صورة عامة - دولة جنوب السودان
حديث الثورة

دولة جنوب السودان

تتناول الحلقة ولادة دولة جنوب السودان التي ولدت من رحم حدث جيوسياسي استثنائي، واعتراف الخرطوم بالدولة الجديدة قبل إعلان الاستقلال الرسمي.

– علاقة شطري السودان بعد الانفصال
– خطاب سلفاكير

– علاقات تكاملية أم صراعية؟

– الشمال والجنوب والتباين بينهما

– تحديات السودان الحديث

محمود مراد
محمود مراد
لام أكول أجاوين
لام أكول أجاوين
إبراهيم غندور
إبراهيم غندور
أتيم قرنق
أتيم قرنق
حيدر إبراهيم علي
حيدر إبراهيم علي
الطيب زين العابدين
الطيب زين العابدين

محمود مراد: مشاهدينا الأعزاء السلام عليكم وأهلا بكم، لحظة تاريخية ولا شك تلك التي يعيشها السودان والعالم العربي ومن ورائه القارة الأفريقية برمتها، اليوم صار السودان سوادنيين وفقد نحو ثلت آراضيه ونُكست رايته في بقاع طالما رفرفت فوقها عقوداً، دولة الجنوب ولدت من رحم حدث جيوسياسي استثنائي لم يعرف العرب له مثيلا سوى احتلال فلسطين، وقد لا يطول الأمر بالسودانيين كثيراً ليعلموا ما إذا كانت صيغة الوحدة مقابل السلام هي خلاصهم من لعنة الحروب والصراعات التي استمرت لأكثر من خمسة عقود.

[شريط مسجل]


سلفاكير ميارديت: نرفع علم جمهورية جنوب السودان كجارة لجمهورية السودان.

[تقرير مسجل]

إبراهيم صابر: دولة جنوب السودان مولود جديد ينضم إلى الأسرة الدولية لكن آمال مستقبله تطوقها ظلال الماضي، أعداد المتدفقين من أبناء الجنوب إلى جوبا عاصمة الدولة الجديدة للمشاركة في مشهد الميلاد وفرحته، كانت أكبر من قدرة قوات الأمن على احتوائها، باسمه وتمثاله حضر بين الجموع جون جارنج الزعيم التاريخي الراحل للحركة الشعبية لتحرير السودان التي قادت حركة الإنفصال ضد الخرطوم، وبحضور دولي بارز شارك فيه الأمين العام للأمم المتحدة وأكثر من ثلاثين رئيسا أفريقيا بينهم الرئيس السوداني نفسه وجرت احتفالات الميلاد، تلا رئيس برلمان جنوب السودان إعلان الإستقلال.

[شريط مسجل]


رئيس برلمان جنوب السودان: نحن الممثلون المنتخبون ديمقراطياً من قبل شعب جنوب السودان واستناداً إلى إرادة شعب جنوب السودان وبناء على نتائج استفتاء تقرير المصير أعلن جنوب السودان دولة مستقلة وذات سيادة.


إبراهيم صابر: ورفع علم الدولة الجديدة وأُنزل علم السودان ووقع رئيس الدولة الوليدة دستورها الإنتقالي ثم أدى اليمين القانوني وفق هذا الدستور.


سلفاكير ميارديت: أنا الجنرال سلفاكير ميرديت أقسم بالله العظيم أنني كرئيس لجمهورية جنوب السودان أن أكون مخلصاً لجمهورية جنوب السودان.


إبراهيم صابر: الخرطوم أول من اعترف بالدولة الجديدة قبل إعلان الإستقلال الرسمي، وأعرب الرئيس السوداني عن أمله في أن تنعم بالأمن والاستقرار ومع هذا لم تغب عن المشهد مؤشرات مطلقة للخرطوم والإقليم، فلم يتردد بعض الجنوبيين في رفع علم إسرائيل خلال احتفالاتهم بالاستقلال كما شاركهم الاحتفالات أنصار لحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد نور الذي يحارب الحكومة السودانية منذ ثماني سنوات في إقليم دارفور، قبل مراسم من إعلان الدولة الجديدة وافق مجلس الأمن على نشر قوة حفظ السلام في جنوب السودان تضم 7 آلاف جندي وتسعمئة شرطي وموظفين وخبراء، إستقلال جنوب السودان يطوي صفحة دامية من الصراع مع الشمال بدأت مع استقلال السودان عام 1965 وقتل فيها ما يقدر بمليوني شخص كما شرد أربعة ملايين آخرون وحركتها الانقسامات العرقية والطائفية وأيضا التدخلات الخارجية، وبدأ الطريق إلى الإستقلال فعليا عام 2005 بتوقيع إتفاقية السلام الشامل التي أعطت الجنوبيين الحق في تقرير المصير، وقد اختاروا بأغلبية ساحقة الإستقلال عن الخرطوم في إستفتاء أجري قبل ستة أشهر، لكن الاستفتاء والإستقلال لم يضعا كلمة النهاية في الخلاف وربما الصراع بين الجانبين فما زالت هناك قضايا معلقة بينهما كوضع أيبي جنوب كردستان وترسيم الحدود وتقاسم عوائد النفط والديون الخارجية.

[نهاية التقرير]

محمود مراد: وفي خطاب الإعلان الخاص باستقلال الدولة الوليدة في جوبا العاصمة تعهد سلفاكير ميرديت رئيس دولة جنوب السودان بحل مختلف القضايا العالقة بين الشمال والجنوب، وأضاف أن شعب الدولة الوليدة لن يكون صانع مشاكل.

[شريط مسجل]


سلفاكير ميارديت: إننا نأمل بصدق أن تحل جميع القضايا العالقة بيننا وبين الشمال على أسس تجعل الجانبين يشعران بعدالة الحلول، لن يكونوا مواطني دولة السودان صناع مشاكل في أي حال من الأحوال، أود أن أنتهز هذه الفرصة لإعلان العفو عن كل هؤلاء الذي حملوا السلاح ضد حكومة جنوب السودان وأود أن أؤكد لمواطني أبيي ودارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان أننا لم ننساهم عندما تبكون نبكي وعندما تنزفون ننزف أتعهد لكم اليوم بأن نتوصل إلى سلام عادل للجميع، وسأعمل مع الرئيس عمر حسن البشير لتحقيق ذلك.


محمود مراد: الرئيس البشير الذي احتفل مع الجنوبيين بدولتهم دعا جارته الوليدة إلى حماية السلام بين البلدين عبر بناء الثقة والحرص على تنمية العلاقات المشتركة وترقيتها، وقال في خطابه إن ذلك لن يتحقق إلا ببناء علاقات جوار طيبة ورعاية المصالح المشتركة.

[شريط مسجل]


عمر البشير: أولا باستدامة السلام وتأكيده، ثانيا بعلاقات جوار إيجابية ومتميزة، ثالثا بمراعاة المصالح المشتركة بتبادل منافع إقتصادية وتجارية، رابعا أن نحافظ على الروابط النفسية والوجدانية والإجتماعية بين الشعبين، لذا فإن علينا مسؤولية مشتركة ومستمرة توجب المضي المضئ في البناء وتعزيز الثقة لنكمل الإتفاق حول المسائل العالقة التي من شأنها تأكيد السلام وتضفي وراء الخلاف والتوتر.

علاقة شطري السودان بعد الانفصال


محمود مراد: السؤال الرئيسي إذن بعد انفصال الجنوب، هل يستمر الصراع بين الجانبين أم أدى هذا الانفصال على القضاء على نفتة الحرب إلى الأبد، لمناقشة هذه القضية ينضم إلينا هنا في الأستديو السيد لام أكول أجاوين زعيم ومؤسس حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان- التغيير الديمقراطي، من الخرطوم ينضم إلينا الدكتور إبراهيم غندور المتحدث الرسمي باسم المؤتمر الوطني الحاكم، ومن جوبا عاصمة الدولة الوليدة ينضم إلينا السيد أتيم قرنق القيادي بالحركة الشعبية، ومن القاهرة ينضم إلينا الدكتور حيدر إبراهيم علي مدير مركز الدراسات السودانية، ومن الخرطوم أيضا الدكتور الطيب زين العابدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم نبدأ مع السيد لام أكول أجاوين زعيم ومؤسس حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان- التغيير الديمقراطي، بذور الحرب ما زالت كما هي بين الجانبين، بذور الصراع ما زالت كما هي ربما قفز الجانبان حرقوا المراحل كلها وتوصلوا إلى انفصال دولة الجنوب دونما القضاء على الأسباب التي أدت أساسا إلى الانفصال وأدت إلى الصراع بينهما أعني بذلك المشكلات على الحدود، أعني بذلك وضع أبيي، الوضع المتوتر جداً في كردفان، تقاسم عائدات النفط لم يتفقا الجانبان حتى الآن بشأن هذه الأمور العالقة وغيرها، ما رأيك هل تعتقد أن الأمر انتهي؟


لام أكول: أولا نشكر قناة الجزيرة على دعوتنا للمشاركة في هذا الحوار المهم، وفي البداية أود أن أهنئ الشعب في جنوب السودان على هذا اليوم التاريخي الفاصل في تاريخ السودان أهنئهم على ميلاد الدولة الجديدة في جنوب السودان، ونتمنى للجميع النجاح والاستقرار سواء كان في الجنوب أو في الشمال، فيما يختص بالسؤال هو الحقيقة إتفاقية السلام الشاملة قامت لسبب واحد أساسي الوصول إلى السلام واستدامة هذا السلام وفي سبيل ذلك تم القبول بكل الحلول أو بكل الخيارات بما في ذلك الإنفصال، إذا كان الإنفصال يحقق السلام فبه، إذا كانت الوحدة تحقق السلام دا الهدف الأساسي لا بد أن نركز عليه منذ البداية عندما نتحدث عن النتائج.


محمود مراد: السؤال هو هل أضاف الإنفصال إلى حلم تحقيق السلام؟ هل قطع شوطاً باتجاه تحقيق السلام؟ مجرد الإنفصال هل قطع شوطاً أم مجرد إجراء حدث ولا يؤدي إلى أي شيء فيما يتعلق بهدف السلام؟


لام أكول: الإنفصال هو خيار من خيارين لتحقيق السلام، لأن هذه الحرب طالت منذ الخمسينيات والتكلفة في هذه الحرب كبيرة في الأرواح والممتلكات لذلك لا بد من إنهاء هذه المشكلة، والطريقة الوحيدة التي تم الإتفاق عليها في نيفاشا أن كل الخيارات تكون مفتوحة إذا كانت هذه الخيارات تحقق السلام.. طيب، الحديث عن هل السلام حيكون مستداماً أم لا؟ أنا أعتقد إنه من الضروري بمكان أن يلتزم الجميع بهذه الروح روح الإتفاقية، وأعتقد أن القيادتين القيادة في شمال السودان والقيادة الجديدة في جنوب السودان ملتزمة إلتزاما كبيرا بتحقيق واستمرار السلام، النقاط التي تحدثت عنها هي نقاط جزء من مواضيع الإتفاقية سواء كان الحديث عن الحدود سواء كان الحديث عن الموارد بما في ذلك النفط، هي قضايا صغيرة في رأيي يمكن أن يتم الإتفاق عليها في أي وقت من الأوقات ولن تكن سببا للحرب..


محمود مراد: دعنا نستطلع رأي الدكتور إبراهيم غندور المتحدث الرسمي باسم المؤتمر الوطني الحاكم، دكتور إبراهيم هل هي فعلاً قضايا بسيطة؟ من السهولة بمكان الإتفاق عليها.. دكتور إبراهيم غندور هل تسمعني.. يبدو أن هناك مشكلة في التواصل مع الدكتور إبراهيم غندور، إذن يمكن أن نطرح السؤال ذاته على السيد أتيم قرنق القيادي بالحركة الشعبية من جوبا عاصمة دولة جنوب السودان، هل هذه المشكلات التي تحدث عنها السيد لام أكول هي مشكلات بسيطة فعلا، مسألة تقاسم عائدات النفط، ترسيم الحدود، هل هي مشكلات بسيطة، سأطرح عليك أسئلة بشأن عوامل أخرى للاستمرار الصراع ولكن في البداية هذه المشكلات الشهيرة، هل هي مشكلات بسيطة في رأيك؟


أتيم قرنق: أولا الدولتان سواء كان دولة الجنوب أو دولة الشمال خرجتا من حرب دامت ما يزيد عن الخمسين عاما، وأنهكت الإقتصاديات بتاع الشمال والجنوب، ولذا أي صوت لأي حرب ستكون ضياع للشعبين، ولذا إذا أرادت القيادتان أن تستمرا حتى في الحكم فلا بد من التأكيد على الاستقرار والسلام بين الدولتين، ولذا مسألة البترول يمكن أن يأتي بالحرب لا أدري كيف يأتي بالحرب! البترول في الجنوب وإذا أراد الجنوب أن يصدر بتروله فليس هناك من يجبره على تصديره، وإن أراد الجنوب أن يصدره من خلال الشمال، هناك إتفاقيات دولية وقوانين دولية تحكم مثل هذه العملية التجارية الإقتصادية البحتة، سيتفق الناس على كيفية ايجار هذه سواء كانت مؤسسات مثل المصافي أو الميناء أو أنابيب، كل هذه لها قوانين تحكمها دوليا، وكمان الجنوب من حقها من حق دولة الجنوب أن تبيع بترولها من آبارها لطرف ثالث، وهذا الطرف سيأخذ البترول من خلال الأنابيب في الشمال والجنوب..

خطاب سلفاكير


محمود مراد: الأمور لا تسير بهذه البساطة سيد أتيم، الأمور لا تسير بهذه البساطة لعلك لاحظت إزاء الخطاب الودود الذي ألقاه الرئيس عمر حسن البشير في احتفال الجنوب باستقلاله اليوم، لعلك لاحظت اللهجة الحادة بعض الشيء التي كانت يتحدث بها السيد سلفاكير مارديت رئيس الدولة الوليدة، الرجل استدعى جنوب كردفان واستدعى النيل الأزرق واستدعى الخلافات قال لن ننساكم، قال لن نغفر.. قال لم ننس ما حدث إزاء أهلنا في الجنوب من تجويع وقتل وترويع لكن يمكن أن نغفر هذا الأمر، هل كان مناسباً استدعاء مثل هذه الأحداث الأليمة أو الذكريات المؤلمة في خطاب احتفالي كهذا في وجود الرئيس البشير؟


أتيم قرنق: لا أبداً أنا فهمي أن الرئيس سلفاكير مارديت أراد أن يقول لعمر البشير دع علاقاتنا مع هؤلاء الناس الذين يحملون الآن السلاح يمكننا أن نستثمرها من أجل السلام في الشمال لأن استقرار الشمال يهم الجنوب، كلنا سويا في خندق واحد من يوجد في جنوب كردفان ومن يوجد اليوم في النيل الأزرق ولذا هذه العلاقات من الممكن استغلالها من أجل استقرار للشمال، وأيضا كان لدينا علاقات جيدة مع من يحمل السلاح في دارفور لذا أنا أفهمها من الجانب الإيجابي والجانب السلمي وليس من الجانب التحريضي الحربي.


محمود مراد: طيب نسأل الدكتور إبراهيم غندور المتحدث الرسمي باسم حزب المؤتمر الوطني الحاكم معنا من الخرطوم، دكتور إبراهيم هل الأمر يمكن أن يسير بهذه الصورة هل يمكن أن تكون العلاقات بين الشمال والجنوب إما أن تكون معول أو هدم لما تبقى من السودان في الشمال ويمكن أن تكون كما قال السيد أتيم قرنق عامل مساعد على امتصاص الأزمات الموجودة في الشمال بسبب العلاقات الحميمة كما قال بين الجنوب وبين الحركات المسلحة الموجودة في النيل الأزرق وفي جنوب كردفان بل وفي درافور أيضا.


إبراهيم غندور: بسم الله الرحمن الرحيم، شكراً جزيلاً والتهنئة لأهلنا في الجنوب على قيام دولتهم المستقلة، ونهنيء الأخوين الدكتور لام أكول والأخ أتيم قرنق بهذا اليوم التاريخي الذي قطعاً يمثل لنا يوماً تاريخياً لكنه يمثل لنا يوماً حزيناً في أننا فقدنا جزءاً وحيداً من الوطن، ولكن نقول أننا قد فعلنا ذلك وقبلنا النتيجة لأننا نتطلع إلى خيار السلام وعندما وقعت الإتفاقية كما قال الأخ الدكتور لام أكول بأنه هنالك كان هناك خيارين إما خيار الإنفصال أو خيار الوحدة وعندما اختار الأهل في الجنوب بأغلبية كبيرة خيار الإنفصال البديل لذلك كان خيار الحرب، وبذلك اخترنا الإعتراف بالنتيجة منذ البداية واخترنا دعم وتأييد الدولة الوليدة ولذلك ذهب الأخ الرئيس في الرابع من يناير إلى جوبا وأعلن قبل بداية الإستفتاء اعترافه بالنتيجة مسبقاً إن كانت خيار الإنفصال أو الوحدة اليوم. الرئيس كان متصالحاً جداً، نحن نفضل السلام المستدام على غيره، ولذلك نتطلع إلى دولة شريكة وجارة نستطيع معها أن نتبادل المنافع، وأقول أن اللهجة التي وردت في الخطاب اليوم، كان فيها شئياً من .. لا أقول خروجاً عن اللياقة ولكن كان يمكن أن يكون الخطاب أفضل من ذلك ولكن عزاؤنا أن أهلنا في الجنوب قابلوا الأخ الرئيس البشير بما يليق لرئيس دولة، قدم كل شيء من أجل أن ينعموا بهذه الدولة التي يتطلعون إليها. عموماً الخيار ليس خيار الحرب أو التعاون فقط، هنالك خيار أفضل من ذلك هو أن نتكامل. الآن العالم يتطلع إلى أو يحترم الكيانات الكبيرة، العلاقات بين الشمال والجنوب ستظل علاقات متميزة، وستظل علاقات يحتاج كل منهما إلى الآخر، إقتصادياً، وإجتماعياً، وسياسياً..

علاقات تكاملية أم صراعية؟


محمود مراد: يعني ألا يمكن أن نناقش وضع الجنوب مع ممثلي الجنوب في هذا الحوار، لكن أنا أتحدث الآن عن الشمال، المشكلات الهيكلية التي يعاني منها الجانبان يمكن أن تؤدي مرة أخرى إلى تجدد الصراع بل ورعاية جذور الصراع الموجودة أصلاً أو الكامنة أصلاً. معروف في العلوم السياسية دكتور ابراهيم أن الدول النووية لا تتحارب، والدول الديمقراطية لا تتحارب، وشمال السودان وجنوبه ليس هذه وليس تلك في أغلب التحليلات كيف يمكن بناء علاقات تكاملية بدلاً من العلاقات الصراعية التي استمرأها الجانبان أو عرفها الجانبان خبرها الجانبان خلال كل العقود الماضية.


إبراهيم غندور: نحن نتمنى أن يرفع الجنوب والحركة الشعبية على وجه الخصوص والجيش الشعبي يديه عن قضايا جنوب كُردفان، والنيل الأزرق، وقضايا دارفور، ظللنا على الدوام نكرر قبل الهوا لا نريد أن نفسد بهجة هذ اليوم ولكن ظللنا نكرر على الدوام بأن على الحركة الشعبية أن ترفع يدها عن قضية دارفور، والآن نتمنى أن ترفع الحركة الشعبية يدها عن قضايا كردفان والنيل الأزرق، هذه قضايا شمالية يمكن حلها في هذا الإطار، ويمكن حلها بتطبيق إتفاقية السلام الشامل فيما يخص هذه المناطق، أما قضية دافور فوثيقة الدوحة التي أجازها أصحاب المصلحة والتي سيتم التوقيع عليها في يوم السابع عشر من هذا الشهر تمثل إطاراً لقضية السلام، الحركة الشعبية نتمنى أن تكفف أيديها عن دعم هذه الحركات، ونقول بأن العلاقات المتميزة بين الحركة الشعبية وهذه الحركات التي تحمل السلاح، نتمنى أن تصب في إطار دعم وحدة السودان الشمالي، ونكرر بأن إستقرار السودان الشمالي مهم جداً لاستقرار الجنوب والعكس هو الصحيح، نحن نتمنى أن يتفاهم الإخوة في الحركة الشعبية وفي الجيش الشعبي هذه المعاني، ونحن نقول بأننا قد قدمنا للعالم نموذجاً كبيراً من خلال دعم كل ما أدى إلى قيام هذه الدولة، لأننا نتطلع إلى جوار آمن، وأقول أن تحديات الجنوب أكبر من أن يهتم بقضايا تخص الشمال أو يعمل على إشعال النار في الشمال، الجنوب أيضاً له قضايا داخلية، قضايا الوحدة، قضايا التنوع، قضايا الحركات المتمردة على الجيش الشعبي، وقضايا الجوار فيه من الإشكالات ما يمكن أن يشغل الحركة الشعبية والجيش الشعبي لسنوات، وقضايا توحيد الأحزاب الجنوبية، فوق ذلك قضية التنمية في دولة تنعدم فيها البنية الأساسية، رغم أن …


محمود مراد: يعني هذه.. كل ما ذكرته يمكن أن يلهي الجيش الشعبي لتحرير السودان، ويشغله لسنوات كما تقول، ويمكن أن تكون أيضاً وقوداً لصراع جديد بين الشمال والجنوب بسبب اهتمام الجنوب بوضع عدو خارجي يتكتل حوله الجنوبيون حتى تتحقق لهم الوحدة. دعنا نتوجه إلى القاهرة معنا من هناك الدكتور حيدر ابراهيم علي، دكتور حيدر هل تعتقد أن استمرار وجود القوات الدولية أو تجديد مهمة القوات الدولية الخاصة بمنطقة جنوب كردفان وتكثيف الوجود الدولي في أبيي وكذلك الحفاظ على وجود قوات دولية في جمهورية جنوب السودان، هو الضمانة الوحيدة لعدم اندلاع الحرب مرة أخرى، أو انخراط الجانبين في الصراع على الأقل في المدى القصير.


حيدر ابراهيم علي: في البداية لا بد أن أقول أنني سأكون منافقاً لو قمت بأي تهنئة للسودانيين وهم يقسمون وطنهم سواء كانوا شماليين، أو جنوبيين، فلذلك لأنني أعتقد أن الإنفصال لم يكن حتمياً، أما بالنسبة..


محمود مراد: طيب دعنا نتحدث عن آفاق المستقبل ما حدث قد حدث ولا رجوع عنه..


حيدر إبراهيم علي: أيوه بس هذه نقطة ضرورية يعني كموقف، بالنسبة لوجود قوات أجنبية فهذا دليل قوي جداً على ضعف الإرادة الوطنية سواءً بالنسبة للنظام في الشمال أو بالنسبة للجمهورية الوليدة في جنوب السودان، فلذلك هذا شكل من أشكال الفشل الذي أسفر عن نفسه مبكراً، أن تعجز الدولة سواء كانت النظام في الشمال أو الجمهورية الجديدة في حماية كامل ترابها الوطني، يُضاف إلى ذلك أن وجود القوات الإثيوبية أنا باعتقد دون أي إساءة لإثيوبيا يمثل شكلا من أشكال العار والعيب بالنسبة للسودان، لأن إثيوبيا كانت تنظر للسودان كدولة عظمى، الآن السودان يقبل بقوات لكي تحفظ السلام، ولكي تقوم بأعمال كان من الواجب أن يقوم بها الشماليون والجنوبيون. الأهم من ذلك أن وجود هذه القوات الأجنبية داخل السودان يؤكد أنه في المستقبل لن يكون هنالك أي شكل من أشكال الإرادة الوطنية، وأن القرار لن يكون مستقلاً سواء كان بالنسبة للشمال أو بالنسبة للجنوب، لأنه يستحيل منطقاً أن تقبل قبول قوات على آراضيك وفي نفس الوقت تتحدث عن الإستقلالية وعدم التبعية، فأنا أعتقد أن هذه قنابل موقوتة ستنفجر في أي وقت، في داخل السودان شمالاً وجنوباً، والأهم من لذلك أنها لن توقف أي توتر يمكن أن يحصل بين الشمال والجنوب، يعني الآن…


محمود مراد: دكتور ابراهيم أنت قد استدعيت تبعات هذا الإتصال قلت أنه لم يكن حتمياً دعنا نتوجه بالسؤال للدكتور الطيب زين العابدين، معنا من الخرطوم، الدكتور الطيب زين العابدين هل تعتقد أن ما حدث في الجنوب من انفصال يمكن أن يكون له تبعات وصدى في الصراع الموجود في دارفور، لعلك لاحظت احتفال بعض الفصائل في دارفور الفصائل المسلحة في دارفور، مع الجنوبيين بهذه الصورة، هل تعتقد أن هذه مقدمة لمزيد من عمليات الإنفصال والتفتيت للسودان.


الطيب زين العابدين: منذ زمن تبادل الشريكان الحركة الشعبية في الجنوب، والمؤتمر الوطني في الشمال، تبادل الإتهامات إن هناك مساعدة من الشمال للحركات المتمردة في الجنوب، وهناك مساعدة من حكومة الجنوب للحركات المتمردة في الشمال، وده استمر مدة من الزمن بعض قوات التمرد موجودة في دارفور، بعض قوات التمرد في دارفور موجودة في جنوب السودان، وايضاً هناك تهمة إلى حكومة الشمال أنها تساعد وهذه تهم دليل على عدم ثقة، ودليل على الإنفعال والحدث الذي أدى إلى الإنفصال، وبالتالي من مصلحة البلدين إنهم يتعايشوا في سلام ويتعاونوا، لكن إن ظلت هذه التهم وظلت علاقة التوتر التي استمرت طيلة السنوات الـ 6 الماضية منذ تكوين الحكومة الأولى بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، إلى يومنا هذا الخلاف حول تقسيم عائدات البترول مثلاً وهذه مسألة عاجلة لأنها لا بد أن يبت فيها بعد أن حدث الإنفصال بالفعل، لكن هذه العلاقة تشوبها شكوك، وعدم ثقة، واتهامات، فلو ظلت هذه الروح تسود بين الطرفين مهما كان الكلام الذي يُعلن في المحفل، وفي الإحتفال هذا لن يؤثر فتكون العلاقات سيئة، وستؤدي إلى كثيرمن المشاكل في المستقبل.


محمود مراد: يبدو أنك لست متفائلاً إزاء العلاقات أو مستقبل العلاقات بين الجانبين، سنناقش هذا الموضوع لكن بعد هذا الفاصل، ابقوا معنا مشاهدينا الأعزاء.

[فاصل إعلاني]


محمود مراد: أهلاً بكم من جديد في هذه النافذة التي نخصصها لآفاق عودة السلام والإستقرار إلى ربوع السودان بعدما إنفصل الجنوب رسمياً في دولة مستقلة، نتوجه إلى جوبا عاصمة الدولة الوليدة ومعنا من هناك السيد أتيم قرنق القيادي في الحركة الشعبية، سيد أتيم في جنوب السودان بذور للتوتر التي يمكن أن تستغل لتأجيج الصراع مرة أخرى مع الشمال، بقصد توحيد الجنوبيين هناك أكثر من 60 جماعة عرقية وإثنية في جنوب السودان، هناك تمرد في 7 من الولايات الـ 10 المكونة لجنوب السودان، كيف يمكن تحويل المواطن الجنوبي من التفكير بمنطق القبيلة، إلى منطق الدولة سوى عبر اختلاق عدو خارجي وهو هنا بالتأكيد الجزء الشمالي من السودان حتى يتوحد الجنوبيون ويقبلوا بالانضواء تحت علم الدولة الوليدة.


أتيم قرنق: أنا لست أدري إن كانت مسألة التعددية للقبائل في جنوب السودان هي الصفة الخاصة بجنوب السودان، أم هي صفة يشترك فيها جنوب السودان مع جميع دول أفريقيا بما فيها شمال السودان، التعددية ليست وصمة حتى نعتقد أنها ستؤدي في النهاية إلى حروبات داخلية ومنها سيبحثون عن إلهاء هؤلاء الناس المشاغبين بحرب أكبر خارجية. هذا تصور مآساوي غير واقعي..


محمود مراد: بالمناسبة هذا ليس تحليلي أو هذا ليس كلامي.. هذا كلام مسؤول في وزارة الثقافة وكيل وزارة الثقافة في حكومة جنوب السودان السيد غوغ مادود موغ أو جوغ مادود جوغ هو الذي قال هذا، قال إن جنوب السودان لطالما كل هذا التنوع الذي كان فيه لطالما كان الضمانة الوحيدة لبقاء هذا التنوع متحداً هو الصراع والنظام ضد الشمال حتى يتحقق الإنفصال، أما وقد تحقق الإنفصال هل من ضمانة لكي لا يتنازع هؤلاء كل هذه الأطياف المتنوعة في الجنوب تتنازع فيما بينها وتفشل دولة جنوب السودان الجديدة.


أتيم قرنق: لست أدري أن كان جوغ مادود جوغ هو الذي الوحيد المتخصص في التفاعلات الإجتماعية في جنوب السودان، أما نحن كلنا متخصصون في مثل هذا المجال ولذا سيكون رأيه رأياً شخصياً له، ولكن ما أعرفه أن الجنوب لن يستخدم الحرب من أجل توحيد الجنوبيين ضد الشمال أو ضد أي جار من الجيران، لا بد من أن يكون هنالك سبباً لتجنيب الحرب ولكي تسوق الشباب إلى الحرب، وشباب اليوم لأن بالمناسبة تعداد جنوب السودان في سنة 2008 هو 71% من السكان هم تحت سن الـ 30 ولذا هو تعداد سكان الجنوب يعتبروا شبابا ولذا وهم واعون ومدركون ولا يمكن سوقهم إلى حرب لا يجنون منها شيئاً، ليس هنالك داع يجعل الجنوب يهاجم الشمال أو يصعد إلى الحرب، الروابط بين الشمال والجنوب في المراعي، وفي الإقتصاد، وفي مياه نهر النيل، وفي غيرها كثيرة أكثر من إفتعال حرب قد تنتهي. 

الشمال والجنوب والتباين بينهما


محمود مراد: يعني لطالما كانت هذه الروابط موجودة وخاض الجانبان عقوداً من الصراع، والقتال، والحروب، التي لقي على إثرها أكثر من مليوني نفس حتفهم في هذا الصراع. سيد لام أكول يعني تعقيباً على كلام السيد أتيم قرنق، هناك طريقان في العادة لتوحيد الدول الحديثة التي تعاني من إنقسام شديد كما هو الحال بالنسبة دولة جنوب السودان إما التكتل حوله وهذا هو الطريق الصعب التكتل حول مشروع وطني كبير ينهض بالبلاد ويتحول بها من دولة وليدة تحبو نحو التقدم، إلى دولة متقدمة فعلاً، أو الإنخراط في حرب وخلق عدو خارجي يتكتل حوله كل هذا الموزايك من الأعراق، والإثنيات، والأديان، واللغات، وما إلى ذلك. ما السبيل برأيك الذي يمكن أن يتبعه الجنوب في هذا الصدد.


لام أكول: أنا أعتقد أن السبب الأساسي لانفصال جنوب السودان هو فشل الدولة السودانية في إدارة التباين، يعني منذ فترة ما قبل الحكومة المستقلة، إن كانت حكومة وطنية دامت بانتخابات سنة 1953 وتسلمت الحكم في يناير 1954، فشل إرادة التباين والآن بعد الإنفصال نفس التباين موجود في الشمال وموجود في الجنوب، أتمنى أن القيادة في جنوب السودان تتعلم من هذا الدرس وتحسن إدارة التباين سواء كان التباين القبلي الذي تحدثت عنه أو التباين الإقليمي، في إقليمية برضه كبيرة في جنوب السودان أو أي تباين آخر، إذا تم وهو الذي تسميه المشروع الوطني الكبير، إذا تم التوافق السياسي فيما بين القوى السياسية الموجودة في جنوب السودان وإذا تم حل المشاكل الأمنية الموجودة الآن وإذا تم وضع الاعتبار لكل مكونات مجتمع جنوب السودان في إدارة شؤونه..


محمود مراد: إذا حدث كل هذا تستطيع أن تقيم علاقة سوية مع الشمال لكن..


لام أكول: لا أنا لا أقول ذلك، تستطيع أن تخلق مجتمعاً متوحداً في جنوب السودان، العلاقة بين الشمال والجنوب هي علاقة مهما ادعينا من المشاكل التي أدت للانفصال هي علاقة دائمة ستستمر هذه العلاقة بين الدولتين.


محمود مراد: هي ستستمر بحكم الجغرافيا لكن يمكن أن تستمر قوى الصراع وممكن أن تستمر في صورة تكامل، أنا أسألك عن الوضع في داخل جنوب السودان فهذا الأمر مهم جداً بالنسبة للعلاقات مع الشمال من الأسباب التي ذكرناها، دعنا نكن واقعيين بلد كجنوب السودان الجمهورية الوليدة يعيش في غالبية الناس على أقل من دولار في اليوم، أكثر من 70% من البالغين لا يعرفون القراءة والكتابة ليس هناك مؤسسات بنية تحتية، ليس هناك مؤسسات وهياكل متماسكة للدولة الوليدة إزاء كل هذه العوامل هل يستطيع.. وإزاء أيضاً التوقعات العالية جداً بالنسبة للمواطنين في الجنوب إثر هذا التقدم الذي أحرزوه فيما يتعلق بانفصال دولتهم والاستقلال، إزاء هذا الوضع هل يستطيع جنوب السودان والحكومة الموجودة فيه حل كل هذه المشكلات في فترة وجيزة يعني هذه الفترة حساسة للغاية.


لام أكول: لعدم حل هذه المشكلة لا يعني بالضرورة أن تسيء العلاقات بين الدولتين، أولاً لا أدري من أين أتت هذه الاحصاءات، أن هناك من يعيش على أقل من دولار في جنوب السودان، هل وضع في الاعتبار الثروة الحيوانية والثروات الأخرى وهل وضع في الاعتبار المتجمع التكافلي في جنوب السودان، يعني هذه الإحصاءات التي تبنى على الموديل الغربي لن يفيدنا كثيراً في مجتمعاتنا في افريقيا، ودا ما يشيل يعني خاص الجنوب فقط ففي كل الدول الأفريقية، إذا نظرت إلى المعدلات الاجتماعية والاقتصادية هناك تصل إلى أرقام مثل هذا الرقم، يعني..


محمود مراد: هذه الاحصاءات للدقة ليست من عندي ولعلك اطلعت عليها في أكثر من مكان وحتى السيد سلفاكير في خطابه تحدث عن الفساد والتحدي الأكبر الذي يواجه حكومته في الفترة الإنتقالية، هل تعتقد أن هذه الحكومة قادرة على تجاوز كل هذه التحديات وكذلك التمرد المندلع بالفعل في أكثر من مكان في جنوب السودان.


لام أكول: هذه النقطة التي أتحدث عنها، إذا كانت الحكومة الجديدة تريد أن تخلق دولة مستقرة في جنوب السودان، لأن عدم الاستقرار بمناسبة يعني لن يديروا بحرب مع دول أخرى، لازلنا نبحث عن وحدة للجنوبيين وتتحقق فقط لأنها تريد أن تحارب عدواً مشتركاً وهذه الوحدة لا تدوم، أن هذه الحرب لابد أن تصل إلى نهاية يا بنصرها يا بالخسارة يا بالاتفاق، لذلك كل من ينظر إلى مستقبل بعيد لابد أن يضع في الاعتبار أن القضية الأساسية قضية داخلية، فهذه القيادة الجديدة إذا أرادت أن تنجح جنوب السودان، حكومة جنوب السودان وتستقر دولة جنوب السودان وباستقرار جنوب السدوان يستقر كذلك الشمال، لابد أن تنظر إلى حلول بعيدة المدى وهذا لن يتحقق إلا بالوحدة، الوحدة الجنوبية المبنية على احترام كل عناصر التباين الذي تحدثت عنها.

تحديات السودان الحديث


محمود مراد: طيب أنا يعني دعنا نشكر أولاً السيد أتيم قرنق القيادي بالحركة الشعبية كان معنا من جوبا في جنوب السودان ونتوجه بالسؤال إلى الدكتور إبراهيم غندور المتحدث الرسمي باسم حزب المؤتمر الوطني الحاكم معنا من الخرطوم، دكتور ابراهيم الشمال أيضاً ليس خالصاً من المشكلات بل وحتى الإدارة الشمالية لهذه المشكلات مازالت على ذات الحال من التخبط الذي أدى في نهاية المطاف إلى انفصال الجنوب، ألقي نظرة على الاتفاق الاطاري الذي وقعه السيد نافع علي نافع مع ممثل الحركة الشعبية لتحرير السودان فرع الشمال والخلاف الذي اندلع عقب توقيع هذا الاتفاق الاطاري داخل المؤتمر الوطني الحاكم ذاته، بهذه الطريقة من الإدارة المتخبطة هل يمكن للسودان أقصد الدولة القديمة الجديدة أن تتجاوز مشكلاتها وتقيم علاقات سوية مع جيرانها؟


إبراهيم غندور: لا أريد أن أرد على كلمة متخبطة، لأنها ليست حقيقية ولكن أقول لك الاتفاق الاطاري الذي وقع في أديس أبابا بواسطة الدكتور نافع علي نافع تكون من جزئين، جزء يتعلق بشراكة سياسية بين المؤتمر والوطني والحركة الشعبية قطاع الشمال وعندما عرض على المكتب القيادي، أوضح المكتب القيادي أن الحركة الشعبية في قطاع الشمال ليست حزباً سياسياً مسجلاً ويمكنها أن تستكمل تسجيلها، حينها المؤتمر الوطني على استعداد للحوار معها وخلق شراكة سياسية هي في الأصل موجودة في النيل الأزرق وكان يمكن أن تحصل أو تحدث في جنوب كردفان قبل الانتخابات، أعلنا استعدادنا لها لولا الفعل التي تمت في الخامس من يونيو الماضي وكذلك الحوار بين الحركة الشعبية قطاع الشمال والمؤتمر الوطني لا يحتاج إلى طرف ثالث يمكن أن يتم داخل السودان مثلهم مثل..


محمود مراد: يعني كل هذه الحيثيات التي تتحدث عنها دكتور ابراهيم كان يمكن أن تكون حاضرة في ذهن السيد نافع علي نافع قبل توقيع الاتفاق، لم نشهد اتفاقات توقع من قبل مسؤولين رسميين ثم يتم مناقشتها عقب التوقيع، المناقشة تسبق التوقيع.


إبراهيم غندور: نعم دعني أكمل، الاتفاق لم يكن اتفاقاً إنما كان اتفاقاً حول أجندة، هو اتفاق اطاري لأجندة قادمة، والمؤتمر الوطني أوضح رأيه في الأجندة القادمة وبالتالي عندما يستمر الحوار حول هذه الأجندة كان هذا سيكون رأي المؤتمر الوطني وقد رفعه الآخ الرئيس البشير للرئيس ثامو مبيكي رئيس آلية الاتحاد الافريقي عالية المستوى، الجزء الثاني يتعلق بالترتيبات الأمنية وقد ورد في الاتفاق ما ظللنا ننادي به ولذلك لا خلاف حول ذلك ولكن القضية قلنا فيها أولاً أنها قضية يمكن أن تناقش في إطار اللجنة الأمنية المشتركة والتي بدأت في الفعل في نقاش هذه القضايا ولا تحتاج إلى لجنة جديدة وبالتالي الحوار حولها تواصل بعد توقيع الاتفاق، وبعد أن أبدى المؤتمر الوطني رأيه، ولكن هنالك خلاف حول قضية ما حدث في جنوب كوردوفان هل هو جريمة تستحق العقاب، هل يجب أن يتم دمج قوات الجيش الشعبي قطاع الشمال في القوات المسلحة مباشرةً أم أننا نحتاج إلى ترتيبات جديدة، رأينا واضح وحتى الدكتور نافع علي نافع عندما وقع الاتفاق رأيه كان واضحاً في هذه القضية عند توقيع اتفاقية السلام الشامل بما ورد فيها حول دمج قوات الجيش الشعبي في القوات المسلحة وفي الخدمة المدنية وتسريحها وجمع سلاحها، هذا أمر لا خلاف حوله وبالتالي كانت الحركة الشعبية قطاع الشمال ترى أن هنالك حاجة لاتفاقية جديدة سموها بنيفاشا 2 أو نيفاشا two ، رأينا غير ذلك رغم أن الاتفاق لم يشر إلى ذلك من قريبٍ أو من بعيد، أقول لك لا يوجد تخبط رأينا واضح جداً حول كثير من القضايا، على استعداد لإكمال اتفاقية السلام الشامل حول منطقتي كوردوفان والنيل الأزرق وعلى استعداد لإكمال السلام في أبيي سواءاً كان بالاستفتاء أو بحل سياسي يؤكد تبعية أبيي للشمال باعتبارها شمال الخط 1156وبالتالي..


محمود مراد: دكتور إبراهيم دعنا نتحول إلى القاهرة، دكتور حيدر هل تعتقد أو إذا كنت مقدماً النصح للشمال وللجنوب ما الذي ينبغي على الجانبين أن يتخذاه في أقرب وقت ممكن لاستيعاب أو احتواء الملفات العالقة بينهما؟


حيدر إبراهيم علي: أولاً لابد للطرفين من مزيد من الديمقراطية في الشمال وفي الجنوب، لأن الطرفين خلال الست سنوات الماضية لم يبرزا حساً قومياً جيداً ولم يبرزا حساً ديمقراطياً جيداً، فلذلك لابد لهم من الديمقراطية لكي تكون لدى كل الأطراف قائدة متسعة من كل القوى السياسية الموجودة في الشمال والجنوب، هذه هي البداية الصحيحة يعني الحل هو ديمقراطية حقيقية ومزيد من الديمقراطية، ثم بعد ذلك يمكن أن تحل كل المشاكل من خلال الحوار لأنه الآن إللي بعقد المشاكل دائماً إنه قد يكون حولنا حوار بكون في مصادر قرار محددة ودائماً فردية أو مجموعة ضيقة أو شلة، هي التي تقوم باتخاذ القرارات، القرارات القادمة قرارات حاسمة ومصيرية ولابد من التعامل معها بجدية، أنا طبعاً لدي نظرة أن الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني ممثلان رديئان في السياسة يعني لا يعبران عن مشاكلهما الحقيقة ولا يعبران..


محمود مراد: أليس هذا نوعاً من التحامل دكتور لأن الفترة الماضية كانت فترة قتال، فترة صراع، عسكرة الدول أو عسكرة الحكومات على سبيل المثال لا ينبغي بالضرورة معاً أن تكون القرارات صائبة مئة في المئة، لا ينبغي أن تكون القرارات متخذة بصورة ديمقراطية، هذه طبيعة الفترات التي تشهد فيها الدول عسكرة..


حيدر إبراهيم علي: لا، في ست سنوات تبدأ من 2005 لحد 2011 أهم بند فيها كان أن مسألة التحول الديمقراطي، لم تعمل الحركة الشعبية ولم يعمل المؤتمر الموطني خلال هذه الست سنوات..


محمود مراد: نعم، خلال هذه الست سنوات هل وضعت الحرب أوزارها لحظةً واحدة أو شهراً واحداً؟


حيدر إبراهيم علي: وضعت الحرب أوزارها..


محمود مراد: أنا أقصد بين الجانبين ولكن هناك تمرد في الجنوب وهناك تمرد في دارفور..


حيدر إبراهيم علي: لا، نحن الآن بنتكلم عن الشمال والجنوب لذلك ده السبب إللي يخليني بقول أنه الانفصال لم يكن حتمياً، يعني لو طبق الطرفان أو الشريكان اتفاقية نيفاشا حسب بنودها وحسب روحها الحقيقية لم يكن الانفصال ليحدث، أنت تتحدث عن درافور لكن أنا أتحدث عن العلاقة بين الشمال والجنوب، لم تطلق رصاصة واحدة طوال الست سنوات ومع ذلك عجزا عن احداث أي نوع من التحول الديمقراطي.


محمود مراد: طيب دعنا نسأل الدكتور طيب زين العابدين معنا من الخرطوم، دكتور الطيب زين العابدين هل تعتقد أن ربيع الثورات العربية يمكن أن يؤذن بربيع ديمقراطي في الشمال في السودان في هذه المرحلة حتى يحافظ على ما أنجزه السودان من خطوات في سبيل المسار الديمقراطي؟


الطيب زين العابدين: الثورات العربية كلها كانت عبارة عن مفاجأة للمراقبين سواء كان في تونس أو مصر أو اليمن أو ليبيا أو سوريا، لكن الأسباب إللي أدت لهذه الثورات في تلك البلاد العربية أيضاً موجودة في السودان، ويمكن أن تنشأ عنها ثورة، لكن لا يستطيع أحد أن يتنبئ بهذه الثورة، الآن الحكومة تتحدث عن جمهورية ثانية لشمال السودان وهذا يعني أنه يحصل نوع من التوافق السياسي بين القوى السياسية وتحصل إعادة هيكلة تامة للدولة بدل أن تكون دولة شمولية تابعة للحزب، وليس هناك فروقات بين الحزب والدولة، تتغير هذه المعادلة أنه مؤسسات الدولة تكون مؤسسات قومية والحزب يكون مثله مثل بقية الأحزاب وهناك تراضٍ على دستور جديد للبلد، هناك وضع فدرالي أو اتحادي لكل السودان.


محمود مراد: أنا أعتذر منك على المقاطعة لكن أريد أن أعرف رأي الدكتور لام أكول في عجالة عن امكانات تحقيق الديمقراطية عذراً، إمكانات تحقيق الدميقراطية دكتور لام أكول في الجنوب على النحو الذي يحول دون خلاف الجانبين في صراعات أيضاً نظراً للعلاقة الحتمية أو الطردية بين الديمقراطية أو بين الكف عن الحروب.


لام أكول: طبعاً كما ذكرت من قبل ذكرت المتطلبات الأساسية لبقاء نظام مستقر في دولة الجنوب أو الشمال يعني، المقياس.. هو طبعاً الحكومة الموجودة الآن في جنوب السودان ليست بحكومة جديدة مثل الحكومات التي تستلم السلطة في أفريقيا ضد الاستقلال يعني، الثوار يا إما يطلعوا من السجن يمسكوا السلطة زي ما حصل في كينيا أو غيره أو يطلعوا من الغابة يمسكوا السلطة زي موجابي، زي بنجوما أو ماشيل، لكن في جنوب السودان الذين الآن يمسكون مقاليد الحكم تم تدريبهم لستة سنوات..


محمود مراد: نجحوا أم فشلوا؟


لام أكول: فشلوا، فشلوا في تحقيق هذه الأحداث والآمال العراض لم تبدأ مع الاستقلال اليوم، حينما كانت هناك آمال منذ 2005 ولذلك فرصة أن تنجح..


محمود مراد: أعتذر من المقاطعة لانقضاء وقت البرنامج، أشكرك شكراً جزيلاً السيد لام أكول أجاوين زعيم ومؤسس حزب الحركة الشعبي للتغيير الديمقراطي، ونشكر أيضاً من الخرطوم الدكتور الطيب زين العابدين أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم، ونشكر الدكتور حيدر إبراهيم علي مدير مركز الدراسات السودانية كان معنا من القاهرة، ونشكر كذلك الدكتور إبراهيم غندور المتحدث الرسمي باسم حزب المؤتمر الوطني الحاكم كان معنا من الخرطوم، إلى هنا مشاهدينا الأعزاء تنتهي حلقة اليوم وغداً حديث آخر من أحاديث الثورات العربية.
دمتم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله.