للقصة بقية 

الجزائر وفرنسا.. جدل كتابة تاريخ ذاكرة الاستعمار

في 19 من الشهر الجاري أحيت الجزائر عيد النصر، ذكرى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار الذي مهد لاستقلالها عن فرنسا، لكن في سجل الجزائر تواريخ وأحداث بقيت في ذاكرة الجزائري بعد سرقة ذاكرته.

حلقة (2021/3/22) من برنامج "للقصة بقية" سلطت الضوء على الذاكرة الجزائرية لحقبة الاستعمار الفرنسي بعد اتهام الجزائر باريس بمحاولة طمس جرائمها وحقيقة الثورة التي أدت إلى خروجها واستقلال الجزائر.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد كلف المؤرخ بنيامين ستورا بكتابة تقرير عن فترة استعمار فرنسا للجزائر، في المقابل كلف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون المستشار عبد المجيد شيخي، خصوصا بعد صدور تقرير ستورا الذي أحدث ردود فعل رافضة في الجزائر حيث اعتُبر تقرير ستورا مسيسا ويطمس جرائم الاحتلال.

وفي التقرير الفرنسي لم ترغب باريس إلا في توثيق 7 سنوات من عمر الثورة الجزائرية، لكن إعادة جماجم عدد من قادة المقاومة الشعبية العام الماضي تروي أن الثورة امتدت نحو 132 عاما، وتعترف فرنسا دون أن تقول ذلك صراحة بأنها لم تنعم بلحظة استكانة واحدة منذ وطئت أقدام قواتها أرض الجزائر.

ووفقا للمؤرخ الفرنسي المختص بتاريخ الاستعمار جون جاك جوردي، فإن التقرير الذي كتبته فرنسا لم يكن محايدا، بل كتب من قبل فرنسا دون الأخذ برأي الجزائر فيه، واعتمد فقط على ذاكرة الجنود الفرنسيين، كما أن العديد من الطلاب والباحثين الجزائريين قد قدموا من أجل إجراء بحوث وسمح لهم بذلك.

إعلان

وفي ذاكرة التاريخ بين الجزائر وفرنسا قضايا شائكة أبرزها الأرشيف الجزائري الذي استولت عليه فرنسا قبل أن تغادر البلاد والذي يحتوي على وثائق وتاريخ الجزائر وأبرز المحطات فيها، كما سيطر الاحتلال الفرنسي على كل المكتبات في البلاد وسرق كل ما فيها، ووزعها على جنرالاته.

وتؤكد المؤرخة وعالمة الاجتماع الفرنسية إيزابيل ماسون أن فرنسا تحتفظ بالأرشيف الجزائري في المعهد الوطني للمرئي والمسموع، وقد شاركت العديد من الوثائق مع الجزائر مؤخرا، وبالإمكان مشاركته مع من أراد من الجزائريين من خلال معارض، وتشير إلى أن المنتصر هو من يحق له الاحتفاظ بهذا الأرشيف.

وترى الجزائر أن أهمية الأرشيف تكمن في احتوائه على وثائق ومستندات تخص ممارسات السلطات الاستعمارية التي ظلت تداعياتها مستمرة لسنوات عديدة حتى بعد استقلال البلاد، كالأراضي المزروعة بالألغام والتفجيرات النووية في صحراء الجزائر وغيرها.

ويشير الباحث في تاريخ الحركة الوطنية والثورة الجزائرية لحسن زغيدي إلى أن مزارع الألغام أبقت الجزائر في حالة حرب مع فرنسا حتى العام 2017، وبسبب هذه الألغام فإن أكثر من 4 آلاف جزائري يستحقون التعويض بسبب الألغام التي تنفجر حتى اليوم، كما أن آثار السلاح النووي ما زالت تؤثر على المواليد حتى اليوم.

وفي مداخلته لبرنامج "للقصة بقية"، قال المستشار المكلف عبد المجيد شيخي إن التقرير شأن فرنسي داخلي لا علاقة له بالجزائر ولم يتم التواصل مع الجزائريين بشكل رسمي من قبل فرنسا بشأنه. وعن موضوع الذاكرة والتاريخ أكد أن السلطات في بلاده تسعى لأن يحصل الشعب الجزائري على الحقائق دون إضافة أو تزوير.

وأضاف أن الوصول إلى التاريخ الجزائري صعب لأنه سُرق من قبل الفرنسيين، ولهذا الدولة عاجزة حاليا عن إيصال التاريخ للشعب، مؤكدا أن الجزائر تسعى لبناء علاقات متوازنة مع الجميع ولكن وفقا لمبدأ الندية وليس التبعية.

إعلان

في المقابل، قال المؤرخ بنيامين ستورا إنه يرفض التهم الموجهة له بعدم المساواة في تقريره، وإنه أوضح حقبة الاستعمار والتداخل الثقافي بين البلدين، وأفرد جزئية لما قامت به القوات الفرنسية هناك، ودعا القراء إلى الحكم على ما كتب في التقرير، مشيرا إلى أنه لم يكن توثيقا للتاريخ بل قدم خلاصة لما حدث.

وأضاف في حديثه للبرنامج أن الهدف من التقرير كان تقريب وجهات النظر بين البلدين، وذكر كل المبادرات التي حاولت إزالة الحواجز بينهما، مشيرا إلى أنه قد أخرج معجما يسرد حياة المقاومين الجزائريين ولم يتهمه أحد حينها بالتحيز أو طمس الحقائق.