
دارفور بعد رحيل "يوناميد".. مخاوف أمنية وإنسانية لم يبددها اتفاق السلام
وتابع برنامج "للقصة بقية" (2021/6/28) نذر القلق التي بدت خلال الشهور الماضية في أعمال عنف دامية في ولايات دارفور الخمس.
استرجع البرنامج مع عدد من أبناء دارفور ذكريات مريرة لفقد ذويهم في أعمال العنف القبلية، وهو ما يبرر -على حد تعبيرهم- رعبهم مما هو قادم في ظل هشاشة الوضع الأمني رغم اتفاق جوبا للسلام.
وكانت بعثة "يوناميد" وقواتها قد حاولت حماية المدنيين في إقليم دارفور على مدى أكثر من 13 عاما من عملها، ومساعدة الحكومة السودانية في حل النزاعات القبلية في الإقليم وسد الثغرات في خدماتها المقدمة لسكانه، وبدت لدى البعض بديلا لسلطة الدولة.
ورغم تأكيد الحكومة السودانية الانتقالية قدرتها على حماية المدنيين في إقليم دارفور فإن هذا لم يبدد مخاوف مواطنيه الذين اعترضوا على رحيل اليوناميد، خاصة أن الصراع الذي تفجر في دارفور عام 2003 أودى بحياة حوالي 300 ألف إنسان وشرد نحو 2.5 مليون.
قرار الخروج
من جهته، قال الهادي إدريس عضو مجلس السيادة السوداني رئيس "الجبهة الثورية السودانية" إن قرار خروج اليوناميد من دارفور تم اتخاذه قبل مجيء حكومة الثورة السودانية، موضحا أن النظام السابق كان يرفض دخول القوات الأممية لدارفور، ولم يتم قبول الفكرة إلا بعد الضغوطات الدولية عليها.
واعتبر إدريس أن اليوناميد لم تقم بمهماتها بالشكل المطلوب، لأنها قدمت بتفويض محدود للغاية، مشيرا إلى أن مسألة خروجها أصبحت أمرا واقعا، ولا بد من إيجاد بديل وطني يتمثل في قوى مشتركة لحفظ الأمن في دارفور حتى لا يظل الفراغ الأمني موجودا بالبلاد.
كما أضاف أن قرار تمديد فترة بقاء اليوناميد في دارفور لن يكون له تأثير كبير، لأن وجودها أصبح رمزيا فقط وغير فعال.
بدوره، ذكر الأستاذ في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة الفاشر في دارفور آدم أحمد إسماعيل أن اليوناميد لم تلعب الدور الذي يتناسب مع حجم الدعم والإمكانيات الكبيرة التي وفرها المجتمع الدولي لحفظ السلام في دارفور وحفظ المدنيين.
وأشار إسماعيل إلى أنه في فترة وجود اليوناميد حصلت انتهاكات كبيرة تمثلت في القتل والتشريد القصري وغيرها من جرائم الحرب التي دارت في دارفور، ولكنها في نفس الوقت وفرت بعض الدعم اللوجستي لكثير من البعثات الأخرى، كما وفرت بعض الخدمات الأساسية كالمياه والصحة التي افتقدها السكان أثناء الحرب.
لكنه اعتبر أن أداء اليوناميد بالمجمل كان ضعيفا جدا قياسا بحجم الموارد الكبيرة التي تلقتها، وذلك لأن تحركاتها كانت مقيدة، خاصة أنها لم تدخل البلاد إلا بعد مخاض عسير بين الحكومة السودانية والمجتمع الدولي.