للقصة بقية 

المؤسسات المالية العالمية.. أداة للهيمنة الغربية أم لمساعدة الدول على التنمية؟

يؤكد المدير التنفيذي السابق لصندوق النقد الدولي الدكتور محمد فنيش أن المؤسسات المالية العالمية تعكس مصالح ووجهة نظر الكبار في الدول الغربية، وأن الانتقادات التي توجه لها في محلها.

وبحسب محمد فنيش -الذي تحدث لحلقة (2022/01/03) من برنامج "للقصة بقية"- فإن الدول الغنية هي التي تسيطر على صندوق النقد والبنك الدوليين، والولايات المتحدة الأميركية مثلا تملك حق النقض (الفيتو) على القرارات المهمة داخل المؤسستين.

واستشهد المدير التنفيذي السابق لصندوق النقد الدولي على صحة كلامه بوجود اتفاق يقضي بأن يكون البنك الدولي تحت رئاسة شخصية أميركية، بينما تؤول رئاسة صندوق النقد الدولي إلى شخصية أوروبية.

غير أن فنيش ألقى باللائمة أيضا على البلدان النامية التي تلجأ إلى المؤسسات المالية الدولية، وقال إن النخب السياسية داخل تلك الدول تتحمل مسؤولية المشاكل التي تصيب الاقتصاد الذي تديره.

ودعا المدير التنفيذي السابق لصندوق النقد الدولي إلى إحداث تغيير جذري في المؤسستين الماليتين الدوليتين، من خلال إصلاح حوكمتهما، وأن تكونا أكثر ديمقراطية وشفافية، وأن يتم النظر في تمثيل الدول الأخرى.

وبينما انتقد مسألة غياب التكامل بين الدول العربية، وكشف أن التجارة البينية بينها لا تتجاوز نسبة 5%، قال فنيش إن الأسئلة التي يجب أن تثار هي لماذا الإقليم العربي هو أقل تكاملا من الناحية الاقتصادية مقارنة بالأقاليم العالمية؟ ولماذا تغلق الحدود بين الجزائر والمغرب؟! ولماذا تنتظر الدول العربية أن تأتيها معجزة حل مشاكلها الاقتصادية من الخارج، من صندوق النقد الدولي أو الولايات المتحدة الأميركية؟!

ومن جهته، تحدث كميل الساري -وهو أستاذ الاقتصاد في جامعة السوربون وخبير سابق في صندوق النقد الدولي- عن الأهداف الحقيقية للمؤسسات المالية الدولية، وقدم بالشرح كيف أن كل الديون التي تقرضها الدول والبنوك الكبرى للدول التي لديها مديونية يجب أن ترجع إلى الدائنين.

وأشار إلى جملة من الإجراءات التي تفرض على الدول التي تطلب مديونية ومنها تعزيز الصادرات، أي التخلي عن الأنشطة الإنتاجية الداخلية وخصخصة الاقتصاد، بحيث لا تصبح المؤسسات العمومية تحت قبضة الدولة.

وأكد الساري -في حديث لبرنامج "للقصة بقية"- أن الدول النامية تتحمل المسؤولية بسبب السياسات الاقتصادية التي تتبعها، وأعطى مثالا على ذلك السياسات التي قال إنها أنهكت الاقتصاد في مصر والمغرب والأردن وأدت إلى مظاهرات الخبز في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.

كما شدد على أهمية أن تكون هناك تكتلات اقتصادية بين دول شمال أفريقيا والمشرق العربي، وتساءل عن سبب التنازع بين دول متجاورة مثل الجزائر والمغرب، في الوقت الذي تتكتل فرنسا وألمانيا رغم الحروب الدموية التي حصلت بينهما في السابق.

وردا على سؤال بشأن حدود التغيير في ظل فيروس كورونا، أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة السوربون أن هناك بوادر إيجابية بإمكانية التفكير في اقتصاديات مهيكلة ومساعدات للدول الأخرى.

الفرق بين صندوق النقد والبنك الدوليين

يذكر أن فكرة إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي جاءت في مؤتمر دولي عقد في بريتون وودز بولاية نيوهامبشير الأميركية عام 1944، واستهدف المشاركون وضع إطار للتعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بين الدول الأعضاء لإرساء اقتصاد عالمي أكثر استقرارا وازدهارا.

ويختص صندوق النقد الدولي بتقديم القروض إلى الدول الأعضاء لمعالجة العجز المؤقت في موازين مدفوعاتها. أما البنك الدولي فيعمل على دعم التنمية الاقتصادية طويلة الأجل والحد من الفقر ومساعدة الأعضاء على إصلاح قطاعات معينة أو تنفيذ مشروعات محددة.

ويبلغ عدد الأعضاء في البنك الدولي 189 بلدا، أما صندوق النقد فيصل العدد إلى 190.

وأكبر الدول المقترضة من صندوق النقد هي الأرجنتين ومصر وأوكرانيا وباكستان. وعربيا بلغ إجمالي ما اقترضته مصر والمغرب وتونس والعراق والأردن واليمن وموريتانيا من صندوق النقد خلال السنوات العشر الماضية أكثر من 54 مليار دولار.