
التمويل الأجنبي للأحزاب بعد الثورة
– مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط
– المساعدات الأميركية بين السيطرة والديمقراطية
– محاولة إفساد الحياة السياسية
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
محمود مراد: مشاهدينا الأعزاء السلام عليكم ورحمة الله، ومرحبا بكم في حديث الثورة، لا تخفي الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا دعمهما لما يصفانه بجهود إحلال الديمقراطية في العالم العربي، يتم ذلك من خلال آليات عدة لعل أكثرها إثارة للجدل تحويلات مالية ينتفع بها عدد من منظمات المجتمع المدني وربما تشكيلات سياسية تعتبرها العواصم الغربية صادقة في الالتزام الديمقراطي، هذه الصلات المالية شكلت واحدة من محاور النقاشات والمواقف الساخنة في كل من تونس ومصر الدولتين اللتين تمكن الثوار فيهما من تغيير رأس النظام وشرعوا في التأسيس لدساتير وقوانين تطرقت لمسألة التمويل الأجنبي وما تعارضها مع الإستقلالية تجاه التأثيرات الخارجية، عند هذه النقطة تفترق الآراء والتجارب العملية بين من يروج لضرورة الاستفادة من الشراكة مع المجتمعات والحكومات الحرة ومن يؤكد أن الغرب لا يصطاد في مياه الثورات العربية لوجه الله، سنتطرق للتجربة المصرية على هذا الصعيد لكننا قبل ذلك نتجه غربا إلى تونس، في تونس لم يمرا قانونا تمويل الأحزاب والجمعيات المدنية مرور الكرام في الساحة السياسية فقد توقفت النقاشات عند مسألة التمويل لتسجل ما أقرته الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة من قوانين جديدة تحرم التمويل الأجنبي على الأحزاب السياسية بينما تسمح بها لجمعيات المجتمع المدني، هذه النقاشات تعكس مقدار الإختلاف في المواقف من هذه المعالجة القانونية التي تحيل مباشرة على علاقة الفاعلين السياسيين والمدنيين في الداخل التونسي بقوى الخارج التي لا تخفي دعمها لبعضهم واستعدادها للسير قدماً في ذلك الطريق، فاطمة التريكي والتقرير التالي:
[تقرير مسجل]
فاطمة التريكي: يُصادفك في صفحة السفارة الأميركية على الإنترنت إعلان صغير عن فتح باب للراغبين من منظمات المجتمع المدني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، للحصول على منح بموجب برنامج يُسمى مبادرة الشراكة في الشرق الأوسط، الإعلان هذه المرة يخص مصر وتونس بالاسم، تنظيم هذا البرنامج تتولاه وزارة الخارجية الأميركية ويهدف بحسب الوزارة إلى دعم جهود شعوب شمال أفريقيا في تحويل مجتمعاتهم إلى مجتمعات منفتحة وديمقراطية وتعددية، وقال البيان إن هذا البرنامج يؤكد التزام الرئيس أوباما بالعمل على إيجاد مجتمعات ديمقراطية ومجتمع مدني قوي في هذا الجزء من العالم، وإشراك الشعوب العربية في عملية صنع القرار، من قد يصنع القرار إذن أو يشارك فيه يتلقى مالاً من جهة خارجية فهل في السياسة مالٌ مجاني، يتشكك كثيرون بالكلام الجميل الوارد في الإعلام والذي يماثل إعلان جمعيات خيرية، ثمة من يعتبر هذه المنح محاولة للتسلل إلى مجتمعات الدول الفقيرة والنامية، ويرى كثيرون أن الشعوب العربية وبشكل خاص تلك التي ثارت ونجحت هي هدف مهم لهذه التمويلات للولايات المتحدة لأنها لا تريد أن تجد نفسها خارج مشهد لم يكن لها يدٌ في رسمه، في تونس الخارجة لتوها منتصرة من ثورة على بن علي والتي تخوض في إرهاصات ما بعد الثورة، يسود نقاشٌ عارمٌ حول مسألة تمويل الجمعيات المدنية وعلى طرف موازٍ تمويل الأحزاب السياسية، وفي هذا السياق يندرج ما شهدته أخيراً جلسة هيئة تحقيق أهداف الثورة التي صدقت قانون الأحزاب، هذه الهيئة موكلٌ إليها إدارة العملية السياسية حتى تنظيم انتخابات المجلس التأسيسي الذي سيكتب دستور ما بعد الثورة، لكنها أصيبت بانتكاسات عديدة فقد انسحب منها مبكراً حزب النهضة الإسلامي ثم لحق به الحزب الديمقراطي التقدمي معترضا على قانون الأحزاب، يحظر نص القانون رسمياً على الأحزاب السياسية تلقي تمويل مباشر أو غير مباشر من أي جهة أجنبية كذلك تلقي المساعدات والتبرعات والهبات من الجهات المعنوية، وهذا قد يعني الدول تحديداً، ويستثني النص التمويل الصادر عن الدولة وعن أشخاص طبيعيين لا تتجاوز قيمتها السنوية ستين ألف دينار لكل متبرع، لكن قوانين الهيئة أبدت تسامحاً في المقابل مع التمويل الأجنبي للجمعيات المدنية، صيغٌ أطلقت جدلا لم يتوقف محوره تهمٌ وشبهات يتوقع المراقبون أن تكون مادة ساخنة في المنازلات الإنتخابية المرتقبة.
[نهاية التقرير]
مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط
محمود مراد: يشارك معنا هذا النقاش عبر الأقمار الصناعية من واشنطن السيد ستيفن مكلنيرني المدير التنفيذي لمشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، على أن ينضم إلينا ضيوفٌ آخرون لاحقاً في هذه الحلقة أو في هذا النصف من الحلقة، سيد ستيفن، هل هناك.. يعني طرحنا هذا السؤال في سياق التقرير الذي أذعناه قبل قليل، هل هناك أموال في السياسة تمنح دون مقابل، أموال بالمجان؟
ستيفن مكلنيرني: في الحقيقة ليس بالضرورة ولكن في هذا الوضع، الدولة الوحيدة التي دعمت الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني، وأن الولايات المتحدة ترى أن مصر المستقرة هي في مصلحة الولايات المتحدة، وبالتالي فإن الكونغرس الأميركي يرى مصلحة أميركا دعم المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني لمساعدة عملية تحقيق الديمقراطية في مصر.
محمود مراد: هل هناك رابط ضروري بين دعم مؤسسات المجتمع المدني وبين تحقيق الاستقرار في هذا البلد أو ذاك.
ستيفن مكلنيرني: أعتقد أن هناك بعض الصلة والربط فهناك صلة إذ أننا شاهدنا منظمات مجتمع مدني تؤدي دوراً مهما في إضفاء الاستقرار في الفترات الانتقالية في أوروبا وأميركا اللاتينية وشرق آسيا عدا الشرق الأوسط التي ما زالت تمر بهذه العملية الانتقالية إلى الديمقراطية، أعتقد أن المنظمات المجتمع المدني دور مهم تلعبه وللأسف معظم الدول العربية كان دور المجتمع المدني فيها ضعيفاً جداً نتيجة سنوات طويلة من الديكتاتورية والحكومات الاستبدادية التي أضرت كثيراً ومنعت تطور منظمات المجتمع المدني، وتؤدي دوراً ينبغي أن تلعبه في المجتمع، والآن هناك ضرورة لتعزيز قوة هذه المنظمات وهناك طلب حقيقي من العالم العربي من دول مثل مصر وتونس حيث الكثير من منظمات المجتمع المدني تحاول أن تكرس لنفسها وتلعب دوراً مهما قبل الانتخابات القادمة مثلا، ولكن في بعض الحالات ليس لديهم الموارد المالية للقيام بذلك بأنفسهم بسرعة.
محمود مراد: عندما نسمع عنوان التحول، دعم التحول الديمقراطي، إغداق الأموال على هذا البلد أو ذاك لدعم التحول الديمقراطي وترسيخ الديمقراطية في هذا البلد، هذا عنوان يبدو براقا وجذابا ويصب في صالح الولايات المتحدة لكن إذا غصنا في التفاصيل نحن لا ندري إلى أين تذهب هذه الأموال تحديداً، وما هي المنظمات التي تغدق عليها الأموال وتحبس عن منظمات أخرى، ما هي المعايير لهذا الأمر؟
ستيفن مكلنيرني: بشكل عام معظم هذا التمويل يوزع بطريقة شفافة، وثمة طلبات عامة للمعونات مثلاً في مصر قبل بضعة أشهر في شهر مارس آذار كان هناك طلب مقدم، طلب حوالي 65 مليون دولار لتمويل ودعم الديمقراطية والحكم السديد في المجتمع المدني مصر، وهذه كانت معلنة رسمياً على الإنترنت ومتوفرة باللغتين العربية والإنجليزية حول النشاطات التي تحظى بدعم ومساعدة، وأن صندوق المساعدات الأميركية الذي وزع هذه الأموال كان واضحا وعلنيا في دعمه هذه المنظمات ويقومون بالاتصال بشكل واضح مع الحكومة المصرية والمجلس العسكري حول ماهية المنظمات المقدم لها الدعم وبالتالي إذا كان هناك إيحاء بأن هذا نوع من المؤامرة لاختيار وتضليل مجموعات معينة بطريقة غير شفافة، هو كلام غير صحيح وغير دقيق وبشكل عام نستطيع القول أن هذا العمل يجري بشكل علني مفتوح وهو عمل مخلص ونزيه لدعم منظمات المجتمع المدني ومن يسعى للعمل في هذه الدول.
محمود مراد: سيد ستيفن، تتحدث عن الإخلاص والنزاهة، الولايات المتحدة احتلت بلداً بأكمله وليس فقط أعانته أو قدمت لهم أموالا في صورة معونة احتلت بلداً عربياً بأكمله وحتى الآن لم تتحقق الديمقراطية على النحو الذي نراه في الدول الغربية.
ستيفن مكلنيرني: في الحقيقة أنا أؤمن أن منظمتنا ترى أنه يمكن تحقيق الديمقراطية بشكل فعال أكثر ليس عن طريق العنف، وإنما هذا النوع من الدعم، بالدعم المالي وبالدعم المعنوي لجهود منظمات المجتمع المدني سعياً إلى استحداث التغيير ليس عن طريق العنف كما حصل في العراق وحصل في أفغانستان، صحيح أن كمية الأموال الموزعة لهذه الأهداف هي أموال قليلة جداً مقارنة بالأموال التي أنفقت في إحتلال العراق مثلا، ولكن رغم ذلك يمكن أن يكون لها تأثير مفيد فإن هذه المنظمات تستطيع أن تؤدي عملاً كبيراً، مساعدة كبيرة بأموال قليلة نسبياً، ويمكن أن تحاسب الحكومات ويمكن أن تساعد في إعلام المواطنين حول العملية السياسية الجديدة عليهم، وبالتالي هناك انتخابات برلمانية في مصر ستحصل وستكون أول انتخابات حرة في تاريخ البلاد، وهناك أسئلة كثيرة حول الموضوع.
محمود مراد: عفوا على المقاطعة، سيد ستيفن، عفوا على المقاطعة سنتطرق بالتفصيل للشأن المصري خلال النصف الثاني من هذه الحلقة لكن الآن نحن نركز على تونس وعلى الأهداف الأميركية بصفة عامة من هذه المعونات أو الأموال التي تقدمها، ما زلنا نتحدث عن جدوى هذا الأمر بالنسبة للولايات المتحدة أنت تقول أنها تفعل ذلك بكل إخلاص ونزاهة ولا شائبة ولا شبهة مؤامرة في هذا الأمر، هل تريد أن تقول أن ما حدث في تونس ثم ما بعدها في مصر لم يكن مفاجئا للولايات المتحدة، هل كان بسيطاً بالنسبة للولايات المتحدة أن تخسر حليفين قويين بل ومن يصفهما البعض في هذا البلد أو تلك بأنهما عميلين صريحين للولايات المتحدة وللغرب بصفة عامة، هل هذا كان أمر بسيطا بالنسبة للولايات المتحدة، هل كانت لتترك الأمور لتأخذ مجراها الطبيعي وتفرز المجتمعات حكاماً تثق فيها وليست بالضرورة تابعة للولايات المتحدة والغرب، كان لا بد في تحليل البعض، كان لا بد للولايات المتحدة أن تتدخل لعرقلة وتلجيم وتعقيل هذه التحولات الجارية في مصر وتونس.
ستيفن مكلنيرني: الأمر لا يعود للولايات المتحدة، القرار ليس قرار الولايات المتحدة من يحكم هذين البلدين، الولايات المتحدة لم تقم بالثورة في هذين البلدين بل الشعوب العربية في دول مثل مصر وتونس هي التي أحدثت هذه التغييرات، وهناك الكثيرون في واشنطن هنا ربما كانوا يشعرون بقلق حول مستقبل هذه البلدين، ولأننا كنا مرتاحين أو كانوا مرتاحين مع حلفائهم القدماء مبارك وبن علي، ولكن كثيرون آخرون في واشنطن منهم أناس في الإدارة يرون أن التغيير، نوعاً من التغيير في المنطقة كان لا محالة سيتحقق وكان ضروريا، وبقدر تعلق الأمر بالوقت الحالي فلا أعتقد أن الإدارة والحكومة الأميركية ستحاول أن تؤثر أو تسيطر على الانتخابات لأن ذلك سيكون ذو تأثير عكسي، فإن أردت أن تختار من سينتصر في انتخابات مصر أو تونس فإن ذلك سيكون مضراً بمصداقية أميركا، وأن الولايات المتحدة في الماضي حاولت أن تساعد وفي أن تقوم بدور في مثلا ما حصل من دور في الانتخابات الفلسطينية سابقاً، ولكن ذلك كان ذو تأثير عكسي ونجد أن الدعم الذي قدم لفتح في تلك الانتخابات كان عنصراً أساسيا ساعد حماس لتخرج منتصرة في تلك الانتخابات وبالتالي كان هناك دروسا جرى تعلمها لمحاولة تجنب التأثير على نتائج الانتخابات بل الإيمان بأنه على المدى البعيد على الأقل الولايات المتحدة ستسفيد من وجود وظهور دول ديمقراطية في الشرق الأوسط وتستطيع أن تعمل على أن يكونوا حلفاء للولايات المتحدة بطريقة نزيهة وأصيلة وليس كما كان الحال مع الديكتاتوريين الذين لا يمثلون شعوبهم.
محمود مراد: هل من مظاهر النزاهة والإخلاص في انفاق المال من أجل دعم الديمقراطية أن يمنح هذا الفريق ويمنع هذا الفريق، هل أنفقت الولايات المتحدة فلساً واحداً أو دولاراً واحداً على القوى الإسلامية الصاعدة في البلدان العرية في تونس ومصر.. عندما نقرأ على صفحة وزارة الخارجية الأميركية على الإنترنت أنها رصدت عشرين مليون دولار لدعم الديمقراطية في تونس ثم بعد ذلك 45 مليون دولار أو 150 مليون دولار لدعم الديمقراطية والمجتمع المدني في مصر، لماذا لا تستفيد القوى الإسلامية على سبيل المثال من هذه الأموال؟
ستيفن مكلنيرني: إذن، أن الولايات المتحدة وحكومة الولايات المتحدة يرون أن المجتمع المصري والمجتمع التونسي يمكن أن يستفيدا من بعض الدعم المقدم إلى منظمات غير حكومية والمجتمع المدني، هناك فهم بأن هذا يشمل عناصر إسلامية وعناصر غير إسلامية علمانيون ويمينيون ويساريون، وبالتالي ما أحاول أن أقوله أن الولايات المتحدة لن تحاول إختيار أي مكونات أي أطراف تدعمهم أو تساعدهم سياسياً كما ينبغي أن نضيف أن حكومة الولايات المتحدة تدفع أموالا مباشرة لأي أحزاب سياسية في المنطقة وأن ذلك ضد القوانين المحلية هنا في مصر وتونس، فالقوانين هناك لا تسمح للأحزاب السياسية أن تستلم أموالاً وتمويلاً من مصادر خارجية من حكومات مثل الولايات المتحدة، إذن نحن لا نتحدث عن تمويل أحزاب سياسية بل تمويل منظمات المجتمع المدني، والمنظمات غير المدنية إضافة إلى التدريب والتعليم فيما يتعلق بالجوانب الوطنية والعملية السياسية لتوعية المواطنين في هذه الدول، صحيح أن الكثير من الناس قد يستفيدون من هذا النوع من التدريب قد يكونوا إسلاميين، ولكن الهدف من هذا التدريب هو ليس لتقديم الدعم لأجندة إسلامية أو أجندات أخرى بل هو المساعدة على إعداد وتدريب المواطنين على المساهمة أفضل في العملية السياسية بأنفسهم، وأقصد هنا كل فئات المجتمع وليس طرفا دون آخر، الولايات المتحدة تؤمن بشكل عام أن الجمهور الواعي المثقف الذي يتمتع بموارد جيدة في مجتمعه المدني سيكون فعالاً في تحقيق بيئة سياسية نزيهة وهذا سيكون مفيداً للشعوب وللدول هذه وكذلك لمصلحة الولايات المتحدة التي لديها مصالح كبيرة في المنطقة.
محمود مراد: طيب أنا ضربت لك مثلاً بالأموال المقدمة لدعم الديمقراطية في تونس عشرين مليون دولار، هل لديك أي بيانات عن الجهات التي تلقت هذه الأموال وعن الوجوه والإجراءات التي ستنفق عليها هذه الأموال، على سبيل المثال يعني هناك في مصر أيضاً من تلقى هذه الأموال ولا ندري وليس معلناً من هم الممنوحون.
ستيفين مكلنيرني: أيضاً في تونس المبالغ التي خصصت ودفعت لحد الآن بعد الثورة هي 32 مليوناً وفي البداية كانت 20 مليوناً خصصت لوزارة الخارجية الأميركية لمبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط، وبعد ذلك كانت هناك 12 مليون إضافية خصصت لتونس عن طريق مجموعة من الصناديق الأميركية، أما مصر فحالتها مختلفة لأنها حصلت على الكثير من المساعدات الأميركية لزمنٍ بعيدٍ وطويل،وهذا لا ينطبق على تونس، خصصنا 32 مليون دولار، هذا لا يعني أن كل هذا المبلغ قد سلم بكل بساطة لمجموعاتٍ تونسية ومدنية. إن بعض هذه الأموال أنفقت في إنشاء مكاتب وتنفيذ برامج، هناك برامج وأنواع كثيرة من أنواع برامج التدريب التي تنفذ في تونس، كما هناك منظمات المجتمع المدني، حالياً هناك تركيز شديد على المنظمات التي تنشط في هذه العملية الانتقالية بما في ذلك إنتخابات البرلمان في تونس، أو المجلس التأسيسي في تونس وإن كثيرا من الأموال تصل إلى يد الحكومة الانتقالية أو بالوكالة في تونس لكي تدير وتنظم الانتخابات بطريقة جيدة ونزيهة، كما هناك أموال تخصص لمنظمات المجتمع الوطني التي تساعد في تشجيع المشاركة، مشاركة المواطنين في الانتخابات وبيان فوائدها كما أن بعض المجموعات ستقوم بدراسات تقييم وملاحظة للحكم أو لمعرفة مدى جودة الانتخابات، كما أن هناك أموال كثيرةٍ في تونس تخصص لدعم….
محمود مراد: سيد ستيفين، سيد ستيفين أنا يعني سألتك عن الجهات التي تلقت هذا التمويل، هل هو شيء مشين من هذه الجهات أن تعلن أسمائها على الملأ يعني هذا السؤال سنطرحه عقب هذا الفاصل القصير الذي نتوقف عنده ونطرح معه أسئلة أخرى عن الأحوال في مصر وكيف يتعلق التمويل الأجنبي للأحزاب أو للمنظمات الخاصة بالمجتمع المدني بما كان سائداً قبل الثورة وما كان أو ما ساد بعد الثورة، نعود بعد قليل، تفضلوا بالبقاء معنا.
[ فاصل إعلاني]
المساعدات الأميركية بين السيطرة والديمقراطية
محمود مراد: مرحباً بكم من جديد، مصر هي الأخرى شهدت بدورها جدلاً ساخناً حول قضية التمويل الأجنبي للقوى المطالبة بالديمقراطية التي قارعت نظام حسني مبارك وتستمر إلى اليوم في المطالبة بإصلاحات جذرية تحقق أهداف الثورة، من بين المواقف المناهضة للتمويل الأجنبي ذلك الذي صدر عن قيادة حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، الحزب أظهر معارضته التامة لما أعلنته السفارة الأميركية عبر موقعها على الانترنت من فتح الباب أمام الراغبين من مكونات المجتمع المدني المصري في التمويل في كل من مصر وتونس وغيرهما من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويمكن العرض الأميركي الراغبين في الاستفادة منه من منح مالية في إطار ما بات يعرف ببرنامج مبادرة الشراكة في الشرق الأوسط، وهو البرنامج الذي حصد منذ ظهوره ردود فعل متباينة إذ مثل في نظر البعض دليلاً على مصداقية الولايات المتحدة في دعم الديمقراطية في العالم العربي، بينما وجد فيه غيرهم دليلاً على رغبة واشنطن في اختراق الدول العربية والتدخل في شؤونها على نحوٍ انتقائي يمس لا محالة السيادة الوطنية، يستمر معنا في النقاش في هذه القضية من واشنطن السيد ستيفين مكلنيرني المدير التنفيذي لمشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، وينضم إلينا في هذا الجزء عبر الأقمار الصناعية من القاهرة الأستاذ عبد الله السناوي الكاتب والمحلل السياسي، ومن القاهرة أيضاً الأستاذ حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، سنتوجه إلى واشنطن طرحنا على السيد ستيفين سؤالاً قبل هذا الفاصل وهو هل من المخجل لتلك الجهات التي تتلقى المعونة الأميركية والأموال الأميركية لدعم الديمقراطية أن تذكر أسماؤها، طلبت منك أن تذكر لي مثالاً لمنظمة في مصر أو منظمة في تونس تلقت هذه الأموال، وسنناقش لاحقاً فيما أنفقتها.
ستيفين مكلنيرني: في الحقيقة لا اعتقد أني سأقدم أي أسماءٍ محددة، هناك بعضهم معروف علناً للناس، ولكن ما أقوله إنه في الحقيقة ليس هناك ما يدعو لأن تشعر هذه المجموعات بالخجل، ولكن يمكن أن تفهم طبعاً أن الولايات المتحدة لديها أن الشعب في مصر لا ينظر نظرة جيدة للولايات المتحدة وإذ ينظر إلى الولايات المتحدة على أنها الداعم الرئيسي لمبارك الرئيس مبارك وديكتاتوريته لعقود طويلة من الزمن وأن سياسة الشرق الأوسط كانت سيئة، لهذا السبب منظمات المجتمع المدني الذي التي قد تستمد الدعم من الولايات المتحدة قد لا تود أن تتحدث عن ذلك علنا، لأن الناس قد يشكون بخطأ أنهم يقومون بتنفيذ أجندة أميركية،وهذا هو ليس الحال في الواقع، كما أنه لا بد أن نضيف أن كميات الأموال التي تقدمها الولايات المتحدة لمجموعات مثل هذه ليست أكثر من 2% من مجموع الأموال التي تقدمها الولايات المتحدة للعسكريين المصريين حتى الآن، أثناء حكم الرئيس مبارك والآن بعد سقوطه، لذلك أجد من الغريب حقاً أن المجلس العسكري اتهم بعض المنظمات بأنها تحصل على تمويلٍ أجنبي كشيءٍ سلبي في حين المجلس العسكري نفسه والعسكريون المصريين هم أكثر من يستلم أموالا من الخارج 1,3 مليار دولار من الولايات المتحدة سنوياً.
محمود مراد: أستاذ عبد الله السناوي هل يبدو لك كلام السيد ستيفين مريباً بعض الشيء، هل هذا الأمر ينطوي على ما يشين المنظمات التي تتلقى هذه الأموال أو كانت هذه الأموال أموالاً مباحة حلالا طيبا ليس فيها شبهة تدخل خارجي، هل كانت هذه المنظمات تتصرف وكأنها تسرق بالليل على سبيل المثال؟
عبد الله السناوي: في الحقيقة المنطق الذي ذكره ضيفك في أميركا أنا لا أوفق عليه بالمرة لأنه خلط ما لا يختلط في كثير من الأمور، هو تحدث عن المؤسسة العسكرية المصرية وأنها تحصل على معونة وذا الكلام منذ كامب ديفد 3 مليار دولار يعني، وضعها يعني باعتبار أن ما ينفق على منظمات المجتمع المدني أو الأموال التي تذهب إلى جهات مجهولة نفسه لا يريد أن يفصح عنها، اليوم دكتور ممدوح حمزة والمجلس الوطني تقدموا عبر المستشار القانوني دكتور صلاح صادق بإنذار للسفارة الأميركية يطلب الإفصاح عن الجهات والأشخاص الذين تلقوا أموالا من الولايات المتحدة الأميركية، نحن لا نتحدث عن الثورة المصرية، الثورة المصرية قام بها الشعب المصري عشرين مليون مصري، الشباب الذين تقدموا الصفوف لهم دور بديع، أما عندما نتحدث عن أناس حصلوا على 40 مليون دولار ولا نعرف من هي هذه الجهات وإلى أين أنفقوها، فنحن في حقيقة الأمر نتحدث في أسوأ الاحتمالات عن لصوصية مباشرة، وفي أفضل الحالات لأمور ليست لوجه الخير أو أعمال خيرية لإتباع جدول أعمال أميركي وهذا شيء أستطيع أن أفهمه، لأن القضية ليست جنائية بل هي قضية سياسية، مصر دولة مركزية مهمة في المنطقة، وبالتالي لصالح القوى الدولية أن سكون لها حضور في تحديد جدول الأعمال، فهذه الأموال لا تصرف لصالح مصر ولا ثورتها ولا مستقبلها بل من صالح أن يوضع حد لمطالب وتوجهات الثورة المصرية خاصةً في الملفات الإقليمية في العراق في لبنان في السودان في المنطقة نحن نريد أن يعود لمصر دورها القيادي والإقليمي وهذا بالضرورة يتصادم مع السياسيات الأميركية والإسرائيلية فنحن لا نتحدث عن عمل خير، نتحدث عن إتباع جدول أعمال أمريكي ومصالح أمريكية.
محمود مراد: أستاذ عبد الله، دعنا، دعنا نطرح السؤال ذاته على الأستاذ حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أستاذ حافظ مرحباً بكم أولاً، هل منظمتكم تتلقى دعماً من الولايات المتحدة دعماً مادياً؟
حافظ أبو سادة: لا في الحقيقة لا نتلقى دعماً من الولايات المتحدة الأميركية وهذا وفقاً لقرار الجمعية العمومية للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان منذ عام 91 وهي لا تتلقى أي تمويل من حكومة الولايات المتحدة الأميركية ولا من وكالة المعونة الأميركية وهذا موقف ثابت للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، ومنذ زمن نحن لا نتلقى من حكومات مباشرةً نحن نتلقى من منظمات تعمل في مجال حقوق الإنسان وتعمل على دعم نشاط حقوق الإنسان دون أي خلفيات سياسية ودون أي خلفيات أو شروط مسبقة…
محمود مراد: طيب هل هناك ما يشين، هل هناك ما يشين منظمات مجتمع مدني مصرية أن تتلقى من حكومة الولايات المتحدة مباشرةً أموالاً لدعم الديمقراطية أو دعم المجتمع المدني في مصر؟
حافظ أبو سادة: طبعاً في الحقيقة العمل السياسي والعمل الديمقراطي ونشر الديمقراطية وتطوير الأحزاب السياسية والمشاركة السياسية دي أنشطة لا يجب أن تكون ممولة من قبل أي حكومات أجنبية، الحقيقة الرقم الذي أعلن في الكونغرس الأميركي هو لدعم المنظمات بأربعين مليون دولار، وهو رقم يصل إلى ربع مليار جنيه مصري هو رقم ضخم جداً يجب أن معلوما من هي المنظمات التي ستخدمته، استخدمته في أية برامج، إيه مردود هذه البرامج، هذا أمر في الحقيقة يجب أن يكون معلنا وبشكل حتى لو كان بالعكس لو كان هذا تمويلاً من خارج الولايات المتحدة الأميركية لمنظمات أميركية لكان الكونغرس أول من يطلب ويعرف من الذي اخذ هذه الأموال، فهذا أمر في الحقيقة مخجل أن تكون هناك تمويلات سرية، لمنظمات تعمل في مجال الديمقراطية أو الأنشطة السياسية أو الأحزاب سياسية هذا أمر في الحقيقة يجب أن يكون معلناً ومعروفاً للحكومة المصرية، نحن دولة ذات سيادة وبالتالي أي دولة أي دولة محترمة لا تقبل أبدا أن يتم التمويل دون إعلان ذلك، هناك طرق نظمها القانون المصري ونظمتها الأوضاع في مصر للتمويل سواء للحكومة أو لقطاع رجال الأعمال أو لمنظمات المجتمع المدني، في ضرورة أن تعلم الحكومة، في ضرورة أن يكون هناك شفافية وأن يكون محاسبة، وأن نعلم أين ذهبت هذه الأموال وفي أي اتجاه، وعلى فكرة مش بس الأموال الأميركية أيضاً هناك أموال أخرى من جهاتٍ أخرى قد تكون عربية قد تكون إسلامية قد تكون دولية، هذه الأموال أيضاً يجب أن تكون معلنة ويجب أن تكون معروفة في أي اتجاه تصب لأن الأوضاع، بالذات العمل السياسي لا يجب أن يتم تمويله بأي شكل من الأشكال من أي قوة خارجية، العمل السياسي هذا عمل بيشكل اتجاهات الدولة وبيشكل خطرا على المصلحة الدولية وبالتالي..
محمود مراد: طيب دعنا، دعنا نستطلع وجهة نظر ربما تكون مخالفة لما طرحته أستاذ حافظ أبو سعدة، تنضم إلينا من تونس السيدة بشرى بلحاج بن حميدة المسؤولة في جمعية النساء الديمقراطيات، سيدة بشرى هل تشاطرين السيد حافظ أبو سعدة وجهة النظر القائلة، بأن تلقي الأموال بهذه الصورة لدعم أنشطة سياسية وربما لدعم الديمقراطية بهذه الصورة، هل هي مما يعيب المنظمات التي تلقت هذه الأموال، هل لكم تجربة في هذا الصدد في تونس؟؟
بشرى بلحاج: أولاً أريد أن أوضح نقطتين، النقطة الأولى أنه عندما نتحدث عن الأموال، الأموال بصدد الدخول إلى بلداننا فلا بد أن نؤكد أن لا يمكن حصرها فقط في أميركيا وفي الغرب، فهي أيضاً متأتية من الشرق ومن أسيا ومن البلدان العربية لهذا أرى مش حق عدم ذكر هؤلاء البلدان، ثانياً هناك فرق بين منظمات المجتمع المدني والمنظمات السياسية، وبالنسبة للمجتمع المدني وبالنسبة لجمعية النساء الديمقراطيات، أريد أن أؤكد على نقطة أساسية أن التمويلات في منتهى الشفافية وأننا لن نتسلم أموال من الحكومة الأميركية وأنه ما قيل أثناء الحديث بأنه هناك منظمات إسلامية ومنظمات غير إسلامية، اعتبر هذا التقسيم في غير محله. لأن منظمات المجتمع المدني لها مقاييس معينة لكن على كل لا يمكن القول بأن الأموال في تونس ربما أعطيت لبعض المنظمات، واستثنت منها المنظمات الإسلامية، هذا كلام غير صحيح تماماً، المهم بالنسبة لجمعية النساء الديمقراطيات ورغم العديد من المحاولات لم نتسلم مليم واحد من الحكومة الأميركية، أخذنا أموالا بالشفافية التامة من منظمات نشترك معها في الأهداف والأفكار والموضوع المهم في مسألة التمويل هو أن يكون هناك تنوعا، لأننا نخشى أن تحاول إحدى المنظمات حتى ولو كانت صديقة أن تسيطر أو تؤثر على المجتمع المدني، فالتنوع وخاصةً عندما تكون الأموال، عندما تكون أموالا يعني مبالغ متواضعة ومتعددة المصادر من عدة أصدقاء فهي تضمن الاستقلالية، في حين أنه بالنسبة للأحزاب السياسية فهناك شبه إجماع في المجتمع التونسي، أقول شبه إجماع لأنه بعض الأطراف ربما لم تعبر عن موقفها، لكن بالنسبة لكل الأحزاب بما فيه الحزب الذي أنتمي له وهو حزب التكتل نرفض رفضاً تاماً أي تمويل أجنبي لأنه يهدد استقلال البلاد، ولأنه عندما تصرف هذه الأموال إنما الهدف منها هو تمكين طرف دون طرف آخر من الوصول إلى الحكم وطبعاً عندما نقول أن الدولة تمول أي طرف سياسي بمعنى أنها ستسيطر على الطرف وأنها ستتدخل بشؤون..
محمود مراد: طيب، طيب، سيدة بشرى حتى منظمات المجتمع المدني التي تتلقى من الولايات المتحدة أو من الدول الأوروبية أو من المنظومة الغربية بصفة عامة أموالاً فإنها بالضرورة ستكون وفية للقيم الغربية من قال أن هذا هذه القيم هي القيم المناسبة للشعوب العربية في هذه المرحلة؟ لماذا لا تكون هذه الأموال نابعة من داخل البلد؟ لماذا لا تقوم الولايات المتحدة بتسليم هذه الأموال، لماذا لا تقوم الولايات المتحدة بتسليم هذه الأموال للحكومة في مصرأوللحكومة في تونس وتتصرف فيها الحكومتان؟
بشرى بلحاج: خلينا خلينا..
محمود مراد: بالشكل الذي يدعم المجتمع المدني في هذا البلد أو ذاك؟
بشرى بلحاج: لابدّ أن نقول كل شيء للتونسيين والتونسيات، والمصريين لأنّ هناك محاولة مغالطة في الرأي العام للرأي العام، أنّ هناك اتفاقيّات بين حكوماتنا، يعني الحكومة المصريّة والحكومة التونسية مع أوروبا ومع الأمم المتّحدة هناك اتفاقيات القصد منها أن تكون منظمات المجتمع المدني طرفاً في الشراكة، لابدّ أن نفهم هذا ،ومهم جداً أن يفهمه الجميع أنه من قبل كانت هناك عندما نتحدث عن شراكة بين أوروبا أوبين الأمم المتحدة وبلد معيّن فكنّا نحكي فقط على الحكومات، بعد عدّة سنوات من العمل ومن التأثير أصبحت هذه المنظّمات خاصّة الأمم المتحدة وكذلك الأتحاد الأوروبي يعتبر أنّ المجتمع المدني هو جزء من الدولة التونسيّة والشراكة قبلناها كلنا مع بعضنا، يعني معناه لا بدّ أن تكون واضحة حتّى لا تكون هناك يعني بعض الضبابيات، وبعض المحاولات لتغليط الرأي العام..
محمود مراد: طيب دعينا دعينا سيّدة بشرى بلحاج دعينا.
بشرى بلحاج: ثانياً المهم ليس العفو خليني نقطة نقطة واحدة
محمود مراد: تفضلي..
بشرى بلحاج: لابدّ أن أوكد على نقطة أنّ استقلاليّة القرار هو في يد المنظمّة وليست في يد المموّل، لماذا؟ لأنّ عندما تكون الجمعيّة مثل جمعية النساء الديمقراطيات ترتبط بحقوق الإنسان، هي التي تتخذ القرار وتقوم بتحرير برنامج وتعرضه على المنظمات يكون قرارها مستقلا..
محمود مراد: أنا لا اجادل في مسألة استقلالية القراروإنّما أجادل في الولاء للقيم والمنظومة القيميّة التي على أساسها تمنح هذه المنظمّة وتحرم تلك المنظمّة من الأموال الغربيّة والأميركيّة.
بشرى بلحاج: ليست هناك ليست هناك ولاءات، ليست هناك ليست هناك ولاءات..
محمود مراد: دعينا نتوجّه بالسؤال إلى السيّد ستيفين مكلنيرني من واشنطن، سيّد ستيفين مكلنيرني.. ما جدوى أموال يعني رأيت كل ضيوفنا تبرأوا أو تنصّلوا أو قالوا أو وصفوا تلقّي الأموال مباشرة من الحكومة الأميركية بأنّه ينطوي على شيء سلبي بصفة ما، ما جدوى هذه الأموال التي تشين أصحابها أو تشين متلقّيها من الحكومة الأميركية مباشرة، هل تعتقد أنّ هذه الأموال يمكن أن تغيّر في نفسيّات وتركيبات المجتمعات العربيّة أو الشعوب العربيّة لتتحوّل أوتتبنّى النموذج الأميركي؟ إذا كانت هذه الأموال ممّا يمكن أن يصير سبّة في وجه هذه المنظمّة إذا ما انكشف أمرها؟
ستيفين مكلنيرني: لا أعتقد أن المجموعات التي تحصل على تمويل تعمل لتنفيذ أجندات أميركية، أوتلك المجموعات تحصل على أموال من أوروبا، إنما يمولون أنه فقط لكي يواصلوا عملهم من أجل تحقيق الديموقراطيّة في بلدانهم، أمّا فيما يتعلق لماذا هناك صفة سلبيّة ترتبط بمثل هذا التمويل ؟ فكما قلت سابقاً السبب الأوّلي والرّئيسي هو بكل بساطة أنّ ذلك نتيجة عدم شعبيّة الولايات المتحدّة في المنطقة، وخاصّة..
محمود مراد: يعني عفواً للمقاطعة، عذراً للمقاطعة سيّد ستيفين مكلنيرني.. عذراً للمقاطعة، مسألة عدم الشعبيّة هذه هل جاءت من فراغ، هل ولد الناس في هذا في هذه البقعة من الأرض ليكرهوا الولايات المتحدّة هكذا دونما أسباب أم إنّ للولايات المتحدّة سجلاّ طويلاً من التعدّي على حريّات وحقوق هذه المنطقة، وآخرها ما رأيناه في أكثر من بلد عربي ومسلم؟
ستيفين مكلنيرني: كلاّ أعتقد أنّ هذا هو في الحقيقة نتيجة السياسات الأميركية التي فعلاً انتهكت حقوق الأنسان وأنّ الولايات المتحدّة لم تكن في العقود الماضية داعمه وجيّدة في مجال الديموقراطيّة وحقوق الأنسان في الدول الأخرى وبالتالي أستطيع أيضاً أن أضيف أن الكثير من الأطراف المحليّة وخاصّة الأطراف السياسيّة يسعون أيضاً إلى الإساءة إلى خصومهم ومنافسيهم بتوجيه مثل هذه الأتهامات حول حصولهم على تمويل خارجي لأغراض سياسية وذلك لتأثيرهم تأثيرا سلبيا على من منافسهم، وأن هذا طبعاً طريقة سيّئة وكما قلت أنه لأمر سيء بشكل خاص أنّه عندما تكون حكومات هذه الدول أو في بالنسبة لمصر المجلس العسكري، عندما يقوم بتوجيه الأتهام إلى مجموعات قد تنتقد المجلس العسكري، مثل مجموعة 6 / إبريل ودون أي أدلّة في حين المجلس العسكري نفسه يحصل على أموال كثيرة تمويل كبير وأنه كان هناك جدال في الأسبوع الماضي في واشنطن حيث تأكّد أنّ المساعدات بمبلغ 1.3 مليار دولار لمصر ستجدّد هذه السنة، وبالتالي هناك نوع من عدم الأزدواجيّة في هذا الأمر.
محمود مراد: نعم دعنا نطرح هذا السؤال على السيّد عبد اللطيف المكي عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة ينضّم إلينا من تونس، سيّد عبد اللطيف الأستاذ حافظ أبو سعدة أشار إلى أنّ كما الأموال الأميركية من الحكومة الأميركية مباشرة إلى هذه الجهة أو تلك، شيء ليس بالمحمود فإنّ تلقّي الأموال من دول عربيّة وإسلاميّة على سبيل المثال هو أيضاً ليس شيئا محموداً هل توافق على هذا؟
عبد اللطيف المكي: بسم الله الرحمن الرحيم طبعاً لا يمكن أن نتحدّث عن أموال من هذه الجهة ومن هذه الجهة في العموم، فإنّ الأموال الأجنبيّة بالتأكيد هي تمثّل عنصر سلبي في الحياة السياسيّة والحياة العامّة لأي دولة من الدول، ويجب تجنّبها جميعاً لأنّها بشكل أو بآخر يمكن أن تمارس تأثيراً على القرار الوطني وهذا التأثير ليس دائماً تأثير إيجابي، ومن الأفضل أن تعتمد الأحزاب والمنظّمات على التمويل المحلي، خاصّة أنّ الثورات العربيّة قد فتحت أفقاً في هذا المجال إذ أنّ شح التمويل في السابق لمنظمات المجتمع المدني والأحزاب كانت إحدى نتائج الاستبداد، جعلت المواطن لا يدعم النشاط السياسي والنشاط المدني، أمّا اليوم في ظل الأفق الذي فتحته الثورات العربيّة فنحن نرى أن هذه الظاهرة إن وجدت وحجمها يجب أن تنتهي ويقع الاعتماد على رأس المال وعلى التمويل المحلّي والداخلي وهذا..
محمود مراد: طيب سيّد عبد اللطيف دعني أكون دعني أكون صريحاً معك، هناك اتهامات توجّه إلى حركة النهضة وإلى جهات أخرى داخل تونس بأنّها تتّلقى أموال من بلدان خليجيّة وبلدان إسلاميّة ما حقيقة هذا الأمر؟
عبد اللطيف المكي: يا سيّدي هذه الاتهامات هي عندها ثلاث أو أربع خصائص،الخاصيّة الأولى هي أنّها عارية من الصحة وتفتقد لأي دليل، ونحن نسمع هذا الكلام ولم يقدّم أي أحد دليل على ذلك، وكان بإمكان حركة النهضة أن تقوم باتّهامات مضادة لبقيّة الأطراف ولكنّها لم تقم رغم وجود بعض القرائن إلاّ أننّا أردنا أن نكون في مستوى أخلاقية عالية في الحياة السياسيّة، لا نوجّه الاتهامات جزافاً. ثانياً أنها تأتي من أطراف هي شديدة العداء الأيديولوجي لحركة النهضة. وثالثاً أنّ هذه الاتهامات تأتي في سياق أسلوب متعمّد، يعتمد الاتهام ضدّ حركة النهضة سواء كان في موضوع التمويل أو في غيره، ولذلك فإنّي أنفي نفياً قاطعاً وأقول أنّ حركة النهضة حركة تونسيّة تتمّول تونسيّاً وقد حاكمنا النظام السابق في عهد بورقيبة سنة 81 و سنة 87 محاكمة كبرى، وكانت من بين التهم تلقّي أموال من السعودية سنة 81 أو تلقّي أموالا من إيران سنة 87، ولم يثبت القضاء التونسي والجهاز البوليس على ما كانوا عليه من تبعيّة للنظام السابق هذه التهم فما بالك يعني باليوم، هذه تهم تلقى علينا جزافاً أعتقد أنّ في الحياة السياسيّة وعلى من يدّعي ذلك..
محمود مراد: أنا أيضاً أعتذر منك على المقاطعة لأنّه لم يتبق الكثير من الوقت دعني أتوجّه بالسؤال إلى السيّد عبد الله السنّاوي من القاهرة، سيّد عبد الله هل تعتقد أنّ الحكومة المصرية الحالية أو النظام السياسي في مصر الآن وحتّى نظيره في تونس يمكن أن يؤتمنا على تلقّي الأموال من الخارج ثمّ إنفاقها، إنفاقها لدعم الديمقراطية والمجتمع المدني؟
عبد الله السناوي: نعم، أولاً أريد يعني أن أسجّل لأنه قد قيل بعض الكلام الخطير يعني، فلا بدّ أن نسجّل مواقف واضحة بشأنها، رقم واحد المجلس العسكري المصري لاشكّ أنّه قد أخطأ في بيانه رقم 69 عندما اتهم حركة 6 / إبريل، أو عندما عرض في تصريحات أخرى بحركة كفاية بأنّها غير مصرية، هذا الكلام لا يصح أن يقال إلاّ إذا كان مشفوعاً بقرائن ثابتة ويجري التوجه إلى النائب العام، فكرة الإفصاح هنا وفكرة التحقيق مسألة مهمّة، مسألة التمويل مسألة مدانة لدى الرأي العام المصري وبالإجماع، والرأي العام المصري أو الشعب المصري هو الذي قام بالثورة وليس جماعة صغيرة أنا أتكلم عن ثورة الشعب المصري وكان الشباب في المقدّمة، هذه رقم واحد. هذا الإفصاح لا بدّ أن يجري أيضاً على الولايات المتحدة الأميركية، لا يصح أن يقال أن 40 مليون أنفقت على جهات مجهولة وعلى أشخاص مجهولين، والجميع يتبرأ والجميع يرى أنّه مشين، ثمّ لا تجزم الولايات المتّحدة من هي هذه الجهات ؟ إذا كان هذا الأمر مخزي ومشين لا بدّ أن تبتعد عنه الولايات المتحدة إذا أرادت أن تصحح صورتها في العالم العربي لأن هذا الكلام يعني أنّها محاولة لإفساد الحياة السياسية وخلق طبقة من الموالين لا أريد أن أقول العملاء، الموالين للسياسات الأميركية خاصّة فيما يتعلّق بترتيبات المنطقة والموقف من إسرائيل، أمّا فيما يتعلّق بالحكومات أنّها يعني تتلقّى أموالاً، فلماذا لا تتلقّى أموالاً مماثلة جهات من المجتمع المدني، الكلام نفسه كرّر الآن على المجلس العسكري، أريد أن أقول أنّ المعونة العسكرية الأميركية التي حصل عليها الجيش المصري كان كانت من ضمن صفقة كامب ديفد، من ضمن تقزيم الدور المصري، القوات المسلحة حاولت أن تتحدى وتحاول أن تتحدّى هذا المنطق وتحافظ على عقيدتها العسكرية، جاءت مشكلة اسمها المعونة العسكرية لمصر، التي يعيرنا بها الأستاذ من واشنطن ويريد للجيش وللمجلس العسكري، إذا كان هناك خرقا ألاّ يحاسب، هو أخطأ عندما تحدّث دون قرينه، لكن المبدأ لا بد أن يحاسب بطريقة صحيحة إذا كانت هناك تجاوزات.
محمود مراد: طيب ماذا عن الحكومات ماذا عن الحكومات في عجالة أستاذ عبد الله، ماذا عن الحكومات هل هي مؤتمنة بعد الثورة يفترض أنّ الأنظمة تغيّرت وأنّ الوجوه الفاسدة رحلت؟
عبد الله السناوي: أنا بعتقد، إذا ما نشأت حياة سياسية وديمقراطية حقيقية، فإذا ما كانت هناك معونات تأتي للحكومات يعني أو تحت رقابة البرلمان، ولها منطق في التوزيع في النشاط الآلي فهذا أمر يمكن قبولة، أمّا إعطاء المعونات في الجيب الخاص، أو إلى جمعيات لا يعرف أحد عدد أعضائها أو مدى تأثيرها أنا بعتقد أنه دي محاولة لإفساد الحياة السياسيّة والتداخل في جداول الأعمال الوطنيّة
محمود مراد: أنا أريد أن أسأل، أطرح سؤالاً سريعاً على الأستاذ حافظ أبو سعده ، أستاذ عبدالله عذراً للمقاطعة، الأستاذ حافظ أبو سعده ما الذي يمكن أن تشترطه الدول الخليجيّة أو الدول العربيّة أو الدول الأسلاميّة إذا ما موّلت دولة إسلاميّة أو عربيّة أخرى هل من شروط حتّى تضع هذه الأموال بين يدي منظمات أو حركات ما؟
حافظ أبو سادة: القانون بنظّم ده بمصر أنا برضه مستغرب من الحملة الموجودة، لأن إحنا مش حنقطع علاقتنا بالدول الكبرى ولا دول المجتمع الغربي زي ما قالت بشرى، إحنا عندنا اتفاقيات مع أوروبا الغربيّة ومع الولايات المتّحدة الأميركية لازم نحافظ عليها، المعيار الوحيد اللي أنا بقولة سواء مع الدول الخليجيّة أو السعوديّة أو قطر، كل هذا مقبول بشرطين اثنين، الشرط الأول أن يكون وفقاً للقانون بمعنى أن نرجع للقوانين التي لدينا لتنظيم عمل الجماعات الأهليّة تسمح للمنظمات بالعمل، لأنّها مش بس في مجال العمل الحقوقي أو دعم النشاط الأهلي أوالتوعية أوالتنوير،لكن في التعليم وفي التبادل الثقافي وفي حقوق المرأة يعني في أنشطة ومجالات واسعة يمكن الدعم فيها، إذن شرطين أساسيين، الشرط الأساسي الأول هو أنه تكون هذه الأموال شفّافة ومعلنة من الجهة التي تأتي منها هذه الأموال إلى الجهة التي تتلقى هذه الأموال النقطة الثانية المحاسبة..
محمود مراد: أنا.. أنا، أنا يعني أنا أعتذر منك على المقاطعة أستاذ حافظ نظراً لضيق الوقت، يعني ألحظ أنّ السيّدة بشرى بلحاجتريد تعليقاً أخيراً ولكن في عجالة لو سمحت سيّدة بشرى بلحاج؟
بشرى بلحاج: بكل صراحة المهم في مثل هذه المسائل أن تكون مقنّنة وأن تكون شفّافة، وأن يكون التعامل هو نفسه مع جميع الأطراف لكن بالنسبة للمال السياسي الأحزاب السياسية، أظنّ أنّه هناك اتفاقا لا بدّ أن ندعمه نرفض رفضاً قطعياً أيّ ملّيم يدخل للأحزاب السياسيّة، في حين أنه بالنسبة للمجتمع المدني وخاصّة إذا وقع انتخاب حكومة، حكومة شرعيّة فمن الممكن الإئتمان لديها على الأموال التي..
محمود مراد: أشكرك.
بشرى بلحاج: يمكن توزعها هي على معايير واضحة وشفافة.
محمود مراد: أشكرك، أشكرك شكراً جزيلاً سيّدة بشرى بلحاج حميدة، وأشكر كذلك باقي ضيوفنا السيّد ستيفين مكلنيرني، وأشكر السيّد عبد اللطيف من تونس وأشكر الأستاذ عبد الله السنّاوي والأستاذ حافظ أبو سعدة من القاهرة. إلى هنا مشاهدينا الأعزاء تنتهي حلقة اليوم غداً حديث آخر من أحاديث الثورات العربية، دمتم في رعاية الله وأمنه وإلى اللقاء.