للقصة بقية 

حرب المضايق.. توتر بالخليج يؤجج القلق على أمن الممرات المائية الإقليمية

ناقشت الحلقة حادثة ميناء الفجيرة وإعلان الإمارات والسعودية “تخريب” أربع سفن تجارية غير بعيد من مضيق هرمز؛ وتساءلت: من فعل هذه الحادثة؟ وماذا يريد من إشعال فتيل حرب طاحنة بالمنطقة؟

من نفذ الحادثة الأخيرة التي استـُهدفت فيها أربع سفن في ميناء الفجيرة بالإمارات؟ وماذا يريد منفذها من إشعال فتيل حرب بالمنطقة إن اندلعت فلن تـُبقي ولن تـَذر؟ وهل تتحمل المنطقة مزيدا من الهزات بعد كل ما عانته في السنوات الماضية من حروب وأزمات؟ وما تداعيات الحادثة على دول المنطقة وعلى الملاحة الدولية؟ وما خيارات الإمارات والسعودية بعد الحادثة؟ وما موقف واشنطن مما يحدث لحلفائها؟ وكيف السبيل لإعادة الاستقرار إلى المنطقة؟

هذه الأسئلة وغيرها ناقشتها حلقة (2019/5/13) من برنامج "للقصة بقية" التي بحثت إعلان الإمارات والسعودية استهداف أربع سفن تجارية كانت راسية بميناء الفجيرة الإماراتي على بعد 70 ميلا فقط من مضيق هرمز، وبثت في مقدمتها تقريرا عرضت فيه لإبراز حيوية المضايق الثلاثة في المنطقة: مضيق هرمز ومضيق باب المندب ومضيق قناة السويس؛ وما لها من أهمية جيوسياسية وأمنية وإستراتيجية في التجارة الدولية وخاصة إمدادات الطاقة العالمية من النفط.

وذكر التقرير أن هذه المضايق تمر عبرها يوميا 28 مليون برميل من النفط؛ إذ يعبر مضيق هرمز 30% من الصادرات الدولية و90% من طاقة دول الخليج، كما تعبره 17.4 مليون برميل نفطي يوميا (88 % منها خاصة بنفط السعودية)؛ بينما يعبر من مضيق المندب 4.8 ملايين برميل نفط يوميا، وتمر منه 21 ألف سفينة سنويا. أما قناة السويس فتعدّ الخط الواصل بين البحر الأحمر والأبيض المتوسط، ويمر منها سنويا 40% من حركة السفن في المنطقة، ومليار طن من التجارة الدولية سنويا، و3.9 ملايين برميل نفطي يوميا.

نشاط إرهابي
وتعليقا على هذا الموضوع؛ قال القائد السابق للقيادة الأميركية الوسطى الأدميرال وليم فالون إن هذه الحادثة جاءت في أعقاب احتكاكات وقعت مؤخرا وبيانات نارية صدرت من كل أميركا وإيران، ولكن يجب على كل الأطراف إدراك أن اندلاع الحرب ليس من مصلحة أي طرف لأن المنطقة معقدة وهشة، وفيها عدة أسباب للتوتر الذي سيهدد حرية الملاحة في المضايق والممرات المائية المهمة لحركة التجارة العالمية.

وأضاف فالون أن تفاصيل ما جرى لم تتضح بعد، ولكن الأخبار الواردة من المنطقة تفيد بتعرض أربع سفن لـ"تخريب" ما، وأنه شخصيا رأى صورة لإحدى السفن المستهدفة يبدو منها أن مادة متفجرة وُضعت على هيكل السفينة، وهذا "أمر مقلق لأنه يوحي بأن ما حدث نشاط له علاقة بإرهاب قادم من الشاطئ وليس تهديدا من البحر نفسه".

وأكد أن معالجة الأمر تتطلب -من الدول المتشاطئة على الخليج والممرات المائية بالمنطقة- توفير مزيد من الحماية لضمان أمن السفن التجارية؛ مشيرا إلى أن مسؤولية حماية السفن المستهدفة تقع على الإمارات ما دام الحادث وقع أثناء رسو السفن داخل ميناء الفجيرة التابع لها، ولكن أميركا ستفعل ما بوسعها لمساعدة حلفائها في كشف حقيقة ما حصل وضمان عدم تكراره من أجل تأمين المضايق.

وتوقع فالون تنظيم حوار بين أميركا وإيران يكون من نتائجه جلب الاستقرار لمنطقة الخليج، مؤكدا أن أفضل ما يجلب الهدوء ويكشف حقيقة الحادثة الأخيرة هو أن تتعاون دول المنطقة وحلفاؤها الدوليون للتوصل لأرضية مشتركة بشأن ملفات وأزمات المنطقة، وفي مقدمتها حرب اليمن التي قال إنها يمكن أن تكون لها علاقة بحادثة الفجيرة.

طبول الحرب
أما المستشار الأول لرئيس البرلمان الإيراني منصور حقيقت بور فرأى أن حادثة الفجيرة هي إحدى نتائج تدخل القوى الخارجية في المنطقة، وخاصة أميركا التي قال إنها "تسعى لتهديد الأمن في الإقليم وخلط أوراق التوازن السياسي الإقليمي والعالمي"، ولا تريد القبول بالتحولات الإستراتيجية الجارية في المنطقة منذ قيام الثورة الإيرانية.

واتهم واشنطن بأنها هي السبب الرئيسي للتوتر الموجود في الخليج لأن "الأزمة الراهنة فيه سببها قرع القيادة الأميركية الحالية طبول الحرب في الإقليم"، رغم أن الواقع يقول إن مضيق هرمز هو المضيق الأهم عالميا للدول المنتجة للطاقة وللدول المستهلكة لها، إذ يعبر منه يوميا 17 مليون برميل نفطي وله تأثير هائل على الاقتصاد العالمي.

وأوضح بور أن ما حدث في الفجيرة "أمر مريب" بالنسبة لإيران ويجب البحث عن دور إسرائيل في الحادث "فربما كان مدبرا من عملائها". كما أنه قد يكون نُـفّذ لتبرير استمرار الوجود الأميركي في المنطقة وجلب قوات إضافية إليها، رغم أن هذه الحادثة كشفت عدم قدرة واشنطن على تأمين المنطقة الذي تستطيع إيران توفيره بالتعاون مع جيرانها، وكل ما يهم أميركا هو "نهب أموال المنطقة بصفقات السلاح".

وأكد أن إستراتيجية طهران في المنطقة "رادعة" ولديها القدرة على التحكم في مضيق هرمز "حسب مقتضيات المرحلة ومدى احترام مصالح إيران"؛ مشيرا إلى أن الأميركيين يرسلون إشارات كثيرة للتفاوض مع إيران ولكن "في ظل غياب إدارة عاقلة في واشنطن فإن طهران غير مستعدة للحوار مع دولة تمزق المعاهدات الدولية، وتدوس بأقدامها الاتفاق النووي المبرم معها ومع الأوروبيين".