للقصة بقية 

هربوا من أوطانهم فانتُزع منهم أطفالهم.. المهاجرون وثمن الغربة في أوروبا

شرّعت السويد في عام 1979 أول قانون في العالم يجرم كل أشكال العنف ضد الأطفال، ومنذ نهاية السبعينيات من القرن الماضي سعت العديد من الدول الأوروبية إلى تشريع قوانين لحماية الطفل والأسرة.

وسلطت حلقة (2021/3/8) من برنامج "للقصة بقية" الضوء على معاناة الأسر العربية المهاجرة للدول الأوروبية خصوصا السويد، التي أقرت قانون الخدمات الاجتماعية لضمان حماية الطفل وتمكينه من حقوقه الكاملة.

وقد أوكل تنفيذ القانون لدائرة الشؤون الاجتماعية السويدية التي تتدخل في حالات ترى أنها تشكل "عنفا ضد الأطفال والناشئين"، كما تعمل على مساعدة العائلات في كيفية التعامل مع أطفالهم.

وفي بعض الحالات تقوم الدائرة على سحب الأطفال من عائلاتهم بشكل فوري، استنادا لقانون الأحكام العامة الخاصة لرعاية الأطفال والشباب اليافعين، وهذا ما يسبب للعائلات المهاجرة هاجسا في طريقة التعامل مع أبنائهم في ظل وجود هذه القوانين.

وأكدت المحامية المتخصصة في قضايا الأسرة والأطفال سيسيليا برورمن أنه يتم سحب الأطفال فورا وفقا لقانون الرعاية الخاصة بهم بسبب الرعاية غير الكافية لهم في المنزل، أو عند تعرض الطفل للعنف النفسي أو الجسدي أو لسوء معاملة غير مبرر أو لأي خطر في البيت.

كما تروي المحققة في دائرة الشؤون الاجتماعية إيلاف عاتي عن المشاكل التي تواجه العائلات العربية المهاجرة للسويد مع أطفالها، وتؤكد أن أغلب المشاكل تتعلق بضرب الأطفال أو المعاملة العنيفة، وأكدت أن الدائرة تأخذ بلاغات الأطفال خصوصا البنات بصورة جدية.

وتشير دراسة أجراها التلفزيون السويدي عام 2018 إلى أن القضايا المرفوعة أمام المحاكم السويدية من قبل دائرة الشؤون الاجتماعية لنزع رعاية الأطفال من أسرهم ارتفعت بنسبة 27% بعد العام 2013، مع بداية موجات اللجوء إلى السويد التي شكل العرب النسبة الكبرى فيها.

كما نشر مجلس الصحة والشؤون الاجتماعية إحصائية توضح أن دائرة الشؤون الاجتماعية قد قامت خلال العام 2019 باتخاذ تدابير رعاية لأكثر من 31 ألف طفل ويافع، خضع أكثر من 6400 منهم إلى رعاية خاصة وفقا للقانون.

وقد تعرض أحمد الحجاوي اللاجئ القادم من الأردن إلى سحب أطفاله الثلاثة قبل عدة سنوات، بعد انفصاله عن زوجته التي قدمت شكوى ضده بتعنيفها أمام الأطفال، وبعد التحقيق اتضح أن الأم أيضا مقصرة في حق الأطفال وهو ما استدعى سحبهم ووضعهم في إحدى دور الرعاية.

وأكد أحمد أنه متضرر من القانون لأن التهمة التي وجهت له غير كافية، كما أنهم لم يوجهوا أي تهمة لطليقته وتحججوا من أن صحتها لا تسمح لها برعاية الأطفال، متهما الشرطة باستعمال العنف ضدها أثناء سحب الأطفال منها.

كما تحدثت زينة عن الأضرار التي لحقت بها وعائلتها جراء هذا القانون، فقد تم اتهامها بتعنيف طفلتها بناء على بلاغ قدمته مدرسة الطفلة، وطالبوا منها التوقيع على ورقة التنازل عن ابنتها من أجل السماح لها بزيارتها مستقبلا، وعرضوا عليها رفع دعوى وأخذ الحضانة من الأب من أجل الاحتفاظ بطفلتها.

ويشكل زواج القاصرات إحدى المشاكل المعقدة لدى دائرة الشؤون الاجتماعية لذا تسحب أي طفلة يتم الشك في أنها قد تكون عرضة للزواج.

وتحدثت إحدى الأسر -التي يتحفظ برنامج "للقصة بقية" عن ذكرها لتجنب الإضرار بالقضية- عن سحب طفلتهم وحبس الوالدين 80 يوما احتياطيا بعد إبلاغ مدرسة الطفلة عن قلقها من أنه تم تزويج الطفلة قسرا.

وأضافت الأسرة أن محكمة الجنايات برأتها من التهم الموجهة لها، لكن دائرة الشؤون الاجتماعية رفضت قرار المحكمة.

وقد خلص تقرير هيئة الرقابة للرعاية الصحية والاجتماعية إلى أن عمل دائرة الشؤون الاجتماعية تشوبه العديد من الخروقات من خلال توثيق الحالات أو إشراك الأطفال في التحقيق.