للقصة بقية 

اللغة الفرنسية في المغرب العربي.. غنيمة حرب أم ميراث استعماري؟

رحل الاستعمار الفرنسي عن دول المغرب العربي قبل أكثر من نصف قرن، لكنه ترك وراءه ثقافة ولغة لم تزل تشغل مساحة مهمة في المجال العام، بعدما عمد إلى فرضها خلال عقود الاحتلال في التعليم ومختلف المؤسسات.

ورصدت حلقة "للقصة بقية" (2021/7/5) الجدل اللغوي الدائر في دول المغرب العربي بين أنصار التعريب والفرانكفونيين، وكذلك أسباب تعثر برامج التعريب، واتجاه المغرب إلى تدريس العلوم باللغة الفرنسية.

وجاء في الفيلم الذي بثته الحلقة أنه رغم إقرار دساتير الدول المغاربية بأن العربية لغة رسمية، وتبني الحكومات برامج للتعريب، فإن الجدل لم ينته بين النخب الثقافية والسياسية بشأن الموقف من اللغة الفرنسية، فهناك من يعتبرها غنيمة حرب، وثروة يمكن الاستفادة منها في العلوم والمعارف، فهي لغة يتحدث بها أكثر من 300 مليون إنسان، وتحتل المرتبة الخامسة في قائمة اللغات الأكثر تداولا في العالم.

بينما يرى آخرون أن بقاء اللغة الفرنسية في دول المغرب العربي امتداد للهيمنة الاستعمارية، ويشيرون إلى تجارب دول عديدة -منها فرنسا- في فرض لغتها الوطنية على أراضيها وتطويرها واستخدامها في كافة المجالات، كما تسعى الجزائر إلى تعميم استخدام الإنجليزية في المؤسسات التعليمية والجامعية.

وناقشت الحلقة أيضا العلاقة الجدلية بين اللغة والهوية والوطنية، وسبل حماية اللغة العربية في دول المغرب في مواجهة اللغات الأجنبية.

مكون الهوية

وبهذا الصدد، قال رئيس المجلس الأعلى للغة العربية في الجزائر صالح بلعيد إن عدد مستعملي الفرنسية يتكاثر سنويا في دول المغرب العربي، معتبرا أن مكون الهوية في دول المغرب العربي يشمل اللغة العربية والدين الإسلامي وكذلك اللغة الأمازيغية، ولكن النخب تستخدم اللغة الفرنسية باعتبارها "غنيمة حرب".

وذكر أن اللغة الفرنسية المستخدمة في الحديث اليومي لدول المغرب العربي أمر طبيعي بسبب فترة الاستعمار التي ولدت هجينا لغويا، معتبرا أن هذا الأمر يحتاج إلى إصلاح، خاصة أن هذا الأمر ينتشر فقط في المدن الكبرى.

وأكد على أن التعددية اللغوية لا تلغي الهوية المغاربية التي تعتبر اللغة العربية لغة جامعة لها، معتبرا أن تعلم أكثر من لغة يعتبر قيمة مضافة، ولكن لا بد من التباهي باللغة العربية والانفتاح الدائم على لغات مختلفة تتيح الاطلاع على معارف مختلفة.

من جهته، اعتبر وزير الخارجية التونسي الأسبق أحمد ونيس أنه من المهم تطوير اللغة العربية باعتبارها اللغة الأم في تونس، وهذا ما يجعل الشعب التونسي مرتبط باللغة العربية وليس له عقدة معها، حسب وصفه.

ولكنه أشار إلى أن التفتح من سمات الإنسان -بما ذلك التفتح في اللغة والعقليات- فعلاقة الشعب التونسي بالفرنكوفونية تسبق فترة الاستعمار، على حد قوله.

وذهب إلى أن تبني اللغة الفرنسية في مراحل التعليم جعل تونس تطور البحث العلمي وتدخل موسوعات عالمية من حيث سعة المعرفة وجمال المعاني وإتقان اللغات الأجنبية، حيث تتيح اللغة الفرنسية إمكانية تعلم لغات أجنبية أخرى دون المساس باللغة العربية.