للقصة بقية 

كيف يصنع الفن الدكتاتور؟

تساءل برنامج “للقصة بقية” عن كيفية صناعة الفن للدكتاتور? وما الدور الذي لعبه الفن لبناء أو هدم المجتمعات العربية؟ وكيف يقبل الفنان أن يكون أداة بيد السلطة السياسية والعسكرية؟

"دعوا الملف الداخلي واشتغلوا على المقاومة والممانعة"، هكذا تحدث رئيس النظام السوري بشار الأسد للفنانين بعد أيام من تسلمه سلطة أبيه، أما في مصر فكانت رسالة السيسي لهم "أنتم نور عيوننا".

بين ترغيب وترهيب تمضي العلاقة بين الفنان ونظام الحكم، كلما استكان وقدم المطلوب جوزي وكوفئ، أما إذا شق عصا الطاعة وأظهر التمرد فعلى قدر تمرده ينال العقوبة المناسبة، عقوبة قد تصل حد التصفية الجسدية كما روى لنا أثناء الفلم رسام الكاريكاتير السوري علي فرزات.

فالفن لا يكتفي بلعب دور المرآة التي تعكس صورة العالم، بل هو -كما يقول كثير من النقاد- جوهر ثوري يعبر عن توق الإنسان إلى الحرية، مما يجعله من حيث الصميم والجوهر نقيضا لكل النظم الشمولية المستبدة وقريبا من الشعوب الساعية نحو التحرر، يعبر عن أعمق أفكارها وأحاسيسها. فهل يساهم الربيع العربي في إعادة صياغة العلاقة بين الفن والشعب بعيدا عن الحكام؟

تلك كانت قصة حلقة (2016/11/21) من برنامج "للقصة بقية" والتي تساءلت عن كيف يصنع الفن الدكتاتور؟ وما الدور الذي لعبه الفن في بناء أو هدم المجتمعات العربية؟ وكيف قبل الفنان على نفسه أن يكون أداة بيد السلطة السياسية والعسكرية؟

علاقة تاريخية
الممثل السوري عبد الحكيم قطيفان يرى أن الأنظمة السياسة عبر التاريخ كانت تحاول الهيمنة على جميع المقومات الثقافية لأي مجتمع، لكن دائما يبقى أناس يستطيعون أن يقولوا لا للأنظمة، وعندما يقول فنان لا لحاكم مستبد يعتقد نفسه إلها، فإن الثمن سيكون باهظا.

ويضيف قطيفان أن بعض الفنانين كانوا يقومون بالتنفيس السياسي لتسكين الشعوب، وعندما قامت الثورة ظهر انحيازهم للأنظمة المستبدة وتخليهم عما كانوا يقدمونه من فن يدعو للثورة ورفض الظلم.

وردا على سؤال حول الموقف الذي استفادته الثورة السورية من انحياز بعض الفنانين لها، أجاب "للأسف الفنانون الذين قالوا لا للقتل واستباحة الوطن، لم يجدوا مؤسسات فنية ترعاهم وتساعدهم في تقديم أعلام فنية تدعم الثورة، ولا يوجد تلفزيون عربي يريد أن يفتح لنا أبوابه".

ولم يختلف الممثل الكوميدي المصري محمد شومان كثيرا عن رأي قطيفان، حيث أكد أن الفنان إذا لم يسر في ركاب السلطة وأراد أن ينتقد موضوعا يراه غير صحيح، يغضب النظام عليه، وهذا الأمر موجود في العالم كله حتى في هوليود، فلو مسَّ أي فنان هناك اليهود سيتعرض للهجوم ولن يستطيع ممارسة الفن مرة أخرى.

وبحسب شومان فإن كل من تجرأ وعمل فيلما يهاجم الأوضاع السياسية في مصر أو باقي الدول العربية، جلس في بيته أو تعرض للبطش، كما أن الرقابة لا يمكن أن تسمح بعرض أي فيلم أو أغنية أو مسلسل أو برنامج يعارض النظام إلا إذا كان غارقا في الرمزية أو به موازنة ترضي السلطة كتشويه الرمز الديني.

ويقرّ بأن بعض الإعلاميين والفنانين يضطرون للتنازل عن إنسانيتهم حتى يتقربوا من السلطة، لكن المفارقة هي أنهم رغم انحيازهم للسلطة وصدمة الناس من ذلك، فإن أعمالهم تظل تلاقي قبولا لدى هذا الجمهور، لأن الفنانين المعارضين لا يجدون دعما ماليا يمكنهم من تقديم فن منافس للفن الذي تدعمه السلطة.