حديث الثورة - الثورة السورية وانعكاساتها على مصير نظام بشار - صورة عامة
حديث الثورة

دلالات اتساع رقعة الحراك الثوري في سوريا

رغم اتساع رقعة الاحتجاجات وتعدد المدن والبلدات التي شملتها في كامل التراب السوري فإن تمنيات سرت منذ انطلاق الثورة السورية من طرفيها النظام والمعارضة تعبر عن الدور الحاسم المنسوب لمدينتيْ دمشق وحلب في إنجاح الانتفاضة السورية أو تأخير انتصارها.
‪عبد الصمد ناصر‬ عبد الصمد ناصر
‪عبد الصمد ناصر‬ عبد الصمد ناصر
‪وليد البني‬ وليد البني
‪وليد البني‬ وليد البني
‪سمير التقي‬  سمير التقي
‪سمير التقي‬  سمير التقي
‪حازم نهار‬  حازم نهار
‪حازم نهار‬  حازم نهار

عبد الصمد ناصر: السلام عليكم ورحمة الله وأهلا بكم في حلقة أخرى من برنامج حديث الثورة رغم اتساع رقعة الاحتجاجات وتعدد المدن والبلدات التي شملتها في كامل التراب السوري إلا أن تمنيات سرت منذ انطلاق الثورة السورية من طرفيها النظام والمعارضة تعبر عن الدور الحاسم المنسوب لمدينتي دمشق وحلب في إنجاح الانتفاضة السورية أو تأخير انتصارها وقد تميز عام 2012 بتحركات احتجاجية غير مسبوقة في قلب العاصمة نفسها منها حي المزة ذو لأهمية الإستراتيجية البالغة مثلما امتدت المظاهرات كذلك إلى شوارع مدينة حلب التي ظلت الاحتجاجات فيها تقتصر ولوقت طويل على حرم الجامعات. 

[تقرير مسجل]

طارق تملالي: من درعا إلى حمص مروراً بإدلب وحماة واللاذقية وغيرها مطارق الثورة السورية تقرع أبواب منطقتين يراهن على هدوئهما النظام وعلى انتفاضتهما الشاملة الثوار، قلب دمشق ومدينة حلب نفسها، حي المزة في قلب العاصمة حيث معظم السفارات والبعثات الأجنبية وكذلك الفروع الأمنية مع قربه من القصر الجمهوري وكذلك حي القدم ومعه الحجر الأسود وكفر سوسة إضافة إلى حي الميدان والقابون وبرزة وجوبر والتضامن أمثلة لا حصر، خروجاً من قلب دمشق نحو ريفها الذي تحرك بجرأة ضد النظام منذ بداية الثورة لكن العام 2012 تميز باستيلاء الجيش الحر على بلدة الزبداني، النظام فاوض أعداءه مرغما هناك، إضافة إلى اقتتال بيم جنود منشقين وآخرين نظاميين في دوما وحرستا ورنكوس والغوطة الشرقية في ريف دمشق مطلع هذا العام، وغير بعيد عن دمشق في الجولان مقتل جنود نظاميين وآخرين منشقين في اشتباك بإحدى قرى الجولان يوم الخميس وفق وكالات أنباء نقلاً عن مسئولين حكوميين، نتجه شمالاً لم تكن مدينة حلب هادئة تماماً شهدت مظاهرات طلابية نكل بها الأمن السوري داخل الجامعات خلال عام 2011 الجديد في العام 2012 هو خروج مظاهرات في المدينة نفسها وسقوط قتلى فيها انتفضت أحياء الفردوس وصلاح الدين وحي حلب الجديدة وحي الميسر إضافة إلى حي سيف الدولة والمرجة وغيرها عندما تطرق الثورة قلب دمشق ومدينة حلب يستذكر المتابعون تحليلات لسيسيولوجيين عن مفارقة هي توليفة مصالح بين النظام وطبقة من كبار التجار ليسوا بالضرورة من الأقليات ويضيف هذا التحليل عندما يصبح هذا النظام عبئاً على أصحاب الأموال سيتغير مركز ثقل الثورة السورية.

[نهاية التقرير]
 المظاهرات واتساع رقعتها الجغرافية

عبد الصمد ناصر: ولمناقشة هذه القضية ينضم إلينا من القاهرة الدكتور وليد البني مسؤول العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري ومن دبي الدكتور سمير تقي مدير مركز الشرق للدراسات الإستراتيجية وأيضا من القاهرة الكاتب والمعارض السوري الدكتور حازم نهار وعبر الهاتف من حلب عبد المجيد منجونة وهو عضة هيئة التنسيق السورية نبدأ معك سيد منجونة مثل كل جمعة خرجت المظاهرات في الكثير من المدن والبلدات السورية لكن مظاهرات هذه الجمعة تحديداً تميزت بمشاركة أحياء عديدة في دمشق وحلب قراءة في دلالات هذا التطور؟

محمد عبد المجيد منجونة: أنا أعتقد أن الأمور ستزداد اتساعاً يوما بعد يوم لقد وصل الأمر في سوريا إلى مرحلة خطيرة جداً تشير بشكل أو بآخر إلى خطورة ما هو قادم وهذا سيستفز الكثير من القطاعات الشعبية لكي تقف في وجه هذا الانحدار نحو وضع مؤلم وقاس على الشعب وعلى الدولة من هذا أقول إن الانتشار الأفقي الآن للمظاهرات وإن كانت هذه المظاهرات ليست بالثقل الجماهيري الكبير الذي يجب أن تخوضه حلب لكننا ذاهبون إلى ذلك وسيتم ذلك بإذن الله قريباً بحيث تعبر حلب عن موقفها الأصيل في حماية الدولة وحماية الشعب وليس فقط في حماية الشعب لأن الوضع الآن يشير بخطورة كبيرة جداً إلى أن هناك أبواباً تفتح لحرب أهلية وإلى مؤشرات لتقسيم هذا البلد، من هذا المنطلق أقول نحن نرى المستقبل القريب سيحدث فيه تغير كبير جداّ وستنزل جماهير حلب كما تنزل جماهير دمشق وباقي جماهير هذا الوطن من الشمال إلى الجنوب وسيكون لها الأثر الفعال في حماية الدولة وحماية الشعب.

عبد الصمد ناصر: دكتور حازم نهار مشاركة أحياء عديدة من دمشق سنتحدث عن حلب وعن دمشق سأعود للحديث مع دكتور مجنونة للحديث أكثر عن دمشق عن حلب عفواً ولكن بالنسبة لدمشق أن تخرج هذه المظاهرات في هذه الأحياء وخاصة حي المزة كما تابعنا قبل أسبوعين واليوم في هذه الجمعة أيضاً ما الذي يعنيه بالنسبة للدمشقيين بالنسبة للنظام بالنسبة لمسار الثورة وهذا الاتساع الأفقي كما قال الدكتور منجونة؟

حازم نهار: إن التظاهرات في سوريا كان يمكن أن تكون منذ اليوم الأول لتطال جميع البقعات في سوريا، جميع المدن جميع القرى سواء الريف أو المدن لكن إطلاق الرصاص من اليوم الأول كان بهدف منع السوريين وتخويفهم من الدخول إلى ساحة التظاهر، اليوم تدخل حلب وتدخل دمشق وبزخم خاصة في دمشق باعتقادي العامل الرئيسي الدافع في هذا الأمر هو إحساس الدمشقيين وإحساس الحلبيين بأن دورهم جاء من أجل حماية البلد يعني اليوم النظام يحاول جر البلد إلى حرب أهلية من الطبيعي بالنسبة للمدنيين سكان المدن خاصة في دمشق وحلب أن يستشعروا بالخطر إن كان على أموالهم على الاقتصاد على مصلحة البلد لذلك فإنهم اليوم يحاولون الدخول بقوة صحيح يحدث ذلك في بعض الأحياء لكن باعتقادي أن هذه البرجوازية الدمشقية والبرجوازية الحلبية يمكن خلال الفترات القادمة أن تحسم خيارها وتنزل بقوة إلى الشارع، من أجل حماية البلد ومن أجل تصحيح المسارات التي يمكن أن يدفعها البعض للثورة في اتجاهات طائفية سواء تحت ضغط النظام أو بعض الكلام غير المسؤول من قبل بعض أطراف المعارضة.

عبد الصمد ناصر: دكتور وليد البني مسؤول العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري معنا من القاهرة دكتور بخصوص دمشق بالتحديد النظام والمعارضة أيضاً أنتم في المعارضة كنتم تراهنونَ أن المنعطف الذي سيؤثر في مسار الثورة أن تشارك دمشق وأن يشارك أهل دمشق بكثافة في هذه الثورة وينخرطوا فيها بزخم الآن ربما بعض مؤشرات هذا الانخراط، هل تعتقد أو لمن سيكون الرهان في الأخير إذا كان النظام على أن دمشق وحلب يمكن أن يسيطر عليهما وبالتالي سيمنع امتداد الثورة إليهما وبالتالي قد يصل في نهاية المطاف إلى إجهاض الثورة أنتم في المعارضة راهنتم على أن هذه المشاركة في المدينتين سيكون نقطة تحول وتغيير في مسار الأحداث ماذا يعني لكم أنتم في المجلس الوطني هذا التحول في دمشق؟

وليد البني: بشاعة ما يرتكن من جرائم من قبل عصابات الأسد حقيقة ستدفع حتى البشر في أوروبا أن يتظاهروا، هذا القتل الوحشي هذا القصف الوحشي للمنازل والأحياء السكنية هذا التعذيب الذي يحكى عنه والذي يروي سجين لآخر كيف يجري سوف يحرك ضمائر سكان الاسكيمو أيضاً! لذلك ليس غريباُ أن تتحرك دمشق وحلب، ويجب أن نقول أن دمشق تحركت منذ البداية أحياء القابون وبرزة وكفر سوسة تحركت منذ بداية الثورة وجرى قمعها بشدة كلنا نتذكر شهداء القابون أكثر من 36 شهيداً وقعوا منذ أكثر من 7 أشهر وجرى احتلال الحي احتلالا كاملا الآن عاد القابون لينتفض مرة أخرى نتيجة لبشاعة المجازر التي ترتكب في حمص وحماة وإدلب المجازر ارتكبت في حلب مؤخراً أصبح لحلب شهداء عندما يسيل الدم في مدينة لا يستطيع البشر أن يبقوا صامتين إلى أي فئة اقتصادية انتموا، ليست المشكلة الاقتصادية هي من تحرك السوريين في دمشق وحلب الآن وإنما الضمير البشري الضمير الإنساني الذي يحركهم لا يمكن أن يبقوا صامتين أمام هول الجرائم التي ترتكب بحق البشرية سواء في بابا عمرو أو في الزبداني أو في مضايا أو الجرائم التي ارتكبت في دوما في إدلب في ريف حماة في حلفايا في الرستن اليوم قذيفة دبابة تطلق على مظاهرة تقتل أكثر من عشرين شخص وتجرح المئات هل يحتاج الضمير الإنساني لأكثر من ذلك في العالم حتى يخرج ويتظاهر؟ فما بالك بالسوريين في دمشق وحلب!

عبد الصمد ناصر: السؤال دكتور تقي هل المسألة مسألة ضمير مسألة روح تضامن بدأت تتفاعل بدأت الآن تنتعش في نفوس الدمشقيين أهل دمشق وحلب تحديداُ؟ أم مسألة خوف من ألآت بعد المشاهد المروعة التي تنقلها نقلتها وسائل الإعلام عما جرى في بابا عمرو في حمص وفي غيرها من المدن التي ربما قد خلفت لدى المترددين إحساساً والقول داخل أنفسهم ربما أكون قد أكلت يوم أكل الثور الأبيض كما يقال في بابا عمرو وغيرها؟

سمير التقي: إلى حد ما هذا الكلام صحيح ولكن أنا أقول بشكل أساسي بأن ما قاله الأستاذ المنجونة كان دقيقاً تماماً بأن سوريا في خطر وبأن الشعور هذا بأن سوريا في خطر يدفع فيها الآن كل المواطنين بغض النظر عن خلفياتهم ومشاربهم الفكرية والسياسية والطائفية ومن مختلف المناطق إلى الشعور بهذا الخطر الشديد والشعور بأن النظام عملياً لا يملك أي مخرج ولا يملك أي أفق وبهذا المنطق من العنف والعنف المتزايد الذي يتكاثر ويتفاعل بأسس هندسي فعلياً هذا المنطق الذي يعطي انطباعاً لدى كافة أفراد المجتمع بأنه لا مخرج على يد هذا النظام من الأزمة العميقة التي أدخل الحياة فيها، ولكن أنا أقول بالمقابل بأنه في سوريا الآن بدأت مظاهر منذ فترة تؤشر إلى أن الطبقة المتوسطة بدأت تنخرط في هذه العملية، الحياة المعاشية أصبحت في ظروف صعبة جداً للناس بحيث حتى المناطق التي ربما كانت تجد بنفسها تعيش يوماً بيوم لم تعد قادرة على أن تعيش يوماً بيوم وأصبحت تنضم لما يسمى الآن حالة العصيان والخروج من الهيمنة السياسية للنظام بشكل كامل هناك مناطق الآن واسعة من سوريا خارج الهيمنة السياسية للنظام، هذه المناطق تمتد من محيط دمشق إلى المركز وتنتقل من محيط حلب إلى المركز، هذه العملية التدريجية بدأت تنخرط الطبقة المتوسطة رجال الأعمال وممثليهم من رجال الدين المعروفين بأنهم مرتبطون بما يسمى بالبازار أو بالمدينة أو بالحريقة في دمشق هؤلاء أيضا لهم مواقف سياسية أصبحت واضحة الشيخ بعدراني الشيخ الرفاعي الشيخ النابلسي الشيخ الصابوني هؤلاء المشايخ الذين يمثلون عمليا روح المدينة السياسي هؤلاء اتخذوا موقف ضد الطائفية من جهة اتخذوا موقف قرع الجرس بأن سوريا في خطر.

عبد الصمد ناصر: هل تتفق أبقى معك دكتور سمير التقي هل تتفق مع من يقول بأن بدمشق نفسها دمشق قلعة العمل ألاستخباراتي والانتشار الأمني الكثيف دمشق التي اعتبر البعض بأنها محاصرة من قبل قوات الأمن أن دمشق هي التي ستكون المنعطف في الثورة على يد من يسميهم البعض بمراكز القوى الخفية من داخل النظام التي استطاعت أن تستميلهم بعدما كانوا خائفين أو مترددين؟

سمير التقي: في اعتقادي هذا السؤال جميل وعمليا أعتقد أن هذا الموضوع لا ينحصر فقط في دمشق إلى حد ما أيضا يمتد أيضاً إلى حلب ولكن دمشق تبقى هي الأهم عمليا بدأت الخروج عن الهيمنة السياسية النظام والقضية الرئيسية هي أن النظام لم يعد يهيمن سياسياً على مناطق واسعة من دمشق باستثناء من القصر الجمهوري ربما إلى ضواحي جوبر ولكن هذه المنطقة كل المحيط الآخر هو لم يعد موالي سياسياً للنظام وباستثناء أيضا بعض المناطق الأخرى لا أريد أنا تحديدها الآن القضية الرئيسية الآن دمشق بالفعل تنخرط في العملية وتدخل في العمق يعني أشكال الاحتجاج التي تقوم بها الطبقة المتوسطة يجب أن ندرك بأنها تختلف نوعيا عن أشكال الاحتجاجات التي تجري في البلدات والأرياف ولكن هذه أشكال الاحتجاجات تسحب البساط نهائياً من حيث الولاء من تحت النظام.

عبد الصمد ناصر: هذه الطبقة وأتوجه بالحديث للدكتور حازم نهار إن كانت هذه الطبقة المتوسطة هي التي بدأت تتحرك في دمشق دكتور حازم يعني هذه الطبقة وطبقة أخرى كانت تسمى كان يطلق عليها بالطبقة الصامتة الخفية التي تعمل بشكل غير معلن في حلب عفواً السؤال موجه إلى المحامي عبد المجيد منجونة في حلب كان يعاب على المدينة أنها في قبضة مافيا اقتصادية لديها مصالح وصفقات كبيرة مع النظام ولها أتباع كثر من العمال الذين يتبعونها وهذه الطبقة التي تجهض أي محاولة للانتفاض والتحرك، الآن في حلب بدأنا نشهد تحرك بدأنا نشهد تطورات بدأنا نسمع عن اختراقات كثيرة هل ربما هذه الطبقة التي لديها مصالح بدأت تعي بأن مصالحها مع النظام أصبحت مهددة وبالتالي تعيد النظر في موقفها؟

محمد عبد المجيد منجونة: في الحقيقة لمست بشكل يعني مباشر حقيقة ما يجري في حلب، في حلب فعلاً كان هناك كتلة من الاقتصاديين مرتبطة مصلحياً مع رموز النظام سواء في حلب أو في دمشق لكن في الفترة الأخيرة في الوقت الذي تتخذ فيه أجهزة الدولة حيادية في موقفها تجاه ما يجري من جرائم تخريب وحرق ونهب وقتل الرموز الموجودة في البلد سواء رموز اقتصادية قريبة من النظام أو غير قريبة من النظام وحرق معامل ومؤسسات وتشريد عمال وفقدهم للعمل كل هذه الأمور تساعد في إنضاج الوضع في حلب نحو التغيير في التوجه العام لشعبنا في مدينة حلب نحو مواجهة النظام بما يملك من إمكانيات وأن أؤكد هنا أن الكثير من الحوادث الإجرامية التي تعرض لها الصيادلة وأصحاب المعامل وأصحاب المستودعات التجارية المصانع التجارية، هي من قبل شبيحة النظام الين يقدمون على مثل هذه الأعمال لكي يستغلوا فرصة حيادية الدولة وأجهزتها في مواجهة هذه الأمور من أجل التكسب على حساب شعبنا وعلى حساب طاقاته الاقتصادية، ومن هنا أنا كما قلت في المرة الأولى وأكرر الآن أن التغير سيشمل جميع قطاعات الشعب ولا أقصد هنا كتلة أو طبقة معينة بحد ذاتها، كما بدأ بالريف من الطبقة الفلاحية ومن الطبقة التي تعمل في الزراعة وعمت كل ريف حلب ستتحرك مدينة حلب بكامل قطاعاتها لأن ما لحق بها وما لحق بسوريا وما يهدد سوريا سيكون حافزا عالي المستوى للتحرك الشعبي القادم.

عبد الصمد ناصر: المدينة ينتشر فيها كثيرا كما ينقل أهل حلب، قوى الأمن السرية وما يسمونه بالشبيحة وربما قد يكون بعض التجار الذين لديهم نية لدعم الثورة أو الخيارات فيها، قد يكونوا مقيدين، هل ربما اقتربت اللحظة أو حانت اللحظة التي سيجهر فيها هؤلاء الصامتون الخائفون على مصالحهم أو المرتبطون بعلاقات مع النظام، حانت اللحظة لكي يغيروا مواقفهم أم أن الأمر ما زال ربما يحتاج إلى وقت إلى مزيد من الوقت دكتور منجونة؟

محمد عبد المجيد منجونة: أستاذ ناصر أنا قلت في مداخلتي الثانية أن ما يجري من جرائم في حق معامل ومؤسسات القطاع الخاص ومستودعاتهم وفي الاعتداء عليهم وخطف أولادهم وبناتهم وفرض قوات عليهم هذا في حد ذاته ظاهرة تتسع الآن بشكل ملفت للنظر ومن المؤسف أن أجهزة الدولة التي تلاحق أيا كان إذا تكلم كلمتين سياسيتين تعجز عن ملاحقة هذه المجموعات المسلحة التي في رأيي وأتحمل مسؤولية هذا الكلام يقومون بأعمالهم بعلم السلطة وسكوتها عنهم وموقفها الحيادي منهم وبالتالي فهم يزدادون وهذا سيشعل تحرك حقيقي شعبي واسع يشمل الجميع في مدينة حلب وفي غيرها لأن الأمور كما قلت لحضرتك سابقا، لأن الأمور تمس..

عبد الصمد ناصر: طيب.

محمد عبد المجيد منجونة: الدولة وليست تمس النظام فقط.

عبد الصمد ناصر: نعم، دكتور حازم نهار من القاهرة، هذا عن حلب ودمشق، لكن سوريا في مناطق عدة في بلدات كثيرة وفي مدن كثيرة تخرج في مظاهرات، سوريا ثائرة لكن بدرجات متفاوتة، مناطق فيها الحراك الثوري مرتفع وأخرى يبدو أن مؤشر وزخم تحركها ما زال بطيئا أو ربما هي شبه هادئة، ما هي المحددات أن تكون هذه المنطقة تتحرك بشكل يعني مستمر متواصل وبتصاعد ومنطقة أخرى ما زالت هادئة أو متأرجحة، مرة تخرج ومرة تتراجع؟

حازم نهار: يعني في الحقيقة أنا مع التحليل الاجتماعي الاقتصادي لحركة البشر والتاريخ وهذا يحتاج إلى أخصائيين ليدرسوا المناطق السورية والمدن السورية والقرى السورية كي يضعونا بصورة أي المناطق أشد خروجا من غيرها، وما هي الأسباب التي تقف وراء ذلك، لكن على العموم أستطيع أن أقول أن الشعب السوري عندما خرج وكانت البداية في درعا خرج لاعتبارات غاية في البساطة لها علاقة بامتهان النظام لكرامة الشعب السوري، هذا الامتهان هو الذي أجج الاحتجاجات، وجاء خطاب رئيس الجمهورية في ثلاثين آذار بالإضافة إلى صفاقة الإعلام السوري وصفاقة مجلس الشعب في ذلك الوقت، لتزيد من رقعة الاحتجاجات، في الحقيقة يعني كنت أرى خلال الفترة الماضية أن غباء هذا النظام في طريقة تعاطيه والعنجهية التي يستند إليها في تعاطيه مع ما حدث في سوريا منذ البدايات هي ما أدت فعليا إلى توسع هذا الحراك، هذا التوسع بدأ في درعا وانتقل إلى دوما ثم إلى ريف دمشق، إلى حمص، إلى بقية المحافظات واليوم تدخل دمشق وحلب، دمشق على فكرة دخلت منذ الأيام الأولى لكن اليوم تدخل بمظاهرات أوسع وأكبر وتدخل حلب اليوم، بالتأكيد هناك أسباب اقتصادية واجتماعية تجعل هذه المنطقة تكون فيها التظاهرات أوسع من غيرها، لكن العامل الأساسي الذي لعب دورا في خروج هذه التظاهرات جميعا هو امتهان كرامة السوريين الذي قام به النظام منذ البدايات وحتى هذه اللحظة، يضاف إلى ذلك بالطبع ممارسته لقتل لم يمارس عبر التاريخ كله، يعني نظام يمارس هذه الطريقة في قتل شعبه لم نسمع بهذا.

تفاوت النشاط الثوري بين مدينة وأخرى

عبد الصمد ناصر: ولكن دكتور حازم رغم كل هذه القسوة من النظام ورغم كل ممارساته ظلت مناطقه هادئة وتفاوتت درجات النشاط الثوري من هذه المدينة إلى تلك، ومن منطقة إلى أخرى، أسأل هنا الدكتور وليد البني، دكتور وليد ما محددات هذا النشاط الثوري والحركية الثورية بين منطقة ومدينة وبلدة أخرى؟

وليد البني: من راقب السوريين قبل بداية الثورة أي منذ اندلاع، منذ البوعزيزي وبداية اندلاع الثورة في تونس كان يعلم بأن كل السوريين كانوا متحفزين بانتظار يوم انطلاقة الثورة، هناك قهر قديم، الشعب السوري يحس بأنه لا يمتلك وطنه، يحس أنه رعية في مملكة صمت كبيرة منذ أكثر من ثلاثة وأربعين عاما، كل الشعب السوري يحس بذلك حتى أولئك الذين لهم مصالح مباشرة مع بعض عناصر النظام، العناصر المسيطرة في النظام، لذلك سوريا كانت جاهزة للثورة أصلا، أما لماذا انطلقت الثورة في أماكن ولم تنطلق في أماكن أخرى؟ أنا أقول أن السيطرة الأمنية هي التي حددت أي الأماكن يمكن أن تثور وأيها يجب أن تنتظر، كان هناك تركيز كبير على حلب من أجل إخماد حلب وعدم ثورتها ضد النظام، كذلك على وسط دمشق، أنا أتذكر أن دمشق بدأت تتحرك منذ البداية وعندما انطلق الناس إلى ساحة العباسيين جهز النظام كتائبه جميعها وبدأ بقتل عنيف حتى في بداية الثورة، تحمل السوريون في كل الأماكن القتل عندما كان يجري القتل بشكل تلقائي، أي كنا نسمع عن عشر شهداء في يوم الجمعة إلى عشرين شهيد كل جمعة، تحولنا إلى أن وصل عدد الشهداء بالمئات ولم يعد فقط في يوم الجمعة، أنا أعتقد أن المشاعر الوطنية، المشاعر الإنسانية، المنظومة القيمية للشعب السوري بدأت تعود، خلال الأربعين عاما أراد هذا النظام أن يحول السوري إلى كائن يأكل ويشرب وينام، أراد أن يجرده من القيم التي تربى عليها، قيم الشرف والكرامة والإيثار ورفض الذل، هذه القيم بدأ يستعيدها السوري منذ أن أحرق البوعزيزي نفسه، وبدأ ينظر كيف يمكن أن يتخلص من هذا النظام بأقل الخسائر الممكنة، ولكن عندما أمعن النظام بالقتل والدم حسم السوري أمره وفي كل المناطق، أعتقد حلب قادمة ودمشق موجودة، في كل المناطق حسم السوريون أمرهم بأن كرامتهم سوف تستعاد.

عبد الصمد ناصر: طيب.

وليد البني: وأن بلدهم سوف تعود لهم.

عبد الصمد ناصر: نعم.

وليد البني: سوف يملكونها وسوف يقررون مصيرهم.

عبد الصمد ناصر: طيب دكتور سمير التقي، هل تتفق مع ما قاله الدكتور وليد البني خاصة عندما قال بأن المحدد الأساسي هو الانتشار الأمني، هو العامل الأمني وربما قد يقول البعض الخوف هو الذي يحدد إن كانت هذه المنطقة تخرج أو لا تخرج أو تهدأ أو تسخن مرة أخرى.

سمير التقي: أنا أتفق طبعا ولكن أضيف ما يلي، أولا أن النظام في البداية طرح نفسه على أنه الذي يحمي فئة من الشعب السوري ضد، من قوة ونهوض فئة أخرى، هذه الرواية في رأيي سقطت، ولم تعد تقنع أحدا وأصبح الشعب السوري يشعر بأن هذا الانفلات لهذا الغول الكبير، حتى في المناطق التي تعتبر هادئة نسبيا، هذه المناطق الآن تعاني من الشبيحة ومن كون أجهزة الاستخبارات هي التي تسيطر على كافة، على كل مظاهر الحياة المدنية، إذا هذا العنصر الأول، العنصر الثاني هو أيضا انهيار عمليا رواية النظام، كل ما كان يقدمه بفترة معينة كان يلحق تشويشا لدى طبقات متوسطة محددة في المجتمع كانت تحيط به، النقطة الهامة جدا هي أن العنف الأقصى الذي وصل إليه النظام الحقيقة دل على شيئين، أولا، أنه لا يوجد أي أساس أخلاقي ولا ديني ولا طائفة ولا أي حد أدنى من الشعور بالإنسانية يمكن أن يسمح للإنسان الذي يحترم نفسه أن يبقى متجاهلا هذه الأحداث، النقطة الثانية هي أن هذا النظام عمليا يوضح لكل الناس أنه مسدود الأفق ولا يملك حلا والغد ليس في يده، الحل الأمني واضح لأنه يفشل وبالتالي حتى من وجهة نظر المصلحية أصبح الآن حتى رجال أعمال الذين يعيشون كانوا على ميزانية الدولة وعلى الصفقات وعلى الفساد، أصبحوا مقتنعين بأن ليس ثمة مستقبل لهذا النظام وأصبحوا ينفكون عنه وبالتالي العقد الاجتماعي الذي استند إليه النظام حول بيروقراطي فاسد يتحالف مع تاجر مدني بشكل أو بآخر، هذا العقد الاجتماعي ينهار حتى في ما يتعلق بالعلاقة مع رجال الأعمال الفاسدين.

عبد الصمد ناصر: سنواصل الحديث عن إفرازات الثورة عن واقع الثورة، عن مساراتها ولكن بعد هذا الفاصل فابقوا معنا مشاهدينا الكرام.

[فاصل إعلاني]

عبد الصمد ناصر: أهلا بكم من جديد مشاهدينا الكرام في هذه الحلقة من حديث الثورة التي نحاول فيها تقديم قراءة في دلالات اتساع الثورة السورية في خارطتها وانعكاساتها الجغرافية على مصير نظام بشار الأسد، دكتور محمد عبد المجيد مجنونة، قال البعض أن بابا عمرو وما شهدته كما يقولون من مجازر وفظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان كما أكدت بذلك شهود عيان سواء الذين دخلوا من الصحفيين أو الذين يعملون في عمل الإغاثي والإنساني أن ما حدث ما كان يمكن أن يحدث لو أن مناطق أخرى تحركت أكثر لتشغل ربما تشغل تركيز الأمن السوري والجيش السوري وتشتت تركيزه، وبالتالي ما كان يمكن أن يحدث ذلك لو تحركت مناطق أخرى، محمد عبد المجيد منجونة؟

محمد عبد المجيد منجونة: ألو، الحقيقة ما قلته صحيح، لو أن بقية المناطق تحركت بالتوازي مع درعا منذ الأساس ثم مع حماة ثم مع حمص ثم مع بابا عمرو أعتقد أن النظام سيضطر إلى نشر قواته في مناطق بعيدة ولن يستطيع أن يكون أو يملك القدرة على حسم وإخفاء أي بؤرة فيها تحرك ثوري وفيها رغبة في التغيير وفي إسقاط النظام، هذه نقطة لا أستطيع أن أناقشها لأنها صحيحة كما تفضلت فيها، لكن لا بد في ذات الوقت من الأخذ بعين الاعتبار أن بقية المحافظات لم تكن ساكنة وأقول مثلا، على سبيل المثال بحلب، بحلب منذ البداية كانت أكثر من ثلاث تجمعات جماهيرية تحدث كل يوم ويسقط شهداء فيها في كذا منطقة من هذه المدينة ولم تتوقف هذه الأعمال حتى هذه اللحظة وكما تعلمون اليوم حدث أيضا مظاهرات في منطقة سيف الدولة والأنصاري وصلاح الدين، وبكمية لا بأس بها من التجمع الجماهيري الشبيبي، والمدينة الجامعية في كل يوم تشهد تحشدات قليلة أو كثيرة لكنها تحشدات تتابع عمل الثورة وتقدم ما تستطيع أن تقدمه، ولذلك حينما قلنا أن القادم سوف يدفع فعلا من خلال الشعور بالخطر على اللحمة الوطنية وعلى هذا الوطن ستدفع بقطاعات واسعة من شعبنا للمشاركة بالتحرك الثوري وصولا إلى هذا الذي تبغيه جماهيرنا وهي إقامة الدولة المدنية الديمقراطية، أنا أقول أن المسألة ليست مسالة من سبق من، وليست مسألة من دخل على المواجهة ومن لم يدخل، المسألة أن الأمور الآن بحسب ما يفعله النظام وبما يمارسه وما يفعل بالناس سيكون دافعا أساسيا.

عبد الصمد ناصر: ولكن هذا النظام، دكتور، هذا صحيح ولكن هذا النظام يعني بكل قدراته بكل إمكانياته بكل قواه الأمنية لا يمكنه أن يواجه بؤر الثورة في عموم البلاد إذا تحركت دفعة واحدة وبشكل متزامن؟

محمد عبد المجيد منجونة: ما تتحدث فيه أكرر وأقول أنه لو تم كما تقول أعتقد أنك تتحدث بشكل صحيح عن قدرة النظام آنذاك على التأثير في حركة الأعداد، لكنه لن يحدث وبالتالي لا بد أن نبني مما جرى، نستخلص ما يمكن أن نسميه نقاط إيجابية بالتحرك وبالتالي نجمعها ونراكمها وصولا إلى تحرك الملايين، وأنا أقول كلمة الملايين ليست عاطفة وليست تصورا وهميا افتراضيا، سوف يتحرك شعبنا من خلال حركة الحدث ومن خلال ما يفعله النظام وبالتالي فالنظام هو المسؤول أولا وأخيرا عما يجري في سوريا من قتل واعتقالات مستمرة ومن تشريد ومن هجرة متواصلة للناس، من هنا أقول كل هذه العوامل بما فيها العامل الاقتصادي الذي النظام لا يقف عنده بحيث تجد أن الكثير من الناس فقدت أعمالها وأن الكثير من الناس لم تعد تجد ما تأكله من خلال ما لا يصل إليها من موارد، هذا كله مجتمعا سيكون دافعا حقيقيا وقريبا للحراك الشعبي الكبير الذي يعبر عن إرادة شعبنا ودون حساب لكل ما يمكن أن يفعله النظام، ومهما كلف هذا الأمر لأن النظام أثبت منذ اليوم الأول في درعا أن خياره واحد وهو القتل وسيلان الدماء في شوارع المدن.

الثورة ومشروع بناء مجتمع جديد في سوريا

عبد الصمد ناصر: دكتور حازم نهار، رغم هذا المأخذ من البعض إلا أن شهادات الصحفيين آخرهم الصحفي الإسباني والصحفيين الذين كانوا في حمص ومناطق أخرى عادوا من هناك تحدثوا بإعجاب شديد من روح التضامن السائدة الآن بين الناس في ظروف بالغة الشدة والقسوة، في ظروف إنسانية متردية، إلى أي حد تعتقد بأن هذه الثورة إن شئنا أن نقول تصنع مجتمعا جديدا في سوريا وتهيأ نفسها لسوريا المستقبل كما قال الدكتور وليد البني قبل قليل: شعر الناس بأنهم لا يمتلكون وطنهم والآن هناك شعور عام بأنهم استرجعوا هويتهم السورية وربما تقوت فكرة الانتماء للوطن؟

حازم نهار: يعني في الحقيقة منذ اليوم الأول أعلن السوريون جميعاً أن الشعب السوري واحد ووقفوا ضد كل ما يمت للطائفية بصلة وكرروا ذلك في بياناتهم وشعاراتهم ونداءاتهم، ولأول مرة نشعر بأننا عندما ننتقل من مدينة إلى أخرى ومن قرية إلى أخرى نشعر فعلاً إن الشعب السوري بات واحداً، النظام السوري حاول أن يحكم البلد خلال نصف قرن منذ تسلم حزب البعث للسلطة بطريقة الكانتونات يعني محافظة السويداء لوحدها حلب لوحدها، حلب لوحدها، حي الميدان لوحده، المعظمية لوحدها، حرستا لوحدها حتى عندما انطلقت الثورة السورية كان الهاجس الرئيسي للأجهزة الأمنية هو محاولة الفصل بين الأحياء حتى داخل دمشق..

عبد الصمد ناصر: العمل بقاعدة فرق تسد؟

حازم نهار: هذا صحيح، هذه الطريقة هي ما منعت خلال نصف قرن من تشكل هوية سورية وطنية، مع بداية الثورة وخلال مسيرتها بدأت تتشكل بالفعل ملامح الوطنية السورية والمبشر بالخير أنها تشكلت عند الناس أكثر مما تشكلت عند القوى المعارضة وعند التيارات السياسية التي تحاول إيصال نفسها على أنها معبرة عن الشارع السوري، الشارع السوري كان حقيقة من هذه الناحية علمانياً ومدنياً أكثر من المثقفين والسياسيين والتيارات السياسية، اليوم ما يسيء إلى هذا الحراك الشعبي وما يخفف منه، ما يمنع حمص ما يمنع حلب ودمشق من الخروج بهذه الكثافة، أحد الأسباب ليس فقط الجانب الأمني إنما هو هذا الخطاب الغوغائي لبعض أطراف المعارضة، هذا الخطاب غير مطمئن، يرتكز في بعض الأحيان إلى أبعاد طائفية يرتكز إلى محاولة أسلمة هذه الثورة إلى محاولة جرها باتجاه مواجهات مسلحة، إلى محاولة فتح باب صراعي داخل المجتمع السوري، أنا أعتقد أن للثورة السورية مسارها الخاص بها المنفصل تماماً والأوعى عن مسار الحركة السياسية وكافة الهيئات والمجالس التي أُعلنت خلال الفترات الماضية.

عبد الصمد ناصر: نعم دكتور وليد البني طبعاً من المآخذ أيضا التي تُسجل وإن كان العمل السياسي في الداخل الآن في سوريا على الصعيد الثوري ما زال ضعيفاً إلى أنه كان يعول على أن يكون هذا العامل السياسي في الخارج بديلاً أو لربما هو الذي يعوض هذا الخلل، لكن هناك نوع من الإحباط هناك نوع من الغبن الذي يشعر به السوريون بالداخل على أن المعارضة في الخارج أصبحت نقطة ضعف لوصول الثورة لمقاصدها وإنجاز أهدافها.

وليد البني: المعارضة في كل دولة في العالم هي مرآة الحياة السياسية لهذه الدولة، بعد ثلاثة وأربعين عاماً من القمع والموات السياسي والتصحر السياسي الكامل في سوريا الآن تنشأ طبقة سياسية وتتعلم كيف تمارس السياسة ولكن الثورة في الداخل تجاوزت هذه الخلافات نحن نجري وراءهم وليسوا هم من يجروا وراءنا، نحن نحاول أن نكون ممثلين لطموحاتهم في الخارج هم يقومون بالثورة هم يدفعون الدم، أنا كنت جزءً منهم لقبل أربعة أشهر فقط خرجت من السجن وأتيت إلى الخارج المعارضة هنا تحاول أن تكون مرآة الشارع بقدر ما تعلمه هي الشارع حسم أمره واليوم قالها والأسبوع الماضي قالها بأن من يمثل طموحاته؟ وإلى من يتوجه بالنداء؟ هناك خلل في المعارضة هذا طبيعي هناك نواة تصحر سياسي ولكن نشأت معارضة استطاع الشارع أن يعلن بأن هذه المعارضة تمثله، خرج السوريون في كل الأماكن قالوا من المعارضة يمثل آمالهم وطموحاتهم رغم التقصير الموجود؟ ولكن ما يجري الآن في سوريا الشعب يولد من جديد يولد واعياً بأنه ينتمي إلى هذه الأرض ويملكها، لم يثر هذا الشعب هكذا ثورة منذ آلاف السنين..

عبد الصمد ناصر: وهذا الشعب نعم..

وليد البني: الآن سيعي الشعب السوري كينونته كشعب وانتماءه لهذه الأرض وهو من سيقول من يمثله ومن لا يمثله ومن سينبذ غداً قريباً بإذن الله بعد سقوط النظام من سينبذ من لا يعتقد أنه يمثل طموحاته ومن سيقبل من يمثل طموحاته، الآن علينا أن نعمل على دعمهم في الداخل على دعم حماية المدنيين على تقوية أولئك النبلاء الذين انشقوا عن الجيش النظامي وآلوا لأنفسهم بأن يحموا مدنييهم ومواطنيهم في الداخل، هذا ما يطلبه الشعب السوري وهذا ما يجب العمل عليه.

عبد الصمد ناصر: دكتور سمير التقي وبالتأكيد أن هذا الشعب وأن هذه الثورة لها رجالاتها لها أبطالها ونسأل هنا إن كانت فعلاً هذه الثورة استطاعت وإن ربما كانت الأسماء غير معلنة أن تفرز قيادات شعبية وميدانية يمكن أن يكون لها الدور الحافل في إيجاد الثورة وفي بناء سوريا المستقبل.

سمير التقي: يعني أنا أقول أولاً بأن الثورة في سوريا بدأت تختمر منذ عام 2000 ومنذ بيان إعلان دمشق ومنذ بيان 1999 ثم البيانات المتتالية التي أصدرها المثقفون، كانت هناك حالة تخمر عميقة يختزنها الشعب السوري من خلال حراك ثقافي أدى إلى اعتقال بعض من أشرف مثقفينا كسوريين من خلال الموقف الذي اتخذ مثل رياض الترك وغيره والأستاذ وليد البني أيضاً من أولئك المناضلين المعروفين، هذا الاختزان الذي كان يختمر في قلب الشعب السوري منذ عام 2000 وحتى انطلاق الانتفاضة في اعتقادي هو عملية عميقة ولكن هذه ليست طارئة على الشعب السوري، أنا حتى أقول من الناحية الثقافية يمكن المسلسل التلفزيوني باب الحارة أيقظ عدد من المشاعر التضامنية بين الناس التي أسست لهذه الثورة، الآن السوريون يكتشفون أنفسهم يكتشفون بعضهم، حين يجلس الآن سوريون من طوائف مختلفة يحاول النظام أن يفرق بينها لو شاهدنا أي نوع من النقاش يجري بينهم نقاش توافقي نقاش الإصرار وهؤلاء هم الذين يحمون المجتمع السوري من الانحدار حتى الآن جرت عدة ظروف ممكن أن تؤدي إلى الانحدار إلى الحرب الأهلية، المجتمع السوري، هذا الإنسان العفوي في الشارع وليس هو العفوي بمعنى أنه جاهل وإنما هو الذي لم يفكر في حياته أن يكون له حياة سياسية الآن يمارس نوع من التضامن، يمارس نوع من الوقوف حتى أبنائنا من الجيش السوري الذين يفلتون عملياً ويتم احتضانهم من أناس لا يعرفونهم ويحمونهم بأجسادهم ويحمونهم بعائلاتهم وفي بيوتهم، تجري مشاهد من التضامن بين أبناء الشعب السوري منقطعة النظير الآن السوريون يثبتون معدنهم الحقيقي وفي اعتقادي سنسمع الكثير عن السوريين.

مسار الثورة السورية والسيناريو المتوقع

عبد الصمد ناصر: دكتور محمد عبد المجيد منجونة من بداية الحلقة إلى الآن هناك معطيات كثيرة يمكن أن نلخصها في أن هناك انتشار أفقي كما قلت للثورة هناك إصرار وصمود على الاستمرار في الثورة من الشعب السوري وهناك نوع أو إن شئنا أن نقول مجتمع سوري جديد أو أن المجتمع السوري استعاد أو بدأ يستعيد نفسه وقيمه استعداداً لمرحلة جديدة وبالتالي في ضوء هذه المعطيات إلى أين تتجه هذه الثورة في سوريا؟

محمد عبد المجيد منجونة: سيدي الكريم أولاً أنا لست دكتوراً لذلك أرجو الانتباه إلى هذه المسألة، المسألة الثانية..

عبد الصمد ناصر: شكراً للتصحيح.

محمد عبد المجيد منجونة: أن نترحم على أرواح الشهداء الذين يسقطون يوماً بعد يوم ويدفعون مهر حرية سوريا وحرية شعبها، النقطة الثالثة أنا أتمنى على الدكتور حازم لما أعرفه فيه أن يخفف نوعاً ما مما في داخله ضد القوى السياسي التي يعرف أنها حملت مسؤولية المواجهة منذ السبعينيات وما قبل السبعينات وحتى الآن ولها أدوار مختلفة في هذا الشأن، كما أرجو من الدكتور وليد أن يعرف أن زملاءه في النضال هم أيضاً لهم شعبهم ولهم مؤيدهم ولهم أنصارهم ولهم وجودهم في الساحات النضالية في مواجهة هذا النظام وليس هذه الفئة أو تلك أو هذه المجموعة أو تلك فلنتواضع قليلاً..

عبد الصمد ناصر: للأسف انقطع الاتصال بالسيد محمد عبد المجيد منجونة وهو عضو هيئة التنسيق الوطنية كان معنا من حلب عبر سكايب كان يتوجه بالحديث إلى الدكتور حازم نهار، أعود إلى الدكتور حازم نهار في القاهرة لا أريد تعليقاً على ما قال دكتور منجونة ولكن لأن الوقت لا يسمح أريد في الختام أن نقرأ في مسارات الأحداث الآن في سوريا باختصار دكتور حازم.

حازم نهار: برغم كل ما تحدثناه من إيجابيات عن هذا الحراك الشعبي وامتداده وتوسعه إلى دمشق وحلب لكن يفترض أيضاً أن نرى اللوحة كاملة والصورة كاملة: هناك خطر وقول ذلك لا يعني إلا أننا نريد البحث عن المسارات الخاطئة ومحاولة تجاوزها، من المهم جداً للثورة السورية وللقوى السياسية الداعمة لها أن لا تلعب في ساحة النظام السوري، ساحة النظام السوري التي يتقن اللعب فيها جيداً هي ساحة التسلح وساحة الطائفية، حماية هذه الثورة وازدياد اتساع الثورة في دمشق وحلب يقتضي أن لا نلعب في هذه الساحة التي لا يتقن أحد اللعب فيها كما يجب..

عبد الصمد ناصر: ماذا تقصد بذلك بشكل واضح دكتور حازم بوضوح أكثر ماذا تعني؟

حازم نهار: أعني أن الثورة حتى تنتصر يفترض وجود برنامج سياسي واضح، رؤيا متكاملة للمعارضة السورية لهذه الواجهة السياسية للثورة السورية، هذه الرؤية المتكاملة يفترض أن تكون على أساس بناء دولة مدنية ديمقراطية لجميع السوريين تنأى بنفسها عن محاولة رفع الصفة الوطنية أو جر البلد إلى اقتتال طائفي أو حتى بما يخص قضية التسلح التي أصبحت اليوم هي إحدى ركائز خطاب بعض قوى المعارضة يفترض بنا أن تكون هذه النقطة محط تنظيم يعني لا أن يترك الموضوع، للفوضى أو ..

عبد الصمد ناصر: لعل الدكتور وليد البني له ما يقول في الختام في هذه النقطة الدكتور وليد البني لك الكلمة الأخيرة.

وليد البني: في الحقيقة أنا أريد أن أوجه احترامي لكل المناضلين في سوريا، أريد أن أحيي الدكتور منجونة ونضاله السابق لم أكن أقصد أبداً أن أبخس من حق أحد ولكن ما أردت قوله بأن من أطلق هذه الثورة هم شباب سوريا هم شعب سوريا الذي يقدم التضحيات الآن، لا أعتقد علينا أن نقدم لهم النصائح عبر التلفزيون هم يقررون أين هي مصلحتهم، الشعب السوري بأكمله يقول بأنه يواجه القذائف والدبابات والصواريخ..

عبد الصمد ناصر: دكتور وليد قراءتك للمستقبل..

وليد البني: الشعب السوري يقول، المستقبل ستنجح هذه الثورة ستصبح سوريا ديمقراطية، النصر سيكون لهذه الثورة، سوف يدافع السوريون عن أنفسهم بكل ما أوتوا من قوة، المجتمع الدولي أهملهم، الإخوة العرب لا يستطيعوا تقديم المساعدة، آلة القتل الهمجية تفتك بهم من حقهم أن يدافعوا عن أنفسهم بكل الوسائل الممكنة ومن حقهم علينا أن نقدم لهم كل الدعم حتى يتمكنوا من الدفاع عن حقهم..

عبد الصمد ناصر: ومن حقي أيضاً عذراً لأن الوقت قصير جداً من حقي أن أعطي الكلمة الأخيرة للدكتور سمير التقي دكتور سمير تفضل.

سمير التقي: ما هو سؤالك؟

عبد الصمد ناصر: كلمتك الأخيرة بخصوص مسارات الأحداث في سوريا في ضوء ما عرضناه الليلة.

سمير التقي: نعم أنا في اعتقادي بأن الأمور تتطور باتجاه اتساع رقعة العصيان في المناطق التي تخرج من الهيمنة السياسية لنظام بشار الأسد تتسع بشكل واسع، الحياة المعيشية للناس تصبح في وضع مزري، الوضع الدولي ينضج، الوضع الاقتصادي يتدهور، عملياً الهيمنة السياسية والقدرة على الحكم تتدهور.. 

عبد الصمد ناصر: شكراً..

سمير التقي: النظام يراهن على أحد سيناريوهين: السيناريو الأول هو أنه يمكن أن يدفع البلاد إلى حرب أهلية ويصبح فيها له كرسي..

عبد الصمد ناصر: والسيناريو الثاني؟

سمير التقي: على الطاولة النهائية أو أن الأمور يمكن أن تتسع في اتجاه أن يكسر المجتمع وإرادته..

عبد الصمد ناصر: شكراً لك دكتور سمير التقي مدير مركز الشرق للدراسات الدولية من دبي كما نشكر أيضاً من القاهرة الكاتب والمعارض السوري الدكتور حازم النهار ومن القاهرة أيضاً نشكر الدكتور وليد البني مسؤول العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري ونشكر مجدداً محمد عبد المجيد منجونة عضو هيئة التنسيق الوطنية الذي رافقنا من حلب عبر سكايب للأسف انقطع اتصالنا به في آخر لحظة، شكراً لكم مشاهدينا الكرام وإلى اللقاء بحول الله.