفاضل بالنسبة للثورة السورية يعلم القاصي والداني بأن هذه الثورة بدأت مدنية ومن ثم أجبرها النظام على حمل السلاح، يفترض عندما يحمل السلاح أن يكون السلاح منظماً ولكن شدة البطش وقوة النظام الأمني وتشكيل بعض الاختراقات لتشويه الثورة أجبرت الثورة على أن يكون الصراع المسلح فيها غير منظم نسبياً، ومن المفترض دائماً أن يكون السلاح منظما ومنضبطا وفق رؤيا وقيادة، إلا أن هذا لم يحصل في سوريا حتى الآن. لكن مع تطور الأحداث وامتداد الزمن لهذه الفترة الطويلة، وترك المجتمع الدولي لهذه الثورة اليتيمة جعل من الثوار يستفيدون من أخطاء أو من سقطات الواقع للنظام منها: انهيار الحالة المعنوية للجيش السوري النظامي، وتكبده الخسائر الفادحة على فترة زمنية طويلة، وبالتالي في المرحلة الأخيرة عندما ضرب الرأس العسكري والأمني استغلها الثوار في دمشق وحلب خاصةً وشكلوا هجمات بقرار من الداخل، وليس بقرار مشترك أجمعت عليه جميع الفصائل لتقديرهم بأن القيادة قد بتر رأسها وبالتالي من السهولة بمكان الانقضاض على النظام وتشكيل قفزة أو حالة نوعية في الحراك المسلح في سوريا. إلا أن النظام نتيجة خبرته الكبيرة والدعم الدولي تمكن من التقاط أنفاسه إلى حد ما، لكن تعاني القوات المسلحة من انهيار معنوي كما قال ضيفنا الكريم وانهيار أخلاقي وهي منهكة تماماً، وبالتالي بالأساس تجميع القوى البرية هو في المنطقة الجنوبية أكثر من المنطقة الشمالية، المنطقة الشمالية هي التي عاصمتها حلب المدينة الصناعية لما لها دور كبير في دعم النظام، أراد الثوار أن يشكلوا فيها حالة أو منطقة شبه عازلة تكون ملاذا آمنا للثوار وللملاحقين من قبل النظام، ومن ثم الانقضاض على البنية العسكرية للدولة وبالتالي تحقيق الحسم في أقرب وقت، إلا أن هذا لم يتحقق إلى حد ما، تحققت نتائج جيدة لكن نحن في الحقيقة نخوض معركة استنزاف لجيش كبير جداً إلا أن هذا الجيش في المراحل الأخيرة انخفضت نسبة جاهزيته كثيراً جداً وهو يتحاشى الاصطدام بشكل مباشر بسبب الانشقاقات المتزايدة والحالة المعنوية السيئة.
معركة حلب الاستنزافية
الحبيب الغريبي: مع أنكم لا تخفون في قيادات الجيش السوري الحر بأن معركة حلب هكذا تسمونها هي ستكون المعركة الحاسمة في هذه المواجهة، ولكن يعني السؤال الذي لا بد أن يطرح: ما قدرة الجيش السوري الحر على الاستمرار في هذه المعركة الاستنزافية، خاصة في ظل تفوق واضح جداً للقوات النظامية خاصة من الجو؟
مصطفى الشيخ: صحيح، أولاً: بالنسبة للمعارك إن كانت نظامية جيش مقابل جيش لا يمكن أن يحقق أي انتصار لأي جيش إلا على الأرض، وبالتالي الطائرة مهما كانت شدة قصفها يعني لا تدمر أو تكسر إرادة الشعب. عندما يستعمل الجيش النظامي هذه الأسلحة فهو دليل على الإفلاس بشكل واضح وهي حالة معنوية ليس إلا، ونحن نخوض حرب عصابات بأعداد قليلة من المقاتلين نحقق هذا التوازن ما بين الجيش النظامي وما بين الثوار، وبالتالي لا يمكن تحقيق نصر في هذه الحالة من قبل الجيش النظامي خاصة وإذا انتقلت المعارك إلى المدن لأن حركة الجيش النظامي في المدن تبقى ثقيلة وحركة الثوار تبقى خفيفة، وبالتالي من السهولة بمكان تكبيد الجيش النظامي ضمن بين مزدوجين حرب العصابات خسائر فادحة يعتمد فيها الثوار على عامل الزمن بشكل أساسي..
الحبيب الغريبي: أشكرك سيد مصطفى سأعود إليك أكيد، سيد عبيدة النحاس: كثيرون يتساءلون في عز هذا الحراك والتحركات العسكرية عن مستوى طبيعة التنسيق بين المعارضة السياسية وبين الفاعلين العسكريين على الأرض، وعاد السؤال القديم الجديد يطرح مرة أخرى: ما إذا كان فعلاً الجيش السوري الحر هو الذراع العسكرية الضاربة للمجلس الوطني؟
عبيدة النحاس: المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر هما بالتأكيد الآن شريكان كاملان، هناك اتفاق موقع منذ شهور بين الاثنين أعطت فيه قيادة الجيش السوري الحر القيادة السياسية للمجلس الوطني، وبالتالي تركت التحركات الميدانية على الأرض اللي هي القوات التابعة للجيش الحر، لكن هناك أمر كان مهماً كما ذكر العميد مصطفى الشيخ ربما كان التوقيت في بدء معركة حلب ليس بالضرورة صادراً عن القيادة المركزية للجيش الحر، الثوار حاولوا استغلال حالة الترنح التي وقع فيها النظام لكن ربما يكون هذا أيضاً ليس مبادرة في تحديد الوقت لنقل..
الحبيب الغريبي: أن هناك بعض الحلقات المفقودة في هذا التنسيق..
عبيدة النحاس: بالتأكيد الحلقات المفقودة هي في الميدان أكثر منها بين القيادتين العسكرية والسياسية، الحلقات المفقودة سببها أنها حالة ثورة وأن هؤلاء المقاتلين ليسوا جميعا بنفس مستوى تدريب الجيش النظامي بكل تأكيد. لكن حقيقة الثورة السورية كانت نقطة قوتها في الأصل أنها فاجأت النظام السوري عندما انطلقت، فاجأت النظام السوري عندما انطلقت في 15 آذار من العام الماضي، فاجأته بأنها ضربته في مراكز نفوذه كما كان يعتقد، في درعا ودير الزور ومحافظة إدلب، وفاجأته أيضاً بقدرتها على الاستمرار في السلمية وفاجأته بأنها استطاعت مؤخراً أن تحقق اختراقاً أمنياً على مستوى رفيع، سر نجاح الثورة السورية في كل مراحلها هي مفاجأة النظام حيث لا يحتسب، أما عندما كان النظام يحدد هو مكان وزمان المعركة فكانت هناك نتائج ليست بالضرورة إيجابية، لا شك أننا جميعاً كنا نعرف أن المرحلة الحاسمة سوف تصل إلى حلب وعندما تصل الأمور إلى حلب وهذا يعني كما ذكرتم استهداف مركز الثقل الصناعي والاقتصادي، هذا المركز الذي كان النظام يعتمد عليه لفترة طويلة في التمويل لنقل، لكن ما حصل بشكل هادئ وغير معلن طوال عام ونصف، وهذا يؤكده الثوار في كل المحافظات أن الكتلة المالية الضخمة في حلب انقلبت سراً وتدريجياً نحو تمويل الثورة، وهذا أثار وأوغر صدر النظام أكثر على هذه المدينة التي اعتبرها متمردة لاسيما أنها بدأت تستعيد تاريخها القديم، قبل ثلاثين عاماً كانت مدينة حلب مدينة ثائرة إلى جانب حماة وكاد النظام في عام 1980 أن يضرب حلب، بل ارتكب فيها مجزرة شهيرة صباح يوم العيد قتل فيها عشرات المواطنين وكاد أن يرتكب فيها مجزرة تشبه مجزرة حماة. مدينة حلب هي مدينة إستراتيجية للطرفين، المشكلة الآن أننا نشهد ربما مجزرة يتم تصنيعها، إذا حصلت المجزرة التي يعتزم النظام القيام بها، فنحن سوف نطرح أسئلة كثيرة على أصدقائنا الكثر الذين لا يفعلون شيئاً مقابل ثلاثة أو أربعة أصدقاء للنظام السوري..
الحبيب الغريبي: سيد عبيدة اسمح لي.. فيما سمعته منك وكأنك تؤكد ما يذهب إليه البعض من أن ما يجري ليس نتاج إستراتيجية عسكرية ممنهجة واضحة مدروسة هو متروك للتقديرات الميدانية لتقديرات الفاعلين على الأرض.
عبيدة النحاس: أنا قلت أن هناك إستراتيجية المفاجأة والاختراق وعندما حصل الاختراق الأسبوع الماضي هذا كان نتيجة تخطيط طويل قام به شباب شجعان وصلوا إلى مرحلة تمكنوا من تحقيق ضربة نوعية في قلب النظام، هناك إستراتيجية وهناك تخطيط بكل تأكيد، المشكلة عندما يتحمس أحياناً المقاتلون ويتحركون ربما مع نقص المعلومات، لذلك الفارق بيننا كمعارضة وبين النظام هو حجم الدعم الذي يحصل عليه النظام من أصدقائه، ذكرت أن النظام لديه ثلاثة أو أربعة أصدقاء يحصل منهم على دعم يوازي عشرات أضعاف ما تحصل عليه المعارضة من ثمانين دولة صديقة، ما معنى أن يكون للشعب السوري ثمانين دولة صديقة ولم يستطع حتى الآن مقاتلوه أن يحصلوا على مضادات طيران على سبيل المثال؟ لو أن المقاتلين في شمال سوريا لديهم مضادات طيران لكانت قد أصبحت هناك مناطق آمنة منذ زمن بعيد.
الحبيب الغريبي: سيد عبد الوهاب بدرخان استمعت إلى ضيوفي وألخص ربما سؤالي في التالي: هل تعتقد بوجود قدر كاف من التناغم إن صح التعبير بين المعارضة السياسية أياً كانت هذه المعارضة والقيادات العسكرية الفاعلة على الأرض؟
عبد الوهاب بدرخان: أعتقد أن مستوى التناغم يتحسن، طبعاً لم نعد في الشهور الماضية عندما كان هناك أكثر من صوت وأكثر من رأي وأكثر من موقف وكنا نتفاجأ من تناقض المواقف، أعتقد الآن أن بين قيادة المجلس الوطني وقيادة الجيش الحر هناك تناغم هناك كل طرف يقوم بعمله، وليس هناك بالفعل تناقضات يعني فجة يمكن أن تفاجئنا. الطرفان أصبحا لديهما معرفة جيدة بمن هم الأصدقاء ومن هم الأقل صداقة بالنسبة لتقديم الدعم الحقيقي على الأرض، وبالتالي أعتقد بأن هناك تحسنا حصل ليس فقط بالنسبة إلى التسلح، ولكن بالنسبة أيضاً إلى التخطيط، ما حصل في دمشق، ما يمكن أن يحصل في حلب، طبعاً الثوار كما فهمت يحاولون أن يقوموا بخطط ويحاولون إبقاء السيطرة على بعض المناطق في المدن الكبرى لكي يختبروا أنفسهم أيضاً، ليس فقط لاستفزاز مواجهات مجانية وإنما هم أيضاً يختبرون كيف يمكن العمل وكيف يمكن السيطرة على بعض المناطق. ما يمكن أن يكون مؤذياً هو أن مستوى العمل السياسي أو جودة العمل السياسي سواء في المجلس الوطني أو في سائر فصائل المعارضة أن هذا المستوى السياسي لم يستطع أن يكون رديفاً جيداً للجيش الحر أو أن يحقق له مزيداً من الدعم سواء بالوسائل السياسية نفسها أو على الأقل بإظهار تضامن حقيقي بين مختلف فصائل المعارضة، هذا يؤذي الجيش الحر ويعني هناك فريق أعرفه..
الحبيب الغريبي: فيما يمكن سيد بدرخان فيما يمكن أن يتمثل هذا الاستثمار السياسي إن صح التعبير للحظة العسكرية الفارقة يعني؟
عبد الوهاب بدرخان: يعني لو كان هناك معارضة شبه موحدة أنا لا أقول أنها تكون جسما واحدا إنما على الأقل يكون هناك تفاهم ويكون هناك تواطؤ بين الداخل والخارج، ويكون هناك يعني تقديم للمصلحة الوطنية على مصالح وجود هذا الفصيل أو ذاك. هذا كان يمكن أن يطمئن الدول الصديقة أكثر، يطمئنها أكثر الدول الصديقة للشعب السوري، وكان يمكن أن يسرع موضوع التسليح لأن الدول لم تكن تثق بمن هم على الأرض لأنها لم تكن تعرفهم، وبالتالي هذا تطلب وقتاً طويلاً وأكيد العميد مصطفى الشيخ يعرف أكثر منا جميعاً إنما الآن أصبح هناك شيء من الـ system الذي سهل هذا الموضوع ولكن الأمر استغرق شهوراً طويلة بلا أي مردود، يعني السلاح الذي وصل الآن كان يجب أن يكون موجودا قبل بضعة أشهر والفعالية التي يمكن أن نستشعرها كان يمكن أن تكون قبل بضعة أشهر، هذا ما خسرته المعارضة بمستواها السياسي للجيش الحر وللآخرين، لأنها لم تستطع أن تقدم جسماً واحداً يستطيع أن يطمئن الغرب بأن هناك قيادة أو هناك على الأقل مجلسا معينا يمسك الأرض ويستطيع أن يكون هو الضامن لمن هم يتحركون على الأرض.
غياب الإستراتيجية الموحدة للمعارضة
الحبيب الغريبي: السيد الدكتور فايز يعني كيف تفسر ما قاله الأستاذ بدرخان من أنه هناك شبه عجز إن لم يكن عجزا حقيقيا، في أن تكون المعارضة السياسية هذه المرة هي العامل ربما المطلوب، العامل المفروض أن يتوفر لمعاضدة العملية العسكرية؟
فايز الدويري: في البداية تحدثت عن الإستراتيجية العسكرية والإستراتيجية العسكرية هي بالأصل الأداة التنفيذية للتوجهات السياسية، فبالتالي في حال غياب التوجهات السياسية الموحدة، في حال غياب رؤيا سياسية موحدة متفق عليها ما بين معارضة الخارج والداخل والتنسيقيات، إذن لا توجد هناك رؤيا سياسية محددة تبنى عليها إستراتيجية، هذه الإستراتيجية يجب أن تسعي لتحقيق الهدف الإستراتيجي المتمثل بإسقاط النظام وأركانه. إذن التوجه السياسي غير موجود وغير موحد وبالتالي لا يمكن صياغة إستراتيجية عسكرية، هذا في بعد العلاقة ما بين الإستراتيجية والسياسة، وفي حال عدم وجود إستراتيجية عسكرية ناضجة واضحة المعالم لتحقيق الهدف الإستراتيجي، إذن يصعب على المخطط العسكري أن ينزل إلى المستوى الأدنى وما يمكن أن يسمى بإستراتيجية المسرح. يجب أن يكون هناك إستراتيجية عمليات لقوات الجيش الحر تغطي مسرح عملياته، أنت أشرت إلى حماة أكثر من مرة، دعني أشير إلى مصطلح ما يسمى بالخاصرة اللينة لسوريا، هذه الخاصرة اللينة تبدأ في باب الهوى وتمر في ريف حلب انطلاقا إلى إدلب إلى جبل الزاوية إلى ريف حماة إلى حمص، هذه لو كانت هناك إستراتيجية عمليات واضحة لدى قادة الجيش الحر ويعملوا بتناغم وتكامل وليس بتقاطع لكان حصلوا على إنشاء منطقة عازلة منذ فترة ليست بالقصيرة، إذن هناك ضبابية لدى المخطط العسكري بسبب عدم وجود رؤيا سياسية موحدة دفع ثمنها المنفذ الميداني.
الحبيب الغريبي: دعني أستفسر العميد مصطفى الشيخ عن هذا الموضوع، عميد هل فعلاً هناك غياب لإستراتيجية بفعل ربما عدم وجود مرجعية عليا، يعني أسأل من أين مثلاً تأخذون تعليماتكم أوامركم؟ من يقدر ماذا في المرحلة الحالية؟
مصطفى الشيخ: الحقيقة الحديث هذا له شجون، المعارضة المسلحة تعاني الحقيقة حتى الآن من تبني حقيقي دولي لها، وبالتالي حتى عجز سياسي واضح في تبني المعارضة المسلحة وتشكيل منظومة قيادة مدنية عسكرية لمعالجة أو قيادة الأعمال القتالية في مسرح الأعمال القتالية في الداخل السوري. وبالتالي هناك أطياف سياسية مارست هذا العمل قصراً على السلاح في غياب تبني أي دولة عظمى للجسم العسكري، نحن سابقاً منذ ستة أشهر نظمنا المجالس العسكرية وفق رؤى وطنية بعيدة عن الأجندات السياسية لأن السلاح كما تعلم ويعلم الجميع يجب أن تكون هويته وطنية حتى يكون مقبولاً في الداخل قبل أن يكون مقبولاً في الخارج لحماية كل أبناء المجتمع السوري، وبالتالي نحن في الحقيقة نعاني من أن البعض في منظومة القيادة بسبب تشتت الدعم هنا وهناك، وبالتالي القيادة لا يمكن أن تتمثل في الداخل السوري بدون آلية منظمة ومدروسة وواضحة وشفافة تؤهل منظومة القيادة من قيادة الأعمال من خلال الدعم اللوجيستي، الدعم المادي، وبالتالي ربط القيادة بالقواعد من خلال منظومة اتصال كل هذه أعمال غير متوفرة للأسف للسبب الأساسي وهو عدم تبني المجتمع الدولي وهذا..
الحبيب الغريبي: يعني غير المجتمع الدولي عميد مصطفى أسأل هنا سؤالا دقيقا ومحددا، يعني هل لديكم أي تشاور دائم؟ هل لديكم أي حديث مسبق مع قيادات المعارضة السياسية السورية سواء كانت ممثلة في المجلس الوطني أو غيره؟ أم أنكم تعملون بمعزل عن الرؤيا السياسية للمعارضة؟
مصطفى الشيخ: والله هناك تنسيق لكن بحده الأدنى، بسبب عدم وضوح الرؤيا السياسية حتى نكون صادقين مع أنفسنا ومع شعبنا في الداخل السوري، يعني التناحر السياسي انعكس على الجيش السوري الحر، التناحر في المجلس الوطني انعكس سلباً ولا أدري لماذا هذا التناحر في المجلس الوطني طالما الجميع متفقين على إسقاط النظام ومن ثم قيام دولة مدنية ؟وبالتالي صندوق الاقتراع هو الذي يحدد من هو الفائز في المرحلة القادمة، لماذا هذا التناحر مع أن المجلس الوطني أو غير المجلس الوطني لن يكون هو قائد الدولة والمجتمع في المرحلة الانتقالية؟ لا أدري وبالتالي انعكست سلباً على الفصائل المسلحة في الداخل السوري، وشتتتها وبالتالي ربما هذا كان من عوامل إضعاف الصراع المسلح في سوريا إلى هذه الفترة، لم نستطع تحقيق مناطق عازلة أو مناطق آمنة مع أن القوات المسلحة السورية هي أضعف من أن تواجه يعني بتنظيم حقيقي عسكري، لو كان إن وجد 50% من التنظيم لوجدت النتائج عل الأرض أفضل من ذلك بكثير.
الحبيب الغريبي: سيد عبيدة، هذا موجه مباشرة لكم كمجلس وطني، هناك من يذهب أكثر من هذا في تعليق ساخر جداً يقول أن المجلس الوطني أو أعضاء المجلس الوطني بدؤوا يتصارعون ويتقاتلون على جلد الدب قبل ذبحه أو سلخه!
عبيدة النحاس: طبعاً هذا مؤسف جداً أن يكون هناك في المعارضة من يتصرف بهذه الطريقة، لكن أنا سأذكر العميد مصطفى الشيخ بأن هناك تنسيقاً أعلى بكثير من ما ذكره، وأنا أرجو أن يصحح إذا كان هذا الكلام غير صحيح، هناك الآن قوائم كاملة بأسماء ضباط وجنود من الجيش السوري الحر، يحاول المجلس الوطني أن يحصل على تبني مالي لهم، طبعاً أنا أعرف الصعوبات التي يواجهها العسكريون..
الحبيب الغريبي: ولكن عفواً أكثر من مرة أنا شخصياً سمعت الأستاذ برهان غليون يتحدث عن أنه ما باليد حيلة والمجلس الوطني ليس له أي موارد وليس قادر على أي شيء في هذه المرحلة.
عبيدة النحاس: هذا ما أقوله ولكن هذا لا يلام فيه المجلس الوطني، لأنني قبل أن آتي إلى الأستوديو قمت بمراجعة سريعة مع المكتب المالي للمجلس الوطني حتى أعطيك بعض الحقائق، المجلس الوطني السوري اليوم هو بديل النظام بنسبة على الأقل إلى 2.5 مليون سوري أصبحوا مهجرين بين داخل سوريا وخارجها، عندنا مليونين بنسمهيم displaced مهجرون داخل الوطن وأكثر من نصف مليون الآن مهجرون في دول الجوار والأعداد تتصاعد كل يوم، هل تعلم كم حصل المجلس الوطني على دعم من أشقائه العرب؟ حصل حتى الآن على ما يعادل 7 دولارات عن كل شخص من هؤلاء المليونين والنصف طوال عام كامل! يعني نحن الآن مسؤولون عن إطعام 2.5 مليون نسمة وحصلنا على سبعة مليون دولارات تكفي لإطعام شخص واحد كل واحد منهم ليوم واحد فقط، وهذا الأمر حصل فقط من دولتين عربيتين بالمناسبة، 15 مليون دولار هو كل ما حصل عليه المجلس الوطني منذ عام كامل، هذا أمر بالتأكيد مخجل وهذا ليس لنا فيه حيلة، نحن لا نشحذ من أحد، المجلس الوطني السوري يقوم الآن بواجبه في المعارضة ولكن الأهم من ذلك أن الشعب السوري، يا أخي انسوا المجلس الوطني هناك شعب سوري الآن..
الحبيب الغريبي: لكن بما أننا نتحدث عن المجلس الوطني بما أنك تمثله معنا الآن، يعني المشكلة ليست فقط مشكلة مالية ومشكلة عجز مالي يعني حتى على مستوى المواقف حتى على مستوى الخيارات هناك انشقاقات واضحة هناك اختلافات عميقة في تقدير الوضع السياسي وفي تقدير المرحلة الحالية..
عبيدة النحاس: لا ليس هناك عفوا.
الحبيب الغريبي: أنا أنقل لك مثلاً ما قاله جورج صبرا منذ يومين فقط، من أن المجلس الوطني يقبل بفكرة المرحلة الانتقالية وبأن يكون على رأس هذه المرحلة شخصية من النظام وليس هناك مشكلة في ذلك، بينما هناك من يعترض تماماً على هذا الحل.
عبيدة النحاس: لا كلام السيد جورج صبرا أخرج من سياقه وليس صحيحاً هذا الكلام، السيد جورج صبرا نفسه صحح ما نشر على لسانه، والمجلس الوطني أعلن موقفاً واضحاً كنا نقبل قبل أشهر بأن تطبق خطة الجامعة العربية وهذا الكلام كان واضحاً ولكن كان هذا التطبيق يبدأ من طرف النظام وهذا لم يبدأ، النظام في حينها كان عليه أن يفرض عملية التنحي من خلال استقالة بشار الأسد وتسليم السلطة لأحد رموز النظام ممن تقبل بهم المعارضة، لكن هذا الأمر تجاوزه الزمن ولاسيما بعد ضربة خلية الأزمة في الأسبوع الماضي هذا بالتأكيد أصبح وراءنا، التغيير على الطريقة اليمنية لم يعد وارداً بهذه الطريقة، الأمر أصبح واضحا، وأعتقد أن المجلس الوطني حتى الآن هو الأكثر انسجاماً مع مطالب الشعب السوري، وأنا سأعود وأكمل فكرتي قبل قليل هذا الشعب السوري الآن يدافع عن الأمة ويدافع عن الأمة العربية، ونحن نعرف جيداً من الذين يخططون ويديرون العمليات العسكرية للنظام، لقد ظهر هذا النظام واضحاً بعد أن أزيح نصف خلية الأزمة في النظام، واستمر الجيش في عملياته، سوف تكشف الأيام القليلة القادمة عن حجم الخبرات والمسؤولين الأجانب الذي يديرون لهذا النظام عملياته المسلحة، وهذا النظام الذي نراه الآن هو خيال مآته، تدعمه من الخلف مجموعة كبيرة من القوى والإمكانات.
انقلاب في الرهانات الدولية على الأزمة السورية
الحبيب الغريبي: سيد عبد الوهاب بدرخان هل تعتقد بأن هناك ربما انقلاب في الرهانات الدولية على الأزمة السورية أو على ما يجري في سوريا استمعنا منذ أيام إلى وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تتحدث عن مكاسب يحققها الجيش السوري الحر وعما سمته بالملاذات الآمنة وقالت أن الولايات المتحدة يجب عليها أن تتعاون وعن كثب مع قيادات هذا الجيش السوري الحر؟
عبد الوهاب بدرخان: نعم، يعني بعد Fiasco الذي وصلت إليه مساعي مجلس الأمن الأسبوع الماضي وضياع أو تيهان خطة أنان ومهمته في الصحراء، أعتقد بأن الآن المطروح أكثر على الطاولة في الدول الكبرى من أصدقاء الشعب السوري تتداول فكرة إنشاء تحالف من خارج مجلس الأمن، بغض النظر عن المهمة التي ستعطى لهذا التحالف قد لا تكون على شاكلة التي حصلت بالنسبة إلى كوسوفو من تدخل عسكري مباشر، وإنما على الأقل ستكون مهتمة أكثر بإعطاء المعارضة السورية خبرات أكثر وإمكانات أكثر سواء بالنسبة إلى الجانب العسكري أو البحث أكثر في تطوير البنية السياسية للمعارضة السياسية وجعلها أكثر فعالية، من هنا أيضاً طرح موضوع فكرة الحكومة الانتقالية، التسريبات التي صدرت من واشنطن تحدثت كثيراً عن موضوع العمل من خارج مجلس الأمن والعمل المباشر في دعم الشعب السوري، نشعر بأن هناك نقلة ولكن أيضاً للأسف يلزمها وقتا ولم يكون هناك تغيير حقيقي يغير مجرى الأحداث بشكل سريع، الواضح بأن القوى الدولية أصبحت مقتنعة بأن هناك فائدة في المراهنة على الداخل السوري، الشيء الوحيد الناقص في هذه المراهنة هو أن الدول الكبرى تأخرت في إعطاء الدعم الحقيقي سواء بالوسائل اللوجيستية بالسلاح بالدعم السياسي بدعم تخطيط سياسي أيضاً تأخرت، تأخرت كثيراً وراهنت كثيراً على إمكانية تفاهم أميركي روسي ولكن يبدو أن هذه الإمكانية لم تحصل، الروس أنفسهم لا أدري إن كان هناك مجال بعد للمراهنة عليهم فقد أعطوا إشارات كثيرة وكسبوا كثيراً، وفي الوقت الحالي لا يزالون يقولون بأنهم يريدون حلاً سياسياً ولكن لم يبرهنوا ولا في أي لحظة أنهم قادرون هم أنفسهم على إقناع النظام بمتطلبات الحل السياسي، الحل السياسي لا يكون بأن المعارضة تذهب وتقول للنظام: دخيلك يعني أنجدنا شوف شو بدك ونحن مستعدين لحل، لا! النظام يجب أن يقدم ثمناً، وهذا الثمن لم تستطع روسيا أن تقنع أحداً في أي يوم بأنها قادرة على أن تقنع النظام بتقديمه والنظام نفسه لا يزال يتصرف مثلما تصرف من أول يوم، على الثورة أن تتضبضب كما يقال شعبياً وتخمد وتسكت ثم أنه هو الذي يستطيع أن يمنح بعض التنازلات إذا كانت لمصلحته.
الحبيب الغريبي: سيد بدرخان بعد إذنك من ضمن الخيارات المطروحة التي تحدث عنها الكثيرون سواء كان الخيار الإقليمي أو الخيار الداخلي السوري، هل تعتقد أن الخيار الدولي الذي أصبح يتمثل في العمل خارج آلية مجلس الأمن بات يتمتع بأكثر شرعية بأكثر قبول من ذي قبل؟
عبد الوهاب بدرخان: هذا الرأي العام العالمي والعربي، أعتقد بأن الرأي العام هذا لن يفاجئ أو لن يصدم بعملية ضد سوريا كما صدم مثلاً بالنسبة للعراق، لا نشهد حالياً تظاهرات ضد أي تدخل لا نشهد دعوات كثيرة ضد أي تدخل بالعكس هناك دعوات للتدخل ولكن بحذر، لأن هناك أصبح إدراك لدى الرأي العام الدولي لأن أصبح بأن هناك مخاطر أصبح هناك إدراك بأن هناك مخاطر على وحدة الشعب السوري ووحدة الدولة السورية، إنما أيضا ًما سيجري في الجمعية العام باقتراح من السعودية يمكن أن يعطي خلفية لهذا العمل خارج إطار الأمم المتحدة، لأن الجمعية العامة إذا اعتمدت قراراً فيه إشارة إلى المخاطر مثل إمكانية استخدام السلاح الكيماوي المجازر كل من عرفوا من الارتكابات التي ارتكبها النظام، كل هذا يعطي خلفية لأي تحرك خارج إطار الأمم المتحدة، إنما طبعاً في أي تحرك من هذا النوع سيثير جدلاً وسيعطي روسيا إمكانية القول بأن الأمم المتحدة يعني الدول الغربية خانت مرة أخرى العمل الدولي والقانون الدولي وما إلى ذلك.
هاجس تكرار السيناريو الليبي في سوريا
الحبيب الغريبي: سيد فايز يعين أعود بك إلى الموضوع العسكري بالتحديد، هل هناك وجاهة في المخاوف التي يبديها البعض الآن من أن يكون الجيش السوري الحر ربما قابلاً للتشظي من أن تدخل أطراف أخرى أو جماعات أخرى مقاتلة على الخط، وكنا سمعنا عن مجموعات كردية قالت أنها سيطرت على مثلث الجزيرة ورفعت العلم الكردي بدل علم الثورة، هل هناك هواجس من ربما انزياح الوضع أو انزلاقه إلى السيناريو الليبي مثلاً؟
فايز الدويري: كل شيء ممكن في ظل عدم وجود قيادة مركزية موحدة تقود الجيش الحر، نحن نلاحظ الآن التباين في العمليات التي تجري، والعميد تحدث عن غياب التنسيق الكامل وعدم وجود hierarchy تنسيقي كامل من خلاله تصدر الخطط والتعليمات، إذن في ظل عدم وجود تنسيقي كامل وناضج ما بين قيادة الجيش السوري الحر والقيادات الميدانية العاملة كل شيء محتمل، موضوع الأكراد موضوع مختلف بعض الشيء، لأن الأكراد موجودين في المنطقة تدرب قسم منهم في كردستان العراق، ومن ثم دخلوا وعملوا على شكل تنظيم يشرف على إدامة الحياة العامة وضبط السير إلى ما ذلك، لكن هذه لها دلالتها لها دلالتها الإستراتيجية. إذا تحدثنا عن حكم ذاتي في كردستان العراق والآن نتحدث عن امتداد لوجود كردي في شبه الجزيرة في الزاوية الشمالية الشرقية من سوريا، هذا سيقود إلى تداعيات إقليمية خطيرة، الإقليم بغنى عنها، عندما نتحدث عن هذا التواجد يجب أن لا نغفل وجود 17 مليون ونصف كردي في المنطقة الشرقية وفي ديار بكر وبالتالي هذا سيمس بالأمن القومي التركي واليوم صرح رئيس الوزراء التركي وتحدث عن حق مشروع لتركيا في ملاحقة عمليات حزب العمل الكردستاني PKK في داخل الأراضي السورية إذن هنا تختلط الأوراق، كذلك دخول أي تنظيمات سلفية أو جهادية أو تنظيم القاعدة في ظل سيطرة الجيش الحر على الحدود، الآن تحدثنا خلال الأسبوع الماضي على السيطرة على مراكز العبور سواء المراكز على الحدود العراقية أو الحدود التركية وبالتالي هذه لها دلالتها، إذا كانت الواجهات السياسية والرسمية للدولة سقطت بيد الجيش الحر يعني أن الحدود كافة تداعت وبالتالي إمكانية انتقال هذه الجماعات المقاتلة من العراق، وهي موجودة القاعدة في ارض الرافدين موجودة وبالتالي يمكن أن يتسلل جماعات وتنفذ عمليات، هذه العمليات الشيء السيئ فيها أن تنسب إلى الجيش الحر الجيش النظيف الذي نشأ من أجل الدفاع عن الوطن.
الحبيب الغريبي: عميد مصطفى هل أنتم واعون لهذه المخاطر يعني كيف السبيل لجعل الجيش السوري الحر هو المظلة الكبرى للعمل العسكري داخل سوريا؟
مصطفى الشيخ: الحقيقة هذه الانقسامات الحادة في الجسم العسكري استغلوا ضعف العسكريين أو الجيش السوري الحر ومن ثم البطش الشديد من النظام، جعل قسم من الذين يحملون أفكاراً متطرفة الدخول في ساحة المعركة وبالتالي حتى قسم من الشعب لا بد من اللجوء إلى المخزون الروحي، وبالتالي التعويض عن هذا الخلل الإستراتيجي الموجود بين الجيش النظامي والجيش الحر وهذا منزلق خطير يعني طول الأزمة وعدم توحد المعارضة العسكرية والسياسية ينعكس بشكل أو بآخر على الداخل وهذا ما حذرنا منه مراراً وتكراراً يعني حتى حذرنا المجتمع الدولي حتى مش بس الشعب السوري بده يدفع الثمن، بده يدفع الثمن الإقليم برمته وهذا ليس من مصلحة لا المجتمع الدولي ولا من مصلحة الشعب السوري وهذا أمر مقلق لغاية بالنسبة لنا نحن كعسكريين.
الحبيب الغريبي: سيد عبيدة النحاس أنتم في الدوحة في اجتماعات تقريباً غير رسمية كمجلس وطني، ما المطروح عليكم هل هناك أجندة أعمال محددة وواضحة في هذه المرحلة؟
عبيدة النحاس: هو اجتماع دوري للأمانة العامة للمجلس الوطني، وبعض الخبراء داخل المجلس من التكنوقراط في بحث في ملفات معينة هناك ملف يتعلق بإعادة هيكلة المجلس الوطني من أجل أن يكون أكثر فاعلية بالتأكيد في المرحلة القادمة، هناك أيضاً دراسة لملفات العلاقة مع الجيش الحر، وهناك دراسة لملفات أنا تركت الآن هناك كانت ورشة عمل حول ملف العلاقات الخارجية، العلاقات مع الدول العربية العلاقات مع المجتمع الدولي أحصيت أيضاً اليوم عدد الزيارات التي قام بها أعضاء من المجلس الوطني، وفود إلى دول كثيرة وفود إلى مجلس الأمن الدولي، لا تقارن من حيث العدد بما قامت به على سبيل المثال ما قامت به المعارضة الليبية في الماضي، يعني الجهد الذي بذلته المعارضة السورية هو أضعاف ما اضطرت المعارضة الليبية إلى بذله في أثناء أزمتها ومع ذك لم تكن النتائج بنفس المستوى وذلك بسبب غياب وتقاعس دولي، هناك تسلية للأسف تقوم بها عديد من الدول؛ تتسلى بما يسمى خلافات المعارضة السورية وتحاول أن تبرزها إعلاميا،ً تحاول أن تستضيف شخصيات هنا وهناك لتقول أن هناك فرقة، وينسى الشعب السوري بينما هناك شعوب عربية من المحيط إلى الخليج تتعامل مع هذه الأزمة على أنها أزمتها، كنت في المملكة العربية السعودية قبل يومين وهناك تعاطف شعبي جارف، هناك حقيقة دعم شعبي هائل للثورة السورية ولولا هناك الدعم الشعبي العربي والسوري الذاتي لما استمرت الثورة السورية عاماً ونصف.
الحبيب الغريبي: دعني أطرح سؤال أخير مع أنه استباقي حتى في الزمن طالعنا اليوم مقابلة للعميد مناف طلاس وهو نجل وزير الدفاع السوري الأسبق مصطفى طلاس يقول: إن هناك أشخاص كثر في النظام لم تلطخ أيديهم بالدماء، وهؤلاء لا يجب اجتثاثهم من المجتمع السوري، يعني هناك ملاحظون يرون أنكم راديكاليون على هذا المحور، أنتم لا تقبلون بأي تعامل أو نصف تعامل مع أي رمز من رموز النظام السابق يعني كيف يمكن تصور سيناريو ما بعد اليوم الموالي أوthe morning after؟
عبيدة النحاس: يعني لا هذه مبالغة العبارة والمجلس الوطني خططه معلنة ومنشورة وكلها تقوم على التعامل مع المجتمع السوري بتعامل قائم على الصفح الوطني والتسامح الوطني، كل المواطنين السوريين هم حقيقة لهم نفس الحقوق والواجبات نحن فقط لدينا مشكلة مع من حمل السلاح وقتل شعبه مع من قتل إخوانه، يعني أنا الآن كيف سأتعامل مع ضابط في هذه اللحظة ونحن نجلس هنا يصدر أوامره للجنود لكي يقوموا بارتكاب مجزرة في حلب بعد ساعات؟ هذا الضابط كيف سأتعامل معه؟ هذا الضابط ملطخ بالدماء من رأسه إلى قدميه، هذا الضابط لا يمكن أن أتعامل معه في سوريا الجديدة، أما بالتأكيد هناك طاقات وطنية وخطة المعارضة بشكل عام والثورة السورية أظهرت تسامحاً هائلاً، العميد نفسه مصطفى طلاس عندما انشق هناك من رحب به من كل أطياف المعارضة، حتى على صعيد الثوار في الداخل رحبوا بذلك وكل خطوة وطنية بهذا الاتجاه هي مرحب بها بالتأكيد.
الحبيب الغريبي: ولكن في كلامه لوم مبطن إلى ضعف قيادات المعارضة التي يرى أنها راديكالية في مواقفها؟
عبيدة النحاس: ربما لكن هذه القيادات الراديكالية لا تمثل السواد الأعظم في القيادة السياسية للمعارضة، القيادة السياسية للمعارضة واضحة، والشعب السوري أظهر وعياً هائلاً في كل المجالات في مجال استمرار السلمية لفترة طويلة، حتى عندما حمل الشعب السوري السلاح من أجل الدفاع عن نفسه أعتقد أنه أظهر ضبط نفس عالي يعني لم تصدر مجازر إلا من طرف واحد، هناك نظام واحد يعتدي في سوريا هناك مجرم واحد في سوريا، والشعب السوري يدافع عن نفسه.
الحبيب الغريبي: أشكرك جزيل الشكر عبيدة النحاس عضو المجلس الوطني السوري، أشكر اللواء الدكتور فايز الدويري الخبير العسكري والإستراتيجي، من لندن شكري إلى الكاتب الصحفي عبد الوهاب بدرخان، وعبر سكايب من الحدود السورية التركية كان معنا العميد مصطفى الشيخ رئيس المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر، بهذا تنتهي هذه الحلقة من حديث الثورة شكراً على المتابعة وإلى اللقاء في حديث آخر من أحاديث الثورات العربية، دمتم في رعاية الله.