من أكبر المتضررين بعد تعطل الملاحة بالبحر الأحمر وباب المندب؟
وبث برنامج "للقصة بقية" -الذي يعرض على منصة "الجزيرة 360"- مشاهد حصرية من فوق سفينة "غالاكسي ليدر" الإسرائيلية التي يحتجزها الحوثيون، حيث أكدوا أن عمليات استهداف السفن الإسرائيلية أو المتجهة لإسرائيل ستتوقف في اليوم التالي لإنهاء حرب غزة (رابط الحلقة كاملة اضغط هنا).
وفي هذا السياق، يقول نائب رئيس الهيئة الإعلامية للحوثيين نصر الدين عامر إن وصول تداعيات حرب غزة للبحر الأحمر وباب المندب والمحيط الهندي نقلت البعد الإستراتيجي للمعركة للبعد الدولي وخلقت تأثيرا وضغطا دوليين.
وأكد عامر لبرنامج -للقصة بقية- أن الحوثيين لا يغلقون المضيق ولكنهم يمنعون الملاحة الإسرائيلية والأميركية والبريطانية، مضيفا أن مشكلة البحر الأحمر والمندب هي معركة غزة "وإذا توقفت الحرب عليها ستتوقف عملياتنا فورا".
وشهد البحر الأحمر -خلال الفترة ما بين 19 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و2 سبتمبر/أيلول 2024- 154 حادثة منها 130 هجوما.
في الجهة المقابلة، أطلقت واشنطن تحالف "حارس الازدهار" متعدد الجنسيات في ديسمبر/كانون الأول 2023، وهو تحالف قوامه 50 سفينة حربية منتشرة بالبحر الأحمر وخليج عدن لصد هجمات الحوثيين.
كما أفرد البرنامج مساحة للحديث عن أهمية هذا المضيق إستراتيجيا وتجاريا، والانتشار العسكري للقوى الكبرى بمحيطه، إضافة إلى حرب السفن الخفية بين إسرائيل وإيران بالمنطقة (لمشاهدة الحلقة كاملة يرجى الضغط هنا).
ويرتبط مضيق باب المندب بمضيق هرمز وقناة السويس، ويتحكم في نحو 12% من حركة التجارة العالمية، لذلك يعتبر شريانا رئيسيا للتجارة الدولية وممرا إستراتيجيا لضمان تدفق الطاقة إلى العالم.
وتعد التجارة العالمية والنفط والغاز المسال وارتباط باب المندب بهرمز وقناة السويس 4 مفاتيح جذبت قوى كبرى للمنطقة، إذ توجد 8 قواعد عسكرية في جيبوتي المطلة على المضيق.
مطامع ومخاطر
وبحسب رئيس أركان القوات البحرية التركية الأسبق جهاد يايجي فإن مضيق باب المندب يعتبر ممرا إستراتيجيا، وهو مدخل قناة السويس ويتحكم بجميع الطرق البحرية، معتبرا أن الحل الأكثر ديمومة للحفاظ على المضيق يكمن بتولي دول المنطقة الملكية الإقليمية.
بدوره، يؤمن رئيس مركز الخليج للأبحاث عبد العزيز بن صقر أنه دون مضيق آمن كباب المندب فإن مصر وقناة السويس تتعرض لإشكاليات كبرى إلى جانب أمن البحر الأحمر.
وأكد بن صقر أن المضيق يعتبر شريان حياة للحدود البحرية السعودية، ويحمل أبعادا سياسية وإستراتيجية وعسكرية واقتصادية للمملكة.
من جانبه، يعتقد الخبير العسكري والإستراتيجي اليمني الدكتور علي الذهب أن البحر الأحمر لن يعود لحالة الاستقرار بسبب تعقيد المشهد وإمكانية اشتعاله بصورة أكبر.
ووفق الذهب، لا تزال القوات البحرية الأميركية والبريطانية رأس الحربة بعملية "حارس الازدهار"، مضيفا أنها تستهدف حماية التجارة الدولية وتعزيز الأمن الدولي، وأكد أن واشنطن تتبنى إستراتيجيات وفقا لمتغيرات اللحظة.
ويعتقد الخبير الإستراتيجي أن مصر هي المتضرر الأكبر من هجمات البحر الأحمر بعد تراجع مدخولات قناة السويس بـ42%، معترفا بالوقت نفسه أن البحر الأحمر لم يعد بحيرة عربية بوجود إسرائيل.
وخلص إلى ضرورة وقف الحروب الناشبة بالمنطقة (غزة، اليمن، السودان، الصومال) من أجل خلق حالة استقرار بالبحر الأحمر، ومن ثم "تتدافع الدول الغنية والكبرى لإحداث تنمية شاملة".
أهداف جيوسياسية واستعمارية
أما الكاتب والباحث السياسي أمين قمورية فيقول إن هناك أهدافا جيوسياسية واستعمارية كبيرة من جراء التموضع بالبحر الأحمر، مؤكدا أن "من يسيطر على الممرات المائية يسيطر على العالم ومسارات اقتصاده".
كما يؤكد قمورية أن الوجود الإسرائيلي بالمنطقة هو من غيّر خريطة البحر الأحمر الذي كان بحيرة عربية بامتياز، إذ لم تكتفِ إسرائيل بميناء إيلات وتمددت عسكريا بإريتريا وإثيوبيا.
ولفت إلى أن مصر والأردن والاتحاد الأوروبي هم أكبر المتضررين من الوضع بالبحر الأحمر، منبها إلى أن واشنطن لا مصلحة لها سوى السيطرة على المنطقة لذلك تدير الأزمات فقط، في حين أرادت الصين من رعاية اتفاق المصالحة السعودي -الإيراني إعادة الاستقرار للمنطقة.
وبدا قمورية غير متفائل لحل أزمات البحر الأحمر في ظل تفاقم الأزمة السودانية والتوتر المصري الإثيوبي وما يحدث في الصومال، ليخلص إلى أن الحل الحقيقي يكمن بالتفاهم الإقليمي "ولكن يبقى بعيدا".