للقصة بقية 

بعد كورونا.. كيف سيتأثر الإنسان نفسيا واجتماعيا؟ وهل يتغير سلوكه؟

فرضت أزمة كورونا على الإنسان في مختلف أنحاء المعمورة خلال فترة الحجر الصحي الاعتماد بشكل كبير على تقنيات وبرمجيات العمل والدراسة عن بعد.

وأشارت عدة تقارير علمية حول تأثير التباعد الاجتماعي ومختلف إجراءات مكافحة جائحة فيروس كورونا إلى تزايد نسب العنف الأسري، وظهور اضطرابات كالأرق والاكتئاب، ومشاعر الصدمة؛ وذلك نتيجة الموت المأساوي لعشرات الآلاف، والقلق الذي سيتبع انقشاع الأزمة من تغييرات في أنماط العمل والتواصل والتعليم.

وقالت اختصاصية العلم النفسي لارا علقم في تصريحاتها لحلقة (2020/5/25) من برنامج "للقصة بقية" إن وقع أزمة كورونا وتأثيراتها على الإنسان تختلف من شخص إلى آخر، إذ أخذ البعض الأمر بقلق وفزع أكثر من اللازم، في حين لم يتأثر آخرون. وإن الانعكاسات النفسية في مثل هذه الحالات تعود أساسا إلى طبيعة استقبال الفرد للحدث الذي يتطلب خبرة في الأزمات المشابهة مثل الأوبئة والحروب والانهيارات الاقتصادية، كما تعود إلى طبيعة الشخصية التي يمكن أن تكون "وسواسية"، وهي الفئة التي تكون أكثر تأثرا من غيرها.

وأضافت أن التأثيرات النفسية يمكن أن تكون سلبية أو إيجابية حسب الفئة العمرية؛ فبالنسبة للأطفال يمكن اعتبارهم استفادوا من عدة عوامل بالحجر الصحي، أبرزها مواصلة تعليمهم عن بعد، وملء أوقات فراغهم بأنشطة مفيدة.

لكن في المقابل، توجد تأثيرات سلبية عديدة؛ مثل فقدان الدور التربوي المباشر للمعلم، وروح التنافس بين التلاميذ، مشددة على أن التعليم عن طريق شاشات الكمبيوتر يفقد التواصل عبر لغة الجسد، حيث لا يمكن للمعلم رؤية ردود فعل الطفل.

من جانبه، أشار أستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية عادل العياري إلى أن جزءا من تاريخ الإنسانية مرتبط بالجائحة، لكن ما جعل وباء كوفيد-19 يأخذ كل هذا الوقع عند الأفراد والجماعات هو أن المجتمعات أصبحت متشابكة أكثر، بحكم العولمة والتبادل المعلوماتي الناتج عن التطور الكبير لتكنولوجيا الاتصال والتواصل، وهو ما جعل الأفراد من مختلف دول العالم يشعرون لأول مرة بأنهم يتشاركون في مجابهة أزمة كبيرة، لكنهم في الحقيقة لا يواجهون مصيرا مشتركا. وعزا ذلك لغياب التساوي بين المجتمعات والأفراد في امتلاك أسلحة مقاومة الفيروس، واختلاف الموارد اللازمة لمواجهته.

وأكد أن وقع الجائحة يختلف كثيرا من منطقة إلى أخرى، ومن المدينة إلى الريف، ومن الأحياء الشعبية إلى الراقية، وهو ما يفسر اختلاف السلوك وفق مستوى المعيشة وظروف السكن والمحيط الاجتماعي والمدني، وأن عائلة تعيش في ثلاثين مترا مربعا لن يكون لها بالضرورة نفس سلوك عائلة تعيش في مئة متر مربع.