للقصة بقية 

حذف نصوص دينية ومحاربة المعارضة.. كيف تحرك السياسة خيوط المناهج التعليمية؟

تثير عملية تعديل المناهج الدراسية جدلا في الدول العربية، وذلك من خلال التساؤل عن مدى ملاءمتها لروح العصر، لكن دون التفريط في ثوابت الشعوب والأمم وكيفية حفظها من أي تجاذبات سياسية أو أيديولوجية.

وبهذا الصدد، تساءلت حلقة "للقصة بقية" (2021/3/1) عن مدى استناد تغييرات المناهج التعليمية في عالمنا العربي إلى الضوابط العلمية والفنية اللازمة؟ وكيف السبيل لمناهج تربوية تحقق غايتها للنهوض بالمجتمعات العربية دون المس بثوابتها؟

وعن تدخل السياسة في المجال التربوي، أوضح أستاذ فلسفة الأخلاق بجامعة حمد بن خليفة معتز الخطيب أن النظام السياسي يلعب دورا كبيرا في طريقة صياغة المناهج والتدخل فيها، مميزا بين النظم الاستبدادية التي تتدخل بشكل لا يستند إلى معايير محددة، بينما الأصل أن المناهج الدراسية مسألة تخصصية لخبراء التربية ولا دخل للسياسة فيها.

وشدد على أنه لا ينبغي الخلط بين الدولة كمؤسسات ونظام، ولكن في النظام الاستبدادي يتم الحديث عن الدولة والنظام بمعنى واحد، لذلك تصدر توجيهات سياسية لخدمة أهداف محددة يتوخاها القائمون على السلطة.

وأضاف أن المقررات الدراسية تحولت إلى ميدان لصراع الأفكار بين التوجهات المختلفة، وكذلك إلى مسألة أمنية، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، مشيرا إلى أن تم تغيير المناهج بمقاربة أمنية، مستشهدا بتصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المتكررة بشأن تجديد الخطاب الديني.

وذهب الخطيب إلى أن المقررات الدراسية تحولت إلى مسألة أمنية وليست تنموية وتعليمية وتربوية، واصفا هذا التحول بالخطير، لأن تصريحات تغيير المناهج لا تصدر من أهل الاختصاص، بل من جهات تقارب الموضوع بشأن أمني وسياسي.

خدمة السلطة

من جهته، قال المستشار والخبير التربوي محمد الأمين إن المناهج الدراسية تحولت لخدمة السلطة والأنظمة السياسية، فبدل اعتماد سياسات تربوية وأهداف عامة خاصة بهوية المواطن، يتم فرض تغييرات من قبل الحكومات، وما على التربويين والمختصين في التربية سوى تنفيذ هذه التوجيهات.

وأشار إلى التدخلات الخارجية التي تجعل عملية وضع المناهج أمرا غير مستقل ومنوط بالمختصين في المجال. وذكّر أن الحكومة -في الوضع المثالي- تسير وفق أهداف عامة تضع بعين الاعتبار حاجة المواطن وسوق العمل ثم الهوية الوطنية.

وبخصوص اللغة، أشار الأمين إلى أن المستعمر فرض لغته قبل الرحيل، كما أن حاجة السوق تفرض تعلم لغات بعينها، مشددا على أن تعليم اللغة العربية يتراجع وبات الطلاب يرغبون في تعلم اللغات الأجنبية بشكل كبير فيما يهملون لغتهم الأم.

وشهدت مصر ضجة كبيرة بعد الكشف عن توجيهات بحذف النصوص الدينية من مناهج اللغة العربية والتاريخ، وتبرير ذلك بأن هذه النصوص تشكل خطورة كبيرة، وفق ما قيل.

وفي الجزائر، هناك توجيه رئاسي بإعادة النظر في المنظومة التربوية، بينما يعد وزير التربية الوطنية بالتغيير، في حين يستذكر الجزائريون الجدل الذي أحدثته وزيرة تربية سابقة عاثت -كما يقولون- في المناهج التربوية والثوابت الوطنية فسادا.

وفي السودان أيضا، استقال مدير المركز القومي للمناهج بعد تجميد مناهج دراسية جديدة إثر احتجاجات على إدراج لوحة "خلق آدم" في مادة التاريخ.