للقصة بقية 

هذه أدلة باماكو.. هل دعمت باريس الجماعات الإرهابية في مالي؟

بعد 9 سنوات من قدومها إلى مالي بدعوى من السلطات هناك لمحاربة “الجماعات الإرهابية”، لم ينته الأمر بباريس باضطرارها إلى سحب قواتها فقط، بل إنها تواجه تهما بدعم من جاءت لمحاربتهم.

الصحفي محمد إدريس المهري أكد أن باماكو لم تطلق هذه الاتهامات بحق فرنسا جزافا، بل جاء ذلك بعد امتلاكها أدلة أكيدة لا يمكن التشكيك فيها بأن باريس عمدت في السنوات الأخيرة إلى دعم "جماعات إرهابية"، وساعدتها على التمدد في البلاد سعيا لزعزعة استقرارها، بهدف إبقاء السيطرة الفرنسية عليها.

وذكر المهري، في تصريحات لبرنامج "للقصة بقية" بتاريخ (2022/9/12)، عددا من هذه الأدلة التي تمتلكها السلطات المالية، وهي أن فرنسا دعمت بعض الجماعات الإرهابية في الهجمات التي استهدفت قوات من الجيش المالي، كما أنها استخدمت طائراتها العمودية لإعاقة وصول إمدادات عسكرية إلى قوات مالية كانت تخوض مواجهات مع بعض الجماعات "الإرهابية" في مواقع عدة بالبلاد.

وتحدث المهري عن امتلاك "باماكو" أدلة على قيام باريس بنقل أفراد من الجماعات الإرهابية عبر طائرات فرنسية إلى أماكن غير معلومة، كما تحدث عن وجود شهود عيان من الجماعات الإرهابية سقطوا بيد القوات المالية، وكشفوا عن دور فرنسا في دعم هجماتهم ضد القوات الحكومية في البلاد.

لكن باسكال يونيفاس مؤسس ومدير معهد العلاقات الدولية الإستراتيجية رفض هذه الاتهامات جملة وتفصيلا، ووصفها بالظالمة بحق فرنسا التي قال إنها خسرت عشرات من جنودها على أرض مالي بعد أن لبّت نداء السلطات هناك، لمحاربة "الإرهاب".

وأكد يونيفاس قناعته بأن مجلس الأمن الدولي لن يصدق الاتهامات التي تزعمها باماكو، لأنها مبنية على معلومات مغلوطة وغير حقيقية.

ورغم أنه أكد انتقاده في بعض الأحيان للدور الفرنسي بمالي، فإنه رفض التشكيك في حقيقة نية فرنسا بالذهاب إلى هناك وسعيها الجاد لمحاربة الإرهاب، ساخرا من المزاعم التي يرددها البعض بأن فرنسا تريد البقاء في مالي لأنها تسعى للسيطرة على "ثروات مالي المزعومة".

وأما عن فشل فرنسا في تحقيق أهدافها المعلنة لقدومها إلى مالي عام 2013، ومنها القضاء على الإرهاب وإعادة بناء الجيش المالي، فحمّل المسؤولين الماليين كثيرا من المسؤولية، وذلك لأنهم "مارسوا فسادا كبيرا"، حسب قوله، ونهبوا الأموال ولم يلتزموا بتطوير قوات الجيش، هذا عدا عن أنهم لم يلتزموا بدفع رواتب أفراد الجيش، فأصبح هذا الجيش غير قادر على مواجهة الجماعات "الإرهابية" التي غدت الآن بعيدة عشرات الكيلومترات عن باماكو، بعد أن كانت تفصلها عنها مئات الكيلومترات قبل 9 سنوات.

أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة نواكشوط محمد ولد محمد المختار، فقال إن اللافت في الخلاف المالي-الفرنسي الحالي هو أن دول الجنوب (أفريقيا) توجه لأول مرة اتهامات لدول الشمال (الغرب) بدعم الإرهاب، فعلى مر العقود الماضية كانت الاتهامات تأتي من الشمال إلى الجنوب.

ونوّه المختار إلى أن الدول الغربية طالما لجأت لاستخدام الإرهاب كفزاعة للتدخل في الدول الأضعف والسيطرة عليها، وتغيير الأنظمة فيها، معتبرا أن ما حدث في سوريا والعراق أكبر دليل على ذلك.