
غاز شرقي المتوسط.. احتياطات هائلة تنتظر توزيعا عادلا
وسلطت حلقة (2021/2/8) من برنامج "للقصة بقية" الضوء على النزاعات التي شهدها شرقي المتوسط خلال السنوات الماضية بشأن ترسيم الحدود كالنزاع اللبناني الإسرائيلي، والنزاع التركي اليوناني ودخول مصر على الخط، فكل دولة تبحث عن نصيبها في "الكعكة" ولو على حساب الآخرين.
وفي عام 2012 بدأ لبنان وإسرائيل تفاوضا غير مباشر على ترسيم الحدود البحرية برعاية أميركية، إلا أنها توقفت عقب رفض لبنان الطرح الأميركي للحل عبر خط هوف، والذي قبلت إسرائيل به، ثم عادت المفاوضات من جديد في أكتوبر/تشرين الأول 2020 لتتوقف ويعلن فشلها في ديسمبر/كانون الأول من نفس العام.
وعلى ضفة أخرى من المتوسط كان الخلاف الحدودي التركي اليوناني يشهد تصاعدا كبيرا، فقد وصل الخلاف بينهما إلى حد التلويح باستخدام القوة صيف عام 2020، لكنهما أعلنتا عزمهما استئناف المباحثات بهدف حل النزاع مطلع 2021.
وشهد عام 2019 تصاعدا جديدا في النزاع بعد أن انضمت قبرص اليونانية واليونان إلى منتدى غاز شرقي المتوسط الذي أسس في القاهرة، لتدخل بذلك مصر في دائرة النزاع القائم بين تركيا واليونان إذ قامت تركيا بترسيم حدودها البحرية مع ليبيا، لتقوم بعدها مصر بتوقيع اتفاق مع اليونان لترسيم الحدود البحرية بينهما.
ويقول عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق إن البحر الأبيض المتوسط بحر شبه مغلق ولهذا النوع من البحار أحكام خاصة وفقا لاتفاقيات الأمم المتحدة في قانون البحار، وعلى الدول المطلة على البحر توزيع الثروات الحية وغير الحية بينها وبعد ذلك يتم ترسيم الحدود، والثروات الطبيعية في شرق المتوسط أتت على وضع جغرافي وتاريخي معقد.
وأكد أستاذ القانون الدولي عارف فخري أن إسرائيل تحتل أرض شمال رأس الناقورة، مشيرا إلى أن خط هوف يغفل احتلال إسرائيل للأراضي اللبنانية كونه يبدأ على مسافة 3 أميال بحرية، وفي نفس الوقت تطالب إسرائيل باحتساب تأثير صخرة تخليت، ولا حل بين الدولتين إلا بالوصول إلى اتفاق وسط يضمن للبنان الحفاظ على رأس الناقورة.
إشكالية الجزر
ويرى أستاذ العلوم السياسية عارف العبيد أن مشكلة ترسيم الحدود بين تركيا واليونان تعود إلى إنشاء القانون الدولي للبحار، والذي منح الدول التي تمتلك جزر حق المنطقة الاقتصادية لهذه الجزر، وتواصل السلطات اليونانية التمسك بجزيرة كاستيلوريزو لأنها تعتبرها نقطة الوصول بينها وبين قبرص.
في المقابل، قال أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة يني يوزيل يشار أوغلو إن القانون الدولي للبحار ينص على إمكانية اعتبار الجزر جزءا من الجرف القاري، لكن هذا الأمر يشمل الحالات الاستثنائية لمجموعة الجزر التي تشكل دولة واحدة مثل الفلبين وإندونيسيا، وهذا الأمر يختلف مع اليونان لأنها مثل تركيا شبه جزيرة.
ويؤكد يانيس فاليناكيس مساعد وزير الخارجية اليوناني الأسبق أن القانون الدولي ينص على أن 12 ميل بحري لكل دولة، لكن تركيا ترى أن تطبيق هذه الاتفاقية يزيد مساحة المياه الإقليمية لليونان بنسبة كبيرة في بحر إيجه وهو الأمر الذي يقلل من مكاسب تركيا، وهو سبب لا يمنحها الحق في معارضة الحقوق اليونانية.
وأقر البرلمان اليوناني عام 1995 بتوسيع المياه الإقليمية للجزر من 6 إلى 12 ميل بحري، لكن جزيرة كاستيلوريزو والتي تبعد 2 كم عن البر التركي و580 كم عن البر اليوناني كانت سببا في تجميد القرار بعد أن رأت تركيا أن تطبيقه إعلان حرب عليها، وكان لجزيرة قبرص في البحر المتوسط حيزا هاما في الخلاف، نظرا لانقسامها إلى جزأين حيث القسم الشمالي من الجزيرة يتبع تركيا، أما الجزء الجنوبي فيتبع اليونان.
وكانت الأمم المتحدة قد أقرت اتفاقية لقانون البحار العالمي علم 1982 في حين امتنعت 4 دول عن التوقيع هي تركيا وفنزويلا وإسرائيل والولايات المتحدة، وعرفت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المياه الإقليمية؛ بالمنطقة البحرية التي تملك الدول سيادة كاملة عليها، وقد حددت الاتفاقية العرض لهذه المنطقة بمسافة 12 ميلا بحريا اعتبارا من خط الأساس.
أما المياه الاقتصادية الخالصة فهي منطقة بحرية تمتد إلى مسافة 200 ميل وتمارس عليها الدولة حقوقا خاصة في الاستغلال واستخدام مواردها البحرية الحية وغير الحية، وتشمل التنقيب واستخراج المعادن فضلا عن حق استخدام طاقة الماء والرياح.
كما عرفت الجرف القاري بأنه قاع وباطن أرض المساحات المغمورة بالمياه والتي تمتد إلى ما وراء بحرها الإقليمي حتى الطرف الخارجي للحافة القارية، ويحق للدول استغلال الموارد غير الحية والقيام بأنشطة التنقيب والبناء.