للقصة بقية 

اتحاد أوروبي غير موحد.. ما مستقبل هذا الكيان بعد أزمة كورونا؟

تساءلت حلقة (2020/4/6) من برنامج “للقصة بقية”، عن سبب تقاعس دول الاتحاد الأوروبي عن مساندة بعضها بعد تفشي وباء كورونا؟ وعن جدوى التكتلات الإقليمية؟

أظهرت أزمة كورونا شرخا واضحا بين شمال وجنوب القارة العجوز أوروبا، وعدم تكاتف بين دول اتحادها الأعضاء، وكشفت عورات النظام الصحي الأوروبية والعالمية، كما سقطت تكتلات عالمية كبرى وقوى عظمى في امتحان الجائحة وبدت دون المستوى في مواجهة التحدي.

وتساءلت حلقة (2020/4/6) من برنامج "للقصة بقية"، عن سبب تقاعس دول الاتحاد الأوروبي عن مساندة بعضها بعد تفشي وباء كورونا؟ وعن جدوى التكتلات الإقليمية؟

وقد أوضح وزير الخارجية الإيطالي السابق فرانكو فراتاني الخطأ الذي وقعت فيه معظم الدول الأوروبية في التعامل مع فيروس كورونا، حيث أكد أن الكثير من قادة الدول الأوروبية أساؤوا في البداية تقدير خطورة انتشاره.

وقال إن إيطاليا بعد اكتشاف حجم تفشي الوباء، قامت بإغلاق حدودها، بينما رفضت فرنسا اتباع نفس الإجراء، فيما اعتبرت إسبانيا أن الأمر "مشكلة إيطالية" وسمحت بالاحتفال بعيد المرأة في العاصمة مدريد في 8 مارس/آذار.

وأضاف أن العديد من الدول الأوروبية لم تتعلم من الدرس الإيطالي ولم تكن متحدة، ليصل الفيروس إلى رئيس الوزراء البريطاني الذي دفع بنفسه الضريبة إثر إصابته به، وذلك بعد أن أنكر في بداية الأزمة وجود أي خطر يهدد المملكة المتحدة، وترك الحياة اليومية تسير دون أي تغيير أو إجراءات وقاية خاصة.

من جانبه، أكد وزير الثقافة التونسي السابق المهدي المبروك أن أزمة كورونا أعادت رسم الحدود الوطنية داخل أوروبا، مما خذل بعض الدول الأعضاء مثل إيطاليا وإسبانيا، مشددا على أن الاتحاد الأوروبي لم يتصرف باعتباره جماعة ووحدة إقليمية، وإنما ترك هامشا واسعا للمبادرات الوطنية التي شكلت حماية "قاسية" لا تأخذ بعين الاعتبار مصالح الدول الجارة.

ونبه المبروك إلى أن فيروس كورونا كان أسرع من التحرك الأوروبي لتدارك الأخطاء الذي جاء متأخرا، وأن "الجراح الرمزية" ستظل تلاحق هذه الوحدة خلال السنوات القادمة، متوقعا حصول تغيرات جيوسياسية في المنطقة ذات علاقة بالدروس المستخلصة من أزمة الجائحة.

وبشأن إعلان رئيسة المفوضية الأوروبية عن خطة المئة مليار يورو لمساعدة دول الاتحاد، اعتبر فراتاني أن رد رئيس الوزراء الإيطالي على المبادرة بأنها "غير كافية" صحيح، لأنها خطوة أولى تحتاج لدعمها، وأشار إلى أن فيروس كورونا بصدد تدمير العولمة التي تم تأسيسها قبل سنوات، وأن أوروبا تنادي الآن من أجل صحوة حقيقية لمواجهة مشتركة للمخاطر المحدقة.

وعبر فراتاني عن قناعته بأن الأوروبيين لم يتعلموا من دورس سابقة كترك إيطاليا والبرتغال وإسبانيا تواجه أزمة الهجرة غير النظامية وحيدة، مشددا على ضرورة عمل القادة الأوروبيين على ترجمة نداءاتهم إلى أفعال، وتحويل الإعلانات إلى مشاريع ملموسة، محذرا من تغير كبير للاتحاد الأوروبي بعد أزمة كورونا أمام "موجة الأنانية والقومية" التي عرفتها عدة دول أعضاء، ووصلت إلى ممارسة غير مسبوقة مثل إعاقة وصول المساعدات إلى دول جارة.     

أما بخصوص الجهود العربية المشتركة لمكافحة الجائحة، فقال المبروك "يتوهم من يعتقد أن تكون للعرب كلمة موحدة خاصة تحت غطاء الجامعة العربية"، مؤكدا أن الواقع الآن يثبت أن كل الخطط والإجراءات وطنية ومنفردة دون أي تنسيق مشترك، وأن العالم العربي لم يستخلص الدروس من الأزمات العديدة التي عاشها منذ عقود.

كما أوضح أن الأوبئة تعيد تشكيل أو ترميم السلطة السياسية، وأن العالم العربي يحتاج أكثر من غيره "للاستثمار" في هذا الوباء، مضيفا أن العديد من الأنظمة استغلت الأزمة لتفرض سيطرة أكبر على شعوبها وموارد وإمكانات بلدانها.